تونس في “مفترق طرق” في الذكرى العاشرة لاندلاع ثورة الياسمين – صحف

متظاهرون في تونس

AFP
أحيى التونسيون قبل نحو عام الذكرى التاسعة لثورة الياسمين

ناقشت صحف عربية مستقبل تونس السياسي، في الذكرى العاشرة لاندلاع ثورة الياسمين ورحيل الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

لم يبد كثير من المعلقين تفاؤلاً حيال تطور الأوضاع السياسية والاقتصادية في تونس، إذ أشاروا إلى “الصراعات المتواصلة على السلطة” و “تراجع دولة القانون”، بينما انتقد البعض الثورة التونسية متهمين إياها بالتسبب في “الفوضى” والانهيار الاقتصادي.

تونس “في مفترق الطرق”

قالت صحيفة الغد الأردنية: “تمكنت تونس، وحدها بين ما صار يعرف بدول ‘الربيع العربي’، من مواصلة مسار الانتقال الديموقراطي، بينما دخلت الدول الأخرى إما في فوضى وغياب للأمن، أو عادت الى أنظمة دكتاتورية تحكم فيها السلطة بقبضة من حديد”.

وأضافت الصحيفة: “استنفدت تونس التي يعتمد اقتصادها على المانحين الدوليين الى حد بعيد، في الربيع الفائت برنامجا للدعم منحه صندوق النقد الدولي، من دون أن تتمكن من النهوض باقتصادها وإصلاح القطاعات الحيوية فيه.. في المقابل، تعيش الطبقة السياسية تناحرا وصراعات متواصلة على السلطة، ويتهمها بعض التونسيين بخدمة مصالح فئات معينة من المجتمع على حساب البعض الآخر”.

بالمثل، رأى الحبيب مباركي في صحيفة العرب اللندنية أن “تونس كان لها أن تسلك طريقا، غير الذي أُريد لها أن تسلكه، وأن تكون الاستثناء فعلا لو توفرت الإرادة القوية لسياسييها خدمة لشعار ‘تونس أولا’، لكن أنانيتهم غلبت وطنيتهم وظلت تونس ثانيا وربما أخيرا”.

وتساءل الكاتب: “بعد عشر سنوات من عمر الثورة، التي ضجّت بها هتافات المحتجين في كل المحافظات التونسية… ما زلت على ثقة بأن السؤال، الذي طرح نفسه بين أطياف واسعة منذ فترة طويلة، لا يزال يبحث عن إجابات: تونس إلى أين؟”

واستطرد مباركي “تونس اليوم في مفترق طرق. لا هي قادرة على الصمود في وجه العنتريات، التي يخوضها رجال السياسة، ولا باستطاعتها لملمة جراحها للنهوض من شبح الأزمة الاقتصادية الساكنة، ولم تتزحزح من فرط المهادنة وتعطيل الإنتاج في أكثر من مكان”.

وتوقع الكاتب أن تكون “الكرة الآن في ملعب الشعب… التونسيون ليسوا دعاة فتنة وعنف. في كل تونسي تجد بذرة إنسان حنون يحملها بأعماقه مهما كانت غلظته”. إلا أنه حذر من أن “يكون الأمر مدخلا لاستغلاله لقناعة مغلوطة، بأن التونسي لن يثور مجددا ضد الظلم والحيف، فذلك أكبر وهم”.

وانتقدت الصباح التونسية “تراكمات أخطاء الحكام الجدد ونخب الصدفة، في ظل عقلية الغنيمة التي أنهكت البلاد والعباد ودفعت إلى تراجع دولة القانون، وهو سبب كاف لفهم الانهيار الحاصل في مختلف المؤسسات العمومية، وفي مختلف القطاعات الحيوية من اقتصاد وتعليم وصحة وثقافة وغيرها”.

