لماذا استخدمت الولايات المتحدة غاز النيتروجين في عملية إعدام هي الأولى من نوعها؟

كينيث يوغين سميث أول شخص يتم إعدامه بغاز النيتروجين في الولايات المتحدة

Alabama Department of Corrections
كينيث يوغين سميث أول شخص يتم إعدامه بغاز النيتروجين في الولايات المتحدة

مايك ويندلينغ

بي بي سي نيوز

استخدمت السلطات في ولاية ألاباما الأمريكية غاز النيتروجين لتنفيذ حكم إعدام بحق سجين، في عملية هي الأولى من نوعها، وهو الأمر الذي أثار جدلا كبيرا.

كان من المقرر في البداية إعدام كينيث يوجين سميث بالعقاقير القاتلة في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2022.

وأدخل موظفو السجن حقنة واحدة في الوريد، لكن كان هناك حاجة إلى حقنتين لإعطاء الجرعة المميتة.

وبعد أن كافحوا لمدة ساعة لإدخال الحقنة الثانية ، تم إلغاء الإعدام.

لكن سميث، الذي أدين بقتل زوجة واعظ مقابل أجر في عام 1988، أُعدم في النهاية باستخدام غاز النيتروجين بدلاً من ذلك.

إنها طريقة مثيرة للجدل لم تستخدمها أي ولاية أمريكية من قبل، وتمثل أحدث خطوة في البحث عن طريقة جديدة لإعدام المجرمين المدانين، مع أن عقوبة الإعدام أصبحت تلاقي معارضة أكبر بمرور الوقت.

مشاكل الحقنة القاتلة

لا تزال حوالي نصف الولايات الأمريكية تطبق قوانين عقوبة الإعدام. وتختلف طرق الإعدام حيث أن بعض الولايات مازالت تسمح بالإعدام شنقًا أو رميًا بالرصاص أو باستخدام الكرسي الكهربائي.

ووفقًا لمركز معلومات عقوبة الإعدام (دي بي آي سي)، وهو منظمة غير ربحية تنتقد كيفية إدارة عمليات الإعدام، لم يتم التوصل إلى أن أي طريقة تنتهك الحظر الذي يفرضه الدستور الأمريكي على “العقوبات القاسية وغير العادية”، على الرغم من أن بعض محاكم الولايات قد حظرت بعض الأساليب.

لكن في العقود الأخيرة، اتفقت أغلب الولايات على الحقنة المميتة التي تتمثل في إعطاء العقاقير عن طريق الوريد لتخدير المحكوم عليه وقتله، باعتبارها الوسيلة الرئيسية للإعدام.

وكانت تكساس أول ولاية تعدم مجرمًا مدانًا بالحقنة المميتة في عام 1982.

وفي العام الماضي، أُعدم 24 شخصاً في الولايات المتحدة، أغلبهم في ولايتي فلوريدا وتكساس، وكلهم بالحقنة القاتلة.

لا تزال ثماني ولايات تسمح باستخدام الكرسي الكهربائي في عمليات الإعدام

Getty Images
لا تزال ثماني ولايات تسمح باستخدام الكرسي الكهربائي في عمليات الإعدام

ومع ذلك، فإن العملية ليست واضحة دائمًا. وقبل عدة أشهر من عملية إعدام سميث الفاشلة، فشلت سلطات ألاباما في إعدام سجين آخر محكوم عليه بالإعدام، هو آلان ميلر، أيضًا بسبب الصعوبات في إدخال إبرة في الوريد. كما أن العديد من عمليات الإعدام الأخرى بالحقن المميتة لم تسر وفقًا للخطة.

وقد واجهت الولايات مؤخرًا صعوبة في الحصول على أدوية الحقن المميتة. وفي بعض الحالات، لا يقوم مصنعو الأدوية ببيعها، أو يتوقفون عن إنتاجها من الأساس.

وقد حظرت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي تصدير هذه المواد الكيميائية في عام 2011، وبعد خمس سنوات أعلنت شركة الأدوية الأمريكية العملاقة فايزر، وهي آخر مصدر في السوق المفتوحة لعقاقير الحقن المميتة، أنها لن تبيعها بعد الآن لاستخدامها في عمليات الإعدام.

والنتيجة هي أن الولايات باتت تسعى جاهدة لإيجاد طرق أخرى لإعدام السجناء.

على سبيل المثال، حصلت ولاية تكساس على المواد الكيميائية القاتلة من قائمة سرية لـ “الصيدليات الخاصة التي تصنع تلك العقاقير”.

ما هو نقص الأكسجين بسبب النيتروجين؟

قام مسؤولو السجن بربط قناع على وجه سميث وأعطوه غاز النيتروجين النقي.

