“حان الوقت لاستبدال الأونروا” – ذا جيروزاليم بوست

 

شخص يحمل مساعدات من أونروا
Reuters

تتفاقم الأزمات الدولية يوماً بعد يوم، مما يؤدي إلى ظهور العديد من الآراء والتحليلات على صفحات الصحف العربية والعالمية، التي تتناول تداعيات تلك الأزمات.

وبينما تبرز الحروب كإحدى أبرز تلك الأزمات، تتصدر غزة المشهد في الصحافة الإسرائيلية، التي تهاجم في أحدث مقالاتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا”.

في المقابل، ترى الصحافة التركية أن الصراع الأمريكي اليمني في البحر الأحمر قد يُعزّز موقف الطرف الأضعف فيه.

وفي خضم هذه التطورات، تطرح الصحافة العربية سؤالاً ملحّاً: هل الحروب هي الحل الأمثل لأزمات الشرق الأوسط؟

“استبدال الأونروا يحقق مكاسب أمنية ودبلوماسية لإسرائيل”

بداية جولتنا من صحيفة “ذا جيروزاليم بوست” الإسرائيلية والتي كتب فيها شاي غال مقالاً يرى فيه الحاجة إلى بديل موثوق عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في غزة، داعياً مكتب الأمم المتحدة لتحمّل مسؤولية المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية.

ويؤيد غال مقالاً سابقاً نشرته الصحيفة قالت فيه إنّ الوكالة تبقي على الوضع الإنساني للاّجئين بدلاً من إيجاد الحلول.

ويشير الكاتب إلى مزاعم إسرائيلية سابقة قالت إن “جماعات إرهابية تسللت إلى الوكالة”، ويرى أن المهمة الإنسانية للأونروا أصبحت مُعرّضة للخطر بشكل لا رجعة فيه بسبب ما اعتبره “إرهاباً”.

ويدعم الكاتب فكرة تولّي مكتب الأمم المتحدة مهام الأونروا، انطلاقاً من مشاهدات عدّة؛ يذكر منها تقديم المكتب ثلاثة ملايين لتر من الوقود دون انقطاع، وخدمة المشاريع بشكل شفاف، بينما يديم وجود الأونروا “رواية مسيّسة” عن اللاجئين و”حق العودة” الفلسطيني المثير للجدل، بحسب تعبيره.

ويضيف غال، وهو مستشار سابق للحكومة الإسرائيلية بشأن الاتصالات الاستراتيجية في حالات الطوارئ، أن ما ارتكبته أونروا في غزة تسبب بوقف التمويل عنها، وعطّل المشاريع الخدمية للاجئين ، وأن انتقال مهامها لمكتب الأمم المتحدة سيشكل “هيكلاً مرناً” للدول المانحة من خلال توجيه الأموال حصرياً إلى مشاريع إنسانية واضحة.

“في الأشهر الأخيرة، استمر مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع والوكالات المتخصصة الأخرى في تلبية الاحتياجات الصحية والإنسانية الحرجة في غزة بسلاسة، مما يدحض الادعاءات القائلة بأن الأونروا لا غنى عنها”، بحسب غال.

أما بالنسبة لإسرائيل، فيرى الكاتب أن هذه الخطوة ستحقق مكاسب أمنية ودبلوماسية واضحة، “إذ يزيل مؤسسة استغلها الإرهابيون، ويعزز الشفافية وثقة المانحين”، بحسب تعبيره.

ويختم الكاتب مقاله بأن هذا الانتقال سيشكل فرصة لإعادة هيكلة العمل الإنساني، وتلبية الضرورات الأخلاقية والأمنية التي تُقرّها الدول الديمقراطية.

وبالنسبة للفلسطينيين، فإن هذا التحول “سينعكس إيجابياً على حياتهم اليومية وآفاقهم على المدى الطويل”، بحسب رأي الكاتب.

“النار والغضب في اليمن”

دعم شعبي للحوثيين في اليمن
EPA

في صحيفة “ديلي صباح” التركية، نسلط الضوء على مقال كتبه جوكهان إيريلي بعنوان “حرب الولايات المتحدة المحفوفة بالمخاطر في البحر الأحمر”، يرى فيه أن “الضربات الجوية الأمريكية على اليمن ستصعّد الصراع وتعزز عزيمة الحوثيين وزعزعة استقرار المنطقة”.

ويرى الكاتب، وهو أستاذ في العلاقات الدولية، أن الضربات الأمريكية ضد الحوثيين ستورط الولايات المتحدة في صراع طويل الأمد ضد “خصم صمد طويلاً في وجه حروب سابقة”، بحسب ما يصف الحوثيين.

ويتساءل إن كان الرد الأمريكي تجاه الضربات الحوثية سيحقق أهدافه الأمنية المنشودة، أم سيعمق صراعاً متقلباً أصلاً بعواقب جيوسياسية غير مقصودة؟

ويقول الكاتب إن الضربات الأمريكية الأخيرة ضد الحوثيين ستعزز جبهتهم الداخلية، انطلاقاً من تجارب سابقة خاضتها الجماعة، كما أن التدخلات العسكرية الخارجية ستُوحّد الفصائل اليمنية المتنوعة، وبالتالي دعم وجودهم داخل اليمن.

