BBC

روسيا وأوكرانيا: صحفية روسية مناهضة للحرب تروي قصة هروبها من قبضة بوتين

روسيا وأوكرانيا: صحفية روسية مناهضة للحرب تروي قصة هروبها من قبضة بوتين

Getty Images
القنوات التلفزيونية الخاضعة لسيطرة الحكومة الروسية لا تصف غزو أوكرانيا بأنه حرب

في إحدى ليالي أكتوبر/ تشرين الأول، وقبل أسبوع من الموعد المقرر لمثولها للمحاكمة لانتقادها الغزو الروسي لأوكرانيا، أخذت الصحفية الروسية مارينا أوفسيانيكوفا ابنتها الصغيرة وهربت متجهة إلى الحدود.

كانت ترتدي سواراً إلكترونياً وهو ما يعني أنها كانت تخضع للإقامة الجبرية في منزلها.

وقالت في مؤتمر صحفي عقدته في باريس الجمعة: “قال المحامي المكلف بالدفاع عني: اهربي، اهربي- سيسجنونك”.

وغادرت أوفسيانيكوفا موسكو في بداية عطلة نهاية أسبوع من العام الماضي، عندما ارتأت أن الشرطة ستكون أقل نشاطاً، وبدلت السيارة سبع مرات قبل أن تقترب من الحدود مشياً على الأقدام.

وصرحت لي قائلة: “سيارتنا الأخيرة علقت في الوحل. ولم تكن لدينا تغطية متوفرة للهاتف النقال- حاولنا أن نجد طريقنا من خلال الاستعانة بالنجوم. وكان هروباً خطيراً ومجهداً للغاية.”

وقالت إنهما هامتا على وجهيهما طوال ساعات بالقرب من الحدود مختبئتين من دوريات حرس الحدود، قبل أن تنجحا في العبور.

تغريم صحفية روسية اقتحمت بثا تلفزيونيا حيا للاحتجاج على الحرب التلفزيون الروسي الرسمي يشهد “وابلا” من الاستقالات

ويعود جانب من ذلك النجاح إلى منظمة “صحفيون بلا حدود”. وقد شرح مدير المنظمة كريستوف ديلوير كيف ساعدوها على الهرب.

وقال لي: “كتبت أول رسالة نصية إلى مارينا بعد يوم من ظهورها على شاشة التلفزيون وهي تحمل تلك اللافتة. أرسلت لها رسالة تقول: هل تحتاجين إلى المساعدة؟ نحن هنا لنمد يد المساعدة لك.”

وكانت السيدة أوفسيانيكوفا قد أرسلت رسالة في سبتمبر/ أيلول الماضي إلى منظمة “صحفيون بلا حدود” عبر وسيط، طالبة مساعدتهم لها لكي تغادر.

ويشرح ديلوير ما جرى قائلاً: “قلنا حسناً موافقون. لكنها موجودة في موسكو قيد الإقامة الجبرية في المنزل، وجيرانها وأفراد عائلتها من أنصار بوتين- يمكنهم أن يتصلوا بالشرطة ويقولوا إنها غادرت- كما أنها ترتدي سواراً إلكترونياً. وبالتالي كانت هناك أسباب كثيرة تجعل هروبها أمراً في غاية الصعوبة. لكنها نجحت في القيام بذلك.”

وتقول أوفسيانيكوفا، البالغة من العمر 44 عاماً والمستقرة الآن في باريس إنها لا تزال “خائفة بالطبع على حياتها” لكنها تعتقد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخاطر بقيادته بسبب الحرب في أوكرانيا.

وتشرح ذلك قائلة إن “النخبة تفهم كل شيء على أكمل وجه”.

وتضيف: “الناس يعيشون داخل هذه الفقاعة من الدعاية، لكن النخبة الحاكمة- أي أولئك الذين فقدوا طياراتهم ويخوتهم ومواردهم المالية- يفهمون كل شيء. وحالما يقترب النصر الأوكراني، أعتقد أن المؤسسة الحاكمة ستقدم لبوتين فاتورة كبيرة.”

EPA
العديد من الصحفيين الأوكرانيين والمنشقين الروس أعربوا عن عدم ثقتهم بالصحفية الروسية مارينا أوفسيانيكوفا

وكانت السيدة أوفسيانيكوفا قد احتلت العناوين الإخبارية حول العالم في مارس/ آذار الماضي، عندما اقتحمت بثاً حياً لبرنامج إخباري على القناة الأولى للتلفزيون الحكومي الرسمي، التي كانت تعمل بها في ذلك الحين، وهي تحمل لافتة كتب عليها “لا للحرب، أوقفوا الحرب. لا تصدقوا الدعاية الإعلامية، إنهم يكذبون عليكم هنا”.

وقالت إنها “تعرضت للعزل على الفور من قبل جهاز الأمن الروسي”، وتم استجواب مديريها.

وقالت لي إنها وبينما كانت تجمع أغراضها من المكتب، “رأيت بأعين زملائي في العمل تعبيراً متعاطفاً تماماً”.

وأضافت: “كانوا ينظرون إلي بأعين جامحة، وكانوا يقولون لي وداعاً. كانوا يعتقدون أنهم لن يروني من جديد مطلقاً”.

وتقول السيدة أوفسيانيكوفا إنها غادرت روسيا متوجهة إلى ألمانيا بعد ذلك، لكنها عادت في وقت لاحق من ذلك العام- لكي تحارب من أجل كسب الوصاية على أبنائها.

وشهد حضورها المزيد من الاحتجاجات، من بينها مظاهرة بالقرب من الكرملين في يوليو/تموز، ومواجهتها لتهم بموجب قانون روسي جديد، يحظر “النشر المتعمد لمعلومات خاطئة” حول القوات المسلحة الروسية.

وجعل القانون الجديد وصف الحرب بـ “الغزو” أمراً مخالفاً للقانون، حيث أُبلغت المؤسسات الإعلامية الخاضعة لهيمنة الدولة الروسية عوضاً عن ذلك بأن تصف الحرب بـأنها “عملية عسكرية خاصة”.

وعلى الرغم من استهدافها من قبل النظام الروسي، إلا أن الكثيرين من الصحفيين الأوكرانيين والمنشقين الروس أعربوا عن عدم ثقتهم بالسيدة أوفسيانيكوفا، مشيرين إلى عملها السابق كناطقة باسم الدولة الروسية.

وقد أثارت زيارتها إلى أوكرانيا الصيف الماضي لتغطية الحرب لصالح صحيفة “داي ويلت” الألمانية غضب الكثير من الأوكرانيين، الذين طالبوا بفصلها من العمل على الفور.

BBC Arabic

🛈 تنويه: موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً أو مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

زر الذهاب إلى الأعلى