التطبيع بين المغرب وإسرائيل: كيف استقبله العرب؟ وكيف يختلف عن غيره؟
Getty Images
في خطوة وصفت بالمفاجئة، انضم المغرب إلى قطار “التطبيع” ليصبح البلد العربي الرابع الذي يعلن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب هذا العام توقيعه اتفاقية مع إسرائيل بعد الإمارات والبحرين والسودان.
أثار الإعلان ردود فعل متباينة بين المعلقين المغاربة، إذ دعا نشطاء إلى تدشين حملات شعبية تندد بالاتفاق المبرم وتؤكد على محورية القضية الفلسطينية.
وسرعان ما انتشرت وسوم تستنكر موافقة الملك على الاتفاق دون أن “يهتم لرد فعل الشارع المغربي الذي يعتبر المسألة الفلسطينية قضية وطنية لا تقل قدسية ولا أهمية عن قضية الصحراء الكبرى”.
وعلى الرغم من تباعد المسافات، فإن للمغرب حضور قوي في مدينة القدس من خلال حي المغاربة التاريخي.
وما زال هذا الوجود مستمرا عبر مؤسسة “بيت مال القدس” التي تأسست بمبادرة من الملك المغربي الحسن الثاني للدفاع عن الهوية العربية داخل المدينة.
لذا يتوقع معلقون أن قرار المغرب الأخير سيمس من “صورة الملك بين المحافظين باعتباره “أميرا للمؤمنين” وصاحب منصب رئيس لجنة القدس” وفق تعبيرهم.
https://twitter.com/hamdi2051/status/1337132709223739392?s=20
كمغربي أرفض التطبيع والتعامل مع الصهاينة رفضا قاطعا وما وقع لا يمثل الشعب المغربي
و فلسطين والقدس وقف وملك للمسلمين ليستا للبيع او المساومة في مزادات السياسة والمصالح الدولية الضيقة. pic.twitter.com/bGuWrmoKYA— عبد العزيز المغربي (@abomariya7) December 10, 2020
على النقيض، يتحدث عدد من الفاعلين السياسيين المغاربة عن جوانب الإيجابية للاتفاق.
بعضهم أشار إلى الجانب الإنساني للاتفاق الذي سيتيح لنحو مليون يهودي في إسرائيل من أصل مغربي، زيارة بلاد أجدادهم دون قيود أو مخاوف.
في حين يرى آخرون ممن يسمون أنفسهم بأنصار “الواقعية” أن جميع السياسات تخضع للتغيير بما يخدم مصالح الدولة.
ويقول محللون مغاربة إن بلادهم لم تتنازل عن حقوقها ومبادئها تجاه القضية الفلسطينية، بل وافقت على تطبيع العلاقات مقابل جملة من الامتيازات التي لا يمكن رفضها.
ويبدو أن المقابل هذه المرة كان مغريا للغاية ومقبولا، بالنسبة للبعض.
فما الجديد في هذا الاتفاق وكيف يختلف عن غيره؟
قرار واشنطن التاريخي بالاعتراف بمغربية الصحراء والسيادة الكاملة للمغرب عليها انتصار ديبلوماسي باعث على الارتياح، وخطوة نحو الطي النهائي لهذا الصراع المفتعل، ولا يمكن لي كمغربي إلا أن أفرح بثمار هذه البراغماتية الدبلوماسية التي انتهجها المغرب في الآونة الأخيرة. #الصحراء_المغربية
— طارق بكاري (@tarik_bakkary) December 11, 2020
https://www.instagram.com/p/CIocbSLhwH1/?utm_source=ig_web_copy_link
اعتراف “غير مسبوق بمغربية الصحراء”
وفي معرض إعلانه عن الاتفاق الذي وصفه بأنه “اختراق تاريخي جديد للسلام في الشرق الأوسط”، أعلن ترامب اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، المتنازع عليه مع جبهة البوليساريو منذ عقود.
