رسائل الشارع تُقابَل برفض واسع.. والرئيس عون: المعتدون سيُعاقَبون

رسائل الشارع التي أراد «البعض» إيصالها إلى القيادة السياسية الجديدة في البلاد، وتحديدا إلى رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، قاربت حافة الهاوية، بعد الاعتداء على موكب قوات «اليونيفيل» التي تقوم بمهمات حفظ السلام في لبنان منذ 1978.

ليس سراً أن «البعض» هو «حزب الله» عبر مناصريه وفي مناطقه التي تزنر طريق مطار بيروت الدولي. وقد تكررت الاحتجاجات الليلة، وقطعت الطرق قرب المطار وفي مناطق أخرى من العاصمة، حيث تتواجد «بيئة الحزب»، بالإطارات المشتعلة والنفايات التي أفرغت على الطريق من شاحنات ضخمة.

وتحركت القيادتان السياسية والعسكرية الرسمية اللبنانية، عبر الرئيسين عون وسلام وقائد الجيش بالإنابة اللواء حسان عودة، إضافة إلى وزراء في الحكومة وأحزاب لجهة إدانة ما حصل، والمطالبة بفرض الأمن وتأمين طريق المطار.

على أن ذيول الاحتجاجات وتداعياتها، لا تحجبان قطع «خطوط النقل الجوية» المباشرة بين بيروت وطهران، بتهديد إسرائيلي باستهداف مطار بيروت في حال هبوط طائرات إيرانية في مدارجه، وتاليا قطع الإمداد الجوي الإيراني ولو بصيغته المالية – النقدية عن «حزب الله»، في ضوء ما تم تسريبه عن المرور بدولة ثالثة بين مطاري بيروت وطهران.

اختبارات ليست سهلة واجهتها الحكومة الجديدة الطرية العود، وهي لم تمثل بعد أمام المجلس النيابي لنيل الثقة، بعد عرض بيانها الوزاري، الذي يتم إعداده على وقع تطورات أمنية في الشارع.

وأكد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في بيان وزعه المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري أن ما حصل ليل الجمعة على طريق المطار وفي عدد من المناطق في بيروت «ممارسات مرفوضة ومدانة ومن غير المسموح أن تتكرر، والقوى الأمنية لن تتساهل مع أي جهة تتمادى في الإساءة إلى الاستقرار والسلم الأهلي في البلاد».

وبحسب البيان، تابع الرئيس عون «التطورات التي رافقت إقدام شبان على قطع الطرق وإشعال النار في إطارات وقيامهم بأعمال شغب، وأعطى توجيهاته إلى الجيش والقوى الأمنية، بوقف هذه الممارسات وفتح كل الطرق وإزالة العوائق من الشوارع وملاحقة المخلين بالأمن واعتقالهم وإحالتهم إلى القضاء الذي باشر تحقيقاته الميدانية».

ودان رئيس الجمهورية الاعتداء الذي تعرض له موكب نائب قائد القوات الدولية في الجنوب «اليونيفيل» الجنرال النيبالي شوك بهادور داكال، أثناء مروره على طريق المطار، واطمأن إلى حالته على إثر إصابته بجروح نتيجة هذا الاعتداء، مؤكدا أن المعتدين سينالون عقابهم.

ومتابعة للاعتداء، اجتمع الرئيس نواف سلام مع وزير الداخلية والبلديات العميد أحمد الحجار قبل توجه الأخير إلى وزارة الداخلية لترؤس اجتماع مجلس الأمن المركزي. وأعطى سلام توجيهاته «بعدم التساهل بأي شكل من الأشكال في مسألة حفظ الأمن على كافة الأراضي اللبنانية، لا سيما في تأمين حسن سير المرافق العامة، بما فيه أمن وسلامة المسافرين من مطار رفيق الحريري الدولي، ومنع أي اعتداء على الأملاك العامة والخاصة لا سيما محاولة إغلاق الطرقات». وأوصى رئيس الحكومة بتوقيف المعتدين وإحالتهم فورا إلى القضاء المختص.

والتقى رئيس الحكومة عصرا رئيس الجمهورية في قصر بعبدا. وقال سلام عقب اللقاء: «نرفض الاعتداءات على الأملاك العامة والخاصة». وشدد على ان «حرية التعبير لا علاقة لها بما يحصل في الشارع».

