حدود مفتوحة مقلقة أمنياً للبنانيين على وقع حروب الإقليم

يواجه لبنان تحديات كبرى في ظل الحروب المفتوحة بالإقليم، والتي ترسم واقعا سياسيا جديدا للمنطقة، من دون استبعاد أن يطول ذلك الجغرافيا أيضا وليس السياسة فحسب.
ويجد الجيش اللبناني، الذي أوكلت اليه مهمة بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحدودها، نفسه في مواجهة تحديات أمنية حدودية شاملة جنوبا وبقاعا وشمالا، عليه التصدي لها من دون الدخول في حروب مفتوحة.
فقد نام اللبنانيون أمس الأول على أخبار اشتباكات تخطت حجمها المعتاد على الحدود اللبنانية السورية في بلدة القصر قرب الهرمل.
واستيقظوا أمس على أنباء عن عدد القتلى وتعزيزات عسكرية سورية وبيان صادر عن قيادة الجيش اللبناني تضمن الرد «على نيران أطلقت من الأراضي السورية»، وتسليم جثامين ثلاثة سوريين إلى السلطات السورية.
ولم يكن ليل الجنوب أفضل، مع قصف الطيران الحربي الإسرائيلي أهدافا ومنازل جاهزة في بلدات حدودية، مع أنباء عن سقوط جرحى. وقد طال القصف الإسرائيلي مدنيين، بعد سلسلة عمليات استخدمت فيها المسيرات بذريعة استهداف مقاتلين من «حزب الله».
وقالت مصادر لـ«الأنباء»: «لبنان الذي ليس في وضع يسمح له بالدخول في مواجهات أمنية وعسكرية خارجية، يعول على المسعى الديبلوماسي لإبقاء البلاد بمنأى عن الحروب المتنقلة والنار المشتعلة في الإقليم».
وأضافت المصادر: «إذا كانت الدول المؤثرة في الملفات السياسية والأمنية في الشرق الأوسط تمارس ضغوطا على لبنان لتنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته، وصولا إلى حصر السلاح بيد السلطة الشرعية وحدها وتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من كل الأراضي اللبنانية، فإنها بلا شك لن تسمح بأي محاولة لجر لبنان إلى حروب جانبية تضرب كل ما تحقق في مسار عودة الدولة لبسط سيادتها والنهوض من جديد».
ورأت المصادر أنه في ظل التصعيد اللافت من الجيش الإسرائيلي في البلدات الحدودية وتكثيف الغارات، يجد الجيش اللبناني الذي يسعى جاهدا إلى الانتشار حتى الحدود وتسلم زمام الأمور في الجنوب، أن عليه مواجهة التحديات على الحدود الشمالية في ظل التناقضات ومحاولات إثارة الفوضى الأمنية وتزايد حركة النزوح.
والرهان على ضبط هذا الوضع من خلال الاتصالات الديبلوماسية والسياسية، التي ترى أنه لا مصلحة لأي فريق في زرع الفوضى على حدود لبنان الشمالية، من دون أن تستبعد بعض المصادر أن تكون هذه التحركات الأمنية في إطار الضغط الذي يمارس على لبنان، من أجل التسريع بإنهاء ملف السلاح الموجود خارج إطار السلطة الشرعية.
وفيما التطورات الميدانية تثير قلقا واسعا، تواصل الحكومة عملها لوضع أسس الإصلاح المطلوب.
وترى المصادر أن هذا الإصلاح يجب أن ينطلق بالدرجة الأولى من المؤسسات العامة التي تعاني بمعظمها فسادا وهدرا، وتحمل الخزينة أعباء الإنفاق غير المجدي الذي يفوق قدرتها.
وطالبت المصادر «بضرورة تشكيل الهيئات الناظمة لهذه القطاعات في المؤسسات العامة، خصوصا في الكهرباء والمطار والهاتف والجمارك، إضافة إلى التعيينات الإدارية ضمن آلية واضحة وشفافة».
أما ما يتعلق بحاكمية مصرف لبنان، ومع إشارة وزير المال ياسين جابر إلى انه يفترض اقتراح ثلاثة أسماء ورفعها إلى مجلس الوزراء لاختيار أحدها وأن تعيين الحاكم يجب ان يتم قبل نهاية شهر مارس الجاري، فثمة وسائل إعلام دولية نقلت معلومات عن مصادر غربية أنها تدرس ملفات شخصيات مرشحة لتولي حاكمية المصرف.
هذا الأمر يجب ألا يشكل مفاجأة في الوسط المحلي، ذلك ان الأمور المالية ومكافحة تبييض الأموال والحيلولة دون وصولها إلى جهات ومنظمات مدرجة على لائحة العقوبات الدولية، هي أمور تعود إلى الولايات المتحدة الأميركية التي تدير النظام المالي العالمي. ولطالما كان التنسيق قائما بين الخزانة الأميركية والسلطات السياسية الرسمية والمالية اللبنانية.
ويزداد الاهتمام الأميركي حاليا بعد دخول لبنان في «الاقتصاد النقدي» الذي يشرع غسيل الأموال لظروف خارجة عن إرادة اللبنانيين جراء انهيار القطاع المصرفي اللبناني وفقدانه ثقة المودعين، بعد حجز ودائعهم في المصارف، إثر الأزمة المالية غير المسبوقة التي ضربت البلاد في نهاية 2019. وبات اللبنانيون يتعاملون بالأموال النقدية بعيدا من المصارف، بعد ضياع مدخراتهم في الأخيرة، أقله من بوابة حجزها وعدم رغبة المصارف أو قدرتها على تسديد مستحقات المودعين.
ويجهد الأميركيون لإعادة الثقة إلى القطاع المصرفي، للتمكن من مراقبة السوق المالية اللبنانية، ومكافحة «الاقتصاد النقدي» الذي يشرع الباب واسعا لغسيل الأموال وتهريبها بعيدا من الرقابة. ويهتمون بهوية الحاكم الجديد لمصرف لبنان، خصوصا في ضوء سعيهم إلى الحد من حصول «حزب الله» على أموال نقدية من طريق النظام المصرفي، والتضييق على حركة الأموال النقدية التي تصل إلى لبنان بعيدا من التحويلات القانونية، من طريق فرض رقابة مشددة في المطار والمعابر الحدودية كافة، الشرعية وغير الشرعية منها، مع تيقنهم من عدم قدرة مجموعات صغيرة على نقل أموال نقدية ضمن المبالغ المتاحة لكل فرد.
ويدرك الأميركيون أن حجم الأموال المطلوبة للبنان كبير في هذه الفترة، خصوصا تلك المتعلقة بإعادة إعمار ما خلفته الحرب الإسرائيلية الكبيرة. ويشددون على وصول شخص إلى مركز حاكم مصرف لبنان ملم بالتعامل مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية ومتجاوب مع مكافحة غسيل الأموال والتصدي لتهريبها.
وللغاية أيضا، عقدت الحكومة جلسة في السرايا برئاسة رئيسها د.نواف سلام، لمواكبة التعيينات الكثيرة المطلوبة في المؤسسات العامة على اختلافها، تمهيدا لإقرار البعض منها في جلسة الخميس بالقصر الجمهوري في بعبدا برئاسة العماد جوزف عون.
في اليوميات، أغارت طائرة مسيرة اسرائيلية في يحمر الشقيف على شابين كانا يستقلان دراجة نارية وصودف مرورهم بجانب سيارة، ما أدى إلى مقتل الشابين وجرح آخرين كانوا متواجدين بالمكان.
الانباء ـ ناجي شربل وأحمد عز الدين
** مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.