ما السيناريوهات المتوقعة مع استمرار الخلاف الحدودي بين العراق والكويت؟

دعا مجلس التعاون الخليجي العراق إلى احترام سيادة الكويت وعدم انتهاك القرارات الدولية ولاسيما قرار مجلس الأمن الدولي رقم 833 لعام 1993، حول ترسيم الحدود بين البلدين واتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله والمودعة لدى الأمم المتحدة.

مجلس التعاون وفي اجتماع لوزراء خارجيته في دورته الـ 157 يوم الخميس في الرياض، دعا العراق إلى استكمال ترسيم الحدود البحرية مع الكويت لما بعد العلامة 162، معربا عن رفضه القاطع لأي انتهاك يمس السيادة الكويتية واحتفاظها بحقها في الرد وفق القنوات القانونية.

ما هو الخلاف الحدودي بين البلدين؟ ولماذا يطفو إلى الواجهة بين الحين والآخر؟

في الواقع، برز ملف الترسيم الحدودي بين العراق والكويت أخيرًا، في أعقاب الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الكويتي سالم عبد الله الجابر الصباح أواخر شهر يوليو/تموز الماضي إلى بغداد، والتي التقى خلالها نظيره العراقي فؤاد حسين.

خلال هذه الزيارة، تم التأكيد من الجانبين على ضرورة إنهاء “المسائل الحدودية” بين البلدين في إطار الحوار المشترك.

المسائل الحدودية هي واحدة من بين الملفات العالقة بين البلدين منذ سنوات.

أين سيصل ترسيم الحدود البحرية بين العراق والكويت؟

التطور الأخير الذي طرأ على مسألة ملف الحدود بين البلدين هو القرار الصادر عن المحكمة الاتحادية العليا في العراق القاضي بإبطال التصويت على اتفاقية الملاحة البحرية في خور عبد الله والتي صدّقها البرلمان العراقي عام 2013.

قرار المحكمة استند إلى أن التصويت النيابي على الاتفاقية لم يراع النقطة الرابعة من المادة 61 من الدستور العراقي والتي تنص على التالي: “تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، بقانون يُسن بغالبية ثلثي أعضاء مجلس النواب”.

في هذه الحال، تُعلّقُ الاتفاقية من الجانب العراقي لكنها تبقى نافذة بالنسبة للكويتيين بحسب ما قال لنا رئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلام د. فهد الشليمي والذي كان عضوا دوليا سابقا في لجنة ترسيم الحدود الكويتية. فالكويت لا يعنيها الإجراء العراقي الأخير بحسب ما أفاد الشليمي لبي بي سي نيوز عربي.

وتساءل الشليمي حول توقيت قرار المحكمة وحول أسباب عدم ظهور اعتراض عراقي في العقود الثلاثة الماضية، أي منذ صدور القرار الأممي رقم 833 الصادر عام 1993 وأيضا، منذ توقيع اتفاقية خور عبد الله منذ نحو عشر سنوات.

واعتبر أن السبب الكامن وراء إثارة الجدل حول هذه الاتفاقية هو انتخابات مجالس المحافظات العراقية في التاسع عشر من كانون الأول ديسمبر المقبل والانقسام الحاد في الداخل العراقي بين الكتل السياسية.

في المقابل، وبحسب علي التميمي، الخبير في القانون العراقي، فإن تعليق الاتفاقية يفتح الباب أمام سيناريوهات عدة.

السيناريو الأول بحسب ما قال التميمي لبي بي سي نيوز عربي، يتمحور حول دعوة مجلس النواب العراقي لإعادة التصويت على الاتفاقية بهدف إقرارها، الأمر الذي يتطلب تصويت ثلثي أعضاء مجلس النواب العراقي، وفي هذه الحال، يعاد العمل بالاتفاقية.

أما السيناريو الثاني، فيتضمن إرسال كتاب إلى الطرف الآخر (أي الكويتي) وإبلاغه بتعليق الاتفاقية.

في حال فشل المفاوضات بين الطرفين، يصبح البلدان أمام السيناريو الثالث وهو رفع المسألة إلى المحكمة الدولية لقانون البحار، والتي تنظر في النزاعات البحرية بين الدول، بحسب التميمي.

اتفاقية الملاحة البحرية في خور عبد الله تستند إلى القرار رقم 833 الصادر عن مجلس الأمن الدولي عام 1993.

القرار، ووفق الوثيقة الرسمية “وضع تحديدا دقيقا لإحداثيات الحدود الواردة في المحضر المتفق عليه بين الكويت والعراق بشأن إعادة علاقات الصداقة والاعتراف والمسائل ذات الصلة الموقع عليه من الطرفين في 4 تشرين الأول أكتوبر عام 1963 “.

