BBC

من سيحكم الدولة الفلسطينية بعد الاعتراف بها؟ #عاجل

طفل لا تظهر صورته واضحة، يحمل العلم الفلسطيني على مبنى مدمر، السماء فوقه ملبدة بالغيوم والشمس غائبة.
Anadolu via Getty Images
طفل فلسطيني في مخيم البريج يرفع العلم الفلسطيني فوق أنقاض مبانٍ دمرها القصف الإسرائيلي، عقب إعلان كندا وأستراليا والمملكة المتحدة والبرتغال اعترافها بدولة فلسطين. مدينة غزة- 22 سبتمبر/أيلول 2025.

في وقت سابق من هذا الشهر، دُعي الدبلوماسي الفلسطيني حسام زملط، إلى جلسة نقاش في مركز تشاتام هاوس للأبحاث بلندن.

واعتبر الدكتور زملط، رئيس البعثة الفلسطينية لدى بريطانيا، أن انضمام بلجيكا إلى بريطانيا وفرنسا ودول أخرى تعهدت بالاعتراف بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة بنيويورك، “لحظة مهمة.”

لكنه حذر قائلاً: “ما سيحدث في نيويورك قد يكون المحاولة الأخيرة لتطبيق حل الدولتين”، “لا تجعلوا الأمر يفشل”.

بعد أسابيع، تحقق الوعد. اتخذت بريطانيا وكندا وأستراليا، الحلفاء التقليديون المقربون من إسرائيل، هذه الخطوة واعترفوا بدولة فلسطينية.

أعلن السير كير ستارمر، رئيس وزارء بريطانيا، اعتراف بلاده، في مقطع فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال ستارمر: “في مواجهة الرعب المتزايد في الشرق الأوسط، نعمل على إبقاء إمكانية تحقيق السلام وحل الدولتين قائماً”.

وأضاف: “يعني هذا وجود إسرائيل آمنة إلى جانب دولة فلسطينية قابلة للحياة- في الوقت الحالي، لا يوجد أياً من هذا”.

سبق أن اعترفت أكثر من 150 دولة في العالم بدولة فلسطينية، لكن انضمام بريطانيا والدول الأخرى يُعد في نظر الكثيرين تطوراً مهماً.

يقول خافيير أبو عيد، المسؤول الفلسطيني السابق: “لم تكن فلسطين يوماً أقوى عالمياً مما هي عليه الآن”.

“العالم مُستنفرمن أجل فلسطين”.

ولكن هناك أسئلة مُعقّدة يجب الإجابة عليها، منها: ما هي فلسطين؟ وهل هناك أصلاً دولة تستحق الاعتراف؟

اعتراف بريطانيا ودول غربية بدولة فلسطين: خطوة تاريخية تشعل جدلاً دولياً واسعاً

الاعتراف بدولة فلسطين لن يغير الواقع- الإندبندنت

دولة فلسطين: هل يغير اعتراف الدول الغربية من الواقع على الأرض؟

ستارمر يجلس يميناً ويرتدي بدلة رسمية تبدو كحلية اللون وربطة عنق بلون كحلي أفتح قليلاً من لون البدلة وقميصاً أبيض، بجانبه عباس مرتدياً بدلة رسمية تبدو كحلية اللون وقميصاً أبيض وربطة عنق بلون أحمر غامق. خلفهما علما بلادهما.
Bloomberg via Getty Images
محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، وكير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني خلال اجتماع في لندن. 8 سبتمبر/أيلول 2025.

حددت اتفاقية مونتيفيديو لعام 1933، أربعة معايير لبناء الدولة. يحق لفلسطين المطالبة باثنين من هذه المعايير: وجود سكان دائمين (مع أن حرب غزة قد عرضت هذا الأمر لخطر جسيم)، والقدرة على إقامة علاقات دولية، ووجود الدكتور زملط في بريطانيا، دليل على تحقيق هذا المعيار الأخير.

لكن هناك معيار وجود “أرض محددة” لإقامة الدولة، وهذا الأمر لا يتوافر لدولة فلسطينية في الوقت الحالي.

مع عدم وجود اتفاق على الحدود النهائية (وعدم وجود عملية سلام فعلية)، يصعب الجزم بما تعنيه كلمة فلسطين.

