بيروت تستعيد أجواء 1982.. والتطورات تحجب مبادرة ميقاتي

غارة إسرائيلية استهدفت مبنى في منطقة بئر حسن على طرف الضاحية الجنوبية (محمود الطويل)

جدد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التأكيد على أن «لبنان يواجه واحدة من أخطر المحطات في تاريخه، حيث نزح نحو مليون شخص من شعبنا بسبب الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على لبنان».

وفي اجتماع بالسرايا ضم المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان عمران ريزا، رئيسة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالإنابة في بيروت كريستين كنتسن، إضافة إلى الجانب اللبناني، أطلق ميقاتي وريزا نداء انسانيا عاجلا لدعم لبنان بقيمة 426 مليون دولارا. وقال:«نوجه النداء بشكل عاجل لتقديم المزيد من الدعم لتعزيز جهودنا المستمرة في تقديم المساعدات الأساسية للمدنيين النازحين.. اناشدكم جميعا الاستمرار في الوقوف إلى جانب لبنان، ومساعدتنا في حماية أبناء شعبنا بكرامة حتى يتمكنوا من العودة بأمان إلى منازلهم وبلداتهم».

وكانت التطورات العسكرية الميدانية من قبل الجيش الإسرائيلي، الذي رفع من وتيرة قصفة للضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق لبنانية أخرى في الجنوب والبقاع، وأعلن قيامه بـ «عملية عسكرية برية محددة الهدف» في بلدات وقرى حدودية لبنانية، حجبت الأنظار عن المبادرة السياسية التي أطلقها رئيس الحكومة، لجهة العمل على وقف إطلاق النار ونشر الجيش اللبناني على الحدود، ومعالجة أزمة الشغور الرئاسي في لبنان.

ورغم تأكيد الجيش الإسرائيلي أنه لا يهدف إلى غزو لبنان، أعلن أن جنوده دخلوا الجنوب في إطار عملية «برية محدودة وموضعية ومحددة الهدف» ضد «أهداف ومنشآت» لحزب الله، وطلب من سكان نحو 30 قرية في الجنوب إخلاء بيوتهم «فورا»، محذرا من التواجد بالقرب من عناصر حزب الله ومنشآته ووسائله القتالية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي «تعبئة 4 ألوية احتياط وقوات إضافية للمهام العملياتية في القطاع الشمالي».

وقال الجيش الإسرائيلي إنه قرر إقامة منطقة عسكرية مغلقة بالمطلة ومسغاف عام وكفر جلعادي شمالي إسرائيل، وتزامنت تلك التطورات مع إطلاق عشرات الصواريخ من لبنان باتجاه شمال إسرائيل ودوت صفارات الإنذار في عشرات البلدات بمحيط حيفا وعكا ونهاريا ومناطق في الجليل الأعلى.

كما استهدفت غارتان إسرائيليتان مبنيين في ضاحية بيروت الجنوبية، يقع أحدهما في محيط مستشفى الزهراء، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، تزامنا مع غارة ثانية استهدفت مبنى قرب السفارة الكويتية في بئر حسن.وانشغل الناس في البلاد بمتابعة التطورات الميدانية، خصوصا بعد زخات مطر ثقيل نزلت على النازحين في أماكن غير مجهزة للإيواء من مبان تحتاج إلى صيانة في مدارس رسمية ومؤسسات أخرى. مطر لم يقل كثافة عن حمم الصواريخ التي هزت الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق مجاورة، في عملية استهداف إسرائيلية مبرمجة لتدمير الضاحية سكنيا كما حصل في حرب يوليو 2006.

وإذا كان ليل لبنان مر صاخبا عبر القصف وبث الرعب لدى الناس بتهديدات إسرائيلية واسعة، وبتسمر الناس أمام الفضائيات التي تنقل معلومات عما يجري التحضير له على الضفة الأخرى من الحدود، فإن النهار في بيروت وضواحيها وبقية المناطق، مختلف وينبض بالحياة، حيث توجه قسم كبير من الموظفين للالتحاق بمقرات عملهم خصوصا في العاصمة، وبمبادرة شركات توزيع المواد الغذائية والمشتقات النفطية والطحين والأدوية إلى تسليم البضائع.

