“كان حلمي أن أرتدي ما أشاء”


SUPPLIED
L تعمل ريبيل الآن كفنانة وشم في تركيا، بعد أن تركت حياتها في إيران خلفها.

قد يكون خلع الحجاب لدى بعض المسلمات قراراً صعبا، وقد يواجهن رد فعل عنيف من أسرهن أو يتجنب مجتمعهن التواصل معهن، وفي بعض البلدان، تزيد القوانين من هذا الضغط.

أقر البرلمان الإيراني للتو مشروع قانون مثير للجدل من شأنه أن يزيد بشكل كبير أحكام السجن والغرامات على النساء والفتيات اللواتي ينتهكن قواعد اللباس الصارمة.

ويأتي مشروع القانون، الذي يحتاج إلى موافقة مجلس صيانة الدستور ليصبح قانوناً، في أعقاب احتجاجات واسعة النطاق خرجت خلالها النساء إلى الشوارع وخلعن حجابهن.

وقد اندلعت هذه الاحتجاجات بعد وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها من قبل شرطة الأخلاق قبل عام، بعد أن ألقي القبض عليها بزعم ارتدائها الحجاب بشكل فضفاض للغاية.

بالنسبة للعديد من النساء المسلمات البالغ عددهن مليار امرأة حول العالم، فإن ارتداء الحجاب هو خيارهن.

لكن بالنسبة لمن يرغبن في خلعه، قد يستغرق الأمر سنوات للتغلب على الضغوط واتخاذ هذا القرار.

وتقول ريبيل (ليس اسمها الحقيقي): “كان حلمي أن يكون لدي يوم واحد في الأسبوع حيث تستطيع النساء فيه الخروج إلى الشوارع وارتداء ما يرغبن”.

كانت في التاسعة من عمرها عندما أجبرتها عائلتها، التي تعيش في بلدة خارج العاصمة الإيرانية طهران، على ارتداء الشادور. يعد الشادور أحد أكثر أنواع الحجاب تشدداً، وهو عبارة عن عباءة تغطي الجسم بالكامل وغالباً ما تكون مصحوباً بحجاب أصغر تحته.

منذ أن كانت في السادسة من عمرها، كان والداها يعدانها لبدء تغطية نفسها.

وقالت لبي بي سي: “”لقد ظلوا يقولون لي إنني يجب أن أرتدي الحجاب، وأن هذا واجبي تجاه الله، وإذا رفضت، سيكون عقابي أبدياً، ناهيك عن أنني سأسيء إلى سمعة والدي وأسبب الحزن لهما”.

وتقول إنها عندما كانت طفلة، كانت تحلم بارتداء السراويل القصيرة والقمصان.

تبلغ ريبيل الآن من العمر 23 عاماً، وقد غادرت طهران لطلب اللجوء في تركيا، حيث تعمل كفنانة وشم.

وتتذكر كيف انتابها شعور بالرعب مما كان والدها يقولان لها.

“لقد عشت مع هذا الشعور المستمر بالذنب، ولم أكن أعرف من أين أتى، لكنه كان موجوداً”.

وكانت ريبيل تحسد الفتيات اللواتي رأتهن في مجتمعها و هن يرتدين حجاباً أقل تحفظاً.

إن ارتداء الحجاب في الأماكن العامة في إيران أمر إلزامي للنساء والفتيات بدءاً من عمر التسع سنوات، ولكن في المنزل وفي التجمعات الخاصة تختار العديد من النساء عدم تغطية رؤوسهن.

عائلة ريبيل متدينة ومحافظة للغاية.

وتقول: “كانت أمي تطلب مني ألا أظهر ذراعي أو ساقي العاريتين حتى أمام إخوتي الذين كانوا في سن المراهقة، لأن ذلك قد يجعلهم يرتكبون الخطيئة”.

عندما بلغت ريبيل السابعة عشرة من عمرها، سجلها والدها في مدرسة إسلامية للنساء.

وتقول: “كان علي الاختيار ما بين الدراسة في تلك المدرسة أو الزواج”.

وتقول إنها كرهت المدرسة الدينية، ووجدت أن المناهج الدراسية متحيزة ضد المرأة، وقوّضت إيمانها بالحجاب.

في اليوم الذي قررت فيه خلع الحجاب، ارتدت معطفًا ينتهي فوق ركبتها مباشرةً مع وشاح فضفاض، يُظهر بعضاً من خصل شعرها المصبوغ باللون الأحمر الناري.

وتقول ريبيل إن مديرة المدرسة اتصلت بوالديها وطلبت منهم عدم السماح لها بالسير في الشوارع مثل “عاهرة”.

اتصلت جدتها بمنزلهم متمنية أن “يكسر والديّ ساقي حتى لا أتمكن من مغادرة المنزل”.

تقول ريبيل إن والدتها أخبرتها أنها تتمنى أ لها الموت حتى لا تعاني العائلة كثيراً بسببها”.

