سوق الحويش ومرقد الإمام علي: كيف ردت العتبة العلوية على انتقادات لهدم أقدم أسواق النجف التراثية؟

مرقد الإمام علي

Instagram
مرقد الإمام علي

تصدّر “سوق الحويش” مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، بعد قرار للسلطات المحلية في النجف، بهدم السوق التراثي القديم، بهدف توسعة محيط مرقد الإمام علي.

ونشرت العتبة العلوية عبر صفحتها الرسمية على موقع إنستغرام صورا ومقاطع فيديو تظهر أعمال هدم في محيط مرقد الإمام علي بن أبي طالب، وقالت إنها “تباشر بتوسعة الصحن الشريف من الجهة الجنوبية بمساحة 6000 متر مربع”.

https://www.instagram.com/p/CqaC8sgNXAD/

“مشروع التوسعة الكبير”

وقالت العتبة العلوية في منشور آخر: “ضمن مشروع التوسعة الكبير، باشرت كوادر الهندسة في العتبة العلوية المقدسة، بأعمال الإزالة للمحال التجارية، والعقارات الواقعة ضمن مشروع التوسعة الجديد، الذي تتجاوز مساحته 6000 متر مربع، في أرجاء المحيط الخارجي للصحن الشريف ال90 مترا المحيطة به”.

وأضاف المنشور أنه “تمت المباشرة بهدم العقارات بتاريخ 11 شعبان، الموافق 3/5 وبثلاثة محاور، المحور الأول والأهم، وهو المتمثل بالجبهة الشرقية من الحرم الطاهر، والذي سيوفر مساحة 1500 متر مربع، ستضاف إلى المنطقة المقابلة لباب الساعة، والمجاورة للسوق الكبير”.

وتابعت العتبة: “أما المحور الثاني في التوسعة، فهو يشمل المنطقة المقابلة لباب القبلة، وباب الفرج، أما المحور الثالث والأخير في التوسعة، فهو من الجهة الشمالية، المتمثلة بالمنطقة المقابلة لباب الطوسي”.

https://www.instagram.com/p/CqAhp9WIJh8/

غضب واستنكار

وقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق جدلاً واسعاً ضدّ عزم العتبة العلوية هدم “سوق الحويش” التراثي في محافظة النجف، الذي يزيد عمره عن 700 عام، بهدف توسعة مرقد الإمام علي. 

فأطلق الأكاديمي فارس حرّام، الذي يقدم نفسه على أنه شاعر وناشط وأكاديميّ متخصص بالفلسفة في جامعة الكوفة، دعوة إلى “التحرك العاجل” بشأن هدم سوق الحويش للكتب في محافظة النجف.  

ولخّص حرّام دعوته بسلسلة تغريدات قال فيها: “القصة أنّ العتبة العلوية اشترت (ولا تزال تشتري) أملاك المدينة القديمة لغرض توسعة المناطق المحيطة بمرقد الإمام علي (ع)، وسوق الحويش يقع ضمن هذه المناطق، ومن ثم سيناله ما سينال تلك المناطق من الهدم”.

ويضيف حرّام: “ينقل بعض سكنة منطق الحويش (ونتمنى التصحيح من إدارة العتبة إن كان النقل خطأ) أن سعر شراء المتر الواحد من تلك المباني بلغ ستين مليون دينار عراقي. من لا يبيع؟”.

وتابع فارس قائلا: “بناء على ما تقدم، يكون تعامل العتبة العلوية مع الموضوع من الناحية القانونية صحيحاً لا غبار عليه. لكنّه من الناحية الثقافية لا يمكن وصفه بأقل من جريمة ثقافيّة نكراء”.

وختم تغريداته بالقول: “أطالب أبناء النجف خاصة والعراقيين عامة، ومنظمة اليونسكو، برفع الصوت عالياً لإيقاف جريمة تهديم وتشويه التراث النجفي، تلك التي ابتدأتها مؤسسات صدّام في الثمانينات والتسعينات، وتكملها الآن مؤسسات ما يُسمى بـ”العراق الجديد”.  

https://twitter.com/farisharram/status/1641919513934409730

“هدم التراث العراقي”

وقد أثار ذلك غضب كثير من العراقيين، الذين اعتبروا أن هدم سوق الحويش هو بمثابة “هدم الثقافة والتراث العراقي”.

فقال الباحث العراقي صادق الكلابي: “كل الشعوب تعتز بتراثها الثقافي وتحاول حمايته وإنقاذه من يد الزمن والعابثين وكذلك يروجون له ليتحول إلى معلم يستقطب السواح العرب والأجانب لا أعرف السبب الذي يدفع إدارة العتبة العلوية لإزالته رغم أن هناك حلولا هندسية ومساحات كبيرة بكل الاتجاهات الأخرى”.

https://twitter.com/sadeq9azeez/status/1641901286206365697

وقد تضامن كثيرون مع أهل النجف، حيث اتهم ناشطون العتبة العلوية “بطمس هوية النجف وهدم 700 سنة من التاريخ”.

