الملكية البريطانية: هل قدمت نموذجا يمكن تطبيقه في المنطقة العربية؟

حرص آلاف البريطانيين على إلقاء نظرة الودائع على نعش الملكة الراحلة إليزابيث الثانية

Getty Images
حرص آلاف البريطانيين على إلقاء نظرة الودائع على نعش الملكة الراحلة إليزابيث الثانية

أثارت مشاهد وداع الآلاف لملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية، الكثير من التساؤلات عن أسباب الحب الذي أظهره البريطانيون للملكة الراحلة.

وأوضحت صور البث المباشر آلاف المواطنين المحتشدين لمتابعة موكب نقل جثمان الملكة من قصر “باكنغهام” إلى قاعة “ويستمنستر”، في موكب تقدمه الملك تشارلز الثالث وأفراد العائلة الملكية وعدد من المسؤولين.

وأمضى آلاف البريطانيين ليلتهم في طوابير انتظار، أمام قاعة “ويستمنستر”، من أجل إلقاء نظرة أخيرة على نعش الملكة إليزابيث الثانية، ويتوقع أن يلقي مئات الآلاف تحية الوداع على النعش الملكي حتى يوم الاثنين 19 سبتمبر/أيلول، الموعد الرسمي المحدد لمراسم الجنازة.

وامتدت صفوف الراغبين في توديع الملكة إليزابيث الثانية لأكثر من 6 كيلومترات.

ومنذ إعلان الحكومة البريطانية عن سماحها بزيارة نعش الملكة إليزابيث الثانية، توافد آلاف الأشخاص من داخل بريطانيا وخارجها من أجل وداع ملكة الراحلة.

ويتم عرض نعش الملكة الراحلة على مدار 24 ساعة للمودعين.

ورأى البعض أن شخصية الملكة إليزابيث الثانية ودماثة خلقها، مع ابتسامتها الدائمة لعبت دورا كبيرا في هذا الحب الذي أظهره البريطانيون لها.

كذلك لا يمكن إغفال طبيعة النظام الملكي البريطاني، الذي يتمتع فيه الملك بالرمزية، لكنه لا يحكم فعليا.

“الملكية البريطانية”

وتعرف الملكية البريطانية بـأنها “ملكية دستورية”، ويعبر الملك عن رمز السيادة، إلا أن تشريع القوانين من اختصاص البرلمان المنتخب من قبل الشعب. لذلك يقال إن ملك بريطانيا يسود ولا يحكم، أي أنه يملك السلطات لكن لا يمارسها.

ويظهر دور الملك كرمز للأمة والوحدة الوطنية والاستقرار من خلال الخطابات التي يوجها إلى الشعب.

وطبقا للدستور البريطاني غير المكتوب، يمثل الملك أعلى هرم السلطة التنفيذية، وهو القائد العام للقوات المسلحة، وكذلك رئيس كنيسة إنجلترا، ويتعهد بالحفاظ على الكنيسة البروتستانتية في اسكتلندا، وذلك حسب التقاليد المتبعة منذ أن تمت الوحدة بين إنجلترا واسكتلندا.

ويعين الملك رئيس الوزراء من الكتلة البرلمانية الفائزة في الانتخابات التشريعية. كما يفتتح الملك أعمال البرلمان ويلقي الخطابات الافتتاحية التي تحدد ملامح سياسات الحكومة خلال الدورات البرلمانية.

وتُقدم القوانين بعد إقرارها من قبل البرلمان إلى الملك للتصديق عليها.

ويترأس الملك القوات المسلحة، ويتوجب على كل افراد القوات المسلحة البريطانية أداء قسم الولاء للملك. كما أن السلام الملكي البريطاني يتمحور حول شخص الملك.

ورغم كل هذه الصلاحيات، يسير ملك بريطانيا في كل القرارات مع رغبة الحكومة المنتخبة. فلم يحدث أن رفضت الملكة الراحلة إليزابيث الثانية التصديق على أي قانون تم إقراره من جانب البرلمان أو رفضت تعين رئيس حكومة تختاره الكتلة الفائزة أو طلبت من رئيس حكومة تقديم استقالته.

وربما يكون هذا السلوك المتبع من قبل ملوك بريطانيا ساهم في النظر إليهم كرمز للوحدة والاستقرار.