واللافت ازدياد عدد النازحين ومقاربتهم المليون ونصف المليون مواطن، وسط إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على التصعيد محصنا بغطاء دولي، يذكر بالأجواء التي كانت سائدة في الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.

توازيا، استعاد البعض من سكان بيروت والمتقدمين في السن أجواء صيف 1982، وما أطلقوا عليه «آخر أيام منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت»، مع فارق بحسب عدد من المواطنين الذين التقتهم «الأنباء» في العاصمة ومناطق أخرى «ان جنود الجيش اللبناني ومقاتلي حزب الله وحركة أمل، لا يملكون إلا الصمود، وليسوا في وارد التفكير بالمغادرة عبر السفن، كما حصل في نهاية أغسطس 1982…».

وتحدث مصدر نيابي بارز لـ «الأنباء» عن «تلقي الجهات الرسمية اللبنانية، معلومات بأن نتنياهو لن يتوقف قبل ان يفرض أجندته على لبنان وعزله عن محيطه»، مشيرا إلى «ان الهجوم أصبح في حكم الأمر الواقع، وان حكومة نتنياهو وضعت سقفا لهذا الهجوم على لبنان حتى نهاية السنة الحالية، لفرض التسوية التي تريدها».

وأضاف المصدر: «ما يحصل في لبنان اليوم يشبه إلى حد كبير ما كان قائما في يونيو من العام 1982، عندما أطلق اللبنانيون شعار«يا وحدنا»، حيث أعطى العالم الضوء الاخضر لإسرائيل للقيام بعمل عسكري كبير وصولا إلى العاصمة بيروت لإخراج منظمة التحرير الفلسطينية منها، وإعادة خلط الأوراق وتاليا عدم الاستقرار في المنطقة، ما أسفر عن دورات عنف كبيرة في لبنان انتهت باتفاق الطائف عام 1989».

وفي سياق متصل، عزا قيادي سابق في «حزب الله» لـ «الأنباء»: «التأخير في الاعلان عن الأمين العام الجديد للحزب، إلى إجراءات بينها تأمين سلامة الأمين العام وسائر القيادة الجديدة»، مكررا الكلام «عن جهوزية تامة وكاملة ومعنويات مرتفعة للمقاتلين على الأرض، على الرغم من الحزن الشديد على فقدان السيد نصرالله».

وقال مسؤول العلاقات الاعلامية في «حزب الله» محمد عفيف لقناة «الجزيرة» القطرية: «لم يحدث أي اشتباك بري مباشر بعد بين مجاهدي المقاومة وقوات الاحتلال وقصف مقر الموساد وقاعدة 8200 ليس إلا البداية».

من جهته، أصدر الجيش اللبناني بيانا أشار إلى «تناول بعض وسائل الإعلام معلومات غير دقيقة حول انسحاب الجيش من مراكزه الحدودية الجنوبية لكيلومترات عدة في ظل تحضيرات العدو لتنفيذ عملية برية داخل الأراضي اللبنانية».

وأوضح أن الوحدات العسكرية المنتشرة في الجنوب نفذت إعادة تموضع لبعض نقاط المراقبة الأمامية ضمن قطاعات المسؤولية المحددة لها. وأكد أن قيادته تواصل «التعاون والتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان».

وتوجه رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالتقدير لـ«الجهود التي تبذلها الحكومة في إطار تأمين الاحتياجات الضرورية لإغاثة وإيواء النازحين». وأكد «تبني النداء الذي وجهه الرئيس نجيب ميقاتي للدول المانحة والجهات الإغاثية المعنية». وجدد شكره للدول العربية الشقيقة والدول الصديقة «التي بادرت بإرسال المساعدات الفورية»، مطالبا الأمم المتحدة بـ«إنشاء جسر جوي يؤمن إيصال المواد الإغاثية ويكسر الحصار الجوي المفروض إسرائيليا على لبنان».

الانباء -،ناجي شربل وأحمد عز الدين

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.