“قرار محكمة العدل الدولية بوقف عملية رفح لا يقيّد إسرائيل، لكن عليها إعطاء الأولوية للوضع الإنساني” – هآرتس

محكمة العدل الدولية

BBC

استحوذ قرار محكمة العدل الدولية بأنه يتعين على إسرائيل الوقف الفوري لهجومها العسكري على مدينة رفح في قطاع غزة وفتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية للقطاع، وكذلك ضمان وصول أي لجنة تحقيق أو تقصي حقائق بشأن تهمة الإبادة الجماعية، على إهتمام الصحف العالمية والعربية. وعنونت الكثير منها افتتاحياتها بقرار المحكمة.

ونشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقال رأي حول القرار، للكاتب مردخاي كريمنيتسر بعنوان “حكم محكمة العدل الدولية لا يقيد أيدي إسرائيل في رفح، لكن على إسرائيل إعطاء الأولوية للوضع الإنساني”.

يقول الكاتب إن النداء الرئيسي والمثير للغضب الذي تقدمت به جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي يتلخص في إصدار أمر مؤقت يلزم إسرائيل بوقف عملياتها القتالية بشكل كامل في قطاع غزة، أو على الأقل في رفح، والانسحاب من معبر رفح الحدودي.

ويضيف أنه ينبغي رفض مثل هذا القرار بشكل لا لبس فيه، لأنه يشكل خطراً على وجود إسرائيل. كما أن من شأنه أن يلحق ضرراً شديداً، إن لم يكن قاتلاً، بسمعة المحكمة الدولية.

وقد أصدرت المحكمة أوامر لإسرائيل بتجنب العمليات التي قد تفرض على الفلسطينيين في غزة ظروفاً يمكن أن تؤدي إلى تدميرها المادي – كلياً أو جزئياً. وبعبارة أخرى، حافظت المحكمة (وإن كان ذلك بصيغة غامضة) على وجود صلة واضحة بين الأمر الذي أصدرته ومضمون اتفاقية منع الإبادة الجماعية.

ويوضح الكاتب أنه بينما تدعو بعض الأصوات في إسرائيل إلى الإبادة الجماعية، فإن هذا ليس ما تفعله إسرائيل أو تنوي القيام به في غزة. ولذلك ليس لديها أي سبب للخوف أو معارضة أمر يحظر أفعالاً لا تنوي تنفيذها.

ويقول إنه من المثير للجدل معرفة ما إذا كان هناك أساس متين ومبرر للأوامر الجديدة التي أصدرتها المحكمة، ولكن لا يوجد سبب وجيه بما فيه الكفاية لمعارضتها. ومع ذلك، يوضح أنه لا يمكن لإسرائيل أن تقف مكتوفة الأيدي. فجميع هذه المطالب ليست أموراً لا تستطيع إسرائيل تلبيتها، فمن الحكمة عدم ترك مهمة التحقيق لجهات أجنبية. وينبغي لإسرائيل أن تجري بنفسها تحقيقات جادة وشاملة، بحسب كاتب مقال الرأي.

ويشير مردخاي إلى أن أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول تسببت في “تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم بشكل كبير في أعين الجمهور اليهودي”، كما أنها خلقت مشاعر من الكراهية خصوصاً من أنصار نتنياهو ما يعمل على تعزيز المعارضة لأي نوع من الحوار مع الفلسطينيين. وبالتالي، فنحن محكوم علينا بحرب أبدية، حرب تعمل على إدامة حكم اليمين المتطرف.

وأمام عقلية “الشعب الذي يعيش وحده”، يوضح الكاتب أنه من الجدير اعتماد نهج أكثر واقعية وتواضعاً ويتمتع بمستوى أقل من “جنون العظمة”. ويقول إنه يجب على الإسرائيليين أيضاً أن يتعلموا من الحملة التي شنت ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية. وإذا نجحت إسرائيل في صد هذا الهجوم عليها، فسيكون ذلك بفضل دعم وتوجيه الولايات المتحدة، صديقة إسرائيل العظيمة.

ويخلص مردخاي إلى “انه يجب على إسرائيل أن تستعد جيداً لرد هذه الشكوك والادعاءات الخبيثة، التي تقدمت بها جنوب أفريقيا، في أسرع وقت ممكن. وستكون مأساة أجيال إذا ألصقت هذه الوصمة بنا ظلما. ونزع الشرعية عن المحكمة لن يمحو هذه الوصمة.”

“تكرار الكذبة لا يجعلها حقيقة”

محكمة العدل الدولية

BBC

أما صحيفة الإندبندنت البريطانية فنشرت أيضاً مقالاً تحليلياً للكاتب كيم سينغوبتا بعنوان “إن حكم المحكمة الدولية بشأن رفح يضع الولايات المتحدة في موقف حرج للغاية”.

يقول الكاتب إن حكومة بنيامين نتنياهو كانت تتوقع أن يقبل القضاة في أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، ولو جزئياً على الأقل، قضية جنوب أفريقيا بشأن وقف إطلاق النار في غزة.

