تنظيم الدولة الإسلامية يحاول “إثبات وجوده” بارتكاب مجزرة وسط بغداد

تفجير بغداد كان الأكثر دموية في العاصمة العراقية منذ ثلاث سنوات

Reuters
تفجير بغداد كان الأكثر دموية في العاصمة العراقية منذ ثلاث سنوات

لم يختفِ تنظيم الدولة الإسلامية. وكان التفجير الانتحاري المزدوج الذي شهدته العاصمة العراقية بغداد يوم الخميس الماضي تذكيراً بشعاً بأن التنظيم الذي سيطر ذات يوم على مساحات شاسعة من الأراضي في سوريا والعراق مازال قادراً على إحداث خسائر كبيرة في قلب المدن.

في هذه المرة كان هدفه هو الشيعة الذين يصفهم مسلحوه بالرافضة. (على الرغم من أن التفجير تم في قلب العاصمة العراقية حيث تعيش كلا الطائفتين).

ويقول بيتر نويمان أستاذ دراسات الأمن في كلية كينجز كوليدج بلندن: “لطالما كانت التفجيرات الانتحارية في المدن الكبرى جزءاً رئيسياً من استراتيجية تنظيم الدولة الإسلامية لخلق التوتر الطائفي وإثارة الأعمال الانتقامية بحق السكان السنة”.

ويضيف “تنظيم الدولة الإسلامية بحاجة إلى صراع طائفي يمكنه من خلاله أن يصور نفسه على أنه مصدر للنظام”.

“استعراض للقوة”

وكان السوق الذي تعرض للهجوم هدفاً مناسبا، إذ تمثل الغرض الأساسي لمخططيه في إظهار أنهم لا يزالون قوة يُعتد بها بعد خسارتهم عام 2019 للأراضي التي كانوا يسيطرون عليها.

واستغل المهاجم المروءة الفطرية لدى العراقيين، إذ هبوا لمساعدة رجل قال إنه يشعر بالإعياء، وانتظر حتى تجمع عدد كافٍ من الناس ثم فجر قنبلته.

وبعدها أسفر انفجار ثانٍ عن قتل آخرين كانوا لا يزالون في موقع الحادث، وهو تكتيك مشابه لذلك الذي استخدمه الجيش الجمهوري الأيرلندي لقتل 18 عسكرياً بريطانياً في بلدة وارين بوينت بأيرلندا الشمالية عام 1979.

ويقول نويمان إن تفجير بغداد كان “إستعراضاً للقوة أمام المؤيدين والخصوم، لإظهار أن تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال موجوداً وقادراً على شن هجمات كبيرة”.

خريطة تظهر موقع الهجوم في ساحة الطيران ببغداد

BBC

تكتيكات حرب العصابات

غير أن الحقيقة هي أن تنظيم الدولة الإسلامية اليوم، وإن كان لا يزال خطرا، هو بمثابة ظل باهت لما كان عليه من قوة عندما كان يسيطر على مساحة من الأراضي بحجم بلجيكا.

فعلى مدار نحو 5 سنوات، حين أدار “دولة الخلافة” التي أعلن عن قيامها، سيطر على اقتصاد المنطقة عن طريق انتزاع الأموال من الشركات وحصد المحاصيل وضخ النفط وبيعه في السوق السوداء. والأهم من ذلك أنه كان قادراً على اجتذاب آلاف المتطوعين من الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا للانضمام إلى قضيته.

تنظيم الدولة الإسلامية يعلن مسؤوليته عن تفجيري بغداد

رئيس وزراء العراق: هجوم بغداد خرق أمني لن نسمح بتكراره

وقد انتهى ذلك بهزيمته العسكرية على يد قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة في بلدة الباغوز في سوريا. بينما لا يزال نحو 10 آلاف من أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية مطلقي السراح في سوريا والعراق، يختبئ أغلبهم بين السكان ويتمتعون بقدرة على الوصول لأسلحة بسهولة، وهم مستعدون لاستغلال أي مظالم أو ضغائن لدى المجتمعات السنية المحلية.

رغم هزيمته على الأرض لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية حاضراً في السرق الأوسط وأفريقيا

AFP
رغم هزيمته على الأرض لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية حاضراً في بعض مناطق الشرق الأوسط وأفريقيا

وقد كان الدمار الذي لحق بخلافة تنظيم الدولة الإسلامية، عندما تجسدت ماديا على أرض الواقع في العراق وسوريا، كاملاً إلى درجة أنه من غير المرجح أن تظهر من جديد في صورة مماثلة، وذلك خشية أن يتم استهدافها مجددا. وبدلاً من ذلك، عاد التنظيم إلى ما كان يفعله تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، وهو شن هجمات كر وفر بالغة التأثير وترهيب السكان المحليين ومحاولة تعطيل أي مظهر من مظاهر الحياة الطبيعية.

لغز اغتيال هشام الهاشمي

ساحة معركة في أفريقيا

وكان أداء عناصر تنظيم الدولة الإسلامية خارج منطقته الرئيسية في سوريا والعراق أفضل من أدائه في المركز على مدى العامين الماضيين.

ففي أفغانستان، يُعتقد أن تنظيم الدولة الإسلامية كان وراء عدد من أكثر الهجمات الأخيرة دموية.

وكما يشير العديد من المحللين، تبدو أفريقيا مهيأة لأن تصبح ساحة كبرى للعمليات المسلحة خلال العقد الحالي.

وهناك يجري تنافس مباشر بين تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات ذات الصلة بخصمه تنظيم القاعدة، بينما تستغل الجماعتان سوء الإدارة والفساد والحدود المخترقة في أماكن كمنطقة الساحل.

وفي تطور لم يكن من الممكن تصوره قبل بضع سنوات، بات لتنظيم الدولة الإسلامية موطئ قدم كبير في إقليم كابو ديلغادو الغني بالغاز في شمال موزمبيق. وإلى الشمال، يسيطر تنظيم الشباب المرتبط بالقاعدة على جزء كبير من الاقتصاد الريفي في الصومال.

هل أصبحت موزمبيق أحدث قاعدة أمامية لتنظيم الدولة الإسلامية؟

وقد شهد كلا التنظيمين -القاعدة والدولة الإسلامية- تقليص عملياتهما منذ عام 2020 نتيجة القيود المفروضة عالمياً بسبب وباء فيروس كورونا. فلم يعد الناس يتجمعون في أماكن مزدحمة مثلما كانوا يفعلون في السابق، كما قُيدت حركة السفر بشدة.

غير أن رغبة التنظيمين في شن هجمات -بما في ذلك في الغرب- لم تتضاءل، ولا يزال لديهما مخزون من المجندين المستعدين لتنفيذها.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.