“أتمنى أن يخبرونا هل مات أخي أم لا؟”

نائبة المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية، آية مجذوب، تقف بجانب صورة لأفراد عائلات الأشخاص المختفين قسراً في العراق ولبنان وسوريا واليمن يشاركون في فعالية نظمتها المنظمة غير الحكومية الدولية في بيروت في 30 أغسطس/آب 2023، بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري.

AFP
أقيم معرض لصور الأشخاص المختفين من العراق ولبنان وسوريا واليمن بمناسبة يوم ضحايا الاختفاء القسري العام الماضي

يصادف يوم 30 أغسطس/ آب، اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري – الأشخاص الذين يتم اختطافهم، عادة من قبل موظفي الدولة، ولا يتم رؤيتهم أو سماعهم مرة أخرى. تحدث هذه الظاهرة غالباً حيث يوجد صراع مسلح، ولكنها يمكن أن تكون أيضاً وسيلة للسياسيين لـ”إسكات” المعارضين.

تقول خديجة أحمد: “ما زلت مصدومة من ذكريات الليلة التي اختطف فيها زوجي. لا تزال ابنتي تسألني متى سيعود والدها إلى المنزل، وأقول لها أن تتحلى بالصبر لأنه سافر وسيعود قريباً”.

تذرف الدموع وتشرح كيف اختفى زوجها، أبو بكر إدريس، المعروف باسم دادياتا، قسراً قبل خمس سنوات.

كان دادياتا محاضراً في جامعة داتسينما، في شمال نيجيريا، ومنتقداً شرساً لأكثر من حاكم ولاية ورئيس نيجيريا في ذلك الوقت، ويندد بهم جميعاً بانتظام على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتقول خديجة إن زوجها، الذي كان في منتصف الثلاثينيات من عمره آنذاك، كان قد عاد لتوه من زيارة إلى مدينة قريبة، بعد منتصف ليل الثاني من أغسطس/آب 2019، عندما تم القبض عليه.

“كنت جالسة مع طفلي في انتظار وصوله إلى المنزل، وعندما وصل أخيراً، شاهدته من خلال النافذة وهو مكث في سيارته للرد على مكالمة.

“فجأة ظهر بعض الرجال بجوار سيارته وبدأوا في التحدث معه. شعرت بالخوف، فركضت للاتصال بجارتي. وبحلول الوقت الذي عدنا فيه واتصلنا بالشرطة، كانوا قد اختفوا معه”.

“رعب”

يقول مدير منظمة العفو الدولية في نيجيريا عيسى سانوسي إن حالات الاختفاء القسري غالباً ما يكون لها غرض مزدوج – إسكات الأصوات المعارضة ونشر شعور الخوف بين الناس.

يقول: “غالباً ما يستخدم الاختفاء القسري كاستراتيجية لنشر الرعب داخل المجتمع. إن الشعور بعدم الأمان والخوف الذي يولده لا يقتصر على أقارب المختفين المقربين، بل يؤثر أيضاً على المجتمع ككل”.

تقول منظمة العفو الدولية إن هذه الظاهرة منتشرة بشكل خاص في مناطق الصراع، وكانت مشكلة رئيسية في دول مثل العراق ولبنان وسوريا وليبيا والسودان وسريلانكا وباكستان ونيجيريا.

لا تحتفظ اللجنة الدولية للصليب الأحمر بسجل للاختفاء القسري، لكنها تقدر أعداد الأشخاص “المفقودين”، بما في ذلك أولئك الذين اختفوا. وتقول إن أكثر من 100 ألف شخص قد يكونون في عداد المفقودين في كل من المكسيك وكولومبيا، وربما عدة مئات الآلاف في العراق.

آباء وأمهات الطلاب المكسيكيين الـ43 الذين اختفوا منذ ما يقرب من عقد من الزمان في أيوتزينابا.

EPA
يتظاهر أقارب وأصدقاء الطلاب الـ43 المفقودين من أيوتزينابا بعد اجتماع مع رئيس المكسيك، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، في القصر الوطني في مدينة مكسيكو، المكسيك 27 أغسطس آب 2024.