وقد أعلن متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، آفي هايمان، قبل القرار أنه “لا توجد قوة على وجه الأرض ستمنع إسرائيل من حماية مواطنيها وملاحقة حماس في غزة”. بينما قال جلعاد نوعام، نائب المدعي العام الإسرائيلي: “إن وصف شيء ما بأنه إبادة جماعية مراراً وتكراراً لا يجعله إبادة جماعية. تكرار الكذبة لا يجعلها حقيقة”.

ويضيف الكاتب أن مسؤولين أشاروا بالفعل إلى أن إسرائيل لن تلتزم بأي قرار تتخذه المحكمة في لاهاي. على الرغم من أن أحكام محكمة العدل الدولية ملزمة، إلا أنها لا تتمتع بسلطة إنفاذها. فقد أمرت، على سبيل المثال، روسيا بوقف غزوها لأوكرانيا، ولكن دون أي أثر لذلك.

ومع ذلك، يوضح سينغوبتا أن حكم محكمة العدل الدولية “سيزيد من عزلة إسرائيل”، لأنه يأتي بعد المنتدى القانوني العالمي الثاني الذي بدأت المحكمة الجنائية الدولية النظر فيه فيما إذا كان ينبغي إصدار أوامر اعتقال ضد بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، ويؤآف غالانت، وزير دفاعه.

كما أنه يرى أن إعلان أيرلندا والنرويج وإسبانيا أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية، أضاف إلى الضغوط التي تتعرض لها إسرائيل دولياً.

ورغم أن محكمة العدل الدولية عاجزة عن فرض حكمها، فإن إسرائيل قد تتعرض لعقوبات دولية إذا استهزأت بها، وفي ظل المزاج الحالي من السخط الدولي على حكومة نتنياهو، قد تفرض بعض الدول هذه العقوبات.

ومن غير المرجح أن تحذو الإدارة الأمريكية حذو تلك الدول، لكنها أعربت عن قلقها إزاء الكراهية المتزايدة في الدول الأخرى تجاه إسرائيل مع وصول عدد القتلى في غزة إلى 35,600، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية.

“فصل المسار السياسي عن العسكري”

مدينة رفح

BBC

ونختم بمقال رأي في صحيفة الشرق الأوسط بعنوان “ما تداعيات قرارات العدل الدولية على العملية الإسرائيلية في رفح؟”

يشير المقال إلى أنه في الوقت الذي طالبت فيه محكمة العدل الدولية إسرائيل بوقف هجومها على رفح الفلسطينية، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، قلل خبراء سياسيون وعسكريون من تأثير تدابير المحكمة الدولية على واقع العمليات في غزة، وعدّوها إجراءات “رمزية لن تؤثر في عملية اجتياح رفح”.

وينقل المقال عن الخبير الاستراتيجي المصري رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية سمير راغب، قوله إن “إسرائيل لن تلتزم، ولن تُسلم معبر رفح، كما لم تلتزم من قبل مع التدابير الصادرة من المحكمة في يناير/ كانون الثاني الماضي”.

وأوضح راغب أن “الجانب الإسرائيلي يواصل عملياته العسكرية في رفح، ولم يتبق له سوى الدخول في عمليات عالية الحدة”، مشيراً إلى أن “التصعيد سيستمر ما دامت المحكمة لم تصدر قرارات تدينه بشكل واضح، أو ترفع الأمر لمجلس الأمن لاتخاذ إجراءات وفقاً للفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة المَعنيّ بتدابير حال تهديد السلم ووقوع عدوان على مدنيين”.

في الوقت نفسه، عدَّد الخبير الاستراتيجي المصري بعض التأثيرات السياسية لقرارات المحكمة الدولية، في كونها “تؤثر في الرأي العام الدولي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، كما تعطي ميزة في شرعية المقاومة الفلسطينية، وتضاعف التكلفة السياسية للولايات المتحدة الداعمة لإسرائيل”، مشيراً إلى أن قرارات المحكمة “تدعم حقوق الفلسطينيين القانونية في جرائم الإبادة الجماعية التي لا تسقط بالتقادم، مثلما حدث مع قضية الفصل العنصري (الأبارتيد) في جنوب أفريقيا من قبل”.

يقول المقال إنه “رغم إيجابية قرار العدل الدولية، فإن إسرائيل لن تتجاوب معه، بدليل عدم التفاتها للتدابير السابقة”، مشيراً إلى أن “قرارات المحكمة تفتقد الآليات والأدوات اللازمة لتنفيذها، والأهم حالياً كيف يمكن استثمار مثل هذه القرارات بممارسة مزيد من الضغوط على الجانب الإسرائيلي”.

وأكد أن الجانب الإسرائيلي “سيستكمل العملية العسكرية في رفح، لتبدأ بعدها الترتيبات الأمنية في غزة”، مشيراً إلى أن “إسرائيل والولايات المتحدة ترغبان في فصل المسار السياسي عن العسكري، لذلك طرحت إسرائيل العودة للمفاوضات السياسية قبل نهاية العملية العسكرية، خشية انتهاء عملية رفح دون إطلاق سراح المحتجزين، والقضاء على قادة حماس، وهو ما يضاعف مساءلة الحكومة الإسرائيلية، داخلياً ودولياً”.

بيد أن المقال ناقش عدّ الإعلان الإسرائيلي بعودة المفاوضات “مجرد مناورة لحين الانتهاء من عملية اجتياح رفح الفلسطينية”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.