ماذا وراء عودة صفحة “كلنا خالد سعيد” في مصر؟
مع قرب حلول الذكرى التاسعة لثورة 25 يناير المصرية، اشتدت حدة النقاشات والسجالات الافتراضية والإعلامية حول النزول إلى الشارع لإحياء ذكرى الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس السابق حسني مبارك.
واستبق مغردون مصريون الذكرى بإطلاق مجموعة أوسمة متضادة حاولوا من خلالها الترويج لعدد من المفاهيم.
ففي الوقت الذي استعاد فيه نشطاء ذكرياتهم مع الثورة، وتغنوا بـ “نبل أهدافها وما كشفته من فساد”، عدد آخرون أسباب رفضهم للثورة وحذروا من تكرار التجربة لأنها تسببت -برأيهم- في تدهور الاقتصاد وتدني الوضع الأمني.
في حين يرفض نشطاء شاركوا في ثورة 25 يناير الاستجابة لدعوات الخروج للشارع. بل إن بعضهم بات يحن لأيام مبارك أو أصبح يرى أن الاحتجاجات لا تحمل تصورا بديلا للسلطة القائمة.
عودة صفحة “كلنا خالد سعيد”
وبين هؤلاء النشطاء وائل غنيم، أحد أيقونات “ثورة 25 يناير”، الذي تصدر قائمة المعارضين لتنظيم احتجاجات، ردا على دعوات أطلقها المقاول المعارض محمد علي.
وأثار الناشط المصري ضجة بعدما أعاد تفعيل صفحة “كلنا خالد سعيد” التي يعتبرها كثيرون الشرارة الأولى لانطلاق الثورة.
وخالد سعيد هو ناشط توفي في مركز شرطة بمحافظة الإسكندرية بتاريخ 6 يونيو/حزيران 2010.
واعتبرت قضيته، التي صدرت بها أحكام ضد عدد من عناصر الشرطة، أحد أهم الأسباب التي عجلت بسقوط نظام الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك.
وبعد توقف دام أكثر من سبع سنوات، نشر غنيم سلسلة تدوينات على صفحة “كلنا خالد سعيد” تدعو إلى تجنيب البلاد الدخول في الفوضى، واصفا الداعين إلى احتجاجات شعبية بالتزامن مع ذكرى الثورة بـ “تجار الغضب”.
https://www.facebook.com/ElShaheeed/posts/2666794916703689
https://www.facebook.com/ElShaheeed/videos/550863415643021/
ولم يكتف غنيم بتلك التدوينات، بل بث مقطع فيديو قدم فيه الاحتفال بعيد الشرطة على إحياء ذكرى ثورة يناير.
وصدم متابعو الصفحة بتصرف غنيم ووصفوه بـ “المستفز وغير المتزن”.
وتساءلوا عن مغزى عودة الصفحة للتفاعل بمنشورات ترفض التظاهر وطالب كثيرون بغلق الصحفة احتراما “لذكرى الثورة وتضحيات شهدائها”.
هذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها غنيم الجدل، إذ صدم متابعيه في سبتمبر /أيلول الماضي بظهوره حليق الرأس وهو يردد حديثا يناقض بعضه، ويرد على دعوات محمد علي بالتظاهر.
وسبق أن أبدى غنيم إعجابه بتغريدة لعلاء، نجل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، ينفي فيها شائعة وفاة والده ويشيد بفترة حكمه.
وقد حز في نفس الكثيرين من المدافعين عن ثورة يناير أن يروا إحدى أيقونات انتفاضتهم على هذه الهيئة. واعتبر مغردون أن حالة غنيم لخصت التحولات التي مرت بها “البلاد وخيبة الأمل التي اعترت نشطاء الثورة”.
ويمثل غنيم تيارا من النشطاء الذين لجأوا للعيش خارج مصر، ويواجه دعوى قضائية تطالب بتجريده من جنسيته المصرية.
واختفى معظم رموز الثورة من المشهد تقريبا، إذ يقبع كثير منهم في السجون أو يعيشون في الخارج، بينما اقتصر نشاط البعض الآخر على مواقع التواصل الاجتماعي.
مناكفات وحرب تغريدات
وكان وسم #نازلين_يوم٢٥ قد تصدر لوائح المواضيع الأكثر تداولا على تويتر صباح الجمعة، مسجلا قرابة 10 آلاف تغريدة.
وحث المتفاعلون مع الوسم المصريين على التظاهر والاحتجاج ضد السلطات لاستكمال ثورتهم المنقوصة، على حد تعبيرهم.
#نازلين_يوم٢٥ #ثورة_شعب
لو عادت الساعة الى ٢٥ يناير ٢٠١١ هنزل تاني بلا شك. بس المرة دي هصلح غلطتي. مش همشي يوم ١١ فبراير.#ثورة_يناير أنقى حدث عاصرته في مصر.— معاذ حمدي (@moaazhamdy997) January 17, 2020
واعتبر البعض أن “إسقاط الحكومة بات مطلبا ملحا لكل القوى السياسية والشعبية”، متهمين إياها بممارسة “القمع وتكميم الأفواه”.
في المقابل، رأى آخرون أن أهداف الثورة تتقدم بثبات، وتتحقق.
كما حذر مغردون وإعلاميون مصريون من الوسوم المؤيدة للتظاهر، قائلين إن مصدرها “أذرع تابعة للإخوان”.
