إلى أي مدى يستطيع أهل غزة تحمل الأوضاع المعيشية الكارثية الحالية؟

يعيش سكان قطاع غزة وضعا إنسانيا كارثيا

Getty Images

يعاني سكان قطاع غزة البالغ عددهم نحو 2.4 مليون نسمة من أوضاع معيشية وصحية تُوصف بالكارثية، بسبب الحرب التي اندلعت عقب الهجوم غير المسبوق لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وتسبّبت الحرب في دمار كبير في مختلف أنحاء القطاع وحدوث أزمة إنسانية حادة، إذ يعاني مئات آلاف الأشخاص الذين نزح معظمهم مرات عدة من نفاد المواد الغذائية الأساسية ومياه الشرب النظيفة إضافة إلى انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.

تحذيرات مستمرة

يقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “إن الوضع الإنساني الكارثي في غزة يتدهور بسبب موجات النزوح المتكررة والاكتظاظ وانعدام الأمن وانهيار البنية التحتية واستمرار الأعمال العدائية ومحدودية الخدمات”.

ووفقا للعاملين في المجال الإنساني في غزة فقد أثر أمر الإخلاء الإسرائيلي الذي صدر السبت الماضي على نحو 13,500 نازح في 18 موقعا.

وذكروا أن ذلك الأمر يشمل جميع منطقة مخيم المغازي وعدة أحياء أخرى في دير البلح.

وحذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من أن استمرار الأعمال القتالية وأوامر الإخلاء والنقص الحاد في المواد الضرورية يزيد صعوبة حصول الأسر النازحة على الخدمات الأساسية في المواقع التي يصلون إليها.

ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول وُضع 86% من مساحة قطاع غزة تحت أوامر الإخلاء. ويتركز معظم سكان غزة بشكل متزايد في منطقة خصصتها السلطات الإسرائيلية في المواصي.

ووفق مكتب أوتشا فإن الكثافة السكانية في هذه المنطقة زادت إلى ما بين 33 و34 ألف شخص لكل كيلومتر مربع مقارنة بنحو مئتي شخص قبل تشرين الأول أكتوبر.

“موت مؤكد”

يأتي هذا في وقت قالت المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، لويز ووتريدج، التي تزور القطاع منذ أسبوعين للوقوف على حجم المأساة هناك، إن الموت يبدو “الأمر الوحيد المؤكد” بالنسبة لسكان قطاع غزة.

وأضافت ووتريدج، من النصيرات في وسط غزة التي تتعرض بانتظام لغارات إسرائيلية، “لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة، ولا أي مكان آمن إطلاقا. الوضع مفجع تماما”.

وقالت ووتريدج “نواجه تحديات غير مسبوقة في ما يتعلق بانتشار الأمراض والنظافة، يعود ذلك جزئيا إلى الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة”.

وأشارت إلى أن عددا متزايدا من أهالي غزة الذين تعبوا من الاستجابة لأوامر الجيش الإسرائيلي “المتواصلة” بالإخلاء، باتوا يترددون في الانتقال مجددا من مكان لآخر.

وأوضحت أنهم “يشعرون بأنهم يُطاردون ضمن حلقة مغلقة.. التنقل صعب لا سيما في ظل الحرارة ووجود أطفال ومسنين ومعاقين”.

كما أن الأشخاص الذين ما زالوا يتنقلون يؤكدون بأنه أينما حلّوا “هناك جرذان وفئران وعقارب وصراصير”، مضيفة أن الحشرات “تنقل الأمراض من مأوى لآخر”.

من جانبه قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن النقص الحاد للوقود يجبر المستشفيات، التي خرج معظمها من الخدمة، على تأجيل إجراء العمليات الجراحية الضرورية، ويهدد بإيقاف عمل سيارات الإسعاف وخاصة شمال غزة.

معاناة الأطفال

يقول المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” فيليب لازاريني، إن “قطاع غزة لم يعد صالحا للأطفال، بعد استهداف إسرائيل مدرسة تابعة للوكالة بمدينة غزة”.

