محكمة العدل الدولية تأمر إسرائيل بالوقف الفوري لعملياتها العسكرية في رفح

محكمة العدل الدولية

Getty Images

قضت محكمة العدل الدولية بأنه يتعين على إسرائيل أن توقف “على الفور” هجومها العسكري أو أي أعمال أخرى في رفح، مشيرة إلى “الخطر المباشر” على الشعب الفلسطيني.

كما أمرت المحكمة إسرائيل بفتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية للقطاع، إلى جانب ضمان وصول أي لجنة تحقيق أو تقصي حقائق بشأن تهمة الإبادة الجماعية.

ووفقا لقرار المحكمة يتوجب على إسرائيل أن تقدم للمحكمة خلال شهر تقريراً عن الخطوات التي ستتخذها.

وأضافت المحكمة بأن إسرائيل لم تؤمن معلومات كافية بشأن سلامة المواطنين خلال عمليات إجلاء الفلسطينيين في قطاع غزة، وذكرت بأن الإجراءات المؤقتة التي أقرتها في مارس/آذار الماضي “لا تستجيب” تماما للتطورات الأخيرة.

ودعا رئيس محكمة العدل الدولية، نواف سلامة، إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة فوراً ودون شروط، وقال سلامة “من المقلق للغاية” أن الرهائن الإسرائيليين ما زالوا محتجزين في غزة.

“ترحيب فلسطيني ورفض إسرائيلي”

قال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، لوكالة رويترز، إن السلطة الفلسطينية ترحب بقرار محكمة العدل الدولية، الصادر الجمعة.

وأضاف أبو ردينة أن الرئاسة ترى أن القرار يُمثل “إجماعاً دولياً على مطلب وقف الحرب الشاملة على غزة”.

كما رحبت حركة حماس بقرار المحكمة وقالت في بيان لها “كنا نتوقع من محكمة العدل الدولية إصدار قرار بوقف العدوان والإبادة الجماعية على شعبنا في كامل قطاع غزَّة، وليس في محافظة رفح فقط، فما يحدث في جباليا وغيرها من محافظات القطاع لا يقلّ إجراماً وخطورة عمَّا يحدث في رفح”، وفق بيان الحركة.

ودعت الحركة “المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى الضغط على الاحتلال لإلزامه فوراً بهذا القرار، والمضي بشكل حقيقي وجاد في ترجمة كل القرارات الأممية”.

وأشارت الحركة إلى أن الضغط على إسرائيل يجب أن “تجبرها على وقف حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها ضد شعبنا منذ أكثر من سبعة أشهر”.

أعضاء الوفد الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية

Getty Images

وأعلنت رئاسة الوزراء الإسرائيلية عن إجراء مشاورات دبلوماسية اليوم بمشاركة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير العدل ياريف ليفين، ووزير الدفاع يوآف غالانت، ووزير الخارجية يسرائيل كاتس، ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي.

وذكرت صحيفة يسرائيل هيوم بأن نتنياهو قرر عقد اجتماع طارئ لم يدع إليه وزيري مجلس الحرب بيني غانتس وغادي آيزنكوت.

وعلق وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بأنه “يجب أن نقدم رداً واحداً على قرار محكمة العدل الدولية وهو احتلال رفح”.

وقال بن غفير بأن مستقبل الدولة الإسرائيلية ليس منوطاً بما يقوله الغير بل بما نفعله نحن اليهود، وفق تعبيره.

من جهته قال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، عبر تغريدة على موقع “إكس” بأن من يطلب من إسرائيل وقف عملياتها في رفح “يحكم عليها ألا تكون موجودة”.

ونقلت وسائل إعلام الإسرائيلية عن الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس، قوله إن إسرائيل “ستواصل القتال لإعادة المختطفين في أي وقت وفي أي مكان بما في ذلك رفح”.

ووصف زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، قرار محكمة العدل الدولية بأنه “انهيار أخلاقي”.

واعتبر لابيد: “إن عدم ربط محكمة العدل في لاهاي في حكمها بين وقف القتال في رفح وعودة المختطفين وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب هو انهيار أخلاقي وكارثة أخلاقية”.

وأضاف: “إسرائيل هي التي تعرضت لهجوم وحشي من غزة وكان عليها أن تدافع عن نفسها ضد منظمة إرهابية فظيعة تقتل الأطفال وتغتصب النساء ولا تزال تطلق الصواريخ على المدنيين الأبرياء”.

ردود فعل عربية ودولية

رحبت المجموعة العربية في مجلس الأمن، بالتدابير المؤقتة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية.

وقالت المجموعة في بيان من مدينة نيويورك، “إن على إسرائيل تنفيذ التدابير المؤقتة التي أصدرتها محكمة العدل فوراً ودون تأخير”.

وأكد الأردن، الجمعة، أن قرارات محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل “تكشف جرائم الحرب التي ارتكبتها في قطاع غزة”، وفق وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في منشور له على منصة إكس.

وأشار الصفدي : “ومرة أخرى، تتصرف الحكومة الإسرائيلية بازدراء للقانون الدولي، وترفض الانصياع لأوامر المحكمة”.

وقال منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الجمعة، إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي الاختيار بين احترام دعم الاتحاد الأوروبي للمؤسسات الدولية أو دعمه لإسرائيل.

وأضاف بوريل: “ماذا سيكون الرد على حكم محكمة العدل الدولية الذي صدر اليوم، ماذا سيكون موقفنا؟ سيتعين علينا الاختيار بين دعمنا للمؤسسات الدولية لسيادة القانون أو دعمنا”.

