تحذيرات أمنية من “طــلائــع سورية” في لبنان لنـــصـــرة غزة؟

رضوان عقيل – النهار

لم تنتهِ الدوائر الامنية اللبنانية والديبلوماسية في بيروت بعد من التدقيق في اعلان حركة “حماس” اطلاقها قبل اسبوعين طلائع “طوفان الاقصى” في المخيمات الفلسطينية وامكان تمدد انتشارها الى خارج المخيمات. ويتزامن ذلك مع توجه الانظار الى مخيمات النازحين السوريين في خضم تطور وتيرة المواجهات العسكرية في الجنوب بين “حزب الله” واسرائيل وتجاوز الاخيرة حدود القرار 1701 اكثر من مرة واستهدافها مواقع عسكرية وأماكن زراعية وصناعية تقول انها تعود للحزب، مع ملاحظة استهدافها العشرات من منازل المدنيين في خروق واضحة للعيان وتحت انظار وحدات “اليونيفيل” المنتشرة جنوب الليطاني. ولم تكتفِ اسرائيل بذلك بل عملت على استهداف اكثر من مركز ونقطة عسكرية للجيش اللبناني على طول الحدود. انطلاقاً من كل هذه التطورات ووسط انهماك القوى السياسية والكتل النيابية الاسبوع الفائت في التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون لا يفوت اكثر من جهة محلية وخارجية التدقيق اكثر في ما يدور على ارض الجنوب ومناطق اخرى نظراً الى خطورة ان تتوسع دائرة الحرب وان تخرج عن الوتيرة المتبعة والقاسية على الطرفين من خلال الخسائر التي تقع. وتتوقف الجهات الامنية عند مسألة الرسائل التي وصلتها في هذا الخصوص والتي تلقّاها “حزب الله” والمسؤولون الرسميون وفي مقدمهم الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي، وهي التحذيرات الاسرائيلية التي يتم ايصالها الى بيروت والضاحية الجنوبية، والتي تقول ان حكومة بنيامين نتنياهو تعرف جيداً قدرات المقاومة التي ستصل صواريخها الى عمق تل أبيب، لكن الجيش الاسرائيلي في المقابل لن يتأخر في تكرار مشاهد غزة وتدميرها و”طبعه” نسخة ثانية له في بيروت على قول جهات ديبلوماسية غربية تردد هذا الكلام على مسمع أمنيين وسياسيين لبنانيين. ولم تكن مثل هذه التحذيرات بعيدة عما نقلته وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولانا أمس.

ولذلك تتنبه الاجهزة الامنية الى اي تطور واي “دعسة ناقصة” وخصوصاً في الجنوب من خلال تأكيد اعتراضها وعدم ارتياحها لما قامت به “حماس” من خلال الاعلان عن “طلائعها”، وهي تتفهم في الوقت نفسه ما يعيشه شارعها الذي ارتفعت أعداده على حساب الفصائل الاخرى وكل اللاجئين الفلسطينيين على ضوء المجازر الاسرائيلية المتواصلة في قطاع غزة والضفة الغربية. في المقابل يجري التحسب جيداً لدخول مجموعات على خط هذه الاحداث ومناخات التوتر من تسلل عناصر من تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” الى النقاط الساخنة في الجنوب وافادتهما من اي ثغر امنية او استهدافهما مؤسسات امنية ورسمية وشعبية لبنانية. وما لم تحققه هذه المجموعات الارهابية في السابق قد تقدم على فعله اليوم. ومن النقاط التي تتحسب لها اجهزة الامن اللبنانية قراءة ما يحدث وما يدور في الشارع الفلسطيني في المخيمات، ولا سيما امام الحساسيات الزائدة التي لا تزال تتحكم بالعلاقة بين “حماس” وحركة “فتح”، مع ملاحظة ان مشكلات الاخيرة مع المجموعات المناوئة لها في مخيم عين الحلوة لم تطوَ بعد وهي قابلة لاعادة التفجير والاشتباكات بين الطرفين في وقت يقدم فيه ابناء جلدتهم في الضفة الغربية وجبهة غزة المفتوحة انجازات كبيرة في مقاومتهم وتصديهم للاسرائيلي وتمكنهم من خلق حالات من الارباك الشديد في المجتمع الاسرائيلي لم يشهدها بهذه الطريقة من قبل.

Visit Website
ومن “مسرح” الفلسطينيين الى مخيمات النازحين السوريين، تتوقف الاجهزة الامنية عند حالة تعاطف أولئك وتأثرهم بأحداث غزة وامتداد شراراتها بصورة اكبر الى لبنان على شكل عدوان تموز 2006، الامر الذي قد يدفع مجموعات من هؤلاء النازحين الى انشاء “طلائع سورية” دعماً للفلسطينيين وتحت شعار قتال اسرائيل. مع الاشارة الى انه في امكان اي نازح سوري التنقل في مختلف المناطق اللبنانية من دون اي تقييد لحركة النازحين. ومن يقطن في عرسال، على سبيل المثال، يمكنه ان ينتقل الى صور على عكس الرقابة المفروضة على النازحين في الاردن واشراف سلطاته على كل المخيمات في المملكة. وتبقى هذه المعلومات ولو على شكل تحذيرات في مرمى التدقيق والمتابعة، مع التذكير بان السوريين وبخلاف الفلسطينيين اللاجئين ينتشرون على مساحة 97 في المئة من المدن والبلدات اللبنانية. وكانت مفوضية اللاجئين قد سلمت المدير العام للامن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري “الداتا” المتعلقة بالنازحين السوريين بناء على اتفاق بينهما في 8 آب الفائت وتشكيلهما لجنة فنية مشتركة مع تشديد الطرفين فيها على ضمان استمرار الالتزام بمبادىء القانون الدولي. وجاءت حصيلة هذا العمل بعد سلسلة من الطلبات اللبنانية التي لم تحققها وزارتا الشؤون الاجتماعية والمهجرين بل على العكس حيث يستمران في خلافاتهما المفتوحة ولم يتفقا الى اليوم على من يتولى ملف النازحين. وورد في “داتا” المفوضية في معلومات لـ “النهار” ان عدد السوريين المسجلين على لوائحها ويستفيدون من تقديماتها وخدماتها المالية قد بلغ مليونا و482 ألف شخص يتوزعون على 350 الف اسرة. وتقوم الدوائر المعنية بمقارنة كل هذه الارقام بما لديها في الاصل وينكبّ المشرفون على هذه العملية و”تشريحها” بتوجيهات من البيسري الذي يمنحها عناية خاصة لإعداد تقرير مفصل ورفعه الى الرئيس نجيب ميقاتي في مطلع كانون الثاني المقبل.

من “طلائع الفلسطينيين” الى “طلائع السوريين” الذين يقيمون في لبنان لا يتوجه اصحاب الارض إلا نحو الهجرة والمزيد من الانحدار والانهيارات بفعل تركهم لمصيرهم جراء السياسات الخاطئة من هنا وهناك.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.