“حصار السفارات”: اعتداءات على بعثات دبلوماسية أردنية ومصرية تثير ردود فعل رسمية وشعبية

شهدت سفارات وبعثات دبلوماسية تابعة للأردن ومصر في عدد من دول العالم خلال الأيام الماضية اعتداءات واحتجاجات، في سياق حملات تحت شعار “حصار السفارات” تستهدف مواقف البلدين من تطورات الأوضاع في قطاع غزة.
وبينما لم يصدر الأردن توضيحاً لطبيعة هذه الاحتجاجات، أعلنت السلطات المصرية أن بعض تلك التحركات شملت محاولات لـ”حصار وإغلاق” سفارتها في هولندا، في تصعيد أثار تساؤلات حول خلفياته وتوقيته.
تأتي هذه التحركات بالتزامن مع تصاعد أصوات تتهم القاهرة وعمّان “بالتواطؤ في الحصار المفروض على غزة”، في وقت يواصل فيه البلدان جهودهما السياسية والإنسانية لوقف الحرب على القطاع.
هذا التصعيد ضد الأردن ومصر أثار ردود فعل رسمية رافضة لما وصفته قيادات ومسؤولون بـ”محاولات التشويه المتعمدة” لدورهما الثابت والداعم للقضية الفلسطينية، وهو ما يدفع إلى إعادة تسليط الضوء على مواقف البلدين، الرسمية والتاريخية، في دعم الشعب الفلسطيني.
“حملات تحريض مستمرة ضد الأردن”
اعتبرت وزارة الخارجية الأردنية أن الاعتداءات التي طالت مقرات السفارات الأردنية في الخارج تأتي في سياق “حملات التحريض المستمرة ضد الأردن ودوره الإنساني في تقديم الدعم والإغاثة للفلسطينيين في قطاع غزة”.
وأكدت الوزارة في بيانٍ، السبت، أنها خاطبت وزارات خارجية الدول التي وقعت فيها هذه الاعتداءات، مُطالِبة باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتأمين حماية بعثات المملكة والعاملين فيها.
وأضافت أن “مواقف الأردن الثابتة في دعم الشعب الفلسطيني وحقوقه، وجهوده لوقف العدوان على غزة وإنهاء الكارثة الإنسانية، لن تتأثر بحملات التشويه الممنهجة ومن يقف خلفها”.
وتداولت منصات التواصل الاجتماعي فيديو يُظهر ملثمون يرمون حجارة على مبنى السفارة الأردنية في بروكسل، وسط هتافات تطالب بـ”فتح المعابر”.
لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني أدانت، الأحد، حملات التحريض والاعتداءات على مقرات السفارات والبعثات الدبلوماسية الأردنية في الخارج.
ولم يتوجه الأردن بأي اتهام مباشر لقوى أو تنظيمات معينة بتحمل مسؤولية الاعتداءات التي طالت سفاراته في الخارج.

