BBC

من هم الرابحون والخاسرون في اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؟

صورة للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال اجتماع مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في اسكتلندا
Getty Images

توصلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى ما وُصف بأنه أكبر صفقة تجارية في التاريخ، بعد محادثات جرت في اسكتلندا الشهر الماضي.

وقد ظهرت بعض تفاصيل الاتفاق بعد أن كشفت الدول المعنية في البداية الإطار العام له فقط.

ويحمل الإعلان الذي أصدره الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، تلميحات حول القطاعات والمجموعات التي قد تتضرر بشدة، أو التي قد تحقق أكبر قدر من المكاسب على إثر ذلك الاتفاق.

ترامب: رابح

بعد أن وعد بإبرام اتفاقيات تجارية جديدة مع عشرات الدول، نجح ترامب للتو في تأمين أكبر هذه الاتفاقيات على الإطلاق.

ويبدو لمعظم المعلقين أن الاتحاد الأوروبي تنازل بصورة أكبر، حيث تشير التحليلات الفورية التي أجرتها مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” إلى انخفاض متوقع بنسبة 0.5 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد.

كما سيكون هناك عشرات المليارات من الدولارات التي ستتدفق إلى خزائن الولايات المتحدة كضرائب على الواردات.

ولكن عناوين الأخبار الرئيسية المُشيدة بالاتفاق قد لا تدوم طويلاً في حال أشار المنتقدون إلى البيانات الأخيرة بشأن التضخم، والوظائف، والنمو، وثقة المستهلكين، كدليل على أن إعادة تشكيل ترامب الجذرية للاقتصاد الأمريكي تأتي بنتائج عكسية.

المستهلكون الأمريكيون: خاسرون

يشعر الناس العاديون في الولايات المتحدة بالاستياء أصلاً بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، وقد تؤدي هذه الصفقة إلى زيادة الأعباء المالية من خلال رفع أسعار السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي.

ورغم أن العقبة التي يمثلها معدل رسوم جمركية قدره 15 في المئة ليست شديدة بالقدر الذي كان من الممكن أن تكون عليه، فإنها لا تزال كبيرة، وهي أكثر وضوحاً بكثير من العقبات التي كانت موجودة قبل عودة ترامب إلى السلطة.

والرسوم الجمركية هي ضرائب تُفرض على السلع المُشتراة من دول أخرى. وهي عادةً ما تكون نسبة مئوية من قيمة المنتج. لذا، فإن تعريفة بنسبة 15 في المئة تعني أن مُنتجاً بقيمة 100 دولار أمريكي مستورد إلى الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي ستُضاف إليه ضريبة بقيمة 15 دولاراً أمريكياً، ما يرفع التكلفة الإجمالية للمستورد إلى 115 دولاراً أمريكياً.

ويتعين على الشركات التي تجلب سلعاً أجنبية إلى الولايات المتحدة أن تدفع ضرائب عن هذه السلع للحكومة، وغالباً ما يتكبّد المستهلكون بعض أو كل هذه التكاليف الإضافية.

الأسواق: رابحة

ارتفعت أسواق الأسهم في آسيا وأوروبا بعد نشر الأخبار الأولى بشأن الإطار العام للاتفاق.

وبموجب الاتفاق، ستفرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 15 في المئة على السلع المستوردة من الاتحاد الأوروبي. ورغم ارتفاع هذه النسبة، إلا أنها أقل مما كان متوقعاً، وتمنح على الأقل بعض اليقين للمستثمرين.

وقال كريس ويستون، من شركة “بيبرستون” الأسترالية للوساطة المالية، لوكالة فرانس برس، إن الاتفاق “ملائم للسوق بشكل واضح، ومن شأنه أن يزيد من احتمالات الارتفاع لليورو”.

التضامن الأوروبي: خاسر

تحتاج الصفقة إلى توقيع جميع الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي، حيث تختلف مصالح كلٍّ منها ومستويات اعتمادها على تصدير السلع إلى الولايات المتحدة.

وفي حين رحب بعض الأعضاء بالاتفاق بطريقة حذرة، انتقده آخرون، مُلمّحين إلى وجود انقسامات داخل الاتحاد الذي يحاول كذلك الاستجابة لأزمات أخرى مثل الحرب المستمرة في أوكرانيا.

وعلق رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، قائلاً: “إنه يوم مظلم عندما يستسلم تحالف من الشعوب الحرة، الذي اجتمع لتأكيد قيمه المشتركة والدفاع عن مصالحه المشتركة، للخضوع”.

وانضم إليه على الأقل وزيران آخران في الحكومة الفرنسية، إضافة إلى فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، الذي قال إن ترامب “تناول فون دير لاين على الإفطار”.

شركات صناعة السيارات الألمانية: خاسرة

خُفّضت التعريفات الجمركية التي فُرضت على المستوردين الذين يجلبون السيارات من الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة إلى النصف تقريباً، من نسبة 27.5 في المئة التي فرضها ترامب في أبريل/نيسان إلى معدل جديد بنسبة 15 في المئة.