بالنسبة للفلسطينيين أنفسهم، تتكون دولتهم التي يسعون إليها من ثلاثة أجزاء: القدس الشرقية، الضفة الغربية، وقطاع غزة. وجميع هذه الأراضي تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ حرب حرب الأيام الستة، يونيو/حزيران عام 1976.

وبنظرة سريعة على الخريطة نكتشف من أين تبدأ المشاكل.

فصلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة جغرافياً لأكثر من 75 عاماً، منذ إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948.

خريطة لأراضي الدولة الفلسطينية المقررة في الضفة الغربية وغزة والقدس. الخريطة يظهر عليها الأسماء التالية: (الأردن، الضفة الغربية، القدس، إسرائيل، غزة-مدينة غزة، مصر، البحر الأبيض المتوسط)، يغلب عليها اللون الرمادي.
BBC
خريطة لأراضي الدولة الفلسطينية المقررة في الضفة الغربية وغزة والقدس

في الضفة الغربية، يعني وجود الجيش الإسرائيلي والمستوطنين اليهود أن السلطة الفلسطينية، التي تأسست بعد اتفاقيات أوسلو للسلام في التسعينيات، لا تدير سوى حوالي 40 في المئة من أراضيها.

منذ عام 1967، أدى توسع المستوطنات إلى تآكل الضفة الغربية، بل وتسبب في انقسامها إلى كيان سياسي واقتصادي متشرذم.

في نفس الوقت، أصبحت القدس الشرقية، التي يعتبرها الفلسطينيون عاصمتهم، محاطة بالمستوطنات اليهودية، مما أدى إلى عزلها تدريجياً عن الضفة الغربية.

لكن مصير غزة كان أسوأ بكثير. فبعد ما يقرب من عامين من الحرب، التي اندلعت إثر هجمات حماس في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تم تدمير جزء كبير من قطاع غزة.

ولكن إذا لم يكن بالإمكان إصلاح كل هذه المشكلات السابقة، يبرز المعيار الرابع الوارد في اتفاقية مونتيفيديو، وهو ضروري للاعتراف بالدولة: ويتمثل في ضرورة وجود “حكومة فاعلة”.

ويمثل هذا المعيار تحدياً كبيراً للفلسطينيين.

عباس يرتدي نظارات طبية، وبدلة رسمية سوداء وقميصاً أبيض وربطة عنق كحلية اللون، يحرك يديه أثناء حديثه وأمامه مايكروفون. ويجلس على كرسي بلون قمحي وإطار مذهب. في يده اليسرى يرتدي ساعة سوداء، وأمامه على الطاولة ذات اللون القمحي زجاجة ماء وكأس.
Getty Images
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يلقي كلمة خلال محادثات روسية-فلسطينية في قصر الكرملين الكبير في موسكو-روسيا. 10 مايو/أيار 2025.

“نحن بحاجة إلى قيادة جديدة”

في عام 1994، أدى اتفاق بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية إلى إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية (المعروفة اختصاراً باسم السلطة الفلسطينية)، والتي حصلت على سيطرة مدنية جزئية على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.

ولكن تغير الموقف منذ إندلاع صراع دامي في غزة عام 2007، بين حماس وحركة فتح، الفصيل الرئيسي في منظمة التحرير الفلسطينية، وسيطرت حماس على غزة مما أدى إلى وجود حكومتين متنافستين: حماس في غزة والسلطة الفلسطينية، المعترف بها دولياً في الضفة الغربية، برئاسة محمود عباس.

منذ هذا الوقت تجمّدت السياسة الفلسطينية، وتزايدت الشكوك لدى معظم الفلسطينيين في قيادتهم ووجود حالة تشاؤم حول تحقيق أي نوع من المصالحة الداخلية، أو التقدم نحو إقامة دولة.

نازحون فلسطينيون مع أمتعتهم يتجهون جنوباً على طريق في منطقة مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة، عقب تجديد أوامر الإخلاء الإسرائيلية لمدينة غزة في 18 سبتمبر/أيلول 2025. يظهر في الصورة قوافل من النازحين منهم ركاب ومنهم مشاة، بجانب شاطئ البحر الذي يتحرك موجه. الصورة التقطت نهاراً.
AFP via Getty Images
أعلنت إسرائيل عن هجوم بري واسع النطاق على مدينة غزة، قائلةً إنه يهدف إلى للقضاء على حركة حماس في أكبر مركز حضري في القطاع.