جاء ذلك وفق بيان لازاريني، نشر على موقع الوكالة الأممية يوم الأربعاء 21 أغسطس/ آب، بعد استهداف الجيش الإسرائيلي مدرسة صلاح الدين بمدينة غزة، ما أسفر عن مقتل فلسطينيين اثنين، وإصابة 15 بينهم أطفال.

وأضاف: “بعض الأطفال احترقوا حتى الموت”، متسائلا: “هل تبقت أي إنسانية؟”.

وأكد لازاريني، أن “غزة لم تعد مكانا (صالحا) للأطفال. هم أول ضحايا هذه الحرب القاسية. لا يمكننا أن نسمح بأن يصبح الأمر الذي لا يطاق هو المعيار الجديد.. كفى.. وقف إطلاق النار تأخر كثيرا”.

تصريحات لازاريني تزامنت مع إعلان وزارة الصحة الفلسطينية تسجيل أول إصابة بفيروس شلل الأطفال في مدينة دير البلح في وسط قطاع غزة لدى طفل يبلغ من العمر عشرة شهور ولم يحصل على جرعة تطعيم ضد المرض.

وينتشر فيروس شلل الأطفال، وهو شديد العدوى، في أغلب الأحيان عن طريق مياه الصرف الصحي والمياه الملوثة التي باتت تنتشر في جميع أنحاء قطاع غزة.

ويمكن أن يسبب الفيروس تشوّهات وشللا دائما، وقد يصبح مميتا، وهو يصيب بشكل رئيسي الأطفال دون سن الخامسة.

و مع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، ظهرت تحذيرات جديدة من وكالات الإغاثة، بشأن المخاطر الصحية التي تشكلها القمامة الكثيرة المتراكمة.

وتشكو السلطات المحلية من نقص العمالة والأدوات وعربات جمع القُمامة وكذلك نقص الوقود لتشغيل تلك السيارات إضافة إلى صعوبة التحرك نتيجة الدمار الكبير الذي لحق بالقطاع.

عقبات وصول المساعدات

يعتبر إيصال المساعدات والإمدادات عبر نقاط الدخول التي تسيطر عليها إسرائيل قضية مركزية بالنسبة للمنظمات الإنسانية العاملة في غزة التي تشكو من القيود التي تفرضها إسرائيل، بما في ذلك القوائم المتغيرة باستمرار للمواد المسموح إدخالها والعقبات الإدارية التي تؤدي إلى التأخير.

وبالتالي، تزداد نسبة النقص في كل شيء في قطاع غزة بدءا من الوقود والمعدات الطبية وصولا إلى الغذاء.

وتنفي إسرائيل أن تكون هي سبب العراقيل، وتلوم المنظمات الإنسانية على افتقارها إلى القدرة على توزيع السلع التي تسمح بها في غزة.

وتواصل إسرائيل الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني في غزة.

يذكر أن هجوم حماس أسفر عن مقتل 1199 شخصا في إسرائيل، معظمهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

بينما أسفرت الغارات والقصف والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة ردا على الهجوم عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص على الأقل وإصابة نحو 93 ألف شخص، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس التي لا تفصّل عدد المقاتلين وعدد المدنيين. وتفيد مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بأن غالبية القتلى هم من النساء والأطفال.

برأيكم

إلى أي مدى يستطيع أهل غزة تحمل الأوضاع المعيشية الكارثية الحالية؟

لماذا عجزت الأمم المتحدة عن ضمان وصول المساعدات الإنسانية لأهل غزة؟

لماذا تباطأت حركة الاحتجاجات الشعبية على استمرار الحرب في غزة عربيا ودوليا؟

ألم تعد الصور والتقارير الإعلامية عن معاناة أهل غزة تثير ضمير المجتمع الدولي؟

سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الجمعة 23 أغسطس/ آب.

خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989.

إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533

يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message

كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC

أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar

يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب

https://www.youtube.com/@bbcnewsarabic

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.