لماذا تحاول ولاية أمريكية إغلاق خط أنابيب نفط كندي؟
أدى خط أنابيب نفط قديم يعبر جزءا من منطقة البحيرات العظمى إلى مواجهة بين ولاية ميشيغان الأمريكية وكندا، وينظر الكثيرون إلى نتيجة المعركة على الخط 5، الذي يوفر الطاقة للغرب الأوسط الأمريكي ووسط كندا، على أنها مقدمة لكيفية موازنة أمريكا الشمالية بين مستقبل الطاقة والتزاماتها البيئية.
الجزء الأكثر إثارة للجدل من خط أنابيب “الخط 5″، هو الجزء الذي يمتد من سوبيريور في ولاية ويسكونسن عن طريق ميشيغان إلى سارنيا في كندا ويقع في قاع مضيق ماكيناك وهو الممر المائي الضيق بين بحيرة ميشيغان وبحيرة هورون، وهما من أكبر البحيرات في العالم.
معلومات اساسية عن الولايات المتحدة الأمريكية
في عام 2018، اصطدمت مرساة سفينة شحن تمر عبر المضيق بخط الأنابيب وألحقت به أضرارا ، مما أثار مخاوف طويلة الأمد من نشطاء البيئة وغيرهم بشأن التسريبات المحتملة.
وقد أبرم حاكم ولاية ميشيغان آنذاك ريك سنايدر اتفاقية مع شركة تشغيل خطوط الأنابيب الكندية إنبريدج لحماية خط الأنابيب من المزيد من الضرر والحفاظ عليه في حالة تشغيل، وبمقتضى ذلك الاتفاق تقوم شركة إنبريدج، إحدى أكبر شركات خطوط الأنابيب في العالم، ببناء نفق قيمته 500 مليون دولار يتم حفره في الصخور أسفل قاع البحيرة في المضيق لإحاطة الخط 5.
وكان الهدف من الاتفاقية إنهاء حالة عدم اليقين بشأن سلامة خط أنابيب النفط والغاز الطبيعي المثير للجدل، والذي يعود تاريخه إلى 69 عاما مضت.
هل سيتم إغلاق الخط 5؟
ولكن بعد ذلك بعامين، أمرت الحاكمة غريتشن ويتمير، خليفة سنايدر الديموقراطية والمعارضة منذ فترة طويلة للخط 5، الشركة بوقف عملياتها في المضيق، مما يؤدى إلى إغلاق الخط 5 فعليا. ووصفته بأنه “خطر غير معقول” على البحيرات العظمى، وهي من أكبر مصادر المياه العذبة في العالم، ومحرك اقتصادي للمنطقة.
والآن، لا تلوح في الأفق نهاية للمعركة المستمرة حول مصير المشروع وخط الأنابيب والحاجة إلى حماية البحيرات العظمى.
قصة احتلال البريطانيين لواشنطن وهروب الرئيس الأمريكي وزوجته
أكثر من مليون أمريكي وكندي يمضون عيد الميلاد بدون كهرباء
فما زالت التصاريح وتقييمات السلامة والأثر البيئي لمشروع نفق حماية الأنبوب، الذي سيستغرق سنوات حتى يكتمل، معلقة.
وتجاهلت شركة إنبريدج أمر الحاكمة ويتمير بالتوقف، وأعدت نفسها لمعركة قضائية طويلة ومثيرة للجدل.
وتقول إنبريدج إن خط الأنابيب، الذي تتراوح عائداتها منه بين 1.6 و 2 مليون دولار يوميا، يعمل بأمان وموثوقية في المضيق منذ عقود.
في المقابل، رفعت ولاية ميشيغان دعوى قضائية ضد الشركة لفرض إغلاق الخط 5. والقضية معروضة حاليا أمام محكمة فيدرالية أمريكية.
ويعد الخط 5 جزءا من نظام ليكهيد، وهي شبكة من خطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز الطبيعي من غرب كندا إلى المنازل والمصافي في ميشيغان وأوهايو وبنسلفانيا وأونتاريو وكيبيك.