جرت آخر انتخابات رئاسية وبرلمانية في مناطق سيطرة السلطة الفلسطينية عام ٢٠٠٦، وهو ما يعني أنه جميع الفلسطينيين أقل من 36 عاماً، لم يشاركوا في أية انتخابات من قبل سواء في الضفة الغربية أو غزة.

تقول المحامية الفلسطينية ديانا بطو: “إن عدم إجراء انتخابات طوال هذه الفترة أمرٌ مُحيّر.”

وأضافت: “نحن بحاجة إلى قيادة جديدة.”

في أعقاب الحرب التي اندلعت في غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ازدادت حدة هذا المطالب.

مع مقتل عشرات الآلاف من المواطنين في غزة على يد الجيش الإسرائيلي، تراجعت السلطة الفلسطينية بقيادة عباس، التي كانت تراقب من الضفة الغربية ما يجري في غزة، وتمارس دور المتفرج العاجز إلى حد كبير.

سنوات من الخلاف الداخلي

تعود التوترات داخل صفوف القيادة الفلسطينية إلى سنوات سابقة.

عندما عاد رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عرفات، لقيادة السلطة الفلسطينية بعد سنوات في المنفى، وجد السياسيون الفلسطينيون في الداخل أنفسهم مهمشين في الغالب.

بدأ “من هم في الداخل” يستاءون من الأسلوب المهيمن للقادمين مع عرفات من “الخارج”. كما أثرت شائعات الفساد في دائرة عرفات على سمعة السلطة الفلسطينية.

وكان الأمر الأكثر أهمية هو عجز السلطة الفلسطينية عن وقف الاستيطان الإسرائيلي التدريجي للضفة الغربية، وعدم الوفاء بوعد الاستقلال والسيادة الذي تأجج في نفوس الفلسطينيين بعد مصافحة عرفات التاريخية لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين، في حديقة البيت الأبيض في سبتمبر/أيلول 1993.

عرفات (يسار) يرتدي بدلته التي تشبه بدلة عسكرية لونها زيتي، وعلى رأسه الكوفية الفلسطينية، بجانبه شمعون بيريز ببدلة رسمية سوداء، وعلى اليمين يقف رابين يرتدي أيضاً بدلة رسمية سوداء. جميعهم يحملون في أيديهم ملفات تكريم.
Government Press Office via Getty Images
(من اليمين إلى اليسار) رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، ووزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز، والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات- أوسلو/النرويج 1994

لم تكن السنوات اللاحقة مواتية لتطور سياسي سلس، وسيطرت عليها مبادرات السلام الفاشلة، والتوسع المستمر للمستوطنات اليهودية، وعنف المتطرفين من كلا الجانبين، وانزلاق إسرائيل سياسياً نحو اليمين، والانقسام العنيف عام ٢٠٠٧ بين حماس وفتح.

يقول المؤرخ الفلسطيني يزيد صايغ: “في السياق الطبيعي للأحداث، كان من المفترض ظهور شخصيات وأجيال جديدة.”

وأضاف: “لكن ذلك كان مستحيلاً… الفلسطينيون في الأراضي المحتلة متشرذمون بشكل هائل بين مساحات صغيرة منفصلة، وهذا جعل من شبه المستحيل ظهور شخصيات جديدة واندماجها.”

عرفات بلباسه المعتاد (البدلة ذات اللون الزيتي والكوفية الفلسطينية) يؤدي التحية العسكرية.
Getty Images
ياسر عرفات يُحيي الشعب الفلسطيني لدى وصوله إلى اجتماع منظمة الوحدة الأفريقية- أرشيفية

ومع ذلك، برزت شخصية واحدة: مروان البرغوثي.

وُلد ونشأ في الضفة الغربية، وانضم لحركة فتح في سن 15 عاماً، بقيادة عرفات.

برز البرغوثي كقائد شعبي خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، قبل اعتقاله واتهامه بالتخطيط لهجمات قاتلة، تسببت في مقتل خمسة إسرائيليين.

ودائماً ما ينفي البرغوثي هذه الاتهامات، لكنه مازال في سجون إسرائيل منذ عام 2002.

ومع ذلك، عندما يتحدث الفلسطينيون عن القيادة المحتملة مستقبلاً، لا يجدون سوى البرغوثي المسجون منذ ما يقرب من ربع قرن.

