مخيم جنين: مراسل بي بي سي يروي تفاصيل العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم اللاجئين

مسلحون ملثمون من جنين يحملون بنادق هجومية

EPA

قبل عامين، عندما وصلنا إلى جنين، كان هناك عشرات من المسلحين الفلسطينيين ينضون في تشكيلات جماعية، ولكن الآن هناك المئات منهم.

فقد زادت مقاومة الإجراءات الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية بشكل سريع.

في طريقنا إلى جنين، نمر بنقاط التفتيش التابعة للجيش الإسرائيلي واحدة تلو الآخرى، نحاول تصوير المنطقة بعد ساعات من بدء إسرائيل عمليات عسكرية مكثفة على المدينة الواقعة شمال الضفة الغربية، أسفرت عن مقتل عدد من الفلسطينيين وإصابة العديد.

يمكننا رؤية الدخان يتصاعد فوق أسطح المنازل، جراء القصف الذي يوصف بالأشد على المنطقة منذ سنوات.

إنها حلقة مفرغة من العنف الوحشي.

علاء دراغمة يقف في شارع جنين، خارج المخيم، والدخان يتصاعد في السماء من خلفه

BBC
تحدث علاء دراغمة، مع سكان مخيم جنين، عقب بدء العملية الإسرائيلية

كما يميل المزيد من الفلسطينيين إلى فكرة القتال، كمخرج وحيد لهم، ويعتقدون أنهم إذا لم يقاتلوا، فلن يبقى لديهم أي شيء في المستقبل.

في الوقت الحالي، ليس لديهم مياه جارية ولا شبكة صرف صحي، ويخشون أن الأمور ستزداد سُوءاً إلى أكثر من ذلك.

ذكريات معركة جنين

مع وصولنا إلى مخيم جنين، التقينا أحمد جرادات، أحد سكان المخيم، الذي يقول إن أولئك الذين يعيشون هناك لم يروا مثل هذا العمل منذ عام 2002، عندما شنت إسرائيل عملية كبيرة عُرفت باسم معركة جنين.

لاحظت زميلتي المراسلة إيمان عريقات صوت الطائرات المسيرة التي تُحلق فوق المدينة، وتقول إن الضربات الجوية وتبادل الرصاص بالأسلحة النارية تذكر الفلسطينيين بـ “الأيام السيئة” التي عاشوها عندما وقعت تلك العملية، خلال ما يُعرف بالانتفاضة الثانية.

وحينها قتل أكثر من 50 فلسطينياً و 23 جندياً إسرائيلياً في معارك استمرت لأكثر من أسبوع في جنين، والتي بدأت في أعقاب سلسة من التفجيرات الانتحارية الفلسطينية في إسرائيل، كان الكثير من منفذيها من أبناء من المدينة.

وأضاف جرادات: “المقاتلون لم يخلدوا للنوم منذ الليلة التي سبقت العملية، إطلاق النار والانفجارات لم تتوقف”، ويتهم جرادات الإسرائيليين بمحاولة تدمير البنية التحتية للمخيم.

ذهب رئيس بلدية جنين، نضال العبيدي، في حديثه إلى أبعد من ذلك، حيث قال للصحفيين، إن الجيش يهدف إلى تدمير المخيم نفسه.

ونفى داني دانون، عضو الكنيست عن حزب الليكود الإسرائيلي، وجود استهداف للمدنيين، وقال لبي بي سي: “نحن نعمل منذ بضع ساعات في جنين، ولقد أرسلنا رسائل نصية إلى السكان بعدم مغادرة منازلهم ونحن نستهدف المسلحين فقط”.

وطلبت فرق الإسعاف الفلسطينية وقفاً لأعمال العنف حتى تتمكن من إجلاء المصابين من المخيم إلى المستشفيات.

شباب فلسطينيون

الدخان يتصاعد خلال عملية عسكرية إسرائيلية في مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة 3 يوليو 2023

Reuters
دخان يتصاعد فوق جنين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية

ويصر الفلسطينيون على أن إسرائيل يجب أن توقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.

