المخارج غامضة والحكومة تؤكّد “الخلل القضائي”
كتبت صحيفة الشرق الأوسط تقول: لم يسفر اجتماع الحكومة اللبنانية لمعالجة تداعيات القرارات القضائية المتصلة بالقطاع المصرفي، عن أي نتائج حاسمة، وبقيت القرارات السابقة التي اتخذت في الأيام الماضية «قيد البحث مع المراجع القضائية»، فيما وضع الاجتماع أساساً لتصويب القرارات القضائية اللاحقة، لجهة مراجعة مدعي عام التمييز قبل اتخاذ النيابات العامة أي قرارات كبيرة، عملاً بقانون أصول المحاكمات الجزائية.
والتأمت الحكومة اللبنانية، أمس، في اجتماع استثنائي لمواكبة القرارات القضائية التي اتخذت في الأيام القليلة الماضية، ومنها وضع النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون إشارات حجز على أصول ستة مصارف لبنانية ورؤساء مجالس إدارتها، وقرارات التنفيذ بحق مصرفي «فرنسبك» و«لبنان والمهجر»، ما أثار أزمة بين القضاء والجهاز المصرفي الذي أعلن عن إضراب تحذيري يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين.
وأكد مصدر مواكب لاجتماع الحكومة، أمس، لـ«الشرق الأوسط»، أن الاجتماع «لم يخرج بنتائج إيجابية كما كان متوقعاً»، بل «بدا أنه محاولة لتنفيس الاحتقان حتى لا تذهب الأمور نحو واقع أسوأ». وأوضح المصدر أن الاجتماع «لم يجد معالجة حاسمة للقرارات التي اتخذتها القاضية غادة عون»، لافتاً إلى أن الملف «لا يزال يدور حول البحث عن حل مستدام للعلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية وموضوع الفصل والتعاون فيما بينهما»، مشيراً إلى أن القرارات السابقة التي اتخذت خلال الأيام الماضية «لا تزال قيد البحث مع المراجع بين وزير العدل والمرجعيات القضائية».
وبموازاة عدم حسم ما جرى في الأيام الماضية، ووجود «إرباك» لدى السلطة التنفيذية حول التطورات الأخيرة، وضعت الحكومة إطاراً للتفاهم حول المرحلة المقبلة، حسبما قال المصدر الذي أوضح أن «البحث يدور حول أن يقوم كل مدعٍ عام وفق صلاحياته بالتحقيقات المطلوبة منه، لكن عليه ألا يتخذ أي قرار على مستويات كبيرة من دون العودة إلى مدعي عام التمييز» الذي يرأس، بحسب قانون أصول المحاكمات الجزائية، كل النيابات العامة.
وأكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بعد الاجتماع، «أنني وجميع الوزراء لا نجتمع لحماية أي قطاع بذاته، بل هدفنا حفظ التوازنات التي تمنع أن نصل إلى مرحلة تصبح فيها كل القطاعات خاسرة»، مجدداً تأكيد حرصه والوزراء «على استقلالية السلطة القضائية وعدم التدخل في الشؤون القضائية احتراماً لمبدأ فصل السلطات». وقال: «بالتوازي، وانطلاقاً من مسؤولية الحكومة في رسم السياسة العامة في البلاد، وانطلاقاً من مبدأ التعاون بين السلطات وتوازنها وتكاملها وتعاونها، وحرصاً منا على استقرار الأوضاع من النواحي كافة، طلب المجلس أن يأخذ القانون مجراه من دون أي تمييز أو استنسابية، وأن تتخذ المبادرة لمعالجة الأوضاع القضائية وفقاً للأصول وبحسب الصلاحية التي نصت عليها القوانين المرعية الإجراء، وذلك من قبل أركان السلطة القضائية، كل بحسب اختصاصه، وبشكل يحفظ حقوق الجميع، وفي طليعتها حقوق المودعين».
وأوضح ميقاتي أنه «حصل تكامل في الآراء من قبل الوزراء القضاة داخل الجلسة، وإجماع على أن بعض الإجراءات القضائية المتخذة ليست في مكانها الصحيح، من هنا تحدثنا عن تصويب المسار القضائي». وأضاف: «القضاة الأربعة أجمعوا على ما يمكن للنيابة العامة أن تفعله أو لا تفعله، وعلى أن مصرف لبنان يجب أن تتم مراجعته في الحجز على أي مصرف، وضرورة اتباع قانون أصول المحاكمات الجزائية، خصوصاً في المواد 15 و16 و17 و19، لا سيما المادة 19 التي توجب على المدعي العام التمييزي أن يأخذ دوره. من هنا جاء كلامنا بأن يأخذ المعنيون دورهم، ونحن سنراقب هذا الموضوع وسنتابع. هدفنا انتظام العمل القضائي بكل معنى الكلمة ولسنا طرفاً مع أحد».
وشدد ميقاتي على أن «كل الحوار الذي جرى اليوم داخل مجلس الوزراء، لم يكن لحماية المصارف أو حاكم مصرف لبنان، بل نحن نحمي مؤسسات وبلداً». وقال: «الأمور يجب أن تسير وفق ما تقتضيه القوانين بكل معنى الكلمة. وعندما أتحدث عن حماية مصرف لبنان، فمن البديهي حماية الجسم القضائي والقضاة، وأغلبيتهم لهم خبرة ويصدرون قرارات وأحكاماً يشهد لها».
وأكدت الحكومة، أمس، القرار المتخذ في الجلسة السابقة لجهة تكليف وزير العدل وضع رؤية لمعالجة الأوضاع القضائية ومعالجة مكامن أي خلل قد يعتريها وعرضها على مجلس الوزراء قريباً. كما كلفت وزير المالية الطلب من مصرف لبنان اتخاذ الإجراءات اللازمة، وبشكل فوري، لعدم تحديد سقوف السحب للرواتب والمعاشات الموطنة لدى المصارف.
وقال ميقاتي: «تبلغنا خلال الجلسة من نائب رئيس مجلس الوزراء سرعة العمل على إنجاز مشروع خطة التعافي ومشاريع القوانين المرتبطة بها تمهيداً لعرضها وإقرارها من قبل مجلس الوزراء»، كما «شددنا وتمنينا على المجلس النيابي الكريم الإسراع في إقرار قانون الكابيتال كونترول». وشدد على «أولوية أن تبقى حقوق المودعين، لا سيما صغار المودعين، مصانة ومحفوظة».
وعن استعادة المودعين أموالهم من المصارف، قال ميقاتي: «ضمن خطة التعافي الاقتصادي التي تضعها اللجنة المكلفة بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي برئاسة نائب رئيس الحكومة، تم طرح الموضوع، ونحو 90 في المائة من مجمل عدد المودعين في المصارف ستكون أموالهم مضمونة من قبل الدولة اللبنانية وستدفع لهم، وهؤلاء هم صغار المودعين». ودعا ميقاتي جمعية المصارف «لأن تكون على المستوى الوطني، كما عهدناها، ولا تذهب في المنحى السلبي، لكي نتعاون للخروج من الأزمة».
وبعد إعلان المصارف عن إضرابها التحذيري، الاثنين والثلاثاء، تقدمت رابطة المودعين أمس بطلب «أمر على عريضة أمام قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، إصدار قرار معجل التنفيذ نافذ على أصله، بإلزام المصارف المجتمعة بما يسمى جمعية المصارف اللبنانية، بعدم الإقفال وفتح أبوابها أمام المودعين للاستفادة من الخدمات التي تعاقدوا معهم لتقديمها، لوقوع هذا الإضراب تحت خانة التعسف باستعمال الحق».
Comments are closed.