ورحبت جنوب أفريقيا بقرار المحكمة وحثت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على دعمه. وقالت وزيرة الخارجية ناليدي باندور “أعتقد أنها مجموعة أكثر حزماً، من حيث الصياغة، من الإجراءات المؤقتة، ودعوة واضحة جداً لوقف إطلاق النار”.

وتأتي أوامر أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة بعد طلب جنوب أفريقيا إصدار أمر لإسرائيل بوقف هجومها على مدينة رفح والانسحاب من غزة، وذلك في إطار قضية أوسع نطاقاً تتهم فيها إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية”.

وعقدت المحكمة، الأسبوع الماضي، جلْسَتي استماع على مدار يومين قدمت فيهما جنوب أفريقيا وإسرائيل مرافعتهما الشفوية.

وطلب محامو جنوب أفريقيا من المحكمة فرض إجراءات احترازية طارئة تضمن الوقف “الفوري” لجميع العمليات العسكرية في غزة، بما يشمل مدينة رفح التي بدأ الجيش الإسرائيلي هجوما برياً عليها في 7 مايو/أيار، رغم معارضة المجتمع الدولي.

وقال المحامون إن العملية العسكرية على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة “يجب أن تتوقف لضمان بقاء الشعب الفلسطيني”، فيما اتهمت إسرائيل جنوب أفريقيا بإطلاق “مزاعم كاذبة ومتحيزة”، ووصفت القضية بأنها “لا أساس لها من الصحة” و”بغيضة أخلاقيا”.

وبُعيد إعلان المحكمة عن جلسة اليوم، قال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية لوكالة رويترز، الخميس، إنه “لا توجد قوة على وجه الأرض ستمنع إسرائيل من حماية مواطنيها وملاحقة حماس في غزة”.

كما قال متحدث عسكري إسرائيلي إن الجيش يعمل “بحذر ودقة” في رفح – التي لجأ إليها مئات الآلاف من الفلسطينيين هرباً من القصف الإسرائيلي والعمليات في أماكن أخرى بالقطاع الفلسطيني.

“قلق إسرائيلي متزايد”

رفضت إسرائيل مراراً اتهامات “الإبادة الجماعية”، وقالت إن عملياتها العسكرية في غزة تعد “دفاعاً عن النفس وتستهدف حركة حماس”، كما طالبت المحكمة برفض القضية بحجة أن “وقف إطلاق النار القسري سيسمح لمقاتلي حماس بإعادة تجميع صفوفهم ويجعل من المستحيل استعادة الرهائن الذين خطفوا في هجوم السابع من أكتوبر الماضي”.

وسيؤدي قرار المحكمة ضد إسرائيل إلى زيادة الضغوط الدبلوماسية على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بحسب تقرير لوكالة الأنباء رويترز.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والرئيس إسحاق هرتسوغ

Getty Images
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسارا) والرئيس إسحاق هرتسوغ (يمينا)

من جهتها نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤولين لم تذكر أسماءهم قولهم إن “إسرائيل ليس لديها أي نية لتنفيذ الحكم”.

وتعدّ قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة لجميع الدول الأطراف وهي نهائية ولا يجوز الطعن فيها، ويمكن اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي في حالة عدم قيام دولة بالالتزام بها.

ووفقاً للقناة 12 الإسرائيلية، فإنه إذا حكمت المحكمة لصالح طلب جنوب أفريقيا، فسيتم إحالة الأمر إلى مجلس الأمن، حيث تتوقع إسرائيل أن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض “الفيتو”.

ما هي قضية الإبادة الجماعية؟

في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قدمت جنوب أفريقيا دعوى أمام محكمة العدل الدولية لإثبات أن إسرائيل، من وجهة نظرها، ترتكب جريمة “إبادة جماعية” فيما يتصل بكيفية شن الحرب ضد حماس في قطاع غزة.

ويتعين على جنوب أفريقيا أن تقدم للمحكمة دليلاً واضحاً ودامغاً على وجود خطة مزعومة لارتكاب إبادة جماعية.

من جانبها، سيكون لإسرائيل الحق في فحص هذه الادعاءات لكونها تعد هذه الحرب ” دفاعاً مشروعاً عن النفس” ضد حماس، التي صنفتها العشرات من البلدان على أنها “جماعة إرهابية”.

قد تستغرق هذه القضية الكاملة سنوات للتحضير والمناقشة.

وتقول جنوب أفريقيا إن إسرائيل انتهكت اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، من خلال حربها على غزة، وسجلت القضية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في 29 ديسمبر/كانون الأول.

وتُعد الإبادة الجماعية أصعب جريمة يمكن إثباتها لأن “نية الإبادة الجماعية” لا تنطوي فقط على قتل الناس.

ويجب إثبات أن الدولة -المُتهَمة بهذه القضية- تريد تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عرقيّة أو دينية، كلياً أو جزئياً.

ويتطلب ذلك من جنوب أفريقيا تقديم دليل على وجود خطة أو نمط سلوك لإسرائيل لا يحمل تفسيرا آخر، سوى الإبادة الجماعية.

وتنظر محكمة العدل الدولية، وهي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، في النزاعات بين الدول، ولم تتم إدانة أي دولة بارتكاب جريمة إبادة جماعية، من قبل.

وفي عام 2007، قضت المحكمة بأن صربيا فشلت في منع الإبادة الجماعية في سربرينيتسا عام 1995، حيث قُتل 8,000 رجل وفتى مسلم في البوسنة والهرسك.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.