الهجرة الجماعية من كوبا تشكل موجة متزايدة تخَّلِفُ وراءها الكثير من الأطفال
تشهدكوبا هجرة جماعية بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية التي تفاقمت جرّاء تأثير وباء كوفيد 19 ما دفع العديد من الكوبيينإلى الشعور بأنه ليس لديهم خيار سوى مغادرة بلادهم للبحث عن فرصٍ أفضل في الخارج.
يهاجر الكوبيون الشباب، وخصوصاً الشباب الذين يمتلكون مهارات مميزة، بأعداد كبيرة.
وصل مئات الآلاف من الكوبيين إلى الولايات المتحدة، عن طريق البر عبر حدود المكسيك وعن طريق البحر أيضاً. تقول وحدة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، إن عدد الكوبيين الذين دخلوا البلاد قفز من 39000 في عام 2021 إلى 224000 في عام 2022.
هذا العدد أعلى مما كان عليه خلال أكبر موجات الهجرة الكوبية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.
ونظرًا لأن المعابر البحرية والبرية على حد سواء محفوفة بالمخاطر، فإن العديد من المهاجرين يتخذون قراراً صعباً بترك أطفالهم وراءهم.
تأمل العائلات المهاجرة أن يتمكن أطفالهم من الانضمام إليهم بمجرد تصويب أوضاعهم القانونية كمهاجرين، لكن هذا الأمر قد يستغرق عدة سنوات. وفي الوقت نفسه، تعمل العائلات المهاجرة لكسب ما يكفي من المال لتكون قادرة على إرسال الأموال والهدايا للأطفال، في محاولة لتعويض الغياب المادي عنهم.
يعيش العديد من الأطفال ممن تركتهم عائلاتهم التي هاجرت البلاد مع أقاربهم.
أظهرت دراسة أجراها علماء نفس في كوبا خلال عام 2017 أن الأطفال الذين نشأوا مع أعمامهم وأجدادهم بعد مغادرة ذويهم للبلاد يعانون من مستويات عالية من الغضب والحزن وفقدان قيم الهوية الأسرية.
وقال الباحثون إن ارتفاع عدد الحالات “يجعل هذه المشكلة من أكثر الأسباب التي تدفع كثيرين لطلب الاستشارة النفسية في كوبا”.
تعيش كاتاليا لاريناغا غويرا، التي تبلغ من العمر تسع سنوات، وشقيقتها الصغرى كاترين، التي تبلغ من العمر سبع سنوات، مع أجدادهما في حي لوس بوسيتوس الفقير في العاصمة الكوبية هافانا.
غادر فلاديمير والد كاتاليا وكاترين من كوبا عندما كانت كاترين تبلغ من العمر شهراً واحداً فقط.
وبعد مرور أربع سنوات، استقلت والدتهما يانيت طائرة إلى بنما، وانطلقت من هناك إلى الولايات المتحدة لتنضم إلى والد الفتاتين.
يعيش فلاديمير ويانيت منذ ذلك الوقت في مدينة أوستن بولاية تكساس، على أمل أن تتم الموافقة على طلب لم شمل الأسرة حتى يُسمح لهما بإحضار كاتاليا وكاترين للعيش معهما.
يرسل فلاديمير ويانيت أموالاً من الولايات المتحدة لتغطية نفقات كاتاليا وكاترين في كوبا مع نهاية كل شهر. تختار الفتاتان الألعاب والهدايا التي ستشتريها والدتهما من متجر في أوستن لإرسالها لاحقًا إلى كوبا خلال الحديث عبر مكالمات الفيديو.
يقدم ألفونسو، جد كاتاليا وكاترين الرعاية بشكل كامل لهما في ظل غياب الوالدين، ويقول ألفونسو:”إنه لأمر صعب للغاية، فهم يشعرون بالخسارة”.
ويضيف ألفونسو:”عندما يحدث شيء مع الفتاة الصغرى، تبدأ في البكاء! وتقول إنها تريد أن تكون مع والدتها. الأمر مختلف هنا حتى ولو قدمنا لهما كل الحب الموجود في العالم فإن هذا لن يكفيهما، لإن الفتاتين بحاجة للأم وللأب”.