مروان البرغوثي مكبل اليدين ويرفع علامة النصر ومحاط بالشرطة الإسرائيلية أثناء اقتياده إلى سيارة الشرطة بعد مثوله أمام محكمة في تل أبيب.
AFP via Getty Images
مروان البرغوثي أثناء اقتياده إلى سيارة شرطة في 29 سبتمبر/أيلول 2003 في طريق عودته إلى السجن، بعد مثوله أمام محكمة في تل أبيب.

أظهر استطلاع رأي حديث أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في الضفة الغربية أن 50 في المئة من الفلسطينيين سيختارون البرغوثي رئيساً، متفوقاً بفارق كبير على عباس، الذي يشغل المنصب منذ عام 2005.

ورغم أنه عضو بارز في حركة فتح، إلا أن هناك اعتقاد أن اسمه على رأس قائمة السجناء السياسيين الذين تريد حماس إطلاق سراحهم، مقابل الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة.

لكن إسرائيل لم تقدم أي إشارة على استعدادها إطلاق سراحه.

في منتصف أغسطس/آب، انتشر فيديو يُظهر البرغوثي، البالغ من العمر 66 عاماً، نحيلاً وضعيف البنية، ويتعرض للسخرية من جانب وزير الأمن الإسرائيلي، إيتمار بن غفير.

كانت هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها البرغوثي علناً منذ سنوات.

مروان البرغوثي: هل يكون الرئيس المقبل للفلسطينيين؟

رجل فلسطيني يسير بمحاذاة جدار الفصل الإسرائيلي المرسوم عليه صورة زعيم فتح المسجون مروان البرغوثي، في بلدة العيزرية في الضفة الغربية، على مشارف القدس، في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
AFP via Getty Images
الجدار العازل في بلدة العيزرية في الضفة الغربية على مشارف القدس. 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.

نتنياهو والدولة الفلسطينية

دائماً ما عارض بنيامين نتنياهو، إقامة دولة فلسطينية، حتى قبل حرب غزة.

وقال في فبراير/شباط 2024: “الجميع يعلم أنني من عرقل لعقود قيام دولة فلسطينية تُهدد وجودنا.”

ورغم الدعوات الدولية للسلطة الفلسطينية للعودة للسيطرة على غزة، يُصر نتنياهو على أنه لن يكون للسلطة الفلسطينية أي دور في حكم غزة مستقبلاً، ويزعم أن عباس لم يعلن إدانته هجمات حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

في أغسطس/آب، منحت إسرائيل موافقتها النهائية على مشروع استيطاني سيؤدي فعلياً لعزل القدس الشرقية عن الضفة الغربية. تمت الموافقة على خطط بناء 3400 منزل، وأعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، بأن الخطة ستقضي على فكرة الدولة الفلسطينية، “لأنه لا يوجد ما يُعترف به ولا يوجد من يعترف به.”

لكن المؤرخ يزيد صايغ، يؤكد أن هذا ليس “بالأمر الجديد.”

وقال: “يمكنك أن تأتي بملاك من السماء ليكون رئيساً للسلطة الفلسطينية، لكن هذا لن يغير الموقف. لأنك ستضطر للعمل في ظروف تجعل النجاح أمراً مستحيلاً”.”وهذا هو الحال منذ زمن طويل.”

نتنياهو يرتدي بدلة رسمية سوداء وربطة عنق كحلية وقميصاً أبيض. أمامه مايكروفون أسود وخلفه العلم الإسرائيلي. يضع يده على فمه، يبدو أنه يفكر قبل أن يتحدث.
AFP via Getty Images
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الأمريكي في مكتب رئيس الوزراء في القدس. 15 سبتمبر/أيلول 2025.

أمر واحد مؤكد: إذا قامت دولة فلسطينية، فلن تديرها حماس.

أكد الإعلان الختامي لمؤتمر استمر ثلاثة أيام برعاية فرنسا والمملكة العربية السعودية، في يوليو/تموز، على أن “حماس يجب أن تُنهي حكمها في غزة وتسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية.”

وهو ما أقرته جميع الدول العربية فيما عُرف بـ”إعلان نيويورك”، ثم اعتمدته 142 دولة عضواً في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

من جانبها، تُعلن حماس استعدادها لتسليم السلطة في غزة إلى إدارة مستقلة من حكومة تكنوقراط.

هل تكفي رمزية الاعتراف؟

مع سجن البرغوثي، واقتراب عباس من التسعين من عمره، وتفكك حماس، وتفتت الضفة الغربية، من الواضح أن فلسطين تفتقر إلى القيادة والتماسك. لكن هذا لا يعني أنه لا طائل من الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية.

