BBC

انطلاق مؤتمر حل الدولتين للجمعية العامة للأمم المتحدة وترقّب لمزيد من الاعتراف بدولة فلسطينية

اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة
EPA

انطلقت، مساء أمس الإثنين، أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتصدرت قضية الاعتراف بدولة فلسطينية الدورة السنوية الثمانين للاجتماعات، إذ تقف السعودية وفرنسا خلف المبادرة وتقودانها معاً، وسط ترقب لمزيد من الاعترافات بدولة فلسطينية مستقلة ذات السيادة.

واعترفت فرنسا رسمياً بالدولة الفلسطينية، لتصبح أحدث دولة تنضم إلى مجموعة الدول التي اتخذت هذه الخطوة.

وأكدت رئاسة مؤتمر حل الدولتين على أهمية “إعلان نيويورك” الذي حظي بتأييد استثنائي من الجمعية العامة، واعتبرته بديلاً مبدئياً وواقعياً لإنهاء العنف والحروب المتكررة.

ودعت جميع الدول للإسراع في تنفيذه عبر خطوات عملية، مع التأكيد على أن إنهاء الحرب في غزة وضمان الإفراج عن جميع الرهائن وتبادل الأسرى يظلان من أولوياتها القصوى.

وقال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال كلمته في الأمم المتحدة بنيويورك: “حان وقت السلام، ولا شيء يبرر الحرب المستمرة في قطاع غزة”.

واستضيف فرنسا والسعودية قمة ليوم واحد ركزت على خطط حل الدولتين للصراع القائم، ولم تشارك دول مجموعة السبع، وهي ألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة، في القمة.

ودعا ماكرون إلى إنشاء إدارة انتقالية في غزة تضم السلطة الفلسطينية، وتكون مهمتها الإشراف على “تفكيك” حماس.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود
EPA
تقف السعودية وفرنسا خلف المبادرة وتقودانها معاً، وسط ترقب لمزيد من الاعترافات بدولة فلسطينية مستقلة ذات السيادة

وقال إن فرنسا مستعدة للمساهمة في “مهمة تحقيق الاستقرار” في غزة، مما يزيد من احتمال وجود أمني دولي في القطاع، مضيفاً أن بلاده لن تفتح سفارة لدى الدولة الفلسطينية إلا بعد إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين لدى حماس والاتفاق على وقف إطلاق النار.

ولقي الاعتراف الرسمي الفرنسي بدولة فلسطين ترحيب نحو مئة بلدية في فرنسا برئاسة أحزاب يسارية رفعت العلم الفلسطيني على واجهة مبانيها.

كما شهدت اجتماعات هذه الجلسة، إعلان مالطا ولوكسمبورغ وبلجيكا الاعتراف بدولة فلسطينية، في أعقاب إعلان المملكة المتحدة وكندا وأستراليا والبرتغال الاعتراف يوم الأحد الماضي.

وباتت 151 دولة على الأقل من الدول الـ 193 العضو في الأمم المتحدة تعترف بدولة فلسطين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس للأنباء.

بيد أن هذه الاعترافات لا تغيّر وضع الفلسطينيين في الأمم المتحدة الذين يحظون بصفة “مراقب” في المنظومة، في ظل عرقلة الولايات المتحدة منحهم العضوية الكاملة.

ولا تنوي ألمانيا الاعتراف بدولة فلسطين في المستقبل القريب، حالها حال إيطاليا التي عمّتها تظاهرات الإثنين تنديداً بـ “الإبادة الجماعية في غزة”.

“حق وليس مكافأة”

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش
EPA
أشار غوتيرش إلى أن “إنكار إقامة الدولة سيكون هدية للمتطرفين في كل مكان”

قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إنه لا يوجد شيء يبرر “التوسع المتواصل للمستوطنات” في الضفة الغربية.

وحذر من أن هذا الأمر يجب أن يتوقف، فضلاً عن “التهديد بالضم التدريجي” و”تكثيف عنف المستوطنين”، مضيفاً أن الحل الوحيد هو الذي يتم فيه الاعتراف المتبادل بدولتين مستقلتين وذات سيادة ودمجهما بالكامل في المجتمع الدولي، مؤكداً أن إقامة الدولة بالنسبة للفلسطينيين “حق وليس مكافأة”.

