عون يعلن الموافقة على النقطة الـ 23 ويستبعد الـ29 ويمهد لتأجيل الانتخابات: ليس لدينا مال
توقف المتابعون للأنشطة الانتخابية أمام كلام مستجد، وربما غير مفاجئ للرئيس اللبناني ميشال عون وفيه انه «ليس خائفا على الانتخابات في موعدها، اما ألا تجري، فهذه ذريعة الوزارة المعنية، التي هي وزارة الداخلية، كأن تقول، إنه لا مال لديها لإجراء الانتخابات في بلاد الانتشار (الاغتراب) كما في الداخل»، مشددا على ان المشكلة ليست عند رئيس الجمهورية، بل في مجلس الوزراء»!
وأضاف عون في حديث لجريدة «الأخبار» القريبة من حزب الله، «يبقى الآن المال، وأنا أكثر العالمين بأن ليس لدينا مال، ليس لإجراء الانتخابات وحسب، بل لأي أمر آخر، ربما لهذا السبب قد يتكون لدي خوف على الانتخابات والخشية من عدم إجرائها».
وفي موضوع ترسيم الحدود البحرية جنوبا، أعلن عون «ان الموقف اللبناني الرسمي واضح، فالنقطة 23 هي الحدود البحرية، والنقطة 29 كانت خط التفاوض، وان البعض اقترح هذا الخط من دون حجج برهنت عليه. أما عن تعديل المرسوم 6433 فلم يعد واردا في ضوء المعطيات الجديدة».
مجموعة الدعم الدولية للبنان استبقت أي تطور آخر بالدعوة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، وهذا ما أكد عليه البطريرك الماروني بشارة الراعي، وسفيرة الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا التي زارته في بكركي، من دون توقف أمام المعطيات المعاكسة التي تحدث عنها الرئيس عون.
وتكمن أهمية كلام عون، بتبنيه النقطة البحرية 23، التي سبق ان مشى بها رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي منذ 10 سنوات، ما يعكس إجماعا واضحا على طروحات الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، في ظل تسليم قيادة الجيش، صاحبة النقطة 29 بالقرار للسلطة السياسية، وترك الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله هذا الشأن للدولة اللبنانية، ضمن حدود منع التطبيع مع إسرائيل!
في غضون ذلك، الأنظار على جلسة مجلس الوزراء المقررة الثلاثاء المقبل، فهل تستطيع إصلاح ما أفسدته الجمعة الفائتة، أم ان العلاقة بين الثنائيين عون وميقاتي، وأمل وحزب الله، لوح زجاج وانكسر؟
الانطباعات الأولية، ان «الحرد» ممكن، لكن الطلاق مستحيل، في الحسابات المستقبلية المشتركة والواعدة، فالتعيينات العسكرية التي أغضبت الرئيس بري، تسهل معالجتها، من خلال تعيين نائب لمدير عام أمن الدولة، يسميه الرئيس بري، أما العقدة، فبالموازنة، التي اتهم حزب الله ميقاتي «بتهريبها» نفضا لليد وتهربا من مسؤولياتها أمام الشعب اللبناني الغاضب والناقم على الحال الذي أوصلوه إليه. وهي أيضا لن تعدم التفاهم عند التقاء المصالح.
وحساب الموازنة في مجلس النواب بالطبع، حيث سيتبارى القلقون على معيشة اللبنانيين في المدح والردح مع الموازنة وضدها، حتى يصلوا إلى كلمة سواء، وسيصلون في نهاية المطاف، لأن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي توجب التوافق على حدود معينة، كما لأن «سياسة الخنق» المسلطة على الشعب اللبناني لإرغامه على القبول بالتسويات الإقليمية والدولية، آن أوانها، أو يكاد، مع اقتراب السلطة اللبنانية، من الموافقة على عروض الوسيط الأميركي هوكشتاين، بشأن «صفقة» ترسيم الحدود البحرية مع الكيان الإسرائيلي.
وبالعودة الى ما حصل في جلسة يوم الجمعة، التي كانت مقررة للمصادقة على مشروع الموازنة الذي أعده وزير المال يوسف الخليل المحسوب على الرئيس بري، وإذا بالرئيس عون يطرح تكليف مدير عام سكك الحديد كمفوض للحكومة لدى مجلس الإنماء والإعمار، وهو مركز شاغر مخصص للموحدين الدروز، فاعترض وزير الثقافة محمد المرتضى المحسوب على «أمل»، معتبرا ذلك بمنزلة تعيين، فيما الجلسة مخصصة للموازنة، فأجابه ميقاتي: هذا تكليف بالإدارة وليس تعيينا.
وتقبل المرتضى الجواب، الى انه توجه الى الرئيسين عون وميقاتي والى وزير الدفاع موريس سليم بالقول: ماذا لديك؟ فأجاب: لدينا تعيينات في المجلس العسكري، بدنا نعين العميدين محمد المصطفى (سني) أمينا عاما للمجلس، والعميد بيار صعب (كاثوليكي) عضوا في المجلس، وهي مراكز شاغرة، هنا قال الوزير المرتضى بانفعال: شو صار فيه تعيينات لماذا؟ فأجابه عون: ما فينا ننتظر، فرد المرتضى: انتم تخرقون الاتفاق السياسي الذي حصل بعدم إجراء تعيينات، والمطلوب تأجيل التعيينات الى جلسة الثلاثاء، وبحسب ما نقلت قناة «ام تي في» عن مصادر وزارية، فان الرئيس عون توجه الى الرئيس ميقاتي مستفسرا: شو عم يقول؟ فأجابه ميقاتي: عم يقول لنؤجل الجلسة الى الثلاثاء، وبعد التشاور بين عون وميقاتي عن قرب، قال ميقاتي: أجلنا الجلسة، الى الثلاثاء.. وهنا ضرب الرئيس عون بمطرقته معلنا انتهاء الجلسة، فتوجه المرتضى الى ميقاتي سائلا: شو صار أتأجلت الى الثلاثاء؟ فأجابه نعم، ثم توجه ميقاتي الى الرئيس عون بالسؤال: أجلناها فخامة الرئيس ما هيك؟ فرد عون قائلا: لا عيناهم».
بعدئذ اكتشف الجميع من تصريح الرئيس عون للإعلاميين بأن الموازنة أقرت، دون مناقشة وكذلك التعيينات!
المصادر المتابعة أوضحت لـ «الأنباء» ان ما حصل ليس «تهريبة» كما اعتبر حزب الله وحركة امل، بل هو ما أوضح عنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لاحقا، وخلاصته، ان جدول أعمال مجلس الوزراء، هو من يعده، بالتشاور مع رئيس الجمهورية، وليس لأحد ان يفرض عليه جدول أعمال مجلس وزرائه، كما فعل الثنائي عندما اشترط لعودة وزرائه الى مجلس الوزراء، حصر البحث بالموازنة العامة وبخطة التعافي الاقتصادي والمعيشي.
في الأثناء، قام عدد من المواطنين اللبنانيين بالاعتصام أمام منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بيروت على خلفية تصريحه الأخير بأننا «يجب ان نتحمل بعض»، وتدخلت القوى الأمنية المكلفة بحماية المنزل لتفريق المعتصمين، ما أدى إلى توتر الأجواء.
وحاول المعتصمون اجتياز الحواجز الحديدية إلا ان القوى الأمنية تصدت لهم.
الأنباء – عمر حبنجر
Comments are closed.