وتُعدّ السيّارات من أبرز صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة. وبصفتها أكبر مُصنّع للسيارات في الاتحاد، بفضل شركات مثل فولكس فاجن ومرسيدس وبي إم دبليو، فلا شك بأن ألمانيا كانت تراقب الوضع عن كثب.

ورحب المستشار الألماني، فريدرش ميرتس، بالاتفاق الجديد، لكنّه أقرّ بأنه كان سيرحب بـ “تسهيل إضافي للتجارة عبر الأطلسي”.

وقد ردد اتحاد صناعة السيارات الألماني هذا الشعور المتشائم، حيث حذر من أن رسوماً جمركية بنسبة 15 في المئة “ستكلف صناعة السيارات الألمانية مليارات الدولارات سنوياً”.

شركات صناعة السيارات الأمريكية: رابحة

يسعى ترامب إلى تعزيز صناعة السيارات الأمريكية. وقد تلقت شركات صناعة السيارات الأمريكية دفعةً قويةً عندما علمت بخفض الاتحاد الأوروبي الرسوم الجمركية التي يفرضها على السيارات الأمريكية الصنع من 10 في المئة إلى 2.5 في المئة. وهذا، نظرياً، قد يؤدي إلى زيادة مبيعاتها في أوروبا.

وقد يكون ذلك مفيداً للمبيعات الأمريكية في الخارج، لكن الاتفاق ليس مُرضياً تماماً عندما يتعلق الأمر بالمبيعات المحلية. ويعود ذلك إلى تعقيد طريقة تجميع السيارات الأمريكية.

في الواقع، يُجمَّعُ الكثير من السيّارات الأمريكية في الخارج، وبالتحديد في كندا والمكسيك، وبالتالي يُخضع ترامب هذه السيارات لرسوم جمركية بنسبة 25 في المئة عند دخولها الولايات المتحدة. وهذا المعدّل أعلى من النسبة المفروضة على السيّارات الواردة من الاتحاد الأوروبي التي تخضع لرسوم جمركية بنسبة 15 في المئة. لذا، فإن مُصنّعي السيارات الأمريكيين قد يخشون الآن من التنافس مع المُصنّعين الأوروبيين.

صناعة الأدوية في أوروبا: خاسرة

هدد ترامب فيما سبق بفرض رسوم جمركية بنسبة 250 في المئة على الأدوية الأوروبية التي تُباع في الولايات المتحدة. ويريد الاتحاد الأوروبي أن تُفرض رسوم جمركية على الأدوية بأقلّ نسبة ممكنة، لتعزيز مبيعاتها.

وكان الرئيس الأمريكي قد صرّح بأن قطاعي الأدوية وأشباه الموصلات غير مشمولين بالاتفاق المُعلن. لكن التفاصيل التي نُشرت لاحقاً تُظهر أن الرسوم الجمركية ستُفرض على هذين القطاعين بنسبة 15 في المئة فقط، تماشياً مع معظم القطاعات الأخرى ضمن الاتفاق.

وكانت شركات الأدوية الأوروبية تأمل في الحصول على إعفاء كامل من الرسوم الجمركية. وتتمتع هذه الصناعة حالياً برواج كبير في السوق الأمريكية بفضل منتجات مثل عقار أوزمبيك، وهو دواء رائد لعلاج داء السكري من النوع الثاني، ويُصنّع في الدنمارك.

وقد تم تسليط الضوء على هذه القضية في أيرلندا، حيث أشارت أحزاب المعارضة إلى أهمية صناعة الأدوية، وانتقدت التأثير المدمر الناجم عن حالة عدم اليقين.

قطاع الطاقة الأمريكي: رابح

قال ترامب إن الاتحاد الأوروبي سيشتري ما قيمته 750 مليار دولار من الطاقة الأمريكية، بالإضافة إلى زيادة الاستثمار الكلي في الولايات المتحدة بمقدار 600 مليار دولار.

وصرّحت فون دير لاين بالقول: “سنقوم باستبدال الغاز والنفط الروسيين بمشتريات كبيرة من الغاز الطبيعي المُسال، والنفط، والوقود النووي من الولايات المتحدة”.

ومن شأن هذا أن يعزز الروابط بين أمن الطاقة الأوروبي والولايات المتحدة، في وقت كانت فيه أوروبا تبتعد عن استيراد الغاز الروسي منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.

صناعة الطيران في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة: رابحة

قالت فون دير لاين إن بعض “المنتجات الاستراتيجية” لن تخضع لأي رسوم جمركية، بما في ذلك الطائرات، وأجزاء الطائرات، وبعض المواد الكيميائية، وبعض المنتجات الزراعية.

وهذا يعني أن الشركات التي تُصنّع مكونات الطائرات سوف تتمتع بتجارة خالية من التعقيدات بين الكتل التجارية الضخمة.

وأضافت فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي لا يزال يأمل في الحصول على المزيد من اتفاقيات “صفر مقابل صفر”، أي اتفاقيات تتضمن إلغاء الرسوم الجمركية، وخاصة فيما يتعلق بالنبيذ، والمشروبات الروحية، في الأيام المقبلة.

من هم الرابحون والخاسرون في اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؟

BBC Arabic

🛈 تنويه: موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً أو مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Back to top button