وأشار غوتيرش إلى أن “إنكار إقامة الدولة سيكون هدية للمتطرفين في كل مكان، وشدد على أهمية تجديد الالتزام بحل الدولتين “قبل فوات الأوان”.

وطرح غوتيريش تساؤلاً لمن وصفهم بـ “معرقلي حل الدولتين”، بشأن البديل عنه، مشيراً إلى أنه “لا ذريعة لتبرير التطورات في الضفة الغربية التي تهدد حل الدولتين”.

وأضاف أنه مضت أجيال عديدة دون حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني ولم يفض العمل الدبلوماسي إلى أي نتيجة.

من جانبها أكدت رئيسة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، خلال المؤتمر أن “وقف الحرب في غزة وإطلاق سراح المحتجزين أمران أساسيان”، مشددة على أن حل الدولتين يمثل “خطة السلام الوحيدة”.

وأعلنت كالاس عن عزم الاتحاد الأوروبي إنشاء مجموعة مانحين لدولة فلسطين، إلى جانب وضع آلية خاصة لإعادة إعمار قطاع غزة.

وانضم الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إلى المؤتمر عبر تقنية الفيديو، متطلعاً إلى مستقبل في غزة، قال إنه لن يشمل حماس.

وأشاد عباس بالوساطة المصرية القطرية الأمريكية وثمّن مواقف مصر والأردن “في رفض التهجير”، وشدد عباس على أنه لن يكون لحماس دور في حكم غزة، وأن عليها وغيرها من الفصائل تسليم السلاح للسلطة الفلسطينية، مؤكداً أن الفلسطينيين يريدون دولة فلسطينية غير مسلحة.

وقال عباس في هذا السياق: “نريد دولة ديمقراطية عصرية قائمة على سيادة القانون والتعددية وتداول السلطة”، مشيراً إلى أن السلطة الفلسطينية سبق لها وأن اعترفت بحق إسرائيل في الوجود ولا زالت تعترف بذلك.

وأشادت السلطة الفلسطينية، بالخطوة الفرنسية واعتراف الرئيس ماكرون رسمياً بدولة فلسطينية، ووصفت هذا التحرك بأنه “قرار تاريخي وشجاع”.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس
EPA
انضم الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إلى المؤتمر عبر تقنية الفيديو، متطلعاً إلى مستقبل في غزة، قال إنه لن يشمل حماس

كما جاء في بيان رسمي لوزارة الخارجية الفلسطينية: “ترحب الوزارة باعتراف جمهورية فرنسا الصديقة بدولة فلسطين، وتعتبره قراراً تاريخياً وشجاعاً ينسجم مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ويدعم الجهود المبذولة لتحقيق السلام وتطبيق حل الدولتين”.

وأعرب وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان آل سعود، عن شكره “للدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية، وقال: “ندعو جميع الدول لاتخاذ هذه الخطوة التاريخية”.

وأضاف: “تنفيذ حل الدولتين هو السبيل الوحيد للسلام في المنطقة”.

وأعلن رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، خلال مشاركته، اعتراف بلاده بالدولة الفلسطينية، مؤكداً أن هذا الاعتراف “ليس حلاً سحرياً، لكنه إقرار بمبدأ حق تقرير المصير”.

وقال كارني إن كندا تسعى إلى إعطاء فرصة للسلام وحل الدولتين، منتقداً الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو بأنها “تعمل بشكل ممنهج على منع قيام دولة فلسطينية وتواصل توسعها الاستيطاني بلا هوادة”، معتبراً أن إسرائيل تنتهك القانون الدولي.

وأشار إلى أن جميع الحكومات الكندية المتعاقبة دعمت حل الدولتين والتزمت به لعقود طويلة، مضيفاً أن على حركة حماس “إطلاق سراح جميع المحتجزين ونزع سلاحها وألا يكون لها أي دور مستقبلي في حكم فلسطين”.

