تعديل العطلات الرسمية في سوريا يثير جدلاً واسعاً داخل البلاد وخارجها، فما السبب؟

أصدر الرئيس الانتقالي لسوريا، أحمد الشرع، مرسوماً عدّل من خلاله جدول العطلات الرسمية التي تُحتفل بها في البلاد.
وقد أثار المرسوم الجديد جدلاً واسعاً وخلافاً حادّاً على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد الكشف عن إلغاء عطلات مرتبطة بمناسبات تاريخية، وإضافة أخرى جديدة.
فقد ألغى القرار عطلتين كانتا مخصصتين لذكرى حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، ولذكرى إعدام السلطات العثمانية لعددٍ من الناشطين عام 1916.
ذكرى حرب 1973، من يملكها اليوم؟
كما شمل المرسوم إضافة عطلتين جديدتين مرتبطتين بالثورة السورية، في حين لم تتضمن قائمة العطلات أعياداً مرتبطة بالأكراد.
ما هي التعديلات الجديدة في سوريا؟
أبرز ما تضمنه التعديل الرئاسي الجديد بشأن أيام العطل والمناسبات الرسمية:
- إلغاء الاحتفال بذكرى حرب تشرين/ السادس من أكتوبر/ تشرين الأول، عندما شنت القوات السورية والمصرية هجوماً مشتركاً على الجيش الإسرائيلي في سيناء والجولان عام 1973.
- إلغاء الاحتفال بـ”عيد الشهداء” في 6 مايو/ أيار، وهو التاريخ الذي أعدمت فيه السلطات العثمانية 21 مثقفاً وناشطاً سورياً ولبنانياً في ساحة المرجة بدمشق وساحة وسط بيروت – التي أصبحت تعرف باسم ساحة الشهداء – عام 1916.
- إضافة يوم عطلة لإحياء ذكرى انطلاق الثورة السورية في 18 مارس/ آذار، لإحياء ذكرى بداية الانتفاضة على حكم بشار الأسد عام 2011.
- إضافة يوم للاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد ووصول المسلحين المعارضين إلى دمشق في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024.
تباينت مواقف السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي حيال المرسوم الجديد وتعديلات العطل الرسمية، وناقش المستخدمون الموضوع من زوايا متعددة.
فقد اعترض البعض على إلغاء عطلة ذكرى حرب أكتوبر/تشرين، بينما استنكر آخرون “التخلي عن يوم الشهيد”.
كما ضمت قائمة المعترضين من نددوا بـ”تجاهل أعياد الأكراد والأشوريين”.
في المقابل، أشاد فريق آخر بـ”إعادة الاعتبار للثورة السورية” والتخلي عن “إرث البعث السلطوي”، في إشارة إلى الحزب الذي حكم البلاد نحو 60 عامًا.
“إلغاء التاريخ”؟
حرب تشرين وعيد الشهداء كانا من بين أكثر القضايا التي أثارت نقاشات غاضبة.
وعلّق المدونون على منصات وسائل التواصل الاجتماعي مع إرفاق هاشتاغ “ذكرى حرب تشرين” و”عيد الشهداء في سوريا” و”ذكرى حرب أكتوبر”.
يُذكر أن حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 شهدت في بدايتها تقدماً كبيراً للجيشين السوري والمصري في الجولان وشبه جزيرة سيناء، قبل أن تتمكن إسرائيل لاحقاً من تنفيذ هجمات مضادة والتقدم في العمقين السوري والمصري.
أما ذكرى عيد الشهداء فترتبط بإعدام السلطات العثمانية عددًا من الناشطين والمثقفين العروبيين بتهمة التعاون مع فرنسا خلال الحرب العالمية الأولى.
وكتب أحمد على منصة “إكس” أن “الشرع يعمل على إلغاء تاريخ السوريين في نضالهم وتضحياتهم في مواجهة الهمجية العثمانية والعدوان الإسرائيلي”.
وتبنّت أريج الموقف ذاته، قائلة عبر المنصة إن “الجيش السوري سطّر في السادس من تشرين انتصاره على الكيان، وسجّل في هذا اليوم صفحة ناصعة ومشرّفة في سفر الوطن وتاريخه”.
أما حساب يحمل اسم “أوغاريت” فغرّد قائلًا إن حرب 1973 كانت “حربًا حقيقية، ولم تكن مناورة سياسية. نظام الشرع يحاول إعادة كتابة التاريخ السوري ومغازلة إسرائيل. لم تربح سوريا الحرب، لكن هذا لا يبرّر إلغاءها من كتب التاريخ والكذب على السوريين”.
في المقابل، رأى سوريون آخرون أن هذه الاحتفالات كانت تخصّ نظام البعث، وأيّدوا إلغاءها، فيما اكتفى آخرون بنقل الخبر دون تعليق، معتبرين الأمر جزءاً من تغييرات المرحلة الانتقالية.
وعلّق مستخدم يدعى محمد على منصة “إكس” بأن “سبب إلغاء الاحتفال في سوريا بذكرى حرب تشرين هو أن مصر انتصرت واستعادت سيناء، أما الأسد فخان وباع الجولان. هناك فرق بين من حارب واستعاد أرضه، وبين من باع أرضه ولم يحارب”.
وغرّدت الكاتبة والشاعرة رنا قباني، ابنة السفير السوري السابق صباح قباني وشقيقة الشاعر نزار قباني، قائلة: “خلصنا من 8 آذار ومن كل تهريج حرب البعث والحركة التصحيحية، وأخيرًا”، في إشارة إلى إلغاء الاحتفال بذكرى الانقلاب العسكري الذي جرى في 8 مارس/ آذار عام 1963، والذي أوصل حزب البعث إلى الحكم.