تقول ديانا بوتو: “قد يكون الاعتراف قيّماً جداً”، لكنها تُحذر من أن الأمر “يعتمد على سبب قيام هذه الدول بالاعتراف ونواياها”.

أخبرني مسؤول حكومي بريطاني، طلب عدم الكشف عن هويته، أن رمزية الاعتراف وحدها لا تكفي.

وقال المسؤول: “السؤال هو: هل يمكننا إحراز تقدم نحو شيء ما، بحيث لا تصبح الجمعية العامة للأمم المتحدة مجرد جهة اعتراف؟”

علم فلسطين بالألوان الأخضر والأبيض والأسود والمثلث الأحمر، يرفرف وفوقه سماء زرقاء تظهر فيها سحب بيضاء بكثافة، وعلى جانبي الصورة أشجار خضراء.
Getty Images
علم فلسطيني ضخم مُعلّق في ساحة الجمهورية في باريس/ فرنسا، ضمن مظاهرة تطالب بـ”الاعتراف بدولة فلسطين وإنهاء الإبادة الجماعية”.21 سبتمبر/أيلول 2025.

ألزم إعلان نيويورك الموقعين، ومن بينهم بريطانيا، باتخاذ “خطوات ملموسة ومحددة زمنياً ولا رجعة فيها من أجل تسوية سلمية للقضية الفلسطينية”.

ويشير المسؤولون في لندن إلى إشارات حول توحيد غزة والضفة الغربية، ودعم السلطة الفلسطينية والانتخابات الفلسطينية (بالإضافة إلى خطة عربية لإعادة إعمار غزة)، باعتبارها الخطوات اللازمة التي تلي الاعتراف.

لكنهم يدركون أن العقبات هائلة.

لا تزال إسرائيل تعارض بشدة، وهددت بالرد بضم رسمي لأجزاء من الضفة الغربية أو حتى الضفة كلها.

في الوقت ذاته، أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن استيائه من هذا الموضوع، قائلاً يوم الخميس: “لدي خلاف مع رئيس الوزراء (نتنياهو) في هذا الشأن”.

ستارمر يمين يرتدي بدلة رسمية كحلية اللون وربطة عنق بتدرجات لون البدلة يقابله ترامب ببدلة رسمية كحلية أيضاً وربطة عنق حمراء. كلاهما يجلسان على مقعدين بلون أبيض وخلف كل واحد منهما علم بلاده.
Getty Images
اجتماع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في المملكة المتحدة. 18سبتمبر/أيلول 2025.

في أغسطس/آب، اتخذت الولايات المتحدة خطوة غير مألوفة بإلغاء أو رفض منح تأشيرات لعشرات المسؤولين الفلسطينيين، في انتهاك محتمل لقواعد الأمم المتحدة نفسها.

تمتلك الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، والأمم المتحدة على أي اعتراف بدولة فلسطينية، ويبدو أن ترامب لا يزال متمسكاً بنسخة مما يُسمى “خطة ريفييرا” التي ستتخذ فيها الولايات المتحدة “موقف لاستحواذ طويل الأمد” على غزة.

والأهم من ذلك، أن الخطة لا تذكر شيئاً عن السلطة الفلسطينية، وتشير فقط إلى “إصلاح الحكم الذاتي الفلسطيني”، كما لم تحدد أي صلة مستقبلية بين غزة والضفة الغربية.

ربما يتحدد مستقبل غزة على المدى البعيد ما بين إعلان نيويورك، وخطة ترامب، وخطة إعادة الإعمار العربية.

وجميع هذه الخطط، مهما اختلفت طرقها، تسعى لإنقاذ شيء ما من الكارثة التي حلت بغزة خلال العامين الماضيين. ومهما كان الطريق، فإنه سيتطلب الإجابة على سؤال: كيف تبدو فلسطين وقيادتها؟

لكن بالنسبة لفلسطينيات مثل ديانا بوتو، هناك مسألة أكثر إلحاحاً. ما تفضله حقاً، كما تقول، هو أن تمنع هذه الدول المزيد من القتل، “تفعل شيئاً لوقفه، بدلاً من التركيز على قضية الدولة”.

من سيحكم الدولة الفلسطينية بعد الاعتراف بها؟ #عاجل

BBC Arabic

🛈 تنويه: موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً أو مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Back to top button