الفصائل الفلسطينية في القاهرة تتفق على تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة غزة وتدعو لقرار أممي لنشر قوات دولية
اتفقت الفصائل الفلسطينية المجتمعة في العاصمة المصرية القاهرة على سلسلة من الخطوات السياسية والإدارية المتعلقة بمستقبل قطاع غزة، أبرزها تشكيل لجنة فلسطينية مؤقتة من المستقلين لإدارة شؤون القطاع، والدعوة إلى إصدار قرار من مجلس الأمن بشأن نشر قوات أممية مؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار.
وجاء في بيان مشترك صدر عن المشاركين أن الفصائل أكدت دعمها لمواصلة تنفيذ إجراءات اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، ورفع الحصار المفروض عليه بشكل كامل، وفتح جميع المعابر، وفي مقدمتها معبر رفح، وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية، وبدء عملية إعادة إعمار شاملة تعيد الحياة الطبيعية إلى القطاع وتنهي معاناة سكانه.
وأشار البيان إلى أن “اللجنة المؤقتة” التي ستُشكل من أبناء القطاع من الشخصيات التكنوقراطية المستقلة ستتولى إدارة الشؤون المدنية والخدمية بالتعاون مع عدد من الدول العربية والمؤسسات الدولية، على قاعدة من “الشفافية والمساءلة الوطنية”. كما نصّ البيان على إنشاء لجنة دولية للإشراف على تمويل وتنفيذ عملية الإعمار.
قرار أممي
البيان على أهمية استصدار قرار أممي يتيح نشر قوات أممية مؤقتة في غزة لمراقبة وقف إطلاق النار وحفظ الأمن والاستقرار في القطاع.
كما دانت الفصائل مصادقة البرلمان الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية على قانون “تطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية”، واعتبرته “عدواناً خطيراً على الهوية والوجود الفلسطيني”، في حين ثمنت “قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بوقف هذا التحرك ووعده بعدم تكراره”.
وأضاف البيان أن “المرحلة الراهنة تتطلب موقفاً وطنياً موحداً ورؤية سياسية تقوم على وحدة الكلمة والمصير ورفض كل أشكال الضم والتهجير في غزة والضفة الغربية والقدس”، مشيراً إلى أن الوحدة الوطنية هي الرد الحاسم على هذه السياسات.
كما دعا المشاركون إلى عقد اجتماع عاجل لكل القوى الفلسطينية للاتفاق على استراتيجية وطنية شاملة وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية “الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”، مع توجيه الشكر لجمهورية مصر العربية “على جهودها ودورها في دعم القضية الفلسطينية ورعاية الحوار الوطني”.
تقدم في المباحثات
وعلمت بي بي سي من مصادر دبلوماسية مصرية وفلسطينية أن الفصائل عقدت على مدى يومي الخميس والجمعة اجتماعات مكثفة مع وفد أمني مصري برئاسة رئيس جهاز المخابرات العامة، اللواء حسن رشاد، لمناقشة تفاصيل المرحلة المقبلة بعد تثبيت وقف إطلاق النار.
وقالت المصادر إن “مصر شددت على أن هذا الملف لا يحتمل أي تأجيل”، وإن هناك سعياً حثيثاً للتوافق بين الفصائل حول شكل الإدارة المؤقتة للقطاع.
وأضافت المصادر أن حركة حماس أبدت “قدراً من المرونة” خلال الاجتماعات الأخيرة، وأن هناك توافقاً مبدئياً على نحو 15 شخصية من التكنوقراط لتولي إدارة القطاع مؤقتاً، رغم استمرار بعض التحفظات من جانب حركتي فتح وحماس والرئيس الفلسطيني محمود عباس على عدد من الأسماء المطروحة.
وأوضحت المصادر أن المباحثات شهدت “تقدماً كبيراً” في مناقشة إصلاحات سياسية وهيكلية داخل مؤسسات السلطة الفلسطينية، إلى جانب بحث مستقبل حركة حماس وإمكانية تحولها إلى كيان سياسي مدني. كما نقلت المصادر أن ممثلي السلطة الفلسطينية طالبوا بأن تكون اللجنة المقترحة لإدارة القطاع تابعة لرئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى.
موقف حماس
من جانبه، قال حسام بدران، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، في مقابلة مع قناة “القاهرة الإخبارية” المصرية شبه الرسمية، إن الحركة “عازمة على الوفاء بجميع التزاماتها في إطار الاتفاق المبرم مؤخراً مع إسرائيل”، في إشارة إلى اتفاق شرم الشيخ الذي رعته القاهرة قبل أسابيع.
وأضاف بدران أن الاتفاق هدفه “وقف إطلاق النار ووقف المجزرة بحق الشعب الفلسطيني”، مؤكداً أن الحركة حريصة على “ألا تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الاتفاق”، مشدداً على أن الحوار في القاهرة يسعى إلى “إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي وتثبيت وقف إطلاق النار بشكل دائم”.
وفي السياق ذاته، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، في تصريحات لبي بي سي، إن هناك “محاولات جادة للتوافق مع كل الفصائل الفلسطينية على هذه التفاهمات”، مشيراً إلى أن القاهرة “توضح لكل الأطراف أن هذا الموضوع ملح ولا يحتمل أي تأجيل”.
وأضاف فهمي أن مصر “تسعى إلى تثبيت الوضع الأمني في غزة ومنع أي تصعيد جديد، وفي الوقت ذاته تهيئة بيئة سياسية جديدة تتيح التوصل إلى تسوية فلسطينية داخلية تمهد لمرحلة ما بعد الحرب”، مؤكداً أن نجاح هذه الجولة “سيعتمد على مدى استعداد الأطراف الفلسطينية لتقديم تنازلات متبادلة في الملفات الخلافية”.
تحركات موازية
تأتي اجتماعات القاهرة في وقت تشهد فيه المنطقة نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن مستقبل الحرب في غزة والترتيبات الأمنية لما بعد وقف إطلاق النار.
وخلال اليومين الماضيين، زار المبعوثان الأمريكيان ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، إلى جانب نائب الرئيس الأمريكي ووزير الخارجية ماركو روبيو، إسرائيل لبحث التطورات الميدانية والسياسية وآليات تنفيذ المرحلة الثانية من خطة وقف الحرب، التي تتضمن انسحاباً تدريجياً للقوات الإسرائيلية وإعادة فتح المعابر بإشراف دولي.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن سلسلة زيارات كبار مسؤولي إدارة ترامب لإسرائيل هذا الأسبوع “تُظهر أن جهود ما بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة تمثل أولوية للرئيس ترامب”.
وأضاف روبيو، في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: “لقد جعل الرئيس هذا الأمر أولوية قصوى، والدليل على ذلك أن كلاً من ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر كانا هنا طوال الأسبوع تقريباً، وقد غادر نائب الرئيس للتو، وأنا هنا اليوم لأن هذا الملف أولوية بالنسبة لنا”.
- روبيو: قوة السلام في غزة يجب أن تضم دولًا توافق عليها إسرائيل
- بعد عامين من حرب غزة: ما الذي حققه كل من حماس ونتانياهو؟
🛈 تنويه: موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً أو مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.