ومع استمرار سوء المعاملة، حاولت ريبيل الانتحار.

استيقظت في المستشفى بعد المحاولة، وبدأ والدها بالصراخ فيها.

وفي النهاية، أيقنت أن خيارها الوحيد هو مغادرة إيران والذهاب إلى تركيا، حيث الحجاب ليس إلزامياً، ويمكنها الآن العيش بشكل علني بدونه. ولم تعد على اتصال بعائلتها.

قد تكون قصة ريبيل متطرفة، لكنها ليست تحربة منفردة.

منى الطحاوي – مصر

رغم أن عائلة الأمريكية والمؤلفة منى الطحاوي لم تكن صارمة مثل عائلة ريبيل، إلا أن خلعها حجابها لم يكن بالأمر السهل.

وتقول إنها ارتدت الحجاب لمدة تسع سنوات بعد انتقالها إلى المملكة العربية السعودية في سن السادسة عشرة، و”قضت ثمان منها تحاول خلعه”.

أحد أسباب صعوبة الأمر هو أن عائلتها عارضت ذلك بشدة.

تقول منى وهي تضحك: “عندما وجدت في نفسي الشجاعة أخيراً، غادرت المنزل في مصر والحجاب على نصف رأسي. لم أستطع خلعه بالكامل”.

لم تشعر بالراحة في البقاء بدون حجاب لفترة طويلة.

وتقول إن ” الأمر استغرق مني عدة سنوات حتى استطعت إخبار الناس أنني كنت أرتدي الحجاب، لأنني كنت أشعر بالخجل الشديد بسبب خلعه”.

منى، التي كتبت كتاباً عن حقوق المرأة في أجسادها، الحجاب وغشاء البكارة، كانت تتابع الاحتجاجات في إيران عن كثب.

كانت الإيرانيات يخلعن الحجاب أو يحرقنه أو يلوحن به في الهواء ويهتفن شعار “المرأة. الحياة. الحرية” خلال الاحتجاجات.

وتقول منى إن ما يحدث في إيران هو أكثر من مجرد دعوة للتغيير السياسي.

وتقول: “صحيح أن الدولة تضطهد الرجال والنساء على حد سواء، لكن النساء والأشخاص المثليين، يتعرضن للاضطهاد من قبل الشارع والدولة والمنزل .

وكفاح المرأة الإيرانية ضد الحجاب الإلزامي هو كفاح ضد المظالم الثلاث”.

وتحدثت بي بي سي إلى عدد من النساء الايرانيات، ينتمين إلى عائلات متدينة ومحافظة، وقلن إنه بعد الانتفاضة الأخيرة، أصبحت عائلاتهن داعمة لاختيارهن خلع الحجاب.

إحدى المسلمات اللواتي اخذت الإلهام من الاحتجاجات في إيران هي بيلا حسن، الصحفية في خدمة بي بي سي العالمية.

ولدت بيلا ونشأت في مقديشو، عاصمة الصومال، وارتدت الحجاب معظم حياتها.

وفي عام 2022، خلال ذروة الاحتجاجات في إيران وبعد أن عاشت في لندن لمدة عام، قررت خلعه.

وتقول: “لدي الكثير من الأصدقاء الإيرانيين وقد أبقوني على اطلاع دائم بنضال النساء من أجل حقهن في العيش بالطريقة التي تروق لهن، وقد ألهمني ذلك حقاً”.

“فكرت: لم أعد في مقديشو، أنا في لندن، لدي الحرية في أن أفعل ما أريد”.

ولم تكن عائلتها في مقديشو سعيدة بقرارها التخلي عن الحجاب لكنها احترمت خيارها.

باعتبارها صحفية في بي بي سي، تعتبر بيلا شخصية معروفة في الصومال. أثار قرارها خلع حجابها رد فعل عنيف، وتساءلت عما إذا كان ينبغي عليها الانتظار لفترة أطول.

وتقول: “لم أعد أشعر بالقبول في مجتمعي، ولم أعد أشعر بالأمان”.

“بعد أن خلعت حجابي، بدأت أتلقى تهديدات بالقتل والاغتصاب من رجال لا أعرفهم. كانوا ينتقدونني، ويشعرونني بالعار”.

وتضيف: “ليست هناك عقوبة محددة للنساء اللواتي لا يرتدين الحجاب. يقول القرآن أن الله سيتعامل معهن، لكن الرجال من بلدي قرروا أن يتعاملوا معي بدلا من الله”.

تقول بيلا إن الحجاب متجذرفي الصومال وأن العديد من النساء اللواتي لا يرغبن في ارتدائه لن يتمكن من خلعه أبداً.

“آمل أن تتمتع النساء في بلدي ذات يوم بالشجاعة والإرادة لفعل ما يردن بدلاً من مجرد الانصات إلى ما يريده الآخرون، وخاصة الرجال”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.