يُذكر أن الأردن ينفذ سلسلة من الإنزالات الجوية، بدأ أولها فجر يوم الإثنين 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حيث أُسقطت مساعدات طبية ودوائية عاجلة للمستشفى الميداني الأردني داخل القطاع.
ويواصل الأردن تنفيذ هذه الإنزالات بشكل منتظم، بالتنسيق والتعاون مع عدد من الدول الشريكة، بهدف “تخفيف المعاناة الإنسانية عن الأهل داخل القطاع”.
ويُقدّر إجمالي المساعدات المرسلة من الأردن إلى غزة بحوالي 31 ألف طن، شملت مواد غذائية، أدوية، إمدادات طبية، ومواد إغاثية أخرى.
مصر: “دعوات مغرضة تروّج لها قوى وتنظيمات”
أما “حصار السفارات” المصريّة في الخارج فقد بدأ إثر قيام شابٍ مصريّ بإغلاق مقر السفارة المصرية في هولندا على العاملين من الخارج بأقفال، زاعماً أن “هذا مماثل لما تفعله مصر بإغلاق معبر رفح وتقول إن إسرائيل هي مَن تغلقه”.
وتبع ذلك احتجاجات أمام سفارات مصر بدول عدة منها، لبنان، وسوريا، وبريطانيا، والدنمارك، وكندا، وتونس، وليبيا، وجنوب أفريقيا.
وعلى إثر ذلك، أصدرت وزارة الخارجية المصرية، الخميس، بياناً أكدت فيه مجدداً أنها لم تغلق معبر رفح، معبّرة عن استنكارها لما وصفته بـ”الدعاية المغرضة” التي تروّج لها “بعض القوى والتنظيمات” بهدف الإساءة إلى دور مصر الداعم للقضية الفلسطينية.
تصاعُد الاتهامات ضد مصر استدعى حديثاً مخصصاً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي قال في كلمة له الاثنين: “لا يمكننا أن نمنع دخول المساعدات… لا أخلاقياتنا ولا قيمنا تسمح بذلك، ولا حتى الظرف أو المسؤولية الوطنية تسمح بذلك”.
وأشار السيسي إلى أن حديثه في هذه المرحلة الراهنة “يأتي في وقت يثار فيه كثير من الكلام”، مذكراً بأن مواقف بلاده “كانت دائماً إيجابية، وتدعو لوقف الحرب، وحل الدولتين”.
بدوره، استنكر وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، في كلمته بمؤتمر المصريين بالخارج في القاهرة، الأحد، ما وصفها بـ “الحملة الممنهجة” ضد مصر، واصفاً إياها بأنها “تعكس أغراضاً مشبوهة ومضللة”.
وبحسب برلمانيين مصريين، فإن “حصار السفارات” المصرية في الخارج يشكّل جزءاً من “حملات تحريضية” يُديرها تنظيم “الإخوان المسلمين” المحظور في مصر، على حد تعبيرهم، بهدف “تشويه الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية”.
“الاعتداءات على السفارات مُدانة ومرفوضة”

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلاً واسعاً مع الاعتداءات التي استهدفت سفارات الأردن ومصر، إذ تباينت الآراء بين مؤيد لدور البلدين في دعم القضية الفلسطينية، وناقد للحملات التي اتهمتهما “بالتواطؤ في الحصار على غزة”.
الأردنية مايا الكردي، ترفض وصف ما تعرّضت له سفارات بلادها في الخارج بأنه “عمل فردي”، بل تقول إنه “حملة ممنهجة واضحة، تستهدف تشويه صورة الأردن ودوره تجاه غزة”.
يعلّق رئيس الوزراء العراقيّ الأسبق عيّاد علاوي بالقول إن “الاعتداءات على سفارات المملكة الاردنية الهاشمية الشقيقة في الخارج مدانة ومرفوضة كما هي مرفوضة الاتهامات غير المبررة ضد المملكة ومواقفها الثابتة من القضية الفلسطينية”.
https://twitter.com/AyadAllawi/status/1952076418973933857?t=QP0Y14MTWMRp6kwZUjnqzA&s=19
ويطرح المصري جمال هواري تساؤلات حول الاعتداءات على سفارات مصر في الخارج، معتبراً في منشور له على فيسبوك أن هناك “خطة خبيثة تستهدف تنفيذ تهجير قسري إلى سيناء، بتوجيه من جهات دولية”، على حدّ تعبيره.
في الوقت الذي دافعت فيه أصواتٌ عن الأردن ومصر إزاء الاعتداءات على سفاراتهما، ظهرت أيضاً مطالب بـ”الاعتداء على سفارات أمريكا وإسرائيل والتظاهر أمامها”، وفق ما رصدته بي بي سي.
وفي المقابل، وجهت أصوات أخرى اتهامات لمصر بـ”التواطؤ في حصار غزة وإبطاء دخول المساعدات عبر إغلاق معبر رفح”، كما اتُهم الأردن بسبب “علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل”، بحسب تغريدات ومنشورات.
- حرب غزة: هل يدفع الأطفال ثمن الحرب من أعمارهم؟
- أول صبي من غزة يتلقى العلاج في بريطانيا نتيجة إصابته في الحرب
- هل تستطيع إسرائيل تجاهل القانون الدولي والبقاء في غزة؟
🛈 تنويه: موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً أو مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.