الخدمات تعود ببطء بعد عطل أصاب أنظمة التكنولوجيا في العالم

مسافرون يصطفون في مطار.

EPA

تتعافى الشركات والخدمات في جميع أنحاء العالم ببطء، بعد عطل تقني كبير أثّر على أنظمة الكمبيوتر لساعات يومي الخميس والجمعة.

كانت الشركات والبنوك والمستشفيات وشركات الطيران من بين الأكثر تضرراً، بعد أن أصدرت شركة الأمن السيبراني الأمريكية “كراود سترايك” تحديثا خاطئا لأحد برامجها أثّر على نظام التشغيل “مايكروسوفت ويندوز”.

واعتذر الرئيس التنفيذي لشركة “كراود سترايك” عن هذا الخلل، وقال إنه جرى إصدار إصلاح، لكنه اعترف بأن الأمر قد يستغرق “بعض الوقت” قبل إعادة تشغيل جميع الأنظمة.

وبينما بدأت بعض خدمات شركات الطيران تعود إلى طبيعتها، بعد إلغاء آلاف الرحلات الجوية، يتوقع المشغلون استمرار بعض التأخير والإلغاءات خلال يومي السبت والأحد.

بدأت المشكلة في الساعة (19:00) بتوقيت غرينتش يوم الخميس، ما أثر على مستخدمي نظام تشغيل ويندوز الذين يستخدمون برنامج الأمن السيبراني “CrowdStrike Falcon- كراود سترايك فالكون”، وفقا لمايكروسوفت، على الرغم من أن الحجم الكامل للمشكلة لم يتضح إلا بحلول صباح الجمعة.

ولكن بحلول مساء الجمعة، بدأت المشاكل تنحسر في أجزاء كثيرة من العالم، حيث قالت العديد من المطارات إنه على الرغم من استمرار وجود مشكلات في أنظمة تسجيل الوصول والدفع، إلا “أن معظم الرحلات الجوية تعمل الآن”.

ما هي أبرز الأسئلة المتعلقة بالعطل التقني؟

إليكم أبرز 5 أسئلة متعلقة بالعطل التقني الذي تسبب في توقف وتعطل العديد من القطاعات على مستوى العالم.

ما سبب الانقطاع؟

تسبب انقطاع واسع النطاق لخدمات شركة “مايكروسوفت” في تعطيل رحلات جوية وبنوك ووسائل إعلام وشركات في جميع أنحاء العالم، صباح الجمعة.

ونشرت شركة مايكروسوفت 365 على منصة “إكس” أن الشركة “تعمل على إعادة توجيه حركة المرور المتأثرة إلى أنظمة بديلة لتخفيف التأثير بطريقة أكثر ملاءمة”، وأنهم “يلاحظون اتجاها إيجابيا في توفر الخدمة”.

وأشارت الشركة إلى أن انقطاع الخدمة بدأ في ساعات متأخرة من ليل الخميس.

وأكدت الشركة أنها تحقق في مشكلات تتعلق بالخدمات السحابية في الولايات المتحدة، ومشكلة تؤثر على العديد من تطبيقاتها وخدماتها.

وألقت مايكروسوفت باللوم على “برمجيات الطرف الثالث”، وقال متحدث باسم الشركة “نحن على دراية بوجود مشكلة تؤثر على أجهزة ويندوز بسبب تحديث من منصة برمجيات تابعة لجهة خارجية. ونتوقع أن يتم التوصل إلى حل قريباً”.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية أن العطل المعلوماتي العالمي ناجم عن “تحديث فيه خلل” أجرته شركة كراود سترايك الأمريكية للأمن السيبراني لأحد برامجها المعلوماتية. وتتعاون شركة مايكروسوفت مع كراود سترايك لحماية أنظمتها وخدماتها من أي هجمات إلكترونية.

وأعلن رئيس مجموعة كراود سترايك الأمريكية للأمن السيبراني، جورج كورتز، أنه تم “تحديد” المشكلة التي تسببت بعطل معلوماتي شلّ العديد من الشركات الجمعة عبر العالم و”يجري تصحيحها”.