حقل الدرة: هل يعيد التوتر بين إيران والخليج؟

هذا القرار اعتبر الممر المائي، خور عبد الله خطاً حدودياً بين البلدين. وهذا الممر المائي يقع شمال الخليج العربي بين جزيرتي وربة وبوبيان الكويتيتين، وشبه جزيرة الفاو العراقية.

وبحسب الأكاديمي والباحث الكويتي د. عايد المنّاع فإن القرار 833 جاء لحسم الخلاف الحدودي بين الكويت والعراق.

المنّاع قال في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي إن القرار الأممي استند إلى اتفاقيات كويتية عراقية سابقة.

وأوضح الباحث الكويتي أن “رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري السعيد بعث برسالة إلى المندوب السامي البريطاني آرثر واكهوب عام 1932 حدّد فيها الحدود الكويتية العراقية. وفي 4 تشرين الأول أكتوبر عام 1964، وافق العراق على ما جاء في رسالة السعيد واعترف بدولة الكويت وفقا لتلك الحدود، وبالتالي فإن القرار 833 استند إلى تلك الوثائق”، بحسب المنّاع.

ما هي العلامة 162 التي توقف عندها ترسيم الحدود البحرية؟

العلامة 162 هي النقطة الأخيرة التي عيّنها البلدان في المراسلات بينهما قبيل الغزو العراقي للكويت وهي تقع في أقصى جنوب خور عبد الله وفي منتصف المسافة بين جزيرة بوبيان وشبه جزيرة الفاو.

وبين عامي 2010 و2011، وعلى ضفتين متقابلتين، وضع العراق حجر الأساس لإقامة ميناء الفاو الكبير، فيما وضعت الكويت حجر الأساس لإقامة ميناء مبارك الكبير في جزيرة بوبيان.

عام 2019، تقدّم العراق بشكوى ضد الكويت أمام مجلس الأمن بسبب ما اعتبره لجوء الكويت إلى القيام بتغييرات جغرافية في المنطقة الواقعة بعد العلامة 162 من خلال تدعيم منطقة فشت العيج وإقامة منشأة عليها من دون موافقة الجانب العراقي، بحسب ما جاء في الشكوى العراقية.

غير أن الكويت ردّت حينها أن منشأة فشت العيج هي مساحة من الأرض متكوّنة طبيعيا فوق سطح البحر وتقع ضمن مياهها الإقليمية، وبالتالي، وبحسب التبرير الكويتي، فإن للكويت سيادة على بحرها الإقليمي.

الخلاف بين البلدين امتد ليشمل حيا سكنيا لمنتسبي القوة البحرية العراقية مؤلفا من نحو مئة منزل في مدينة أم قصر الحدودية، يقع على الخط الحدودي.

فبعدما وافق العراق على ترسيم الحدود مع الكويت في تسعينيات القرن الماضي، وتثبيت الدعامات الحدودية البرية بين البلدين، أصبح هذا الحي السكني ضمن نطاق الدعامات.

طالبت حينها الكويت بإزالة هذه المنازل وقدّمت مقترحاً لبناء حي سكني بديل. وافق الجانب العراقي على المقترح الكويتي، وفي عام 2020 أنجزت الكويت مدينة سكنية بديلة مكونة من 228 منزلا مع كامل الخدمات اللوجستية الأساسية. لكن حتى اليوم لم تجر إزالة تلك المنازل.

إضافة إلى الخلافات المتعلقة بالحدود البحرية والبرية، لا بد من الإشارة إلى أن هناك أيضا مفاوضات جارية بين البلدين منذ عام 2018 لدراسة الحقول النفطية المشتركة على الحدود بين البلدين، وسيتم تحديد السياسة الإنتاجية لكل بلد بناء على الدراسة.

أما فيما يخص ملكية حقل الدرة للغاز الطبيعي والذي يشكل مدار جدل بين إيران والسعودية والكويت، فقد ظهرت في الآونة الأخيرة مطالبات عراقية نيابية بهذا الحقل، ولاسيما من قبل لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية النيابية، والتي قالت إن الوثائق التاريخية في المنطقة البحرية تؤكد أحقية العراق بحقل الدرة.

وفي هذا السياق، أكد المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي الذي عُقد يوم الخميس في الرياض، أن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة السعودية-الكويتية، بما فيها حقل الدرة بكامله، هي ملكية مشتركة بين السعودية والكويت فقط، ولهما وحدهما كامل الحقوق لاستغلال الثروات في تلك المنطقة.

ورفض المجتمعون أي ادعاءات بوجود حقوق لأي طرف آخر في هذا الحقل.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.