كنيس جربة: ماذا نعرف عن هذا المعبد التاريخي التونسي؟

أقدم كنيس في أفريقيا، ويحتوي على واحدة من أقدم نسخ التوراة في العالم: إنه كنيس الغريبة الواقع في جزيرة جربة التونسية الذي يزوره كل عام آلاف الحجاج اليهود، للاحتفال بطقوس دينية عمرها مئات السنين.

هذا العام، شهد انطلاق موسم الحج مقتل حارسي أمن وزائرين، وجرح تسعة آخرين، محاولة حارس أمن مسلّح الوصول إلى كنيس يهودي في جزيرة جربة قبالة الساحل التونسي.

وبحسب وزارة الداخلية التونسية، فإن حارساً في مركز بحري قريب قتل بالرصاص زميلاً له قبل أن يتجه نحو الكنيس ويفتح النار بشكل عشوائي، مما أسفر عن إصابة خمسة من ضباط الأمن وأربعة زوار، ثم قتل بعد تبادل إطلاق نار بينه وبين الشرطة.

ويعدّ هذا الحادث ثالث حادث من نوعه تشهده الجزيرة. إذ كان كنيس الغريبة تعرض لاعتداء عام 1985 حين قتل شرطي العديد من الأشخاص، وكذلك في نيسان/ أبريل 2002، نفذه موالون لتنظيم القاعدة، وأسفر عن21 قتيلاً من بينهم 14 سائحاً ألمانياً.

ما الذي نعرفه عن هذا المعلم التاريخي؟

يقع كنيس الغريبة في جزيرة جربة جنوب شرقي العاصمة تونس، ويعتقد أنه شيّد قبل نحو 2500 عام، ما يجعله بين أقدم أماكن العبادة اليهودية في العالم، ويمتاز بطابعه المعماري التونسي التقليدي، وبالزخارف الذهبية والزرقاء على جدرانه.

المعبد يشكل وجهة ليهود العالم الذي يتوجهون إلى جربة في شهر مايو/ أيار من كل سنة، لأداء شعائر الحج لمدة ثلاثة أيام.

ويقدّر عدد الزوار من أوروبا والولايات المتحدة وإسرائيل بالآلاف، لكن الموسم شهد تراجعاً خلال وباء كوفيد – 19، وكذلك بعد اعتداء عام 2002.

وينظّم الحج السنوي في اليوم الثالث والثلاثين من عيد الفصح اليهودي، ويعدّ من أقدم تقاليد اليهود التونسيين.

وتعد الطائفة اليهودية التونسية إحدى أكبر الطوائف اليهودية في الدول العربية رغم أن عددها تراجع بشكل كبير على مر السنين.

وبحسب التقديرات، يتراوح عدد اليهود في البلاد حالياً بين 1500 وألفي شخص، بينما كانوا نحو مئة ألف قبل استقلال تونس عن فرنسا عام 1956.

يسكن نصف هؤلاء في جزيرة جربة التي تحتوي على 11 معبداً يهودياً في حارتين تسميان “الحارة الكبيرة” و”الحارة الصغيرة”، حيث توجد بعض البيوت اليهودية التي تتميز بالكتابة العبرية على جدرانها.

لا يعرف سبب تسمية الكنيس بالغريبة، ولكن بحسب المعتقدات الشعبية، يعود الاسم إلى امرأة غريبة عن سكان الجزيرة، نجت بأعجوبة من حريق.

ما هي طقوس موسم الحج السنوي؟

كل عام، بمناسبة الحج، تشعل النساء اليهوديات من أهالي الجزيرة والحجاج الشموع في الجهة اليسرى من المعبد، في حين تقام الاحتفالات والرقص والغناء في الجهة اليمنى.

من تقاليد الحج، الخرجة الصغرى، والخرجة الكبرى أو خرجة المنارة. خلال الخرجة الصغرى، يدفع الحجاج عربة محملة بالملابس إلى خارج مبنى المعبد، في حين تتوج الخرجة الكبرى الموسم، إذ يخرج المصلون من المعبد بعربة يثبت فوقها مصباح تقليدي، وتغطى بأقمشة مزركشة، وطبق نحاسي مكسو بالزهور يقودونه إلى حي الحارة الصغيرة المجاور، وهم يرددون الأهازيج ويقرأون الكتب الدينية.

وخلال موسم الحج، يقيم اليهود الصلوات، ويشعلون الشموع، ويذبحون الخراف والقرابين. ومن أبرز التقاليد، كتابة الأمنيات على البيض، إذ يكتب كل زائر أمنياته على بيضة، ويخفيها في قبو المعبد. ولا يقتصر ذلك على اليهود فقط، إذ يشارك في كتابة الأمنيات المسلمون أيضاً، ممن يأتون للتبرك بالمقام.

كما تتضمن الاحتفالات طقوسا أخرى كاحتساء نبيذ “البوخا” التقليدي المستخرج من التين، والغناء.

ويعد موسم الحج إلى كنيس الغريبة، مقدمة لموسم الذروة للقطاع السياحي الصيفي في جزيرة جربة كما في باقي المنتجعات السياحية في تونس.