وكتب كورتز، على منصتي إكس ولينكد إن أن “كراود سترايك تعمل بشكل نشط مع العملاء المتضررين من ثغرة عثر عليها في تحديث واحد للمحتوى لمستخدمي ويندوز”.

وأضاف أن ما حدث “لا يعد حادثاً أمنياً أو هجوماً سيبرانياً”، مؤكداً أنه “تم تحديد المشكلة وعزلها ونشر تصحيح”.

وتم إلغاء أكثر من 1000 رحلة جوية حول العالم بسبب هذا العطل التقني. وانخفضت أسهم كراود سترايك بأكثر من 20 في المئة في التداولات غير الرسمية في الولايات المتحدة – أي ما يعادل خسارة 16 مليار دولار من قيمتها السوقية.

من تأثر بالعطل التقني؟

شاشة حاسوب معطلة

Reuters

كانت أستراليا أول المتأثرين، حيث تعطلت الرحلات الجوية في مطار سيدني، وسادت حالة من عدم اليقين والفوضى بين المسافرين.

كما تعطلت أنظمة الدفع في المتاجر الأسترالية بما في ذلك متاجر Woolworths، إضافة إلى تأثر مؤسسات مالية مثل بنك أستراليا الوطني.

لاحقاً، امتد الخلل التقني إلى الولايات المتحدة، وأوقفت العديد من شركات الطيران في البلاد مثل يونايتد ودلتا وأمريكان إيرلاينز رحلاتها الجوية حول العالم.

وقالت خدمة المترو في العاصمة الأمريكية واشنطن إن “جميع محطات المترو الخارجية فتحت أبوابها في الوقت المحدد والخدمة تعمل كما هو مقرر لها”، بعد أن أخبرت المستخدمين أن يتوقعوا حدوث تأخيرات بسبب مشاكل تكنولوجية.

وفي ألمانيا عادة حركة الطيران جزئياً إلى مطار برلين، بعد أن نشر المطار على منصة إكس، بأنه “يعاني من تأخيرات في تسجيل الوصول بسبب خطأ فني”.

واستؤنفت حركة الطيران جزئياً في مطار براندنبورغ ببرلين بعد تعليقها، وقالت متحدثة وكالة الأنباء الفرنسية إن “الطائرات تقلع من المطار، لكن قد يواجه المسافرون فترات انتظار أطول من المعتاد”.

وفي إسبانيا، تم الإبلاغ عن “عطل” في جميع مطارات البلاد. وتقول الشركة المشغلة للمطار الإسباني: “نعمل على حل المشكلة في أسرع وقت ممكن. وفي الوقت نفسه، تتواصل العمليات بالأنظمة اليدوية”.

وحدث انقطاع في الخدمات في مطار إدنبره في المملكة المتحدة، “حيث تسبب خطأ في تعطل شاشات المغادرة”. وبدا أن لوحات المغادرة في مبنى المطار الرئيسي توقفت عن العمل، وتعرض معلومات قديمة حول أرقام البوابة ومواعيد الاقلاع، مما يعني أن بعض الركاب فاتتهم رحلاتهم.

وقالت شركة الطيران الأوروبية رايون إير، إنها تواجه “انقطاعات محتملة عبر الشبكة”، عازية السبب إلى “انقطاع التيار من طرف ثالث”.

وأبلغ مطار شيفول في أمستردام، عن تأخير ناجم عن “انقطاع تكنولوجيا المعلومات”. وقال متحدث باسم الشركة: “إن انقطاع الخدمة له تأثير على الرحلات الجوية”، مضيفاً أنه ليس من الواضح بعد عدد الرحلات الجوية المتأثرة.

وأعلنت شركة الخطوط التركية إلغاء 84 رحلة بعد العطل المعلوماتي، وقال يحيى أسطون من الخطوط التركية على منصة إكس “لتفادي أي اضطرابات، سيتم إلغاء عدد من الرحلات وستعود الرحلات تدريجا إلى طبيعتها في أقرب وقت ممكن”.