انتقدت منظمة العفو الدولية بشدة الحكومة النيجيرية لفشلها في إنشاء سجل للاختفاء القسري وعدم التحقيق حتى في الحالات المعروفة مثل قضية دادياتا.

لقد سقطت مهمة حفظ السجلات على عاتق منظمة غير حكومية، شبكة جير دول للضحايا، والتي سجلت 25,000 شخص مختفي على مدى السنوات الـ 11 الماضية.

تقول مؤسسة ومديرة المنظمة التنفيذية همساتو علامين إن معظمهم اختطفوا من قبل مسؤولين أمنيين أو جهات أخرى تابعة للدولة. لقد اكتشفت أن الجيش لا يعرف عدد الأشخاص الذين يحتجزهم، ولا يحتفظ بسجل لأولئك الذين يموتون في الاحتجاز.

وفقًا لمنظمة العفو الدولية، فإن معظم المختفين في نيجيريا اختطفوا في مناطق الصراع في الشمال الشرقي والجنوب الشرقي. وتقول منظمة العفو الدولية إن جماعة بوكو حرام الإسلامية المتشددة اختطفت في شمال شرق البلاد ما لا يقل عن 2000 امرأة وفتاة، في حين نفذت قوات الأمن ما لا يقل عن 20 ألف اعتقال تعسفي لرجال وفتيان.

ويشير بحث منظمة العفو الدولية إلى أن الجنود دفعوا أموالاً لمخبرين غير موثوق بهم لتحديد هوية المتعاطفين مع بوكو حرام، ثم احتجزوهم “إلى أجل غير مسمى في مراكز احتجاز عسكرية غير مصرح بها وغير معترف بها”. وقبل خمس سنوات، قدرت منظمة العفو الدولية أن 10 آلاف شخص لقوا حتفهم أثناء احتجازهم.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، رفعت منظمة العفو الدولية دعوى أمام محكمة العدل التابعة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، زاعمة أن نيجيريا انتهكت التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان بالسماح للجيش بإخفاء آلاف الأشخاص قسراً في شمال شرق البلاد، وفشلها في التحقيق بشكل حقيقي وفعال.

التهديدات

لا تعرف عائلة دادياتا من الذي اختطفه، لكنها تقول إنه تلقى تهديدات متكررة من سياسيين موالين للحكومة.

يقول شقيق دادياتا، عثمان إدريس عثمان: “كانت هناك حالة عندما اضطر إلى الاختباء لمدة ثلاثة أيام في منزل عمنا لأنه تلقى تهديدات من سياسي معين قال إنه سيُختطف”.

ويضيف أن رؤساء الشرطة وجهاز أمن الدولة لم يردوا قط على رسائل الأسرة التي تطلب المساعدة، وأن الحكومة “تجاهلتنا بشكل أساسي”.

ويقول إن المناشدات الموجهة إلى حكام الولايات لم تلق آذانًا صاغية حتى الآن.

ويقول عثمان: “أتمنى فقط أن يخبرونا ما إذا كان أخي قد مات أم لا، فقد جفت أعيننا من البكاء”.

ينفي جهاز أمن الدولة ارتكاب عمليات اختفاء قسري ويصر على أن ضباطه يتبعون الإجراءات القانونية الصحيحة.

ورفض المتحدث باسم جهاز أمن الدولة بيتر أفونانيا التعليق بشكل خاص على قضية دادياتا.

تقول زوجة دادياتا، خديجة، إنها لا تزال تأمل في سماع أخبار جيدة حتى بعد مرور خمس سنوات.

“لم أتوقع أبداً أن يستغرق الأمر كل هذا الوقت. ومنذ ذلك الحين لم يهدأ عقلي. في أعماقي أشعر أن هذه ليست النهاية، وأعلم بفضل الله أن زوجي سيعود”.

وتضيف خديجة: “أدعو الله أن يعيده إلى المنزل سالماً، فهذه هي أمنيتي الوحيدة في الحياة”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.