الموريتانيون يقترعون في الانتخابات الرئاسية، فماذا نعرف عن المرشحين والتحديات التي تواجه الرئيس المقبل؟

ناخبون موريتانيون ينتظرون دورهم للإدلاء بأصواتهم خارج مركز اقتراع في العاصمة نواكشوط

Getty Images
ناخبون موريتانيون ينتظرون دورهم للإدلاء بأصواتهم خارج مركز اقتراع في العاصمة نواكشوط

يواصل الموريتانيون الإدلاء بأصواتهم السبت لاختيار رئيس جديد للبلاد من بين سبعة مرشحين أبرزهم الرئيس الحالي المنتهية ولايته محمد ولد الشيخ الغزواني.

ويخوض الغزواني الاستحقاق الرئاسي أمام منافسين تعهدوا بإحداث أول تغيير ديموقراطي حقيقي في هذا البلد الصحراوي الشاسع الذي يبلغ عدد سكانه حوالى 4,9 مليون نسمة وشهد العديد من الانقلابات في الفترة من 1978 إلى 2008، قبل أن يسجل في 2019 أول مرحلة انتقالية بين رئيسين منتخبين منذ نيله الاستقلال عن فرنسا.

وقد اصطف المواطنون الموريتانيون في طوابير في العاصمة نواكشوط منذ ساعات الصباح الباكر للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التي يعتبرها مراقبون بأنها مواجهة بين نهجي الاستمرار الذي يمثله الرئيس الحالي والتغيير الذي يمثله المرشحون الآخرون.

ومن المتوقع بدء صدور النتائج مساء السبت، على أن تعلن رسميا الأحد أو الاثنين.

موريتانيا: 6 منافسين للغزواني في سباق الانتخابات الرئاسية

من هم المرشحون؟

محمد ولد الغزواني

يرى المراقبون أن المرشّح الأوفر حظاً في السباق الرئاسي هو الرئيس الحالي، الذي يقود البلاد ذات المساحة الشاسعة، منذ عام 2019. وشهد عهده استقراراً في ظلّ تصاعد تمرد الحركات الجهادية.

وخلال ولايته الرئاسية، فاز حزبه “الإنصاف” بأغلبية في البرلمان، وسيطر على 107 مقاعد من بين 176.

وتعهّد الرئيس الحالي بدعم برامج الرعاية الاجتماعية للفقراء، ومحاربة الفساد وتحديث الحكومة والاهتمام بتوظيف الشباب.

وأكّد خلال حملته الانتخابية على أنّه حافظ على الأمن والاستقرار خلال عهده.

حمادي ولد سيد المختار

مرشّح حزب “التواصل” الإسلامي المعارض، وهو امتداد لتنظيم “الإخوان المسلمين”.

هذه المرّة الأولى منذ 15 عاماً التي يقدّم فيها الحزب الإسلامي مرشحاً عن صفوفه. وقال الحزب إنّ قراره جاء بعد محادثات مكثّفة بين أحزاب المعارضة في إطار توحيد الجهود ضدّ “مرشّح النظام”.

وقال الحزب الذي يمثّل أكبر تكتل نيابي معارض بعد فوزه بأحد عشر مقعداً في انتخابات العام الماضي، “إن هناك حاجة لتغيير الوضع المؤسف الذي أغرق فيه النظام البلاد”.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن برنامج المرشح مختار، تركيزه على تدابير لمكافحة الفساد وتعزيز الهوية الإسلامية ودعم التنمية الزراعية.

بيرام ولد الداه عبيد

أعلن الناشط المناهض للعبودية، خوضه السباق الرئاسي مرة جديدة بعد أن حلّ ثانياً في انتخابات عام 2019، ونال نسبة 18.5 في المئة من الأصوات.

وطعن عبيد بنتائج الانتخابات الرئاسية الماضية زاعماً أنها فقدت الشرعية نتيجة مخالفات.

وقدّم عبيد نفسه مرشحاً للتغيير وبطلاً من أجل المظلومين وفق صحيفة الأخبار المحلية.

ويتحدر الناشط بيرام ولد الداه عبيد من عائلة عانت من العبودية، وطالما كان مناهضاً صريحاً للعبودية المستمرة في البلاد.

وكانت موريتانيا آخر الدول التي أسقطت العبودية رسمياً عام 1981، لكنها استمرت في الواقع، مع وجود آلاف العمال من أصحاب البشرة السوداء الذين يعملون دون أجر.

وأفاد موقع “صحارى” الإعلامي بأنّ الرئيس الحالي تعهّد بشكل حاسم في حملته الانتخابية، بالقضاء على العبودية والعنصرية في البلاد.

بودكاست يستحق الانتباه: ماذا نعرف عن مرشحي الانتخابات الرئاسية في موريتانيا؟

وأعلن مرشحون آخرون خوضهم السباق الرئاسي.

وترشّح العيد ولد محمدين مبارك، عضو البرلمان عن الجبهة الجمهورية للوحدة والديمقراطية المعارضة، والتي تشغل سبعة مقاعد في مجلس النواب.

كما أعلن محمد لامين ولد الوافي، وهو محاسب، ترشحه، مرة أخرى بعد أن حصد 0.4 في المئة من الأصوات في الانتخابات الماضية.

ويخوض السباق الرئاسي أيضاً كلّ من زعيم حزب “التحالف من أجل العدالة والديمقراطية” المعارض مامادو بوكار با، والطبيب في جراحة الأعصاب أوتوما سوماري.

