بلينكن يختصر زيارة للمنطقة في ظل عدم لقائه بأمير قطر

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين يلوح بيده قبل مغادرته في الدوحة، قطر

Reuters

في السادس عشر من أغسطس/آب الجاري، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن زيارة يقوم بها وزير الخارجية أنتوني بلينكن للشرق الأوسط وتحديدا إلى إسرائيل ومصر وقطر في الفترة الممتدة من 17 إلى 21 أغسطس/آب الجاري لمواصلة الجهود الدبلوماسية باتجاه إبرام اتفاق وقف لإطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن الرهائن والمعتقلين بدعم من مصر وقطر.

انطلق بلينكن بتلك الجولة فزار أولا إسرائيل، حيث أعلن بعد لقاء مع الرئيس الإسرائيلي اسحاق هرتسوغ أنه سيتوجه إلى مصر وقطر للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، للدفع بشأن التوصل إلى صفقة.

فكانت مصر محطته الثانية، وفعلا التقى بلينكن الرئيس عبد الفتاح السيسي في مدينة العلمين الواقعة على ساحل البحر المتوسط، فضلا عن وزير الخارجية بدر عبد العاطي ورئيس جهاز الاستخبارات المصرية عباس كامل الذي شارك في جولات التفاوض، مشددا على أهمية مواصلة العمل لتجنب تصعيد إقليمي.

ومن المدينة الساحلية، توجه بلينكن مساء الثلاثاء إلى الدوحة في زيارة مقتضبة، حيث كان مقررا أن يلتقي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثان، لكنّ اللقاء لم يتم.

وفي حين لم يتم ذكر سبب رسمي لعدم انعقاد اللقاء، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول أمريكي قوله إن أمير قطر شعر بوعكة صحية، وإنه سيستعاض عن اللقاء بمحادثة هاتفية.

التقى بلينكن في الزيارة القصيرة للدوحة وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي، وناقشا تطورات الأوضاع في قطاع غزة والتأكيد على ضرورة التهدئة وخفض التصعيد في المنطقة.

وقبل مغادرته العاصمة القطرية، تلقى الوزير الأمريكي اتصالا من رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثان الذي يقوم بزيارة لأستراليا ونيوزيلندا.

ولعلّها المرة الأولى التي “يمتنع” فيها أمير قطر عن استقبال مسؤول رفيع المستوى، والمرة الأولى التي يُحكى فيها عن تعرّض الأمير الشاب لوعكة صحية.

وفي هذا الإطار، يشير أستاذ العلوم السياسية والإعلام والباحث في الشؤون الدولية في قطر علي الهيل إلى “استياء قطري من المقترح الأمريكي الجديد، ربما انعكس على استقبال وزير الخارجية الأمريكية في الدوحة”.

وأضاف الهيل في حديث لبي بي سي عربي أن المقترح الجديد يضرب المفاوضات من أساسها، وقال: “كأن الذي صاغ المقترح هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يريد أن تبقى قواته في محور نتساريم وفي محور فيلادلفيا وفي معبر رفح، على الرغم من أن بلينكن أعلن من الدوحة أن الولايات المتحدة لا تقبل أي احتلال طويل الأمد لغزة من جانب إسرائيل”.

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ووزير الدولة للشؤون الخارجية القطرية الدكتور محمد بن عبد العزيز الخليفي في الدوحة

Reuters

ويتساءل الهيل: “لماذا لم يدلِ بلينكن بهذا الموقف من تل أبيب؟”

وعما إذا كان من شأن عدم انعقاد اللقاء بين الأمير تميم والوزير بلينكن أن يؤثر على سير المفاوضات، يرى الهيل أنها “تأثرت وستتأثر”، إذ إن كلّا من “واشنطن وتل أبيب نسفت تلك المفاوضات من جذورها بسبب المقترح الجديد”.

وبرأي الهيل، فإن بيان الخارجية القطرية الذي أكد التزام دولة قطر بدورها في الوساطة إلى جوار الشركاء في مصر والولايات المتحدة الأمريكية، ما هو إلا من باب المجاملة أو تشجيع الاستمرار في المفاوضات.

ويقول مدير مركز القمة للدراسات في الدوحة صالح غريب إن قطر ربما أرادت أن توصل رسالة، وأضاف في حديث لبي بي سي عربي أن هناك “امتعاضا شديدا في دول الخليج في ما خص الدور الامريكي كوسيط في المفاوضات”.

وبحسب قراءة غريب، فقد أدلى وزير الخارجية الأمريكية بمواقف من إسرائيل قد لا تتوافق مع سياسة الوسطاء خصوصا وأن بلاده وسيط أساسي في عملية التفاوض، معتبرا أن بلينكن بتأكيده دعم أمريكا الراسخ لإسرائيل، وكأنه استبق زيارتيه للدوحة والقاهرة.

“قطر مستمرة في دورها كوسيط في المفاوضات، وحتى عندما هددت بإعادة النظر بدورها كوسيط، استمرت بالوساطة، وهي تدعم التوصل إلى اتفاق،” بحسب قول غريب.

وتتهم إيران وحركة حماس إسرائيل بأنها قامت باغتيال رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، الذي كان يقيم في الدوحة بصفة دائمة منذ سنوات، في طهران الشهر الماضي، غير أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها حتى الآن عن العملية.

وبحضور أمير قطر، أقيمت الصلاة على جثمان هنية في مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب في الدوحة في الثاني من أغسطس الجاري حيث احتشد مئات من المشيّعين، قبل دفنه في مقبرة شمال العاصمة القطرية.

ووصف وقتها أنور قرقاش، مستشار الرئيس الإماراتي، “احتضان دولة قطر جنازة اسماعيل هنية في هذه الظروف الصعبة، موقف نبيل ومقدر”.

ويعتقد غريب أن حماس قدمت تنازلات عدة وسط مزيد من الشروط والمطالبات الإسرائيلية تدعمها أمريكا، تزامنا مع غياب ضمانات أمريكية بوقف الحرب، مضيفا أن قطر ومصر لا تستطيعان تقديم ضمانات أيضا.

أستاذ العلوم السياسية والإعلام والباحث في الشؤون الدولية في قطر علي الهيل يعتبر بدوره أن إسرائيل تريد إطلاق سراح الرهائن ثم استئناف القتال ضد الفلسطينيين، بينما حركة حماس تطالب بانسحاب كامل من غزة ووقف فوري ودائم لإطلاق النار، الذي برأيه يحتاج لضمانات أممية ومن دول كبرى كروسيا والصين بعيدا من الولايات المتحدة الأمريكية التي يرى الهيل أنها “مشارك بشكل أساسي في الحرب في غزة”.

وأشار الهيل إلى أن حركة حماس كانت قد تعاطت بإيجابية مع المقترح الذي أعلنه الرئيس جو بايدن في 31 مايو/أيار والذي اعتُمد قرارا في مجلس الأمن تحت الرقم 2735، بينما المقترح الجديد يعني الوصول لطريق مسدود.

وكان آخر ظهور بالصورة لأمير قطر في الثامن من أغسطس/آب الجاري وتحديدا خلال زيارة قام بها لأنقرة، التقى في خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لكن الديوان الأميري لم يتوقف حتى تاريخه من إصدار بيانات حول نشاط الأمير اليومي.

ومن ضمن نشاطه اليومي، أعلن الديوان الأميري القطري ظهر الأربعاء أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تلقى اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، جرى خلاله استعراض العلاقات الاستراتيجية بين البلدين “الصديقين”، إضافةً إلى تطورات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وجهود الوساطة المشتركة لإنهاء الحرب على القطاع.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.