إسرائيل توسِّع غاراتها على لبنان.. وخشية من «ترانسفير» في الجنوب

غارة إسرائيليةk تستهدف بلدة كفررمان جنوب لبنان (محمود الطويل)

تستمر الاتصالات اللبنانية مع مرجعيات دولية وعربية سعياً إلى حديث جدي عن وقف إطلاق نار إسرائيلي في الحرب الموسعة على لبنان اعتبارا من 23 سبتمبر الماضي.

ويمضي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مدعوما بالكامل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في التواصل مع مرجعيات مؤثرة، لحصر العدوان الإسرائيلي الواسع، وتثبيت حق لبنان في سيادته على أراضيه، متحصنا بالقرارات الأممية التي رعت اتفاقات وقف إطلاق النار مع إسرائيل تحت تسميات عدة، وآخرها القرار 1701 في أغسطس 2006، الذي تضمن وقف العمليات الحربية.

كما يعمل الرئيس ميقاتي في ظروف مماثلة لتوليه كرسي رئاسة الحكومة للمرة الأولى في 2005، يوم كان تكليفه بمنزلة استفتاء قرر فيه اللبنانيون إدارة شؤونهم بأنفسهم بعيدا من الوصاية الخارجية التي تكرست بعد نهاية الحرب الأهلية في أكتوبر 1990.

وقد فعلها أمس الأول أمام الوصاية الايرانية، التي تدير ذراعا عسكرية لها في لبنان والمنطقة بقوة إقليمية تخوض حربا باسم لبنان مع إسرائيل، ويدفع لبنان أثمانا باهظة.

ولقي موقف ميقاتي غير المسبوق في «رفض الوصاية الإيرانية» ورفض كلام رئيس مجلس الشوري الايراني محمد باقر قاليباف لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية المتضمن موقفا إيرانيا باسم لبنان بموافقة التفاوض مع فرنسا لتطبيق القرار 1701، احتضانا لبنانيا واسعا من أركان الطبقة السياسية. واستعاد فيه البعض طريقة ميقاتي في إدارة البلاد عام 2005 وتسميته رئيسا للحكومة وإدارة شؤون البلاد في مرحلة انتقالية، استهلها بانتخابات برلمانية بدلت المشهد السياسي، من دون تغيير في قرار السلم والحرب الذي بقي في حوزة «حزب الله»، وكانت بعدها بسنة ونيف حرب يوليو 2006.

وفي السياق، برز اقتراح رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل تعزيز تفويض مهمة بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان (يونيفيل).

وقال بوريل متحدثا على هامش قمة دفاعية لمجموعة السبع «لا يمكنهم التصرف بشكل مستقل، إنه بالتأكيد دور محدود. يمكن النظر في توسيع الدور، ولكن هذا يتطلب قرارا من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».

في أي حال، باتت أنظار اللبنانيين على وقف إطلاق النار، و«اليوم التالي» وما يتضمنه من تقليص نفوذ «حزب الله» واستعادة السلطة اللبنانية قرار السلم والحرب وحصرية السلاح والسيادة الكاملة على المعابر الحدودية البرية والمرافق الجوية والبحرية (الأخيرة في عهدة البحرية الألمانية منذ أغسطس 2006).

ويبدو لبنان أمام أيام حاسمة مفصلية، والسؤال عن الفترة التي تستغرقها هذه الأيام، والصورة النهائية التي ستنجلي عليها، ذلك أن «حزب الله» يعول كثيرا على الميدان، حيث يخوض صراع وجود هو الأخطر منذ خروجه إلى دائرة الضوء أواخر 1982، فيما الدعوات اللبنانية من قادة مؤثرين في طليعتهم الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، إلى الانتقال إلى العمل السياسي، من بوابة أن أحدا لا يلغي أحدا في لبنان، وأن البلاد تتسع للجميع من دون فائض قوة لفئة على آخرين.