ولكن هؤلاء المغردين لم يعترضوا على التوسعة وإنما على “إزالة الأماكن التراثية والمعالم الأثرية”.

فقال مصطفى الهاشم: “متضامن مع أهل النجف، سوق الحويش‬ من أهم المعالم في ‫النجف‬ والذي يحمل إرثها ويمثل واجهتها الثقافية والعلمية، إضافة لكونه محلة سكنية العتبة تحاول طمس هوية النجف ومحاولة هدمه يعني هدم 700 سنة من التاريخ، أنا مع التوسعة بدون إزالة الأماكن التراثية والمعالم الأثرية”.

https://twitter.com/mustafa_hashem7/status/1642608616820686848

رد العتبة العلوية

وفي المقابل، دافعت العتبة العلوية عن قرارها، الذي يهدف إلى توسعة مرقد الإمام علي لاستقبال الزائرين وأعدادهم الكبيرة، في مشروع سيضم جزءًا من السوق عبر هدمه وإلحاقه بالتوسعة.

وبحسب وسائل إعلام محلية، فقد انتقد مدير قسم الإعلام في العتبة العلوية بمحافظة النجف، أبو الحسن محيي الدين، الحراك ضد العتبة، وأكد على “قانونية” العمل و”رضا” الناس به.

ويضيف محيي الدين، في حديث لـ”ألترا عراق”، أن “توسعة الصحن الحيدري تجري وفقًا لخطة استملاك محيط العتبة بنظام 90 مترًا منذ عام 2009″، وقد جرت أعمال التوسعة في 3 مناطق تحيط العتبة، وهي الجهة الشمالية الممثلة بباب الطوسي، وجهة الباب الشرقي الرئيس المقابل للسوق الكبير، والجهة الغربية المتمثلة بسوق الحويش”.

وأضاف أبو الحسن: “التوسعة التي تجريها العتبة العلوية اكتملت في الجهتين الشمالية والشرقية بشكل قانوني وبلا أية مشاكل”.

لكن المشكلة أُثيرت حول الجهة الغربية التي فيها سوق الحويش.

ويقول إعلامي العتبة إنه “لا يزال فيها من لا يقبلون البيع، وهي محال أو دور فيها ورثة، وبينهم من باع حصته وبانتظار البقية وهم قلة جدًا”، إذ أن هناك “مكاتب ومحال شملت بمسافة التوسعة 90 مترًا بداية من جدار الصحن، وبالمقابل هناك من لم يشمل وسيبقى بعمله دون ضرر”.

ولفت إلى أن “المفاوضات مستمرة مع من لم يبيعوا للآن من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي”.

وتابع مدير قسم الإعلام في العتبة العلوية قوله: “أغلب أصحاب محال سوق الحويش وأهالي الدور وافقوا على البيع بطرق رضائية وقانونية وبمبالغ استحصلوا عليها كما يريدون وهو عكس ما يجري في جميع العتبات، وبعد إرضاء صاحب الملك بالمبلغ المالي الذي يريده للبيع تمنح العتبة مدة بين 4 الى 6 أشهر للإخلاء والتسليم للجنة المختصة من العتبة”.

وأكد محيي الدين، مدير قسم الإعلام في العتبة العلوية بمحافظة النجف: “ستكون هناك مشاريع خدمية تتمثل بالمجمعات الصحية وإيواء الزائرين والمسقوفات وأماكن الاستراحة لاستيعاب الأعداد المليونية كما في كربلاء”.

ويضيف محيي الدين: “العتبة أملاكها كثيرة ومسجلة جميعها وفقًا لقوانين العتبات المشرعة بعد عام 2006 وهي تخضع لسلطة ديوان الوقف الشيعي والجهات الحكومية. العتبة العلوية لها أملاك كبيرة تبعد عنها مسافة تقدر بكيلو متر واثنين وأبعد من ذلك وأمر استملاك محيطها ليس حديثًا”.

https://twitter.com/ultrairq/status/1642812729357475840

موقف السيستاني

ومن جهته، كشف النائب عن محافظة النجف، عدنان الزرفي، عن موقف للمرجع الديني الأعلى في النجف، علي السيستاني، من هدم “سوق الحويش”.

وقال الزرفي، إنه “سبق وقامت المحافظة بتأهيل سوق الحويش ضمن تخصيصات النجف عاصمة للثقافة الإسلامية”.

وأكد الزرفي أن “المرجع السيستاني في ذلك الوقت حينما تم إعمار السوق قد لمسنا منه إصرارًا ودعمًا للمحافظة على السوق بحلته التاريخية”. 

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.