وأضافت الصحيفة: “ولعل في هذه الأسباب وغيرها ما يفترض تصحيح مفهوم الثورة في عقدها الثاني، للاستثمار في مسار ومناخ الحريات بإحياء القيم والمبادئ، الكفيلة بتحقيق الكرامة والعدالة الاجتماعية المنشودة والمصالحة الوطنية، وهو ما لا يمكن أن يتحقق بدون إخراج العقليات من الجمود والركود والإحباط الذي يلازمها”.

زين العابدين بن علي

AFP
أسفرت الثورة التونسية عن إزاحة الرئيس الراحل زين العابدين بن علي

في سياقٍ متصل، رصد كارم يحيي في صحيفة العربي الجديد اللندنية اشتداد “الهجمة، ضد ما تحقق بفضل الثورة على صعيد الحريات، التنظيم والصحافة والتظاهر والاحتجاج في الشارع والفضاء العام، بارتفاع الشكوى من ‘الفوضى’. كذلك يتعرّض للقصف والتشويه والاتهام بالمسؤولية، عن ‘تعطيل فعالية سلطة الدولة وآلة الحكم والإدارة’ أهم نظام شبه برلماني أنتجته الانتفاضات العربية، يقوم على الانتخابات الأكثر نزاهة وديمقراطية نسبياً في المنطقة، وعلى التعدّدية الحزبية، والقطع مع صيغة الحزب الواحد وحزب الأغلبية الدائمة”.

ودعا الكاتب إلى “مراجعة مسار ما بعد الثورة، وإدخال إصلاحاتٍ على ما استجدّ من مؤسسات وسياسات وقوانين وممارسات… ولكن في الوقت نفسه، يتعين الانتباه إلى حالة الخلط والاختلاط بين قوى الثورة وأعداء الثورة تحت عباءة سخط واحدة راهنة، وكذلك إلى المخاطر في هذه الحالة. كذلك يستحق الملاحظة الزخم الذي يحيط بدعوات إعادة إنتاج الأوضاع السلطوية، التي قامت عليها الثورة”.

“أم المصائب “

على الجانب الآخر، وصف مسعود الكوكي في الشروق التونسية ذكرى الثورة التونسية بـ”عيد ميلاد أم المصائب”، منتقداً “الذين مازالوا يعتقدون أنها ثورة، ويتشدقون بنعمة مكاسبها على الدولة والشعب، وبأنهم هم أبطالها وأبناؤها وحرّاسها، ويتزامن مع دخول الليالي السود وما أدراك ما سواد الليالي السود، الذي لا يساوي شيئا أمام سواد سنواتنا العشر السود قتامة وظلاماً”.

وتحت عنوان “عشر سنوات من الأحلام المعلقة”، كتب نورالدين بالطيب في افتتاحية الشروق التونسية: “لم يكن نظام بن علي جنة وكانت فيه الكثير من التجاوزات، في الحريات السياسية وفي قانون الأحزاب والجمعيات. كما أخفق في الإصلاح التربوي والاقتصادي والاجتماعي… لكن نظام بن علي لم ينتبه لهذه الرسائل، لكن المأساة الكبرى حدثت بعد سقوط النظام، إذ تم التفريط في أحلام البسطاء الغاضبين واستولت حركة النهضة وحلفاؤها من الثورجيين على الحكم”.

وحذر الكاتب من أنه ” بعد عشر سنوات لم يتحقق أي شيء للتونسيين، وهو ما يفسر حالة البرود العام التي أستقبل بها التونسيون الذكرى العاشرة لما سمي ب”الثورة”، فلم يتحقق شيء واحد يذكر للتونسيين في أي مجال من المجالات، لذلك يمكن اعتبار يوم 14جانفي [يناير] لقطاع واسع من التونسيين يوم حداد عام، فلا شيء يمكن أن نتباهى به أكثر من الديون وانهيار الدينار والإرهاب وتفكك الدولة. فبعد عشر سنوات تدخل تونس نفقا لا أحد يعرف متى ينتهي، فلا شيء يدل على أننا نسير في الطريق الصحيح”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.