ويعتبر أن التدخلات الأجنبية التي تهدف إلى إضعاف الجماعات المسلحة قد تُقوّيها، على نحوٍ متناقض، من خلال “تضخيم المشاعر القومية وتعزيز روايتها المقاومة”، بحسب تعبيره.

يقول الكاتب إن جبهة اليمن ستكون جبهة حاسمة في صراع النفوذ في الشرق الأوسط، باعتبارها “الجماعة المتحالفة مع إيران”، وإن الولايات المتحدة تعتبر العمليات العسكرية ضد الحوثيين مواجهات غير مباشرة مع إيران، وهذا يُفاقم الصراعات الإقليمية، على حد قوله.

وفي هذا السياق يرى الكاتب التركي أن ذلك سيشكل تهديداً لأمن حلفاء الولايات المتحدة، خاصةً المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وقد يؤدي إلى تصعيد العداء وزعزعة الاستقرار العسكري الإقليمي.

ويختم بالدعوة إلى ضرورة وضع استراتيجية شاملة تأخذ في الاعتبار هذه المخاطر لتجنب تفاقم الصراع.

هل الحروب هي الحل؟

صورة تعبيرية عن الحروب في الشرق الاوسط
Getty Images

في صحيفة الشرق الأوسط، يرى الكاتب طارق الحميد أن منطقة الشرق الأوسط تعيش انفلاتاً عسكرياً منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 في غزة، وما تلاه من تصعيد في لبنان، وسوريا، واليمن، وصولاً إلى المواجهات بين إسرائيل وإيران.

ويشير في مقاله تحت عنوان “هل الحروب هي الحل؟” إلى أن هذه التطورات أظهرت أن خطاب “المقاومة والممانعة” لم يعد مجرد شعار يمكن التلاعب به دون تحمل تبعاته الحقيقية.

ويضيف أن الرئيس السوري المعزول بشار الأسد حاول استغلال التناقضات السياسية، فتارةً مال “نحو إيران وميليشياتها، وتارةً أخرى أوحى لدول الخليج باستعداده للابتعاد عنها”، لكنه في النهاية سقط لأن الظروف الحالية لم تعد تسمح بهذه المناورات.

كما يرى أن الأمين العام الراحل لحزب الله، حسن نصر الله حاول دعم غزة، لكنه في الواقع “كان يدافع عن المصالح الإيرانية”، مما كلفه خسائر فادحة، حيث تعرض حزبه لضربة قاصمة انتهت بمقتله ومقتل قياداته.

أما “حماس السنوار”، فيقول الحميد إنها سعت إلى المراوغة، فزعمت في البداية أنها تريد تجنب الحرب وإعادة إعمار غزة، لكنها فجرت المواجهة، وحين وجدت نفسها في مأزق بدأت بمطالبة الأمة العربية بالتدخل.

ويقول إن الحركة حاولت لاحقاً التلاعب بمسألة ما بعد الحرب، لكن الأمور خرجت عن سيطرتها، خاصة بعد عودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي ومنحه الضوء الأخضر لنتنياهو.

ويرى الكاتب أن الحوثيين لم يكونوا أفضل حالاً، فقد تلاعبوا بأمن البحر الأحمر تحت “شعارات فارغة”، مما جعلهم عرضة للضربات الأمريكية المستمرة، واصفاً إياهم بالطرف “الأكثر جهلاً” في السياسة الإقليمية.

ويشير الحميد إلى تناقضات الخطاب الإيراني، إذ “ينكر المرشد الأعلى علي خامنئي أن لبلاده وكلاء في المنطقة، رغم أن قادة الحرس الثوري كانوا يتفاخرون بسيطرتهم على أربع عواصم عربية”.

ويعتبر أن هذا التناقض يعكس ارتباك طهران بعد أن أدركت أن الاجتماع الأمريكي الإسرائيلي المقبل يستهدفها بشكل مباشر.

ويخلص الكاتب إلى أن الحروب ليست الحل، لكنها في الوقت نفسه ليست الخيار الوحيد، وأنه من غير الممكن إبقاء المنطقة محصورة بين خيار الحرب الشاملة أو “الفوضى المستمرة تحت شعارات المقاومة”، بحسب تعبيره.

ويرى أن الحل الأمثل يكمن في إيجاد رؤية واضحة لحل الدولتين، وإعادة إيران إلى حدودها الجغرافية دون امتلاك سلاح نووي، وإنهاء مشاريع تدمير الدول، و”التوقف عن التعامل مع الميليشيات”.

ويختم الحميد بأن الحرب يمكن أن تكون أداة لتحقيق هذه الرؤية إذا لزم الأمر، لكن الحرب من أجل الحرب وحدها ليست سوى عبث.

** مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.