ويوفر هذا الخط أغلب احتياجات الطاقة في المقاطعات الكندية في أونتاريو وكيبيك. وتحسبا لإغلاقه، قامت أوتاوا – التي حذرت من أن الإغلاق سيكون له تأثير عميق على جانبي الحدود، بما في ذلك الوظائف وسلاسل التوريد – بدعم قضية إنبريدج القانونية. واستندت إلى معاهدة خطوط أنابيب الترانزيت لعام 1977 بين البلدين.
وتضمن المعاهدة تدفق النفط الخام بين الولايات المتحدة وكندا طالما أن خطوط الأنابيب المعنية متوافقة مع القواعد واللوائح المختلفة. ويتم اللجوء إلى التحكيم في حالة حدوث نزاع.
لكن ميشيغان تحظى بدعم 12 من قبائل أنيشينابي (سكان المنطقة الأصليون) في الولاية، الذين يقولون إن الخط 5 يشكل خطرا كبيرا للغاية على البحيرات العظمى.
مخاوف من الخط 5 “القنبلة الموقوتة”
للمياه أيضا أهمية روحية للقبائل، التي تجادل بأنها محمية بموجب حقوقهم التعاهدية الدستورية.
وتوضح ويتني غرافيل، رئيسة منظمة باي ميلز إنديان كوميونيتي، قائلة:”إن مضيق ماكيناك هو محور قصة الخلق بالنسبة لنا”.
وقالت إن من حق القبائل ممارسة الصيد البري والبحري والتجمع في المنطقة “إلى الأبد، والخط 5 قنبلة موقوتة يمكن أن تدمر ثقافتنا وطرق حياتنا”.
ومن ناحية أخرى، يعتبر هذا الخط بالنسبة للعديد من سكان ميشيغان مصدرا حيويا للوقود، ومصدرهم الرئيسي للتدفئة، حيث يوفر 55 في المئة من احتياجات الولاية من البروبان (أحد مشتقات الغاز الطبيعي)، وذلك بحسب شركة إنبريدج .
ما قصة النزاع الحدودي بين الولايات المتحدة وكندا؟
البلدة الأمريكية التي لا يمكن الوصول إليها إلا عبر كندا
قصة الولاية الأمريكية التي اشترتها واشنطن بنحو 7 ملايين دولار
ويُعد دان هارينغتون، صاحب شركة آب بروبان، موردا رئيسيا للبروبان المستخدم للتدفئة في شبه جزيرة ميشيغان العليا، شمال مضيق ماكيناك.
وبسبب مخاوفه من إغلاق خط الأنابيب، قام بترتيب طريق إمداد بديل حتى لا يخذل 17 ألف عميل لديه.
ويقول هارينغتون: “لقد وضعنا في الواقع بديلا هو الاعتماد على الشحن عبر السكك الحديدية إذا لم نحصل على أي من البروبان أو القليل جدا منه من الخط 5”.
لكنه قال إنه إذا تم إغلاق ذلك الخط، فإن “الغرب الأوسط سيتعرض لأذى كبير للغاية”.
وبينما تقول إنبريدج إن مشروع نفق البحيرات العظمى من شأنه “القضاء فعليًا” على فرصة حدوث تسرب، يختلف آخرون مع ذلك.
ويقول ريتشارد كوبرويتش، خبير سلامة خطوط الأنابيب المستقل الذي عينته منظمة باي ميلز إنديان كوميونيتي، إن نقل النفط والغاز “عبر نفق مغلق يزيد من خطر حدوث انفجار كارثي”، وهو خطر وصفه بأنه منخفض ولكنه ليس “منعدما”.
كما يقول ديف شواب، خبير علم المحيطات المعني بمنطقة البحيرات العظمى، إذا حدث كسر في خط الأنابيب، فحتى في أفضل السيناريوهات، ستكون النتيجة كارثية.
وينقل الخط 5 ما يقرب من نصف مليون غالون من النفط والغاز الطبيعي يوميا.
وأضاف قائلا:”لذلك حتى لو توقف تدفق النفط على الفور، وهو أمر مستحيل، سيظل الأنبوب يحتوي على 5 آلاف برميل من النفط على الأقل”.
ومضى يقول إن “أفضل سيناريو” قد يشهد تأثر 700 كيلومتر من الخط الساحلي على طول بحيرة هورون وبحيرة ميشيغان، و “في أسوأ حالة لتسرب 25 ألف برميل، فإن أكثر من ألف كيلومتر من الخط الساحلي في كل من كندا وأمريكا سيكون متأثرا”.