وعلق البعض على تغريدات الحشد للنزول باتهام الداعين لها بـ”العمالة والتآمر” فيما أطلق آخرون وسم #بنحبك_يا_سيسي وأشادوا فيه بإنجازات الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
يناير مؤامرة كبرى، فكان هناك من يحركها بالريموت من الخارج، وكان هذا المحرك الخارجي يستغل الخونة والعملاء، لحين تحرىك الكارهين لنظام مبارك وهم كثر وانقياء، ثم دخل التنظيم الشيطانى ( الأخوان) ليسيطروا على المشهد، ثم عاود الانقياء مرة أخرى ليزيحوا الشيطان، ويحل محلهم الوطنيين.
— حلمي عبدالفتاح (@59yNoo9pJTDjuet) January 17, 2020
يوم 25 يناير هو اخر جيم بين الشعب ومحمد على
تعالوا نعمل ثورة حب وندعم السيسي#بنحبك_يا_سيسي pic.twitter.com/mIE2xq2iKc— 🇪🇬🇪🇬🇪🇬 Nooour 🇪🇬🇪🇬🇪🇬 (@4FupH0j8LpF1o29) January 13, 2020
https://twitter.com/HassanA64798300/status/1217373235299409920
كما دعا نشطاء وإعلاميون مصريون إلى فتح الميادين الرئيسية لإظهار فشل الدعوات المنادية بإسقاط الحكومة، مؤكدين أن تاريخ 25 يناير سيبقى فقط عيدا سنويا للاحتفال بالشرطة.
ويضع دستور 2014، الذي جاء تعديلا لدستور 2011 عقب الإطاحة بمحمد مرسي، أحداث 25 يناير جنبا إلى جنب مع 30 يونيو/ حزيران، باعتبارهما “امتدادا للمسيرة الثورية الوطنية، ودليلا على قوة الصلة بين الشعب والجيش”.
لكن في الآونة الأخيرة ظهرت مجموعة تطالب بعدم الإشارة من قريب أو بعيد إلى ثورة 25 يناير في الدستور أو ديباجته، ويصفونها بالمؤامرة.
معجم الثورة
على النقيض من ذلك، يتمسك نشطاء وسياسيون بـ25يناير كثورة عظيمة، ويستعينون بقاموس الثورة لرفع همم الشباب الذين فقدوا الأمل بالتغيير، حسب تعبيرهم.
فى وسط الإنقسام والغضب والإحباط وأشياء أخرى كثيرة هل يمكننا على الأقل أن نتفق ان عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية كانت وستظل أمل كل مصرى ومصرية فى مستقبل أرحب وأوسع #فخور_بثورة_يناير
— Mohamed ElBaradei (@ElBaradei) January 15, 2020
لو عادت الساعة الى ٢٥ يناير ٢٠١١ هنزل تاني بلا شك. بس المرة دي هصلح غلطتي. مش همشي يوم ١١ فبراير.#ثورة_يناير أنقى حدث عاصرته في مصر.
— Amr Waked (@amrwaked) January 15, 2020
ويسترجع صاحب حساب “تخاريف 55” ذكريات يناير 2011.
ويقول “لا تزال ثورة 25 يناير تمثل نقطة مضيئة في تاريخ مصر، لأنها حاولت تغيير الواقع إلى الأفضل”.
ويلخص ذات الحساب الأهداف التي خرج المصريون من أجلها في 2011 في ثلاث كلمات: “العيش، والحرية والعدالة الاجتماعية”. ويردف: “الثورة لم تكتمل بعد، أتصور أن الناس تنتظر الوقت المناسب للقيام بثورة جديدة”.
فاكرين ان من قام بثورة 25 يناير وحركوا مياه راكدة سرعان ما تحولت إلي أمواج جارفة بإذن الله هم نسبة لا تتعدي 2% من الشعب،
علي النقيض تجد معظم المصريين أو ما يطلق عليهم الكتلة الصامتة أو حزب الكنبة لا يعنيهم في الحياة إلا تأمين مصلحة الذات من مأكل ومشرب و مأوي،،#نازلين_يوم_25— عاشق بلادي (@Angelo135) January 16, 2020
ويتوجه آخرون برسائل إلى من يسمونهم بحزب الكنبة، ويدعونهم إلى تغليب المصلحة العامة والتحرك للمطالبة بحقوقهم.
و”حزب الكنبة” مصطلح سياسي حظي بانتشار واسع في الفضاء السياسي المصري بعد الثورة.
ويشير هذا المصطلح إلى الأغلبية الصامتة من الشعب العازفة عن المشاركة في الحياة السياسة والمكتفية بالمتابعة، بسبب انشغالها في السعي وراء لقمة العيش.
وبين الدعوات الافتراضية المؤيدة للتظاهر والرافضة لها، تضج شبكات التواصل الاجتماعي بتدوينات تعكس حالة الاستقطاب السياسي التي تعيشها البلاد منذ سنوات.
ويستبعد محللون أن تترجم الدعوات للتظاهر في العالم الافتراضي إلى واقع ملموس على الأرض.
ويعتقد هؤلاء أن التطورات الإقليمية، خاصة الصراع في ليبيا، تسببت في سحب البساط من الاهتمام الداخلي بالذكرى التاسعة للثورة.
Comments are closed.