تقصي الحقائق: ماذا نعرف عن وفاة الباحثة المصرية ريم حامد في فرنسا؟

أحدثت وفاة ريم حامد، طالبة الدكتوراه المصرية في مجال التكنولوجيا الحيوية في فرنسا، جدلا كبيرا بعد أن تم العثور على جثتها يوم الخميس 22 أغسطس/آب 2024 في مسكنها.

يُحيط الغموض بملابسات الوفاة خاصة أن الشرطة الفرنسية والإعلام الفرنسي لم يعلن أو ينشر أي تفاصيل عن الوفاة حتى وقت كتابة هذا التقرير.

قالت تقارير وسائل الإعلام المصرية إن ريم سقطت من نافذة مسكنها. وعلى الرغم من عدم ظهور أي أدلة جنائية حتى الآن، لكن البعض يتكهن بعملية اغتيال فيما يتساءل آخرون عما إذا كانت ريم قد انتحرت بعد معاناة مع مرض نفسي.

فريق بي بي سي لتقصي الحقائق حاول التدقيق في كل ما هو متداول عن حادثة وفاة ريم حامد.

سافرت ريم التي تبلغ من العمر 29 عاما إلى فرنسا للحصول على درجة الدكتوراه في مجال التكنولوجيا الحيوية وعلم الجينات بجامعة باريس – ساكلاي. وكانت تقيم في سكن جامعة بوسكويست بمدينة Les Olives الفرنسية حيث تم العثور على جثمانها.

منشورات مقلقة

في الأسابيع التي سبقت حدوث الوفاة، كانت الباحثة قد نشرت عدة منشورات على حسابات منسوبة إليها على فيسبوك وموقع أكس، تصف عدة حوادث منها الملاحقة، واختراق أجهزتها الإلكترونية، وإضافة مواد قد تضر بقلبها إلى طعامها، ودخول غير مصرح به إلى مسكنها، ملمحة إلى تعرضها للتهديد.

قمنا بالبحث الدقيق عن هذه المنشورات ولم نجد أي منها، فيما رجح البعض أنه تم حذفها.

كان علينا التأكد من أن هذه المنشورات كٌتبت بالفعل على الحسابات المنسوبة إلى ريم والتي رصدنا تفاعل أصدقائها وأفراد أسرتها عليها.

بالتدقيق في المنشورات المجمعة التي يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن ملاحظة وجود بعض المنشورات تم إعادة نشرها من صفحات أخرى في تواريخ معينة. عثرنا على هذه الصفحات ووجدنا المنشورات التي ظهرت على الحساب تتطابق مع منشورات حقيقة لهذه الصفحات وأيضا تطابقت توقيتات النشر.

سبب الوفاة

في بعض المنشورات على الحساب المنسوب لريم والذي لاتزال موجودة بالفعل تعكس حالة من الضيق لدى كاتبها من عدم حيادية العلم وتأثره بالميول السياسية للقائمين عليه مما جعل البعض يرجح أن المضايقات التي تتعرض لها ريم لها علاقة بمجال أبحاثها.

ولكن عدد أخر من المنشورات التي لا تزال موجودة أيضا على نفس الحساب تعكس حالة نفسية سيئة لكاتبها مما جعل البعض يرجح أنها انتحرت، خاصة مع تصريحات مسؤول البعثات الخارجية المصرية بوزارة التعليم العالي للإعلام المصري الذي قال فيها إن ريم كانت في عطلة لمصر قبل وفاتها وأنها لجأت خلال هذه العطلة لطبيب نفسي. وقد حدثت الوفاة في نفس يوم عودتها لفرنسا.

حاولنا التواصل مع “نادر حامد” شقيق ريم لمزيد من التفاصيل، ولكن لم نتلق أي رد وقد نشر على حساب منسوب له على فيسبوك أنه تم توكيل محامي مصري لمتابعة التحقيقات مع الجهات الفرنسية، ولكن لن يتم التعليق إلا بعد ظهور نتائج التحقيقات حيث إن القضية قيد التحقيق أمام النيابة الفرنسية وأنه لم يصدر أي تقرير رسمي للحظة الحالية فيما يخص الوفاة أو تأكيد أو نفي شبهة جنائية من عدمه.

طبيعة الأبحاث

البعض تكهن أن ريم تعرضت للاغتيال بسبب حساسية الأبحاث التي تجريها في معهد البيولوجيا التكاملية للخلية بالجامعة وتداولوا منشورات تزعم أن الأبحاث التي كانت تعمل عليها ريم تخص اثبات أن الجينات المصرية غير مختلطة بالجينات اليهودية وهو ما هو عار من الصحة.

بدأت ريم أبحاثها للحصول على درجة الدكتوراه في أكتوبر عام 2022. وتركزت أبحاثها على فهم كيف تتغير الجينات وتعمل خلال مرحلة الشيخوخة، خاصة تلك المرتبطة بحدوث الالتهابات. كما تهتم بفهم كيف تؤثر التغيرات الكيميائية في الحمض النووي على عمل الجينات في خلايا الجسم المختلفة. وكانت ريم قد بدأت هذا العمل منذ أن كانت تدرس لدرجة الماجستير التي حصلت عليها من الجامعة نفسها عام 2022.

وهي حاصلة على بكالوريوس زراعة من جامعة القاهرة قسم التكنولوجيا الحيوية عام 2017.

وتعمل ريم على هذه الأبحاث مع فريق المعهد تحت إشراف الباحث المخضرم في مجال التكنولوجيا الحيوية وعلم الجينات كارل مان.

تواصلنا أيضا مع الجامعة والمشرف على أبحاث ريم للتعليق والسؤال عن طبيعة البحث وعن مدى علمهم بأي من التهديدات أو المضايقات التي ذكرت في المنشورات، ولكن لم يصلنا أي رد من كليهما.

قمنا بعرض طبيعة البحث على البروفيسور ديفيد إل روبرتسون، رئيس قسم التكنولوجيا الحيوية في مركز أبحاث الفيروسات التابع لجامعة جلاسكو بإسكتلندا وسألناه عن مدى حساسية موضوع البحث فأجاب:” معظم الأبحاث تكون متخصصة للغاية ولا يوجد شيء يبدو حساسًا بشكل خاص أو مختلف في هذا الموضوع”.

التحقيقات الفرنسية

في إحدى المنشورات المتداولة المنسوبة لريم يبدو أنها طلبت المساعدة من السلطات الفرنسية والمصرية قبل عدة أشهر من وفاتها، لكن دون رد فعل من أي منها.

وعلى الرغم من إعلان وزارة الخارجية المصرية خبر وفاة ريم في فرنسا ومتابعتها للتحقيقات مع السلطات الفرنسية، إلا أننا لم نعثر على بيان رسمي أو خبر صحفي عن الحادثة في أي من وسائل الاعلام الفرنسية.

أرسلنا للمدعي العام في باريس للحصول على مزيد من التفاصيل عن الحادث وللسؤال عما إذا كان وردهم أي بلاغ من قبل ريم قبل وفاتها أم لا وننتظر الرد.

شارك في الإعداد لميس الطالبي ومحمد شلبي

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.