ووفقا لتحليل مستقل للمخاطر بتكليف من ولاية ميشيغان، يمكن أن يكلف تسرب النفط ما يقرب من ملياري دولار كتعويض، كما أن المضيق يعتبر موطنا للعديد من الحشرات والأسماك والطيور المهاجرة، ومن ثم فإن كارثة كهذه سوف “تمثل نقطة لا عودة لفقدان تلك الأنواع”.
وتبحث ميشيغان عن خيارات لاستبدال الخط 5، وهي الخيارات التي تتضمن إضافة محطات ضخ لزيادة تدفق خطوط أنابيب إنبريدج الأخرى، أو نقل المنتج عبر الشاحنات والسكك الحديدية. وقال وزير الموارد الطبيعية الكندي جوناثان ويلكينسون لبي بي سي إن هذه الخيارات “أقل أمانا وأقل كفاءة وتؤدي لانبعاثات أكثر”.
وتعتبر خطوط الأنابيب بشكل عام وسيلة آمنة لنقل الوقود، وبديلا أفضل من شاحنات الصهريج أو قطارات الشحن.
العيون على بايدن مع ارتفاع أسعار الطاقة
ويجادل المؤيدون بأن الخط 5 أمر بالغ الأهمية للولاية بالنسبة لملايين الدولارات التي تدفعها إنبريدج في العقارات والشركات وعائدات الضرائب الأخرى سنويا، وهي حيوية لاحتياجاتها من الطاقة.
وتقول إنبريدج إنه لا يوجد بديل عملي لمشروع النفق، وهم يعتزمون مواصلة تشغيل الخط 5 في المضيق حتى اكتمال النفق.
وقالت الشركة لبي بي سي في بيان عبر البريد الإلكتروني: “النفق يجعل ما كان دائما خط أنابيب آمنا أكثر أمانا، ويضمن الوصول إلى الطاقة، ويدعم الوظائف والاقتصاد في جميع أنحاء منطقة البحيرات العظمى”.
وأضافت الشركة قائلة إنها اتخذت أيضا إجراءات إضافية للمراقبة، ومشكلات الإرساء من قبل السفن التي تعبر المضيق في المستقبل.
وعلى الرغم من أن الخط 5 قد شهد تسرب أكثر من مليون غالون في امتدادات أخرى من خط الأنابيب على مدار حياته، فإن إنبريدج تؤكد على أن الجزء الذي يعبر ماكيناك “لا يزال في حالة ممتازة، ولم يتعرض للتسرب مطلقًا”.
حتى الآن، ظلت إدارة بايدن بعيدة عن النزاع، قائلة إنها ستسمح بتنفيذ المراجعات البيئية الحالية لمشروع النفق.
لكن تعتقد هيذر إكسنر-بيروت، وهي زميلة في معهد ماكدونالد لوريير وهو مؤسسة كندية للأبحاث، أنه من غير المرجح أن يسمح بايدن بإغلاق الخط 5، خاصة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي كان له تأثير كبير على إمدادات الطاقة العالمية والأسواق.
وقالت بيروت: “تسببت أزمة الطاقة الدولية في تحول المد السياسي هنا”.
وسيؤدي ذلك إلى استياء كل من دعاة حماية البيئة والقبائل، الذين يؤكدون أن الخط 5 يتعارض مع التزامات الطاقة الخضراء لإدارة بايدن.
وتقول ليز كيركوود من منظمة إف إل أو دابليو، وهي مجموعة غير هادفة للربح للحفاظ على البيئة: “إنبريدج تتحدث اللغة العالمية للاقتصاد”، في إشارة إلى تحذيرات الشركة من أن الإغلاق سيكون له عواقب فورية على الاقتصادات في المنطقة.
وأضافت قائلة:”ما نتحدث عنه هو 20 في المئة من المياه السطحية العذبة للكوكب، وهوية منطقة بأكملها، هذا موطننا”.
ملاحظة المحررة: تم القبض على ليانا هوسيا في عام 2017 أثناء عملها الصحفي في تغطية احتجاج على خط أنابيب إنبريدج 3 في ويسكونسن. وقد تم لاحقا إسقاط جميع التهم عنها.
Comments are closed.