وأوضح انه «يتم التواصل مع السلطات الإيرانية بشأن الطائرة الإيرانية لتأمين عودة اللبنانيين إلى بيروت»، داعيا إلى «ضرورة التشدد في تطبيق القانون ومحاكمة كل من أساء للقوى الأمنية.. وسنستمر بحشد كل الدعم الديبلوماسي والسياسي لانسحاب اسرع من لبنان». وتابع قائلا: «سلامة مطار بيروت فوق كل اعتبار والأجهزة الأمنية ستتصدى لأي محاولة لإغلاق الطرق».

بدوره، وزير الداخلية قال إن «الاعتداء على قوات اليونيفيل يعتبر جريمة وستتم الملاحقة بكل جدية لتوقيف الفاعلين ولدينا فوق الـ 25 موقوفا».

وأضاف: «التعبير عن الرأي مسموح ضمن الأصول والقوانين وممنوع قطع الطرق والتعديات، والتدابير ستكون جدية، وطلبت اتخاذ أقصى التدابير للمحافظة على الأمن والاستقرار وطمأنة المواطنين».

وفي موقف رسمي اول لـ«حزب الله»، دعت العلاقات الإعلامية التابعة له في بيان، إلى اعتصام شعبي نفذ عند الساعة الرابعة عصر السبت عند جادة الامام الخميني على طريق المطار القديمة ـ جسر الكوكودي. وحملت الدعوة عنوان: «استنكارا للتدخل الإسرائيلي وإملاء الشروط واستباحة السيادة الوطنية».

وتلبية للدعوة توافد عدد من أنصار حزب الله إلى طريق المطار القديم للاعتصام تنديدا بمنع الطائرات الايرانية من الهبوط، حيث وقعت مواجهات مع قوات الجيش الذي دفع بتعزيزات إلى المنطقة واستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.

وتواجه الحكومة اختبارا عسيرا في ضوء التلويح الإسرائيلي الذي قارب شبه التأكيد، بعدم الانسحاب الكامل، حيث يصر الجانب الإسرائيلي على عدم الالتزام بالمهلة الممددة في 18 الجاري. وتبدو المرتفعات الخمسة التي تطالب إسرائيل الاحتفاظ بوجودها العسكري فيها، ذاهبة في أفضل الأحوال إلى التحول على طريقة مناطق خاضعة لوصاية دولية، بغياب السيادة اللبنانية عليها، ما يزيد من الضغط على الحكومة المركزية من محيط «حزب الله».

وكانت الاحتجاجات على طريق المطار مساء الجمعة قاربت الخروج عن السيطرة وصولا إلى تهديد الوضع الأمني في العاصمة. وبلغت ذروتها بالتعرض لموكب نائب قائد اليونيفيل المنتهية مهمته والذي كان في طريقه إلى المطار لمغادرة لبنان، ما استدعى نقله إلى المستشفى بعد إحراق إحدى سيارات الموكب الـ 3، الأمر أدى إلى تدخل الجيش اللبناني بقوة ونشر وحدة من فوج المغاوير لضبط الوضع.

الفلتان الأمني على طريق المطار وتداعياته، لم يحجب الاهتمام عن الملفات الأخرى سواء الجنوبية منها، او البيان الوزاري.

جنوبا، تصر إسرائيل على البقاء إلى أجل غير مسمى في المواقع الخمسة على الحدود، والتي يتراوح عمقها داخل الأراضي اللبنانية بين 300 والف متر. وهي من الغرب: اللبونة، بلاط، العويضة، العزية، والحمامص. وهي رفضت اقتراحا فرنسيا بأن تتمركز في هذه المواقع قوات الأمم المتحدة وجنود من الوحدة الفرنسية، في حال الاعتراض على وجود الجيش اللبناني. ولا تزال فرنسا كما ذكرت مصادر ديبلوماسية تراهن على إمكان إقناع إسرائيل خلال الساعات المتبقية من موعد الانسحاب الشامل، للانسحاب من هذه المواقع. وفيما وافق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على الاقتراح الفرنسي، لم تعبر الولايات المتحدة عن موقف صريح، مع اتجاه إلى تأييد المطلب الإسرائيلي.

الانباء – ناجي شربل وأحمد عزالدين

Comments are closed.