صدى التعديلات السورية يتردد في مصر
تخطّى الجدل حول مرسوم تعديلات العطل الرسمية حدود سوريا، إذ شارك مدوّنون عرب في النقاش الدائر بشأن القرار، فيما كانت الحصة الأكبر من التعليقات غير السورية من نصيب مصر، بعد أن عبّر مدوّنون وإعلاميون مصريون عن استيائهم من خطوة الرئيس السوري.
وكانت سوريا تحتفل إلى جانب مصر بهذا اليوم منذ أن شنّ البلدان هجوماً مشتركاً ومتزامنًا عام 1973 على جبهتي سيناء والجولان.
ويعدّ المصريون يوم السادس من أكتوبر/ تشرين الأول ذكرى مجيدة و”انتصارًا على الجيش الإسرائيلي”، مكنهم من استعادة أراضٍ في سيناء بعد عبور خط بارليف وأسر عدد من الجنود والضباط الإسرائيليين من مواقعهم.
حرب أكتوبر التي أشعلت حماس كتاب الأغنية الوطنية
واعتبر فادي في تعليق على إنستغرام أنّ ما فعله الشرع هو “إرضاء لإسرائيل وتركيا”.
وعلى المنصة ذاتها رأى فتحي أنه ليس من الضروري أن تحتفل سوريا بذكر هذه الحرب، قائلاً إن هذه الانتصارات “تخصّ مصر”.
وعبّر مستخدم يدعى رامي على منصة إكس قائلاً إنّ قصة حرب تشرين على الجبهة السوريا “ليست نصراً لسوريا إنما للعراق والعرب أيضاً، وهي ليست نصراً لحزب البعث أو الأسد” على حدّ قوله.
جدل في سوريا حول ذكرى انطلاق الثورة
واختلف السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي مجدداً على تاريخ ذكرى انطلاق الاحتجاجات ضدّ نظام حكم حزب البعث والرئيس السابق بشار الأسد.
وحدّد المرسوم الجديد يوم 18 مارس/آذار للاحتفال بعيد انطلاق “الثورة السورية”، ليتجدد النقاش القديم بين من يرى في الثامن عشر تاريخ انطلاق الثورة ومن يعتقد بأن البداية كانت في الخامس عشر من آذار.
جدل في سوريا حول تاريخ انطلاق الثورة، في الـ15 أم الـ18؟
والفرق بين اليومين أنّه في يوم 15 مارس/آذار، عمّت المظاهرات دمشق ودرعا وحمص وحلب للمطالبة بالحرية والعدالة، لكن محافظة درعا الجنوبية كانت عنوان تظاهرات يوم 18 مارس/آذار 2011، حيثّ سجّل سقوط قتلى للمرة الأولى في الاحتجاجات.
وقال سامر العلي على منصة إكس إنّ المرسوم هو “تزوير للتاريخ بقرار رسمي، 15 آذار عيد الثورة السورية المباركة”.
وعلّق خالد على منصة إكس بالقول “حتى لو حددت دولتنا السورية العظيمة تاريخ انطلاق الثورة السورية المباركة 3/18 إلا أننا بإذن الله سنحتفل كل 15 آذار فهو التاريخ الحقيقي لانطلاق ثورتنا العظيمة”.
وأيدت رنيم قرار الرئيس السوري وقالت على منصة إكس “مع كل احترامي للشوام(أهل دمشق)، الثورة انطلقت من درعا”.
ودعا بعض المدونين إلى الاحتفال بذكرى الثورة على نظام البعث ثلاثة أيام، من 15 إلى 18 مارس/آذار.
اعتراض على تغييب أعياد قومية
أصدرت المنظمة الآشورية بيانًا استنكرت فيه عدم تضمين عيدي “أكيتو” و”نوروز” ضمن التعديلات الجديدة على العطل الرسمية، معربة عن أسفها لما اعتبرته “تغييب الأعياد القومية لمكونات الشعب السوري”.
ويحتفل الآشوريون بعيد أكيتو، رأس السنة الآشورية، في الأول من نيسان/ أبريل من كل عام، بينما يحتفل الأكراد بعيد نوروز في 21 آذار/ مارس، الذي يوافق بداية فصل الربيع، في سوريا وسائر البلدان التي يتواجدون فيها.
وقال محمد حبش عبر منصة “إكس” إن النظام السابق حرم الشعب الكردي رسمياً من الاحتفال بهذا اليوم، متمنياً على الرئيس الشرع تصحيح هذا “الاستفزاز السياسي”، ومعبراً عن حزنه لما وصفه بـ”تجاهل الشعب الكردي في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الوحدة والمحبة”.
بينما غرّد مستخدم يدعى أوميدين قائلاً إن “إدراج عيد نوروز كان يمكن أن يشكل بادرة حسن نية تجاه المكوّن الكردي، ورسالة للوحدة الوطنية ضمن التنوع السوري، وخطوة ذكية لكسب ثقتهم وسحب ورقة المظلومية الكردية التي تتاجر بها قسد”.
- ما مدى تأثير مظاهرات دمشق على العلاقات بين مصر وسوريا؟
- سوريا: هل تعكس أول انتخابات بعد الإطاحة بنظام الأسد إرادة السوريين؟
- من هو هنري حمرة، أول يهودي سوري يدخل سباق انتخابات مجلس الشعب بعد عقود من الغياب؟
- الشرع حاضر في الجمعية العامة بعد تلقيه استثناء، فماذا نعرف عن عقوبات الأمم المتحدة على سوريا؟
🛈 تنويه: موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً أو مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.