اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة: كيف يمكن الحد من الظاهرة في الدول العربية؟
تقول منظمة الصحة العالمية إن العنف ضد المرأة يظل واحدا من أكثر أزمات حقوق الإنسان استمرارا وأقلها معالجة في العالم، مع إحراز تقدم ضئيل للغاية على مدى عقدين من الزمن.
ويشير أحدث تقرير أصدرته المنظمة إلى أن ما يقرب من 1 من كل 3 نساء، أي ما يُقدر بـ 840 مليون امرأة على مستوى العالم، تعرضت لعنف الشريك أو العنف الجنسي خلال حياتهن، وهو رقم لم يتغير تقريبا منذ عام 2000.
ويضيف التقرير أنه في الأشهر الـ 12 الماضية وحدها، تعرضت 316 مليون امرأة، أي 11% ممن تبلغ أعمارهن 15 عاما أو أكثر، للعنف الجسدي أو الجنسي من قبل شريك حميم.
ولأول مرة، تضمن التقرير تقديرات وطنية وإقليمية للعنف الجنسي المرتكب من قبل شخص آخر غير الشريك. ويُظهر أن 263 مليون امرأة تعرضن لعنف جنسي من غير الشريك منذ سن 15 عاما، وهو رقم يحذر الخبراء من أنه أقل بكثير من الواقع الفعلي بسبب الوصم والخوف.
وفي الخامس والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام، يتجدد النقاش العربي بشأن ظاهرة العنف ضد المرأة، بالتزامن مع اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، لكن الأرقام والقصص المتداولة في وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني تُظهر أن الواقع لا يتغير بالسرعة المطلوبة.
فرغم التطور الذي شهدته المجتمعات العربية في العقود الأخيرة، إلا أن الكثير من حالات العنف لا تزال تحدث داخل المنازل، حيث تُفضل الضحايا الصمت خوفا من الوصمة أو الحرمان الاقتصادي أو تفكك الأسرة.
أسباب اجتماعية وثقافية متجذرة
يرى مختصون في شؤون المرأة والتنمية الاجتماعية أن البنى الاجتماعية التقليدية في عدد من المجتمعات العربية لا تزال تلعب دورا مباشرا في استمرار هذه الظاهرة.
وتعد المفاهيم المرتبطة بأدوار الجنسين، وما يرافقها من صور نمطية، من أبرز العوامل التي تؤثر في السلوكيات داخل الأسرة والمجتمع.
كما تشير دراسات اجتماعية إلى أن الأعراف السائدة في بعض البيئات تساهم في الحد من قدرة النساء على التعبير عن الانتهاكات أو الإبلاغ عنها، إضافة إلى تأثير التصورات المرتبطة بـ”الخصوصية الأسرية”، وهو ما يؤدي إلى بقاء كثير من الحالات خارج نطاق التوثيق والإجراءات القانونية.
قصور تشريعي وتفاوت في التطبيق
ورغم أن دولا عربية عدة تبنّت قوانين خاصة بالعنف الأسري والتحرش والعنف الجسدي والجنسي، فإن منظمات حقوقية ترى أن الإطار التشريعي ما يزال بحاجة إلى تطوير أعمق.
وتتمثل أبرز التحديات في وجود ثغرات قانونية تسمح بتخفيف العقوبات أو الحد من قدرة الضحايا على الوصول إلى العدالة، إضافة إلى محدودية الأدوات التنفيذية، مثل مراكز الإيواء المتخصصة، وآليات الحماية، والتنسيق بين الجهات الشرطية والقضائية.
وتشير تقارير قانونية إلى أن بعض الدول العربية حققت تقدما في تحديث تشريعاتها، إلا أن التطبيق العملي على أرض الواقع لا يزال متفاوتا، ما يحد من فعالية هذه القوانين ويؤثر على ثقة الضحايا في اللجوء إلى الجهات المختصة.
تحديات اقتصادية تزيد هشاشة النساء
تشير بيانات اقتصادية إلى أن معدلات مشاركة المرأة العربية في سوق العمل لا تزال أقل من المعدلات العالمية، وأن نسب البطالة بين النساء أعلى مقارنة بالرجال في عدد من الدول.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن هذا الواقع يعزز من تبعية المرأة اقتصاديا، ما يجعل قدرتها على الخروج من دوائر العنف محدودة.
كما تبرز تأثيرات الظروف الاقتصادية العامة، بما في ذلك ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع فرص العمل، بوصفها عوامل تضغط على الأسر وتزيد من احتمالات نشوء الخلافات التي قد تتطور إلى عنف، في ظل غياب الدعم المؤسسي الكافي للمرأة.