مع استمرار البناء والعمليات العسكرية الإسرائيلية، يصبح العديد من الفلسطينيين الأصغر سناً أكثر ضراوة ضد إسرائيل من آبائهم.

وقال مصطفى البرغوثي، رئيس حزب المبادرة الوطنية، لبي بي سي، إن الفلسطينيين أصبحوا يائسين من الوضع السياسي.

وأضاف البرغوثي: “السؤال الكبير هو لماذا يتجه هؤلاء الشباب في ذلك المسار؟ بسبب أننا كنا تحت الاحتلال العسكري “الإسرائيلي” لمدة 56 عاماً ولم يقم المجتمع الدولي بأي شيء لإنهاء هذا الاحتلال… هؤلاء الشباب يصبحون يائسين بسبب المجتمع الدولي الذي سمح لإسرائيل بمواصلة هذا الاحتلال”.

العمليات العسكرية الإسرائيلية

آليات عسكرية إسرائيلية تمر عبر مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة في 3 يوليو 2023

EPA
آليات عسكرية إسرائيلية في شوارع مدينة جنين

تهاجم القوات الإسرائيلية مخيم جنين من الجو وبعمليات برية منذ ليل الأحد.

وتقول وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، الأونروا، إن المخيم يضم 14 ألف شخص يعيشون في منطقة تبلغ مساحتها 0.42 كيلومتر مربع فقط، وهم الآن محاصرون جراء القصف الجوي والعمليات البرية.

وتؤكد إسرائيل أنها تستهدف المقاتلين الفلسطينيين الذين شنوا هجمات على مواطنيها.

وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أنه قد قصف “مركز عمليات مشترك” يعمل كمركز قيادة لوحدة كتائب جنين، وهي وحدة تضم مقاتلين من مختلف الفصائل الفلسطينية المسلحة.

وأوضح الجيش في بيانه أن الموقع كان بمثابة “مركز متقدم للمراقبة والاستطلاع” وموقعاً للأسلحة والمتفجرات، فضلاً عن كونه مركز اتصال للمقاتلين الفلسطينيين.

خارطة لمخيم جنين

BBC

وشهدت جنين في العام الماضي، اقتحامات عسكرية إسرائيلية متكررة، ربطت قوات الأمن الإسرائيلية بين الفلسطينيين في المدينة ومخيمها وبين هجمات إطلاق نار متعددة استهدفت إسرائيليين.

وصرّح المتحدث باسم قوات الدفاع الإسرائيلية، المقدم نير دينا، للصحفيين بأن جنين كانت ملجأً آمناً للإرهابيين.

وقال “قبل أسابيع قليلة كانت هناك محاولة لإطلاق صاروخ من جنين باتجاه إسرائيل، وفشل وسقط داخل الضفة الغربية، نحن قلقون جداً من أن يصبح هذا نوعاً من الظواهر”.

مقاتلون فلسطينيون

Fighters

EPA

في جنين، أعلنت مجموعات مختلفة عزمها على مقاومة القوات الإسرائيلية.

صرّح عطا أبو رميلة، الأمين العام لحركة فتح في جنين، لبي بي سي، أن جميع الفصائل في مخيم اللاجئين موجودة لحماية المخيم من القوات الإسرائيلية، وقال إن المقاتلين لن يرفعوا الراية البيضاء وسيستمرون في القتال.

وتجمع مقاتلون من عدة فصائل مختلفة في المدينة تحت اسم “كتائب جنين”، وما يجمعهم هو التصميم على مقاومة الاحتلال وعدم ثقتهم في قدرة السلطة الفلسطينية على فعل ذلك نيابة عنهم.

وأرسل لي أحد مقاتلي كتائب جنين تسجيلاً صوتياً لى تلغرام، قائلاً إن معنويات المقاتلين “مرتفعة جداً” وسيواصلون القتال “حتى الموت”.

في خارج المدينة، قدمت مجموعة “عرين الأسود” في نابلس الدعم، داعية الفلسطينيين للتجمع تضامناً مع جنين، وزعمت أن مجموعة من أعضائها قد وصلت إلى جنين في وقت سابق من يوم بدء العمليات للانضمام إلى المعركة ضد القوات الإسرائيلية.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.