يقول ألفونسو: “إن كاترين بدأت في مناداته وزوجته بـ “أبي وأمي”، ويوضح ألفونسو أنه كان عليه أن يشرح للفتاتين عدة مرات أن جديهما ووالديهما يبذلون قصارى جهدهم للم شمل العائلة في أقرب وقت ممكن.
يعيش ألكسندر غونزاليس ليون، الذي يبلغ من العمر تسعة أعوام، في منزل مكون من طابقين في غواناباكوا، إحدى ضواحي هافانا. كان والديه وأجداده وأعمامه وابن عمه يعيشون معاً في تلك المنطقة قبل ثلاثة أعوام.
ولكن الآن، أصبحت معظم الغرف فارغة ويتم رعاية ألكسندر من قبل عمته ميرسيديز وجدته، لأن بقية الأسرة هاجرت إلى الولايات المتحدة.
اعتادت لورديس، والدة ألكسندر، السفر إلى دول مجاورة لكوبا مثل غيانا أو بنما لشراء الضروريات التي لا تستطيع الحصول عليها في كوبا، وكانت تقوم أيضاً ببيع بعض الأشياء التي تجلبها معها في كوبا كوسيلة لكسب المال.
ذات يوم، مكثت في المكسيك وتقدمت بطلب للحصول على الأوراق اللازمة لابنها لينضم إليها هناك. لكن الأمور لم تمض قدماً كما خططت لها.
تم إغلاق الحدود بسبب وباء كوفيد وأصبحت لورديس حاملاً بطفلها الثاني في المكسيك.
قررت العائلة بأكملها أنه سيكون من الأفضل لو عبرت الحدود إلى الولايات المتحدة وأبقت على ألكسندر في كوبا حتى يتمكن من الانضمام إليها بشكل قانوني.
يرى ألكسندر والدته كل يوم عبر مكالمات الفيديو. لكن مرت ثلاث سنوات منذ آخر مرة عانق ألكسندر فيها والدته.
تتلقى عمة ألكسندر الكبرى ميرسيديز، والتي تتحمل مسؤوليته، المال كل شهر من والدة ألكسندر.
تقول: “الطعام والملابس وحتى الزي المدرسي، كل شيء ترسله لي لورديس”.
وتضيف مرسيديز أن ألكسندر لا يشعر بغياب والدته كثيراً لأنه يراها على شاشة الهاتف من خلال مكالمات الفيديو.
“فقط عندما أوبخه لفعل شيء ما، يقول لي:” كان يجب علي الذهاب مع أمي “.
ألكسندر مقتنع بأنه سيتم لم شمله قريباً مع والدته في الولايات المتحدة ويلتقي بأخيه الصغير. “العام المقبل، لن أكون في كوبا بعد الآن،” يقول ألكسندر لعمته.
غادر والدا إيكو رودريغيز لارا إلى روسيا قبل عام بحثاً عن حياة أفضل.
يعيش إيكو الآن مع أخته إليزابيث البالغة من العمر عامين وجدتيهما، لورديس ورايسا. واللتين تتقاسمان واجبات رعاية الحفيدين.
بعد أن غادر والديه إلى روسيا، بدأت تظهر حالة مرضية جلدية على إيكو وبدأ يواجه نوبات من القلق، أخذته جدّتاه لرؤية طبيب نفسي، الذي أخبرهم أن غياب والديه كان سبب مشاكل الصبي.
كان إيكو يحضر ورش عمل فنية في مركز ثقافي في هافانا للمساعدة في التخفيف من نوبات القلق.
أصبحت شقيقته إليزابيث، التي تتسم بالخجل، مرتبطة بشكل كبير بجدتها لورديس.
تأمل الجدتان أن يتمكن والدا الطفلين من تصويب أوضاعهما في روسيا قريباً واصطحابهما معهما. لكنَّ الطفلين يعرفان أن هذا قد يستغرق عدة سنوات.
تقول رايسا إن ابنتها تأسف لترك طفليها وراءها:”يتساقط شعر ابنتي من الحزن، وهي مشتاقة لطفليها كثيراً”.
تعود ملكية جميع الصور لناتاليا فافري وتخضع الصور لحقوق النشر.
Comments are closed.