ما هو موقف المعارضة؟

وقبل حلول موعد الاقتراع، اشتكى عدد من مرشحي المعارضة من تحيّز وسائل إعلام، ما دفع بهيئة تنظيم الإعلام إلى منع الوسائل الإعلامية التي تديرها الدولة، من إظهار أي دعم للمرشحين المتنافسين.

وأعلن خمسة مرشحين معارضين، من بينهم عبيد ومختار، مقاطعتهم الإعلام الرسمي الموريتاني. واتهموا القناة الرسمية بأنها تعمل “كمنصة إعلانية” لصالح الغزواني، وأشاروا إلى تقارير “منحازة” عن إنجازات عهده.

وقالت هيئة تنظيم وسائل الإعلام أن التدبير الذي أعلنت عنه يضمن تغطية إعلامية عادلة لجميع المرشحين.

واتهمت المعارضة لجنة الانتخابات بالفشل في ضمان حسن سير العملية الانتخابية.

ودعت المعارضة إلى إجراء فحص بيومتري لأسماء الناخبين، لكنّ اللجنة استبعدت هذا الإجراء على أنه غير عملي نظراً لضيق الوقت.

أول رئيس للبلاد يغيب عن المنافسة

استولى محمد ولد عبد العزيز على السلطة في انقلاب عام 2008، وانتخب بعدها رئيساً للبلاد مرتين.

وسمحت السلطات لعبد العزيز، القابع حالياً في السجن بتهم تتعلق بالفساد، بالخروج مؤقتاً، تحت حراسة مشدّدة، لتقديم أوراق ترشحه.

لكن المجلس الدستوري في البلد رفض ترشحه بسبب عدم حصوله على تأييد كافٍ.

وينص الدستور الموريتاني على أنه يمكن إعادة انتخاب الرئيس مرة واحدة، الأمر الذي أدى إلى استبعاد ترشح عبد العزيز.

وحكم على الرئيس السابق في ديسمبر/كانون الأول الماضي بالسجن خمس سنوات، بتهمة الإثراء غير المشروع والاختلاس. ونفى عبد العزيز مراراً هذه التهم.

وترأس عبد العزيز البلاد لولايتين رئيسيتين من 2008 حتى 2019، إلى أن خلفه الغزواني، أقرب حلفائه السابقين. منذ ذلك الوقت تحوّل الرجلان إلى خصمين لدودين.

وردّ عبد العزيز على رفض أوراق ترشحه، مهاجماً الرئيس الحالي، وواصفاً عهده بأنه “فاشل”.

ما أبرز التحديات التي تواجه الرئيس المقبل؟

يواجه الرئيس الموريتاني المقبل سلسلة من التحديات وأبرزها الاستمرار في نهج الديمقراطية بعيداً عن الانقلابات العسكرية ومشكلة الهجرة والهجمات الجهادية في البلدان المجاورة ومسألة العبودية.

وتبقى مسألة العبودية قضية حساسة في موريتانيا، التي كانت آخر دولة في العالم تحرّم العبودية في العام 1981.

وقد تم إلغاؤها في البلاد ثلاث مرات، ولكن الآلاف من الموريتانيين السود ما زالوا يعيشون كخدم في المنازل بدون أجر، بينما يواجه النشطاء المناهضون للعبودية القمع.

ووفقاً لتقديرات مؤشر العبودية العالمي في 2023، فإن ما يقدر بحوالي 149,000 شخص يرزحون تحت نير العبودية في موريتانيا- أي حوالي 3 في المئة من عدد السكان.

ويعد الفقر من التحديات الرئيسية التي تواجه الرئيس المقبل حيث إن قرابة 59 في المئة من السكان يعيشون في حالة فقر، بحسب الأمم المتحدة، على الرغم من أن البلاد تعتبر غنية بالموارد الطبيعية مثل الذهب والحديد والفوسفات وهي في طريقها لأان تصبح من الدول المنتجة للغاز الطبيعي.

وهناك مشكلة أخرى تواجه البلاد ويتعين على الرئيس المقبل أن يعالجها وهي مشكلة الهجرة، حيث تعتبر موريتانيا نقطة عبور رئيسية للمهاجرين الساعين إلى الوصول إلى أوروبا.

وعلى الرغم من المساعدات التي حصلت عليها الحكومة الموريتانية من الاتحاد الأوروبي من أجل مواجهة هذه المشكلة، إلا أن آلاف القوارب محملة بالمهاجرين غادرت شواطئ البلاد العام الماضي.

والتحدي الأبرز الذي يواجه موريتانيا والرئيس القادم يتمثل في إبقاء البلاد بعيدة عن الهجمات التي تشنها حركات جهادية تتخذ من منطقة الساحل في غربي أفريقيا معقلاً لها.

وقد نجحت الحكومة حتى الآن في المحافظة على أمن البلاد، حيث لم تشهد موريتانيا أي عمليات جهادية مسلحة منذ العام 2011 على الرغم من الوضع الأمني المتدهور في بلدان مجاورة مثل مالي التي تشهد هجمات متكررة.

ويرى محللون أن قدرة موريتانيا على لعب دور مهم في الأمن الإقليمي تعتمد بدرجة كبيرة على انتقال السلطة السلمي الذي يقود إلى تشكيل حكوم مستقرة في البلاد.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.