لماذا صوت الكنيست الإسرائيلي الآن على قرار رفض إقامة دولة فلسطينية؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلقي كلمة أمام الكنيست في القدس، 17 يوليو/تموز 2024، خلال مناقشة بدأتها المعارضة ضد تعامل حكومته مع الأزمة في غزة وشمال إسرائيل.

EPA

صوَّت البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) بالأغلبية، على مشروع قرار يرفض إقامة أي دولة فلسطينية في غرب نهر الأردن، باعتبار أن مثل هذه الدولة ستشكل “خطرا وجوديا على دولة إسرائيل ومواطنيها”، بحسب نص القرار.

ومن أصل 120 عضوا في الكنيست، حظي القرار بتأييد 68 نائبا، من الائتلاف الحكومي والمعارضة على حد سواء، مقابل رفض تسعة نواب، وتغيب الباقين عن التصويت. اللافت أن شخصيات بارزة في المعارضة الإسرائيلية، كالعضو السابق في مجلس الحرب بيني غانتس، كانوا من بين مؤيدي القرار الأخير.

جاء القرار بعد اعتراف خمس دول، هي النرويج وإيرلندا وإسبانيا وسلوفينيا وأرمينيا، خلال الأسابيع الأخيرة بالدولة الفلسطينية التي أُعلنت في الجزائر، عام 1988.

لماذا صوَّت الكنيست الآن على هذا القرار؟

يستبق هذا التصويت زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى الولايات المتحدة، يعتزم أن يلتقي خلالها الرئيس الأمريكي جو بايدن، ويلقي خطابا أمام الكونغرس.

وبدا تصويت الكنيست على القرار في هذا التوقيت، بمثابة رسالة واضحة، تؤكد رفض إسرائيل لفكرة إقامة دولة فلسطينية مستقبلا، أو أي مفاوضات قد تؤدي إلى ذلك، خاصة وأن الإدارة الأمريكية تسعى لإعادة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات، بهدف إيجاد حل سياسي للصراع المستمر منذ عقود بينهما، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق من شأنه إنهاء الحرب الحالية في قطاع غزة.

وجاء التصويت أيضا، قبل العطلة الصيفية للبرلمان الإسرائيلي، الذي لن يُجري أي تصويت آخر، حتى نهاية العطلة التي تستمر 95 يوما.

رئيس الكنيست السابق لبي بي سي: القرار ذو أسباب داخلية

رئيس الكنيست أفراهام بورغ

Getty Images
رئيس الكنيست السابق أفراهام بورغ

يعتبر أفراهام بورغ، وهو رئيس سابق للبرلمان الإسرائيلي، أن القرار لا يعبر عن توجه جديد في السياسة الإسرائيلية، ولكنه مثير للاهتمام بالنظر إلى وجود نواب يمينيين، يعارضون فكرة إقامة الدولة الفلسطينية، في داخل الائتلاف الحاكم والمعارضة كذلك.

ويرى بورغ في تصريح لـ “بي بي سي”، أن تصويت “معسكر الدولة” المعارض بزعامة بيني غانتس لصالح القرار، يعود إلى أن غانتس، يبدو “الملاذ الآمن”، لكل من يرفض دعم نتانياهو في الوقت الحاضر، ولكنه لا يريد في الوقت نفسه، الانضمام لمعسكر اليسار، رغم عدم انتمائه لحزب الليكود أو لقوى اليمين المتشدد.

ويضيف بورغ أنه لم يكن مطروحا على الطاولة في أي وقت سابق، وجود أي أغلبية برلمانية في إسرائيل تدعم فكرة إقامة الدولة الفلسطينية، لذا فالأمر – وفقا للرئيس السابق للكنيست – يرتبط أكثر بترتيب الصفوف الداخلية للأحزاب الإسرائيلية، تمهيدا لأي انتخابات متوقعة.

أبرز المواقف الإسرائيلية السابقة بشأن “الدولة الفلسطينية”

كان البرلمان الإسرائيلي قد صوَّت أيضا قبل أشهر، لصالح مشروع قرار يرفض أي اعتراف أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية، وذلك تزامنا مع إعلان عدة دول أوروبية اعترافها بالدولة الفلسطينية المعلنة قبل أكثر من 35 عاما.

وحتى قبل هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان غالبية المسؤولين الإسرائيليين وعلى رأسهم نتانياهو ووزراء في حكومته، يعلنون رفضهم بشكل واضح لفكرة إقامة الدولة الفلسطينية.

كما يدعو وزراء ينتمون إلى اليمين المتشدد، إلى ضرورة ضم الضفة الغربية المحتلة وتعزيز الأنشطة الاستيطانية هناك.

ويعكس التصويت الأخير في الكنيست، توجها قائما بالفعل في الشارع الإسرائيلي، كشفت عنه استطلاعات رأي متعددة، كان من بين أحدثها، استطلاع نشرته صحيفة “معاريف” في أواخر مايو/أيار الماضي، وأشار إلى أن 64 في المئة من الإسرائيليين يعارضون إقامة أي دولة فلسطينية، مقابل التطبيع مع المملكة العربية السعودية.

رفض وإدانة

المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة

Getty Images
المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة

وردّت الرئاسة الفلسطينية على قرار الكنيست الإسرائيلي بالقول إنه “لن يتحقق سلام ولا أمن لأحد دون قيام دولة فلسطينية وفق الشرعية الدولية”.

وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة في بيان: إن “الدولة الفلسطينية قائمة باعتراف العالم بأسره، هناك 149 دولة عضو في الأمم المتحدة تعترف بدولة فلسطين، وما زالت الاعترافات الدولية تتوالى، لتؤكد أن تجسيد قيام دولتنا المستقلة لا يحتاج إذنا أو شرعية من أحد”.

من جانبها، اعتبرت حركة حماس أن القرار “باطل، وصادر عن جهة احتلالية ليس لها شرعية على الأرض الفلسطينية”، بحسب تعبيرها.

وأضافت حماس في بيان أن “شعبنا الفلسطيني سيواصل مقاومته ونضاله ودفاعه المشروع عن وجوده في وجه حرب الإبادة.. وسينتزع حقه في إقامة دولته المستقلة”.

أما حركة “السلام الآن” اليسارية في إسرائيل، فقالت في منشور على منصة إكس (تويتر سابقا): “إما الحل السياسي أو الحرب والدمار الدائمان. إما الديمقراطية وإما الاحتلال. إما دولتان أو دولة فصل عنصري واحدة. هذا الكنيست المخزي اختار بالفعل”.

ولم يوضح قرار الكنيست، البديل الذي تقترحه الحكومة الإسرائيلية عن قيام الدولة الفلسطينية، في وقت تدعم العديد من دول العالم، ومن بينها الولايات المتحدة، حل الدولتين، باعتباره خطوة ضرورية لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.