الإفتاء المصرية: جدل شعبي بعد دعوات الإفتاء للتقشف والصبر

أطلقت دار الإفتاء المصرية حملة عبر حسابها الرسمي في فيسبوك تدعو من خلالها الشعب المصري إلى الصبر والتقشف بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وقالت الدار في منشور لها على صفحتها الرسمية في فيسبوك “الصبر على الأزمة وحسن إدارتها من أعظم الدروس المستفادة من حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو الذي كان يمر الشهر وأكثر ولا تُوقد نار للطعام في بيته الشريف”.

وفي منشور آخر قالت الإفتاء المصرية “إن ديننا الحنيف يدعو إلى بث خُلق الصبر والمثابرة والدعم النفسي والاجتماعي لأفراد الأسر؛ من أجل التكيف مع كل ما يطرأ على الحياة من مصاعب”.

وحثت دار الإفتاء المصرية في حملتها الشعب المصري على الرضا والقناعة وترتيب الأولويات والنهي عن الإسراف والتبذير وعدم التطلع واشتهاء ما لا يملك.

فقالت الدار في حملتها “ينبغي للإنسان أن يتعود ويربي أولاده على الرضا والقناعة بما قسم الله تعالى لهم، وعدم التطلع واشتهاء ما لا يملك كما كان يفعل بعض السلف فعن سيدنا جَابِر رضي الله عنه قَالَ: رَأَى عُمَرُ لَحْمًا مُعَلَّقًا فِي يَدِي فَقَالَ: مَا هَذَا يَا جَابِرُ؟ فَقُلْتُ: اشْتَهَيْتُ لَحْمًا فَاشْتَرَيْتُهُ، فَقَالَ: أَوَ كُلَّمَا اشْتَهَيْتَ اشْتَرَيْتَ يَا جَابِرُ؟ أَمَا تَخَافُ هَذِهِ الْآيَةَ: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا}؟”.

وأضافت في منشور آخر “التطلُّع لما في أيدي الغير وعدم القناعة والرضا بما قَدَّرَه الله يورث الإنسان شقاءً وبؤسًا ويجعله دائمَ القلق شديدَ الضَّجر؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا -أي: تستقلوا- نِعْمَةَ اللهِ»”.

وتحت عنوان أيها التاجر كن سمحا، قالت الإفتاء المصرية “على المسلم ألَّا يُخدع بعروض السلع والتطلعات الترفيهية، حتى لا يشعر بالحاجة والفقر، بل عليه أن يكتفي بالضروريات، ويتخلى عن نمط الحياة الاستهلاكية المتأثرة بالدعايات التجارية؛ فالمؤمن «كَيِّسٌ فَطِنٌ»”.

مواقع التواصل الاجتماعي

حملة دار الإفتاء المصرية لم تمر مرور الكرام أمام الشعب المصري الذي يعاني من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة وارتفاع في الأسعار بسبب تدني قيمة الجنيه المصري أمام الدولار.

وأثارت الحملة جدلاً واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر.

فعلق مصطفى الحسيني على منشور دار الإفتاء المتعلق بالصبر قائلا: “هو انتوا تخصص مطالبة الشعب المقهور الفقير بالصبر بس؟ مفيش مرة تنصحوا الحاكم الظالم بالعدل، الحاكم اللي بيسرق من قوت الشعب مليارات ويبني قصور ملهاش عدد ويشتري طيارات ملهاش لازمة ويدي لمراته وبناته يلبسوا دهب ومجوهرات بملايين الجنيهات؟ مرة واحدة بس اعملوها لوجه الله، وبعدها هنرجع نصدقكم على طول”.

وقالت الآء حسن: “والله أنا أصبر حتى الموت لو في سبيل الدعوة إلى الله أو من أجل الأبرياء لكن حرام إن يبقى في نفس المكان ناس بتاكل كل حاجة وناس مش لاقيه العيش الحاف ده أكيد ميرضيش ربنا ولا رسوله”.

وانتقد كثيرون دار الإفتاء وحثها الشعب المصري على الزهد.

فقال جمال أحمد إبراهيم: “‏إذا رأيت الخطيب يحثُّ الفقراءَ على الزهد دون الحديث عن سارقي قوتهم، فاعلم أنّه لصٌ بملابس واعظ”.

واعتبر مغردون أن أهداف الحملة سياسية ولكن بنبرة دينية.

فقال عمر رفعت: “من أسوأ خصال الإخوان هو استخدامهم الدائم للإسلام السياسي، وكلنا كنا بنكره ده فيهم جدا، بنكره تكلمني لغرض سياسي بس بنبره دينيه، نفس الأسلوب ده للأسف استخدمته مؤخرا دار الإفتاء المصرية”.

https://twitter.com/2bnblad/status/1635354785280036864?s=46&t=lsjpWK5boD3Yjjp83FY0wQ

ووصف آخرون الإفتاء المصرية “بالذباب الالكتروني” التابع للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

فقال إبراهيم عبدالرحمن: “على المسلم ان يغض بصره حتى عن الأكل والشرب واللبس ولا يطلع على العروض والتنزيلات ويمعن النظر بالمفتي والسيسي، ياحرام دار الإفتاء المصرية العريقة تحولت الى ذبابة الكترونية سيساوية”.

https://twitter.com/buro2008/status/1635430873444110337?s=46&t=lsjpWK5boD3Yjjp83FY0wQ

رد أمين عام الفتوى بدار الإفتاء

وحول الحملة قال خالد عمران أمين عام الفتوى بدار الإفتاء، إن الدار تتبنى ثقافة الإفتاء والاستفتاء الرشيد، وذلك في معرض تعليقه على نصيحة وجهتها دار الإفتاء بعدم الخداع في عروض السلع والتطلعات الترفيهية والاكتفاء بالضروريات.

وأضاف خلال مداخلة هاتفية مع برنامج “في المساء مع قصواء” عبر شاشة “cbc”، أن هذه الثقافة معنية بما وراء الفتوى من قِيم وسلوكيات، كجزء من العملية الإفتائية بالصورة الأكمل.

وتحدّث عن النصيحة التي قدّمتها الدار قائلا: “نحن نساعد بعضنا البعض في تأصيل الفكرة التي رسخها علماء المسلمين نقلاً عن القرآن والسنة وهي التحكم في شهوات النفس”.

وشدد على أهمية هذه القضية التي دعت إليها كل الأديان، متابعا: “ليس كل ما اشتهيت اشتريت، وليس كل ما أرادته النفس تسير وراءه”.

وأشار إلى أن النصيحة التي قدمتها دار الإفتاء في هذا الصدد تندرج في إطار عملية إفتاء وقائي تمارسه الدار، لافتاً إلى أن الشخص الذي يُسرف في الإنفاق يلحق به جزء من الإثم، لا سيما إذا أطلق العنان لنفسه للإنفاق.

https://twitter.com/cbcegypt/status/1635021733231992834?s=46&t=lsjpWK5boD3Yjjp83FY0wQ

الاقتصاد المصري

وشهدت مصر مؤخراً ارتفاعاً كبيراً في أسعار السلع وخاصة السلع الغذائية، وتراجعاً في سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار.

وتسارع التضخم في مصر خلال فبراير شباط لأعلى مستوى له منذ أكثر من 5 سنوات، حيث أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن التضخم السنوي قفز إلى 31.9 في المائة في فبراير شباط الماضي.

ويأتي ذلك في وقت تواجه فيه البلاد تحديات اقتصادية داخلية وخارجية ووسط تأكيدات حكومية على جاهزية الدولة لتقديم “حزمة دعم” جديدة للمواطنين.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.