ولم تتأثر مطارات بكين بالعطل التكنولوجي العالمي، بحسب وسائل الإعلام الرسمية.

بالنسبة للقطارات وسكك الحديد، حذرت شركة قطارات كبرى، الركاب من توقع انقطاع الخدمة لأنها تعاني من “مشكلات واسعة النطاق في الانترنت”.

كما نشرت شركة القطارات البريطانية على وسائل التواصل الاجتماعي: “إننا نواجه حالياً مشكلات واسعة النطاق في مجال تكنولوجيا المعلومات عبر شبكتنا بأكملها”.

وطال العطل بعض المحطات الإعلامية، حيث توقفت قناة سكاي نيوز– مقرها المملكة المتحدة – عن البث بسبب انقطاع الخدمة، لكنها لاحقاً عادت للبث على الهواء مباشرة.

وقالت بورصة لندن إنها تعمل بشكل طبيعي، لكن خدمتها الأخبارية عانت من بعض المشاكل.

وقالت إسرائيل إن 15 مستشفى قد تحولت إلى العمل بشكل يدوي ولكن هذا لم يؤثر على الخدمة الطبية المقدمة. وطُلب من سيارات الإسعاف نقل الحالات الجديدة إلى مستشفيات أخرى.

وفي هولندا، أفادت عدة مستشفيات أن العطل طالها وأدى إلى إغلاق قسم للطوارئ وتأجيل عمليات جراحية.

هل تأثرت الدول العربية؟

طيارة تابعة لخطوط المصرية للطيران

Getty Images

أعلنت الحكومة المصرية تشكيل خلية أزمة لمتابعة أي تأثيرات محتملة للعطل التقني العالمي، وقالت الحكومة في بيان إن “جميع مطارات البلاد تعمل بشكل طبيعي حتى الآن، ولم تتأثر أي من الرحلات المُغادرة من الأراضي المصرية، طبقا لجدول التشغيل المقرر لها”.

وفي تعليقه على إمكانية تأثر مطار القاهرة خلال الساعات القادمة بالأزمة التقنية في العالم، أوضح وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، عمرو طلعت أنه من “الصعب التنبؤ بهذا الأمر لأنه ما زال في البداية، ولا أحد يعلم طبيعة ما حدث”.

وفي العراق، كشف مدير مطار بغداد الدولي، حارث العبيدي، عن سبب عدم تأثر مطار بغداد وباقي مطارات البلاد بالخلل التقني العالمي، وقال في تصريح صحفي إن ” الرحلات في مطار بغداد لا تتوقف لأنها لا تعتمد على نظام مايكروسوفت”، وأضاف أن أنظمة الحجز والإصدار تعتمد نظام “أماديوس” للحجز، مبيناً أن انظمة المغادرة الآلي تعتمد على نظام “السيتا”.

وفي لبنان، قال رئيس مطار بيروت الدولي إن “العطل التقني العالمي أثر لبعض الوقت على أنظمة التسجيل والحجوزات دون التأثير على حركة الطيران في لبنان”.

وقال مدير هيئة الطيران المدني في الأردن، الكابتن هيثم مستو لبي بي سي، إن “المطارات والأجواء الأردنية لم تتأثر -حتى اللحظة- بالخلل التقني الذي ضرب أنظمة التكنولجيا العالمية وأثر على قطاعات عديدة دول العالم”، وأكد مستو أن الهيئة بالتعاون مع الجهات المختصة في الأردن تقوم بعمليات متابعة وتدقيق في مطارات الأردن للتأكد من سلامتها.

وفي الإمارات العربية المتحدة، قال متحدث باسم مطارات دبي، إن مطار دبي الدولي يعمل بشكل طبيعي، رغم تعطل النظام العالمي الذي أثر على عملية تسجيل الوصول لبعض شركات الطيران في المبنيين 1 و 2 هذا الصباح.

وأوضح المتحدث أن شركات الطيران المتضررة تحولت على الفور إلى نظام بديل، ما سمح باستئناف عمليات تسجيل الوصول العادية بسرعة.

