كيف يحمي الشُبان المسلمون المساجد في ظل أعمال الشغب في بريطانيا؟

مصلي

Reuters

شهدت المساجد فيما لا يقل عن أربع مدن بريطانية استهدافات خلال الاضطرابات التي قادها اليمين المتطرف مؤخرا.

وشهدت بعض هذه المساجد أعمال رشْق بالحجارة، وزجاجات المياه وما إلى ذلك، فنهضت جمعيات محلية عديدة للتصدي لمثل تلك الأعمال، ومن بين تلك الجمعيات، واحدة تطلق على نفسها اسم “بروتيكت” أو (قُم بالحماية)، والتي تتولى توزيع أعضائها على أماكن العبادة التي قد تواجه تهديدا.

وفي غضون يومين من إنشائها، استقبلت جمعية بروتيكت أكثر من 1,500 عضو، شمال غربي إنجلترا، حيث مقرّ الجمعية.

وفي يوم الأربعاء، وجهت جمعية بروتيكت نداءً في مدينة أكرينغتون إلى متطوعيها، بعد ما وجّه مسجد نداء استغاثة، ليُظهر مقطع فيديو تم تداوُله واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، يظهر فيه مرتادو إحدى الحانات يستقبلون بالأحضان عددا من الشُبان الذين وصلوا للدفاع عن المسجد.

ورغم هدوء الأجواء بدرجة كبيرة في الأيام الأخيرة عن ذي قبل، يقول القائمون على إدارة الجمعية إنها ستبقى قائمة لدواعي الأمان.

وخشية من أن يُساء فهمهم، تردد مؤسسو الجمعية في التحدث إلى بي بي سي في بداية الأمر، لكنهم وافقوا في النهاية على الحديث شريطة عدم ذِكر أسمائهم.

جلسة في منتزه

BBC

يقول مؤسس جمعية بروتيكت إنها “أنشئت لكي يُخطر بعضنا بعضا حال وقوع مشكلات في المناطق التي نعيش بها، بحيث ينتبه الجميع. وإذا ما اقتربوا من أماكن العبادة، فإن أعضاء الجمعية سينهضون لحمايتها”.

وأشار إلى أن المجتمعات المحلية في إنجلترا تابعت بقلق تلك الاضطرابات التي وقعت مؤخرا، وقد صُدمت من حجمها ووقوعها فجأة.

وأعرب عن خشيتهم من عودة هذه الاضطرابات مجددا في أي وقت، ومن ثمّ فإن جانباً من مهام الجمعية يتمثل في التأكد من الشائعات الخاصة بالاضطرابات للوقوف على حقيقة الوضع.

ولكن عندما تصدر استغاثة عن مسجد أو عن أحد المراكز الاجتماعية، يجري نشر هذه الاستغاثة على أوسع نطاق.

يقول مؤسس بروتيكت: “سنتوجّه إلى مصدر الاستغاثة للدفاع، ليس بالسلاح، ولكن بمجرد الحضور الشخصي أمام المكان، وإذا ما أقبل أحدهم على مهاجمة المسجد، لن نسمح له بذلك”.

ويضيف: “إذا كان أفراد من عائلتي داخل المسجد الذي يتعرّض للهجوم، عندئذ سأدافع بكل الوسائل – حتى لو تعرّضتُ للإصابة، بحجر أو بمادة مشتعلة، أو بأي شيء – سأحمي أفراد عائلتي في الداخل”.

ولكن لماذا لا تتركون مهمة حماية المجتمعات والمساجد بشكل تام للشرطة؟

رداً على هذا السؤال، قال مؤسس بروتيكت: “الشرطة تقوم بعمل رائع، وتتفانى في تأميننا، لكن عددهم لا يكفي، وقد استغرقتْهم مهمة التصدي للاضطرابات الأخيرة وقتاً”.

وقال أحد القائمين على إدارة الجمعية: “لقد تابعنا ما حدث في أماكن أخرى، لم تستطع الشرطة استيعاب الأمر وحدها، كما أنها لم تكن مستعدة، لذلك يتعين على البعض أن يكونوا موجودين إلى جانب الشرطة”.

وتواصلنا، في بي بي سي، مع قوات شرطة محلية، لكنهم أخبرونا بأنهم لا يستطيعون التعليق بشكل محدد على أعمال جمعية بروتيكت.

وقبل أيام، كانت هناك مخاوف بشأن تهديدات لمسجد بمدينة أكرينغتون، وقالت شرطة المنطقة إنها علمت بأمر التهديدات، وتعهدت بردّ قوي حال وقوع أي منها.

وأعرب مؤسس جمعية بروتيكت عن استيائه من حوادث، غير متعلقة بالجمعية، وقعت في منطقة ستوك-أون-ترينت غربي وسط إنجلترا وفي منطقة برمنغهام حيث خرج رجال مسلمون يحملون أسلحة.

وفي ذلك، قال مؤسس بروتيكت، إن جمعيته لا تُقرّ لأيّ من أعضائها بحمل السلاح ولا بتغطية الوجوه في أثناء الدفاع عن دور العبادة.

وأضاف: “لم ننشئ الجمعية للتحريض على الكراهية أو أعمال الشغب، وإنما لتأمين أنفسنا، مدفوعين في ذلك بالخوف من وقوع مزيد من أعمال العنف، لا سيما ضد نساء مسلمات في ظل إبلاغ محجبات عن تعرّضهن للتحرش بسبب هذا الحجاب”.

وتابع مؤسس بروتيكت: “عندما نعلم بوجود مظاهرات في مكان ما، نظل ننبّه ونناشد بعدم الاقتراب من ذلك المكان. ولا نعمل على منع أحد من التظاهر، طالما أنهم لم يتعرضوا لأماكننا بالضرر”.

وفي إحدى أمسيات الأسبوع الماضي، أخطرت جمعية بروتيكت كل أعضائها بضرورة الانتباه، بعد أن وجّه مسجد في منطقة أكرينغتون نداء استغاثة خوفاً من وقوع أعمال عنف.

جلوس

BBC

وقد شاهدنا تجمّع عشرات الشُبان أمام المسجد، ودأب منظمو التجمّع على تذكير هؤلاء الشُبان بعدم ارتداء أقنعة، كما لم يكن هناك أي دليل على وجود سلاح معهم، وقد كانوا يقفون إلى جوار الشرطة في جوّ من التعاون.

وقد مرّت تلك الأمسية بسلام، وشاع عبر مواقع التواصل مقطع فيديو تمّ تصويره في أكرينغتون حيث خرج مرتادو إحدى الحانات وقاموا باحتضان الشُبان المسلمين، بينما عادوا أدراجهم بعد أن اطمأنوا أنه لا توجد مشكلة.

وكان الشُبان طوال الوقت مع الشرطة يتحدثون مع عناصرها في تعاون.

يقول مؤسس جمعية بروتيكت: “لا نريد حربا، ولا نريد وقوع أي شيء من ذلك”.

ويضيف: “لكن هذا البلد لنا فيه مثل ما لهم، فيه وُلدنا، وفيه وُلد آباؤنا. وبعض أجدادنا وأجداد أجدادنا شاركوا في الحرب العالمية الثانية. وعليه، أعتقد أننا نملك الحقوق نفسها التي يملكها الآخرون في هذا البلد”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.