والغاز في حد ذاته ليس ساما، فالنيتروجين يشكل أكثر من ثلاثة أرباع الغلاف الجوي للأرض.

لكن في شكله النقي المركّز، يؤدي استنشاق الغاز إلى اختناق الأكسجين الواصل إلى الدماغ، وهي عملية تسمى نقص الأكسجين بسبب النيتروجين.

وتمت الموافقة على استخدام غاز النيتروجين في عمليات الإعدام من قبل ثلاث ولايات، بما في ذلك ألاباما في عام 2018، وواجه الأمر العديد من التحديات القانونية منذ ذلك الحين.

ويقول منتقدو هذا الإجراء إن هذه الطريقة غير مجربة.

ويقول الدكتور جيف كيلر، رئيس الكلية الأمريكية لأطباء الإصلاحيات: “إنه إجراء تجريبي، أشياء كثيرة يمكن أن تسوء”.

وقالت ديبورا دينو، عالمة الجريمة في كلية الحقوق بجامعة فوردهام والمتخصصة في البحث في أساليب عقوبة الإعدام: “من المفترض أن يكون الإجراء غير مؤلم، لكن يجب أن أؤكد أن ذلك من الناحية النظرية، فهذه الأقنعة لا تناسب الأشخاص عادةً، فهي ليست محكمة الإغلاق، ويمكن للهواء الدخول إليها”.

وأضافت أن سميث كان من المحتمل أن يتقيأ أو ينجو من محاولة الإعدام بتلف في الدماغ.

ويرفض أنصار هذه الطريقة الانتقادات ويشيرون إلى أمثلة على نقص الأكسجين بسبب النيتروجين الذي يقع في الحوادث العادية، حيث يبدو أن الضحايا يصبحون غير مدركين لما يحدث لهم.

واستشهدت إحدى الدراسات التي تم إعدادها للمشرعين في أوكلاهوما، الذين يدرسون السماح بتنفيذ عمليات الإعدام بغاز النيتروجين، بأبحاث خلصت إلى أنه “بدون وجود الأكسجين، فإن استنشاق 12 نفسًا فقط من النيتروجين النقي سيؤدي إلى فقدان مفاجئ للوعي”.

وقد وصف المدعي العام لولاية ألاباما ستيف مارشال غاز النيتروجين بأنه “ربما يكون أسلوب الإعدام الأكثر إنسانية على الإطلاق”.

ورفضت المحكمة العليا الأمريكية يوم الأربعاء الاستماع إلى الطعن القانوني الذي قدمه سميث والذي زعم أن محاولة إعدامه للمرة الثانية تنتهك حقوقه الدستورية.

حُكم لا يحظى بشعبية

وتأتي موجة الاهتمام بشأن إعدام سميث مع انحسار الحماس لعقوبة الإعدام في معظم أنحاء الولايات المتحدة.

وانخفض عدد عمليات الإعدام بشكل كبير من ذروته البالغة 98 في عام 1999، وفقًا لمركز معلومات عقوبة الإعدام.

حجرة الموت في منشأة إصلاحية في ولاية أوهايو

Getty Images
حجرة الموت في منشأة إصلاحية في ولاية أوهايو

ولا يقتصر الأمر على انخفاض عدد أحكام الإعدام التي يتم تنفيذها في عدد أقل من الولايات، ففي العقد الماضي شهدت 10 ولايات إعدام سجين واحد فقط في كل منها، ولكن باتت المحاكم أيضا تصدر عددا أقل من أحكام الإعدام.

وتقول روبن ماهر، المدير التنفيذي لمركز معلومات عقوبة الإعدام: “لقد شهدنا تغيراً كبيراً في الدعم الأمريكي لعقوبة الإعدام”.

وتقول منظمة غالوب لاستطلاعات الرأي، التي تتابع المواقف العامة تجاه عقوبة الإعدام منذ ما يقرب من قرن من الزمان، إن 53 في المئة من الأمريكيين يفضلون عقوبة الإعدام على جرائم القتل التي تمت فيها الإدانة.

وهذا الرقم أقل من نسبة 80 في المئة التي سجلها الاستطلاع قبل 30 عامًا.

وتقول روبن ماهر إن مجموعة متنوعة من العوامل أدت إلى أن تصبح عقوبة الإعدام أقل شيوعًا، ليس فقط عمليات الإعدام الفاشلة، ولكن أيضًا تبرئة ما يقرب من 200 من السجناء المحكوم عليهم بالإعدام، والتغييرات القانونية التي تحظر إعدام الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية والأحداث، والتحفظ المتزايد من قبل المحلفين إزاء إصدار عقوبة الإعدام.

وأضافت قائلة: “أتوقع أن يستمر هذا الاتجاه”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.