وأشار أحدث استطلاع للرأي نشره موقع “ستاتيستا” المتخصص في بيانات الرأي، في 8 سبتمبر/أيلول 2022، إلى أن 62 في المئة من البريطانيين يؤيدون بقاء النظام الملكي، مقابل 22 في المئة يعارضونه، في حين لم يحسم 16 في المئة الرأي في تأييد النظام الملكي من معارضته.

“الملكيات والجمهوريات العربية”

ويختلف شكل الحكم في الملكيات العربية عن الملكية البريطانية، إذ أن السلطة الفعلية، في الملكيات العربية، تتركز في يد الملك أو الأسرة الحاكمة. وبالتالي فإن الملك يملك السلطات ويمارسها.

وتؤثر القرارات التي يتخذها الملك بشكل مباشر في حياة المواطنين، مما ينعكس سلبا أو إيجابا على رؤيتهم له.

ويستمد الملوك العرب شرعيتهم من خلفيات قد تكون دينية أو تاريخية أو قبلية.

وتنقسم الملكيات العربية بالأساس إلى نوعين، الملكيات والإمارات الخليجية كالسعودية والإمارات والكويت وقطر والتي تتمتع بثروات نفطية كبيرة، وملكيات أخرى لا تتمتع بمثل هذه الثروات كالمغرب والأردن.

ويرى البعض أنه ربما كان من الأفضل أن يحذو الملوك العرب حذو ملوك بريطانيا، ويكونون رمزا للوحدة مع عدم ممارسة الحكم الفعلي وتركه لسلطة منتخبة من جانب الشعب.

ويضيف أصحاب هذا الرأي أنه إذا سلك ملوك الدول العربية هذا المسلك ربما يحظون بمزيد من التقدير من جانب شعوبهم.

لكن في المقابل، يرى أصحاب الرأي الآخر أنه لا وجه للمقارنة بين الملكية البريطانية والملكيات العربية، إذ يختلف تاريخ الملكية البريطانية تماما عن تاريخ الملكيات العربية.

فلم تمر الملكيات العربية بالتقلبات الكبيرة التي مرت بها الملكية البريطانية.

كذلك يشير الرافضون إلى إجراء المقارنات إلى أن ملوك بريطانيا لم يتنازلوا طواعية عن ممارسة السلطة، لكن جاءت تنازلاتهم بعد فترات من التقلب السياسي شهدت صراعا كبيرا على السلطة بين المؤسسة الملكية والبرلمان انتهت بإعدام الملك تشارلز الأول ونفي ابنه والإطاحة بالنظام الملكي تماما عام 1649، قبل العودة إليه مرة أخرى عام 1660.

وكانت التقلبات السياسية والصراعات الداخلية والخارجية التي شهدتها بريطانيا بين عامين (1649 و1660) السبب الرئيس وراء رغبة أعضاء البرلمان في العودة إلى النظام الملكي مع تقليص سلطة الملك.

ويعتقد البعض أن مشكلة المنطقة العربية قد لا تكمن في الملكية أم الجمهورية، بل في الاستبداد والقمع الذي تمارسه الأنظمة الحاكمة بطرف النظر عن شكل الحكم.

ويشير أصحاب هذا الرأي إلى أن الثورات العربية لم تصل إلى الملكيات العربية، مما يدل من وجهة نظرهم على أن المشكلة عربيا ليست في الملكية، بل في طريقة ممارسة السلطة ومدى القمع الذي تمارسه السلطة الحاكمة سواء كانت ملكية أو جمهورية.

وتلعب العوامل التاريخية والثقافية للدول والشعوب دورا في تشكيل نظام الحكم بها.

برأيكم،

  • هل تقدم الملكية البريطانية نموذجا يمكن تطبيقه في المنطقة العربية؟
  • لماذا تحظى الملكية في بريطانيا بقبول واحترام أغلبية المواطنين؟
  • هل نموذج الملك الذي يملك ولا يحكم يضمن الاستقرار في الدولة؟
  • هل يناسب نموذج الملكية البريطانية المجتمعات العربية؟ أم أنه انعكاس لثقافة وتاريخ بريطانيا؟
  • وما نماذج الحكم التي يعتقد العرب أنها الأكثر ملائمة لمجتمعاتهم ولاستقرارها، الملكية أم الجمهورية؟

سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الجمعة 16 سبتمبر/أيلول

خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.

إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk

يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message

كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها:https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC

أو عبر تويتر على الوسمnuqtqt_hewar@

كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.