كما قال متحدث باسم “فلاي دبي”، إن عمليات الناقلة لم تتأثر بالعطل التقني المتعلق بأنظمة المعلومات، مشيراً إلى أن “فلاي دبي” تواصل مراقبة الوضع عن كثب.

وقالت وزارة الخارجية الإماراتية إن أنظمتها الإلكترونية عادت للعمل بشكل طبيعي بعد خلل تقني عالمي أثر على العديد من دول العالم، وأضافت الوزارة أن خدمات التصديق لديها استأنفت العمليات كالمعتاد.

ما الحل؟

هناك شيء مهم يجب معرفته، وهو أن الأجهزة الشخصية مثل الكمبيوتر أو الهاتف المحمول من غير المحتمل أن تكون قد تأثرت، فهذا الانقطاع يؤثر على الشركات.

وتنصح مايكروسوفت عملاءها بتجربة طريقة معتادة لإعادة تشغيل الأجهزة بحال تأثرها- وهي إيقاف تشغيلها ومن ثم تشغيلها مرة أخرى، وفي بعض الحالات قد يتطلب ذلك تكرار الأمر لـ 15 مرة.

وقالت الشركة: “قد تكون هناك حاجة إلى عدة عمليات إعادة تشغيل، ولكن بشكل عام فإن التعليقات تشير إلى أن إعادة التشغيل هي خطوة فعالة لاستكشاف الأخطاء وإصلاحها في هذه المرحلة”.

وأخبرت مايكروسوفت عملاءها، المختصين بتكنولوجيا المعلومات، أنه يجب عليهم حذف ملف معين لإصلاح الخلل. وهذه الطريقة مخصصة لخبراء تكنولوجيا المعلومات وليست للمستخدمين العاديين.

ما هي شركة كراود سترايك؟

روبرت بلامر – بي بي سي نيوز

يعدّ هذا الحادث تذكيراً بمدى تعقيد بنيتنا التحتية الرقمية الحديثة، وربما قبل هذا العطل لم يكن اسم كراود ستاريك مألوفاً للجميع. فماذا نعرف عنها؟

هي شركة أمن سيبراني أمريكية، يقع مقرها في مدينة أوستن بولاية تكساس، وكراود ستاريك مدرجة في البورصة الأمريكية، وتظهر في كل من مؤشر S&P 500 ومؤشر ناسداك للتكنولوجيا الفائقة.

ومثلها مثل الكثير من شركات التكنولوجيا الحديثة، لم يمضِ على وجودها وقت طويل. فقد تأسست الشركة منذ 13 عاماً فقط، ولكنها نمت ليصبح عدد موظفيها نحو 8.500 شخص.

وباعتبارها مزوداً لخدمات الأمن السيبراني، فإنها تتعامل مع آثار الهجمات الإلكترونية “الاختراق”.

وقد شاركت الشركة في التحقيقات في العديد من الهجمات الإلكترونية البارزة، مثل اختراق نظام الكمبيوتر الخاص بشركة Sony Pictures في عام 2014.

ولكن هذه المرة، وبسبب خلل في تحديث لبرمجياتها، فإن الشركة التي عادةً ما تكون جزءاً من حل مشاكل تكنولوجيا المعلومات هي أصل المشكلة هذه المرة.

وفي تقرير أرباحها الأخير، أعلنت شركة كراود سترايك عن وجود ما يقرب من 24 ألف عميل لديها. وهذا مؤشر ليس فقط على حجم المشكلة، ولكن أيضاً على الصعوبات التي يمكن أن ينطوي عليها إصلاح الخلل.

وكل واحد من هؤلاء العملاء هو مؤسسة ضخمة في حد ذاته، لذلك من الصعب تقدير عدد أجهزة الكمبيوتر الفردية المتأثرة.

ووفقاً للمطلعين على الأمر، من المحتمل أن يتم تطبيق الإصلاح بشكل منفصل على كل جهاز متأثر – مما يسبب صداعاً كبيراً لأقسام تكنولوجيا المعلومات في كل مكان.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.