طرابلس تودّع ضحايا «المركب».. والغضب يطول مرشحين ومسؤولين
مركب الموت هز طرابلس، وعنَّف مواقع عسكرية وصحية بعد انكشاف هول المأساة وفقدان أسر ونشر المزيد من اليتم والترمل، في مجتمع حلت عليه لعنة الابتلاء بمنظومة سياسية، تعمل بذهنية تجار البندقية الجشعين، كما صورهم الأديب الإنكليزي شكسبير، حتى بات المواطن يرى البحر أمامه والفساد خلفه، فكان ركوب البحر خياره الأفضل.
الحصيلة غير النهائية لمأساة غرق الزورق، انتشال 9 جثث لغرقى المركب، و47 ناجيا، وبقي عديد المفقودين، مفتوحا بسبب تعذر حصر عداد الركاب.
وقد واصلت زوارق البحرية، ومروحيات سلاح الطيران عمليات البحث عن المفقودين، الى جانب أهالي الساحل الطرابلسي، طوال نهار أمس.
أما عن المسؤوليات، فسواء كان مركب المهاجرين، اصطدم بخافرة للجيش، كما تقول قيادة البحرية، ام ان الخافرة العسكرية هي من تعمدت صدم المركب من خلف ومن امام، فإن الجيش تعهد بلسان قائد البحرية العقيد هيثم الضناوي بإجراء تحقيق شفاف، وعلى مستوى المسؤولية. فهناك إفادات الناجين بالصوت والصورة، والتي تصبح مجرد تفاصيل امام هدر الدم. والحداد الرسمي لا يكفي، ولا حتى مع تنكيس الاعلام، فضلا عن تقبل التعازي.
رئيس التيار الحر جبران باسيل، نشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان: «حذار من خلق الفتنة وتأجيل الانتخابات».
بدورها، القوات اللبنانية وعبر إذاعة لبنان الحر وضعت عملية اغراق المركب في خانة عرقلة العملية الانتخابية وربما نسفها عن بكرة أبيها في لبنان وبلاد الانتشار.
ودعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الى اجراء تحقيق سريع، وقال: هذا أقل الواجب، كما يجب ألا نسمح لأحد بأخذ البلد الى الفتنة.
المرشح للانتخابات النيابية عن دائرة طرابلس د.مصطفى علوش قال: انه عهد جهنم بالفعل، فقبول الناس بالموت من اجل الهجرة، هو الموت بحد ذاته.
وفيما كانت الدولة اللبنانية في حالة حداد رسمي أمس، كان يوم غضب عارم بالنسبة لأهالي طرابلس الذين هم اهل الضحايا، حيث انشغل عدد منهم بتشييعهم، فيما انصرف آخرون الى تمزيق صور المرشحين للانتخابات، ما أوقع قتيلا يدعى محمد مراد (أبو عمر) برصاصة في الرأس أطلقها عمر المصري شعراني، احتجاجا على نزع صورة احد المرشحين.
غضب الناس دفع بعضهم الى منع وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار المحسوب على التيار الحر من اكمال تصريح كان يدلي به، بتكليف من الرئيس ميقاتي، وانهالوا عليه وعلى كبار المسؤولين بالصراخ والشتائم.
كما عملت مجموعة من الناشطين، على اخراج وزير الطاقة وليد فياض من احد المطاعم، احتجاجا على مشاركته في سهرة احتفالية، بينما ضحايا «مركب الموت» لم يشيعوا بعد، والكهرباء التي هي مسؤوليته مقطوعة على الدوام. وقد بالغ أحدهم، الناشط ايلي هيكل، عندما وجه «دفشة» قوية للوزير ادت الى ارتطامه بالجدار، وقد أوقف هيكل لاحقا، واصدر الوزير بيانا ذكر فيه: التوقيف لا يكفي.
وفي ذات الوقت اعتصم متظاهرون غاضبون امام منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بيروت، ومثلهم عند منزل وزير الداخلية بسام المولوي في طرابلس. وترافق مع تشييع الضحايا اطلاق الرصاص في الهواء، علامة للحزن الشديد، ورشق مشيعون عناصر الجيش بالحجارة، ما حمل الجيش على اخلاء ثلاثة حواجز له في حي البقار ومنطقة الريفا التي ينتمي اليها عدد من الضحايا، وانتقل التوتر الى حاجز ثكنة الجيش والشرطة العسكرية، حيث اتسم تصرف الجيش بالمرونة مراعاة للوضع.
وتضامنت بيروت مع طرابلس باقفال جسر «الرينغ» الذي يربط شرق العاصمة بغربها، وكذلك فعلت صيدا من خلال اقفال «مستديرة إيليا» التي تمثل احدى البوابات الأساسية بين صيدا والجنوب.
وفي هذه الأثناء، لفظ البحر جثتي رجل وامرأة من ركاب المركب الغريق، على شاطئ بلدة شكا وهما أمير قدور وخديجة النمري. ولاحقا عثر على جثة راكبة أخرى هي حورية كريمة زوجة رائد دندشي في نفس المكان تقريبا.
ويبدو ان فاجعة غرق مركب المهاجرين، لم يفت من عضد من عقدوا العزم على الخروج مما يعتبرونه جحيما لا يطاق، بدليل ان احد زوارق التهريب استغل انشغال الجيش والناس بارتدادات غرق مركب الموت، وغادر الساحل الشمالي فجر أمس، وعلى متنه 100 راكب، وقد تبلغت المراجع الرسمية اللبنانية انهم وصلوا الى قبرص بسلام.
في غضون ذلك، أرجأ السفير السعودي وليد البخاري إفطارا تكريميا دعاه اليه ميشال معوض في زغرتا غروب اليوم، بسبب وصول وفد سعودي معني بتقديم المساعدات الى بيروت، فضلا عن الظروف الراهنة.
واليوم، تعقد اللجان النيابية المشتركة اجتماعا قبل الظهر، لمتابعة بحث مشروع «الكابيتال كنترول» المتعلق بالتحويلات المالية، والذي تصر الحكومة على اقراره، وسط معارضة مصرفية ونقابية واسعة خشية على مصير اموال المودعين.
وقد دعت نقابات المهن الحرة الى اعتصام حاشد امام مجلس النواب لرفض المشروع، حيث اصدرت كل من نقابات المحررين الصحافيين والأطباء والمحامين دعوات للنزول بكثافه الى محيط البرلمان.
كما دعت منظمات المجتمع المدني الى التجمع صباحا رفضا للمشروع مما يجعل من الصعوبة اقراره من النواب، وتأجيل هذا القرار لما بعد الانتخابات.
الانباء – عمر حبنجر
Comments are closed.