ختان الإناث: حملات تستهدف الرجال في كينيا لمساعدة زوجاتهم وبناتهم

لا يكاد جون يتذكر ولو مرة واحدة لم تنته فيها ممارسة الجنس مع زوجته دون دموع.

كان الأمر مؤلما للغاية بالنسبة للزوجة، والسبب في ذلك هو أنها خضعت لعملية ختان.

ويقول جون، 40 سنة: “في أي وقت أحاول فيه ممارسة الجنس مع مارثا، تتراجع وتتهرب مني كالطفل. ثم تصرخ وتتوسل إلي أن أتركها وشأنها. لم تعد تريد ممارسة الجنس على الإطلاق”.

ينحدر جون ومارثا من جماعة الماراكويت في غرب كينيا.

ورغم أن الختان مجرم قانونا في كينيا، تخضع الفتيات لهذه العملية في الجماعات المختلفة في البلاد في المرحلة العمرية بين 12 و17 سنة كطقوس ضرورية للاستعداد للزواج.

وخضعت مارثا، زوجة جون التي أصبحت لا تريد ممارسة الجنس، للختان وهي في الخامسة عشرة من عمرها.

الجنس كاختبار لقوة التحمل

تقول مارثا: “عندما نمارس الجنس، يكون الأمر مؤلما. وأتمنى أن تنتهي هذه الممارسة”، مؤكدة أن عملية الختان كانت سببا في أن تمر بتجربة ولادة صعبة جدا.

ووصف الزوجان، أثناء روايتهما تفاصيل التجربة الجنسية الأولى بينهما، بأنها كانت صادمة.

قالت مارثا إنها شعرت بألم شديد ولم يسر وفقا لتصورها عن ممارسة الجنس. لذا اضطرت إلى أن تطلب من زوجها أن يتوقف.

ختان البنات: منظمة حقوقية تكشف انتشاره في دول عربية عدّة

ختان الإناث في مصر: أمهات يحمينّ بناتهن من تجارب قاسية مررنَّ بها

وقال الزوج جون لبي بي سي: “لم أكن أتخيل أن جزءا منها (عضوها التناسلي) مخيط، ولم يكن مفتوحا سوى فتحة مجرى البول وجزء من صغير جدا من فتحة المهبل”.

وأضاف: “أحاول أن أترفق بزوجتي. ولا أريدها أن تظن أنني لا أحترمها، لأننا في نهاية الأمر زوجان”.

استمر ذلك الوضع حتى سمع جون عن اجتماع لحملة مناهضة لختان الإناث في قريته تستهدف الرجال.

وأشار إلى أن تلك الحملة نبهته للخطر الذي تشكله ممارسات الختان على النساء. كما غيرت توجهه، وعلم من خلالها أنه، كرجل، يمكنه المساعدة في وقف تلك الممارسات.

وأكد جون أن الأمر برمته يرجع إلى الرجال “الذين لهم الكلمة الأخيرة فيما يخص الأبناء، فإذا قررت ألا تخضع ابنتي للختان، فلن تخضع له”.

إنه تحول في التوجهات برعاية موسى وزوجته جوزفين، وهما أيضا من جماعة الماراكويت الكينية.

ويعاني هذان الزوجان، اللذان مر على زواجهما 25 سنة، من حياة جنسية صعبة بسبب الختان.

وخضعت جوزفين للختان وهي في سن مبكرة، وتصف حياتها الجنسية بأنها “اختبار لقوة التحمل”.

وقالت: “لقد كانت مؤلمة دائما، ، لكني تعلمت كيف أتجاوزها”.

وأشارت جوزفين لأنها وزوجها كانا يظنان أنهما وحدهم من يعانون من ذلك حتى التقيا بأزواج آخرين يواجهون نفس التحديات.

‘عار وسخرية’

لا تزال مناقشة موضوعات مثل الختان من المحرمات لدى الكثير من الجماعات الكينية، خاصة بين الرجال.

يقول جون: “لم يخبرني أحد أي شيء عن ممارسة الجنس، خاصة مع ناجية من تجربة الختان. وحتى الآن، يعتبر الحديث عن هذه الأمور شأنا خاصا”، وهو ما قاله على سبيل السخرية عندما تطرقنا إلى إمكانية الحديث عن الجنس بوضوح في الجماعة التي ينتمي إليها.