أما رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، فقد دعا في كلمته أمام الجمعية العامة، إلى منح فلسطين عضوية كاملة في المنظمة الدولية، مؤكداً ضرورة وقف القتال في قطاع غزة بشكل فوري. وشدد سانشيز على أن “شعب غزة يجب أن يعرف أن العالم لن ينساه”، محذراً من أن الجوع يهدد النساء والأطفال في القطاع.

ووصف رئيس وزراء أيرلندا، مايكل مارتن، ما يحدث في غزة بأنه “إبادة جماعية على مرأى من العالم”.

وانتقد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حكومة نتنياهو وقال إنها تسعى إلى جعل إنشاء دولة فلسطينية أمراً مستحيلاً وإجبار الفلسطينيين على الهجرة.

وأكد العاهل الأردني، الملك عبد الله، ضرورة إنهاء الحرب في غزة وأن تتدفق المساعدات دون عوائق، وقال: “منذ عامين نشهد مستوى مروعاً من سفك الدماء والدمار في غزة في انتهاك صارخ لقيمنا الإنسانية المشتركة”.

وقال رئيس الحكومة المصرية، مصطفى مدبولي، إنه لا استقرار في المنطقة والعالم إلا بإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، وأعلن أن القاهرة سوف تستضيف مؤتمراً لإعادة إعمار غزة فور التوصل إلى وقف لإطلاق النار في القطاع الفلسطيني المدمر.

موقف إسرائيل والولايات المتحدة

ترامب ونتنياهو يلوحان للصحفيين
Reuters
من المقرر أن ينتقد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الدول التي اختارت الاعتراف بدولة فلسطينية

انتقدت إسرائيل وحليفتها الأميركية سلسلة الاعترافات الجديدة بالدولة الفلسطينية، والتي سبقتها إجراءات مماثلة اتّخذتها الأحد بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال.

وكان نتنياهو قد تعهد يوم الأحد بأنه لن تكون هناك دولة فلسطينية، مهدداً بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، بينما دعا وزيران إسرائيليان من اليمين المتطرف هما إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش إلى ضم هذه الأرض الفلسطينية المحتلة.

ومن المقرر أن ينتقد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال كلمته التي سيلقيها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الثلاثاء، الدول التي اختارت الاعتراف بدولة فلسطينية، بحجة أنها تقدّم “مكافأة لحماس”، كما سينتقد “مؤسسات العولمة” التي تسببت “بتعفّن النظام العالمي”، وفق المتحدثة باسم الأبيض.

وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، الاثنين، إن الرئيس ترامب سينتهز الفرصة “لشرح رؤيته البسيطة والبناءة للعالم”.

الناطقة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت
EPA
قالت الناطقة باسم الأبيض إن الرئيس “يعتقد أن الاعتراف بدولة فلسطين مكافأة لحماس”

وأشارت ليفيت إلى أن ترامب سيجري محادثات ثنائية في نيويورك مع نظيريه الأوكراني والأرجنتيني، بالإضافة إلى اجتماع مع قادة عدد من الدول العربية والإسلامية (قطر والمملكة العربية السعودية وإندونيسيا وتركيا وباكستان ومصر والإمارات العربية المتحدة والأردن).

وأضافت أن الرئيس الأمريكي سيتطرق أيضاً إلى قرار عدد من الدول الغربية الاعتراف بدولة فلسطينية.

وقالت الناطقة باسم الأبيض إن الرئيس “يعتقد أن الاعتراف بدولة فلسطين مكافأة لحماس”.

وسيُبلغ ترامب الدول المعنية أن هذا القرار الرمزي هو بالنسبة إليه مجرد “كلمات وليس أفعالاً ملموسة”.

ويعتزم ترامب التباهي بجهوده في صنع السلام في الأمم المتحدة، وسيقول إنه أنهى “سبعَ حروب” منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني وفق ما نقلت وكالة فرانس برس.

انطلاق مؤتمر حل الدولتين للجمعية العامة للأمم المتحدة وترقّب لمزيد من الاعتراف بدولة فلسطينية

BBC Arabic

🛈 تنويه: موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً أو مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Back to top button