وهذه المرة الأولى التي تعترف فيها دولة غربية بأحقية المغرب في إقليم الصحراء المتنازع عليه مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
وفي هذا السياق قال وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة، إن “الحدث الأساسي هو اعتراف الولايات المتحدة، بوصفها قوة عظمى وعضوا فاعلا في مجلس الأمن وفي القرار الدولي، بسيادة المغرب الكاملة على كل تراب الصحراء المغربية لأول مرة”.
كما أشار بوريطة إلى اعتزام واشنطن “افتتاح قنصلية لها بمدينة الداخلة (جنوب المغرب)، للتشجيع على الاستثمار في الصحراء المغربية”.
إذن بات من الواضح ما هي الامتيازات التي تحدث عنها بعض السياسيين المغاربة ويرفضها مواطنون عاديون ممن يروون فيها خيانة للقضية الفلسطينية.
وفي هذا السياق، يتساءل أحد المدونين: “هل أصبحت الصحراء مقابل القدس؟ وهل تتساوى أي أرض مع القدس؟”
من يتابع مسار التطبيع برعاية ادارة #ترمب بين #إسرائيل و الدول العربية يلاحظ انه يقوم على مقايضة لكن ليس في اطار بيع و شراء؛ فمن يبيع ينبغي ان يملك، بل في اطار رشوة لأن المرتشي يُسهّل وضع اليد على الحق العام و #فلسطين حق عام لا تعود ملكيته الى أي من المطبعين.
— Fadi Mansour فادي منصور (@FadiMansour77) December 10, 2020
بنود الاتفاق
وتحسبا للانتقادات، أكد الملك المغربي الملك محمد السادس أن تطور العلاقات مع إسرائيل لن تمس التزام المغرب الدائم في الدفاع عن القضية الفلسطينية.
كما شدد على دعمه لحل الدولتين وعلى ضرورة الحفاظ على الوضع الخاص للقدس كمدينة مقدسة للديانات السماوية.
وكان العاهل المغربي قد أعلن “استئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب في أقرب الآجال”.
وبحسب ما جاء في بيان للديوان الملكي، فإن الاتفاق بين الرباط وإسرائيل، يشمل أيضا تسهيل الرحلات المباشرة بين البلدين لنقل اليهود من أصل مغربي والسياح الإسرائيليين من المغرب وإليه.
أجرى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، يومه، اتصالا هاتفيا مع فخامة السيد دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية
في ما يلي بلاغ من الديوان الملكي: https://t.co/1itLptvqlT pic.twitter.com/H1EbvcODf6
— Agence MAP (@MAP_Information) December 10, 2020
وكان مستشار الرئيس الأمريكي، جيرالد كوشنار قد أشار إلى أن الاتفاق سيضفي الطابع الرسمي على العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين مبرزا أنهما “سيعيدان فتح مكاتب الاتصال التي تتولى عمل السفارات والقنصليات”
بالموزاة، نقلت وكالة رويترز عن مصادر أميركية أن الولايات المتحدة تتفاوض لبيع طائرات مسيرة متطورة إلى المغرب.
رويترز: الولايات المتحدة تقترب من بيع اربع طائرات مسيرة إم.كيو-9 إلى #المغرب وسيتم التشاور مع الكونغرس بشأن الصفقة المحتملة في الأيام المقبلة
— فوربس الشرق الأوسط (@ForbesME) December 10, 2020
ما السياقات والدلالات؟
وبينما يصف مدونون عرب ما حدث بالتحول الخطير، يرى فريق آخر من المعلقين أن ما توصل له البلدان لا يعد تطبيعا شاملا كما في الحالة الإماراتية والبحرينية أو اختراقا كما يروج له ترامب وإدارته.
ووصف محللون وسياسيون الاتفاق بمجرد خطوة لإعادة فتح مكتب التمثيل بين البلدين بعد أن تم إغلاقه عام 2002 .
ويقول هؤلاء إن المغرب تعامل باستراتيجية مع الصفقة التي قدمها له ترامب مقابل حل مشكلة الصحراء مستفيدة من حالة الشغور التي تعيشها جارته الجزائر”.