وفي موقف استدراكي يهدف إلى كبح اندفاعة البعض في الداخل نحو محاولة قلب المشهد السياسي بالكامل كما حصل في 2005 بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بدا أن الرئيس بري يتعمد تأخير انتخاب الرئيس إلى ما بعد وقف إطلاق النار. وكان صريحا، مع زواره من السفراء الأجانب وكبار الموفدين الدوليين وفي طليعتهم رئيسة الوزراء الايطالية جورجيا ميلوني المسؤولة الأرفع التي تزور لبنان منذ توسيع الحرب الإسرائيلية، بعدم الدعوة إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية دون تأمين سلامة نواب كتلة «الوفاء للمقاومة» التابعة لـ «حزب الله»، المهددين بالاستهداف بالقتل من قبل إسرائيل.

وليس سراً أن رئيس المجلس الخبير في إدارة الأمور والبلاد في كافة الظروف، لن يفرط في التوازنات الوطنية، ولن يسمح بتغليب فئة على أخرى. وللغاية سيحرص على تأمين إجماع بين الأفرقاء الأساسيين حول هوية الرئيس العتيد، وان كانت الأمور حاليا محصورة بين اسمين من المؤسسة العسكرية، أحدهما في الخدمة الفعلية وهو قائد الجيش العماد جوزف عون، والآخر متقاعد من السلكين العسكري والديبلوماسي بمسيرة ناصعة ورصيد مالي أقل بكثير من متواضع وهو السفير العميد جورج خوري.

ولا يسقط الرئيس بري إمكانية الاتفاق على مرشح توافقي آخر بين مجموعة ضيقة من الأسماء، أحدها وزير سابق من عهد الرئيس اميل لحود.

وقبل الكلام في السياسة، يتابع اللبنانيون بقلق المخطط الإسرائيلي بتفريغ الجنوب من أهله والقضاء على مقومات الحياة فيه وجعله أرضا محروقة، وكذلك الاستهداف الممنهج للبقاع، بما فيه النقاط الحدودية البرية مع سورية من معابر شرعية وأخرى غير شرعية تمر بطرق ترابية. 

وقد استهدفت مسيرة إسرائيلية سيارة مدنية في ساحل علما على المسلك الغربي لأوتوستراد جونية المؤدي إلى بيروت وهي المرة الأولى التي تستهدف فيها هذه المنطقة منذ بدء التصعيد. 

وأشارت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية إلى أن «مسيرة إسرائيلية» استهدفت سيارة كان بداخلها «شخص وزوجته»، وبحسب الوكالة، تمكن الشخصان في بادئ الأمر من الفرار من السيارة، إلا أن المسيرة «لاحقتهما بعد إصابة السيارة وهروبهما في الحرج المحاذي للطريق السريع واستهدفتهما».

وجددت اسرائيل غاراتها على الضاحية الجنوبية لبيروت، بعد غياب استمر لنحو ثلاثة ايام. وأفادت تقارير اعلامية بدوي عدة انفجارات في الضاحية وبتنفيذ نحو ١٠ غارات خلال ساعتين فقط. وجاءت الغارات الاسرائيلية بعد توجيهها عدة انذارات فورية لعدد من الاحياء منها برج البراجنة والشويفات في محيط الضاحية.

واستهدفت الغارات أيضا بلدتي راميا وعيتا الشعب جنوبي لبنان. كما أعلنت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية سقوط أربعة ضحايا «بينهم رئيس بلدية سحمر حيدر شهلا» بالإضافة إلى عدد من الجرحى، في غارة اسرائيلية استهدفت «شقة سكنية في بلدة بعلول» بالبقاع الغربي شرق لبنان.

وأصدرت وزارة الصحة اللبنانية بيانا عن حصيلة الشهداء والجرحى خلال 24 ساعة، قالت «تم تسجيل 30 شهيدا و135 جريحا ليرتفع العدد الإجمالي منذ بدء الأحداث إلى 2448 شهيدا و11471 جريحا».

الانباء – ناجي شربل وأحمد عز الدين

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.