ضعف منظومات الحماية والدعم
تفيد تقارير ميدانية بأن منظومات الحماية، التي تشمل خطوط الطوارئ، والملاجئ، والدعم النفسي والقانوني، لا تزال غير متاحة بالقدر الكافي في بعض الدول، أو غير موزعة بشكل يضمن وصولا عادلا لها.
كما أن الوعي العام بوجود هذه الخدمات وطرق الاستفادة منها لا يزال محدودا، وهو ما يقلل من تأثيرها على الحد من الظاهرة.
ويشير خبراء الحماية إلى أن ضعف التنسيق بين المؤسسات الصحية والشرطية والقضائية والاجتماعية يؤدي في العديد من الحالات إلى تأخير في التدخل، أو إلى غياب إجراءات موحدة في التعامل مع الضحايا.
جهود مستمرة وتأثير تدريجي
ورغم استمرار التحديات، يشير مراقبون إلى وجود حراك مجتمعي متزايد في المنطقة، يتمثل في تعزيز الحوار العام بشأن حقوق المرأة، وتكثيف الحملات الإعلامية، وتدريب الكوادر المتخصصة في التعامل مع العنف القائم على النوع الاجتماعي.
كما تعمل منظمات إقليمية ودولية على دعم برامج تهدف إلى تمكين المرأة اقتصاديا، وتحسين وصولها إلى العدالة، وتعزيز ثقافة الإبلاغ.
ومع ذلك، تؤكد الجهات المعنية أن التغيير المطلوب يتطلب خططا طويلة المدى وسياسات متكاملة تشمل تعديل التشريعات، وتطوير آليات الحماية، وتوسيع نطاق التوعية، وتعزيز الشراكات بين المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني.
العنف ضد المرأة في مناطق الحروب والصراعات
تشير تقارير دولية إلى أن النساء في مناطق الحروب والصراعات يواجهن مستويات مرتفعة من العنف القائم على النوع الاجتماعي، تشمل العنف الجسدي والجنسي والاستغلال والتهجير القسري.
وتؤكد منظمات إنسانية أن انهيار مؤسسات الدولة، وتفكك منظومات الحماية، وصعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية، تجعل النساء أكثر عرضة للانتهاكات، في حين تؤدي القيود الأمنية وتشتت الأسر إلى الحدّ من قدرة الضحايا على الإبلاغ أو الحصول على الدعم.
وفي ظل هذا الواقع، تحذر الجهات المختصة من أن آثار هذا العنف تمتد لسنوات، وتؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الاجتماعي وإعادة بناء المجتمعات بعد انتهاء الصراع.
كان تقرير أممي صدر الشهر الماضي قد كشف أن 676 مليون امرأة يعشن على بعد 50 كيلومترا من مناطق نزاعات مميتة، وهو أعلى مستوى مسجل منذ تسعينيات القرن الماضي.
وسجل تقرير الأمين العام للأمم المتحدة لعام 2025 بشأن “المرأة والسلم والأمن” أن العالم يشهد أعلى عدد من النزاعات النشطة منذ عام 1946، مؤكدا أن هذا الأمر يخلق مخاطر ومعاناة غير مسبوقة للنساء والفتيات.
كما أوضح التقرير أن أعداد الضحايا المدنيين من النساء والأطفال تضاعفت 4 مرات مقارنة بفترة السنتين السابقتين، وارتفع العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات بنسبة 87% خلال عامين، وحذر من أن عقدين من التقدم في هذا المجال آخذان في التفكك.
برأيكم
- ما العوامل الثقافية أو الاجتماعية التي تجعل بعض النساء يترددن في الإبلاغ عن العنف؟
- كيف يمكن للتشريعات العربية أن تصبح أكثر فعالية في حماية الضحايا ومنع تكرار العنف؟
- ما الدور الذي يجب أن تلعبه المدارس ووسائل الإعلام في تغيير الصورة النمطية بشأن المرأة؟
- إلى أي مدى يؤثر تمكين المرأة اقتصاديا على قدرتها على مواجهة العنف الأسري؟
- هل تكفي حملات التوعية السنوية للحد من الظاهرة، أم أن المجتمعات بحاجة لاستراتيجيات طويلة المدى؟
نناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 26 نوفمبر/تشرين الثاني.
خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar
يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب هنا.
🛈 تنويه: موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً أو مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.