فاعتراف الإدارة الأمريكية بسيادة المغرب على إقليم الصحراء يعده بعض المغاربة انتصارا كبيرا على الجزائر التي تدعم الباليساريو.
اهتمام المغرب بذلك الإقليم لا يقتصر على مكاسب سياسية، إذ تشير دراسات إلى وجود مخزون هام من النفط والغاز وثروة حيوانية هائلة في سواحل الصحراء الغربية.
من ناحية أخرى، يخشى معلقون من أن يزيد الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء من التوتر في المنطقة.
كذلك يتوقع البعض أن يعقد الاتفاق الأخير من مهمة الرئيس الأمريكي المقبل جو بايدن.
لم تعلق إدارة بايدن على خطوة ترامب، في حين أعرب ممثل جبهة البوليساريو في أوروبا، عن أسفه لقرار واشنطن قائلا إن: “هذا القرار لن يغير من واقع النزاع وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره”.
من جهة أخرى، نددت فصائل فلسطينية بالتطبيع المغربي الإسرائيلي، ووصفته حركة حماس “بالخطيئة السياسية”.
وقال نبيل شعث الممثل الخاص للرئيس الفلسطيني محمود عباس إن “إعلان ترامب يوحي بأنه قام في المغرب بما قام به في السابق من ضغوط وإجراءات وإغراءات هدفها شخصي بحت”.
بينما نفى وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة “أن يكون الاعتراف الأمريكي بالسيادة على الصحراء مقابل إعادة العلاقات مع إسرائيل، خاصة أن هناك علاقة بين المغرب وإسرائيل منذ التسعينيات”.
في منطقتنا: تتسابق الأنظمة حاليا في محاولة تحسين صورتها وكسب ود الادارة الأمريكية الجديدة قبل توليها، بدءاً بعلاقات حميمة مع إسرائيل وتجاهل القضية الفلسطينية وانتهاءاً باعادة "اكتشاف" الديمقراطية وحقوق الانسان
— Mohamed ElBaradei (@ElBaradei) December 10, 2020
مبروك السلام بين المغرب و إسرائيل و مبروك للمغرب تصالحها مع تاريخها.
المستقبل في الشرق الأوسط هو للدول الحكيمة التي تريد الاستقرار و التطور و ليس لدول محور "الممانعة و المقاومة" ومن معها.
عقبال السلام مع سوريا (من دون الأسد)و لبنان (دون حزب الله) والعراق (دون ميليشيات إيران)🕊 pic.twitter.com/f6nqAFBupT
— Hayvi Bouzo هيفي بوظو (@hayvibouzo) December 10, 2020
عام 94 اعترف المغرب بدولة إسرائيل وسمح لها بفتح مكتب اتصال،وبين عامي95و96،فتح المغرب مكتبًا مماثلًا في اسرائيل، وفي سبتمبر65 سمح الحسن 2 للموساد بتسجيل محادثات القادة العرب في جلسة سرية عن الحرب ضد إسرائيل،بين المغرب واسرائيل قصة حب وزواج سري تم توثيقه رسميا.دامت الأفراح والجراح. pic.twitter.com/FNQTrTYAZt
— محمد دحو (@mohamedahou20) December 10, 2020
نرحب بإعلان الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة المغرب الشقيق على الصحراء المغربية، وبقرار الرباط إستئناف الاتصالات و العلاقات الدبلوماسية مع دولة إسرائيل.. خطوة سيادية تساهم في تعزيز سعينا المشترك نحو الاستقرار والازدهار والسلام العادل والدائم في المنطقة.
— محمد بن زايد (@MohamedBinZayed) December 10, 2020
وقبل الاتفاق الأخير، لم تجمع المغرب وإسرائيل علاقات رسمية إلا أن تقارير إعلامية تحدثت عن وجود علاقات سرية بين البلدين منذ ستينات القرن الماضي.
كما سبق أن رفع العلم الإسرائيلي في مسابقات رياضية احتضنها المغرب.
Comments are closed.