إضافة إلى ذلك، قد يوصم الرجال الذين يعارضون الختان بالخيانة لمهاجمتهم ممارسة متأصلة منذ زمن طويل في ثقافة الجماعة.

وقدرت إحصائيات أُجريت في 2014 عدد النساء اللاتي مررن بشكل من أشكال الختان في كينيا بحوالي أربعة ملايين امرأة، وهو ما يقدر بحوالي 20 في المئة من نساء البلاد. وفي أغلب الجماعات التي تمارس هذه العادة، يعتبر الختان من متطلبات الزواج.

وأكدت جوزفين أنه في “الماضي، كانت من ترفض الخضوع للختان لا تجد زوج أبدا. وحتى إذا وجدت من يتزوجها، فكانت غالبا لا تحظى بالقبول من عائلته، وكانت تُعاد إلى بيت والدها مصحوبة بالعار والسخرية”.

حملة
انطلقت حملة مناهضة لختان الإناث في كينيا بمشاركة رجال

وقالت تماري إيشو، الطبيبة الباحثة في قضية الختان والمشاركة في حملات ضد تلك الممارسات، إن أربع جماعات فقط من أصل 42 جماعة في كينيا لم تمارس عادة الختان في الماضي مع استمرار بعض تلك الجماعات في ممارستها.

وقالت إيشو: “إنها عادة لها جذور ضاربة في الثقافة. ولا يزال الكثيرون يعتقدون أنها من حقهم”.

‘الرجال هم صناع القرار’

وتغيرت توجهات العديد من الجماعات الاجتماعية في كينيا التي تعتبر من أكثر الدول الأفريقية تبنيا للنهج التقدمي فيما يتعلق بتلك القضية.

وأصبحت نسبة ممارسة تلك العادة تشير إلى أن أكثر من واحدة من كل عشرة فتيات بالغات في كينيا في الفئة العمرية من 15 إلى 19 سنة خضعن للختان مقابل 50% من فتيات تلك الفئة العمرية كن يخضعن لتلك الممارسات عام 1974.

ويعتقد توني مويبيا، مؤسس منظمة رجال يقضون على الختان (Men End FGM) أن الرجال يمكنهم إحداث فارق.

وقال مويبيا: “في الجماعات التي تمارس الختان، بينما تنفذ النساء الختان بأنفسهن، يبقى الرجال هم صناع القرار. رغم ذلك، ليس لديهم فكرة عن ختان الإناث ولا عن كيفية إجرائه، ولا الأضرار التي يسببها للنساء”.

وأضاف: “لكنهم (الرجال) بمجرد استيعاب الرسالة، يحدث تغير كبير. فلديهم المنصات، ولديهم الجمهور، ولديهم القدرة على التأثير”.

وبعد حضور اجتماع الحملة المناهضة للختان، قرر دون ألا تخضع ابنته لعملية الختان.

كما أصبح قادرا على أن ينطق بشيء يرى أن الكثير من الرجال ليس لديهم استعداد للاعتراف به.

وقال جون: “الختان يؤثر على الرجال أيضا، فهناك ألم شديد (نفسي) لدى الكثيرين، لكنهم ببساطة يثابرون. وتؤمن بعض الثقافات بأن الختان يقلل المجون المزعوم لدى المرأة. لكن أعتقد أن الختان يقلل الحب بين الرجل وزوجته”.

وبالنسبة لامرأة مثل جوزفين، يشكل الحصول على داعمين من الرجال فارقا، خاصة في مجتمعات بعينها.

تقول جوزفين: “لم نعد نشعر بالضعف. وكناجية من الختان، عندما يقول زوجي إنه لن يخضع بناتنا للختان أشعر بالسعادة. وقد قلدنا الجيران أيضا في ذلك. هم يقولون إن ابنتهم لن تخضع للختان أيضا”.

(تم تغيير أسماء الأزواج الذين أجرينا معهم مقابلات صحفية لحماية هوياتهم)

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.