أمريكا تنتظر ساعة الصفر في ليلة اعتقال ترامب

كتبت شادية سرحان في “24.”

في سابقة تعتبر الأولى من نوعها بحق رئيس أمريكي، تستعدّ الولايات المتحدة، لحدث محتمل غير مسبوق، وهو اعتقال الرئيس السابق دونالد ترامب، حتى وإن كان “رمزياً”، أو توجيه لائحة اتهام جنائية له.

وقبل عام ونصف العام من الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في عام 2024، أعلن ترامب، السبت الماضي، عبر منصّته “Truth Social” أنّه يتوقّع “توقيفه”، اليوم الثلاثاء.

وترامب متهم بدفع مبلغ 130 ألف دولار لهذه المرأة، واسمها الحقيقي “ستيفاني كليفورد”، في الأسابيع التي سبقت الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، لشراء سكوتها عن علاقة يعتقد أنها كانت قائمة بينهما خارج إطار الزواج، وفقاً للاتهامات.

حملة اضطهاد

ودافع دونالد ترامب عن نفسه، أمس الإثنين، وكتب بأحرف كبيرة على منصة “Truth Social”، “لا توجد جريمة”، واصفاً التهم “بحملة اضطهاد” ضده، ودعا أنصاره إلى مظاهرات احتجاجية، اليوم.

وتوقّع ترامب، مستشهداً بـ”تسريبات” من النيابة العامة لولاية نيويورك، توجيه تهم جنائية إليه بعد تحقيق للنيابة العامة لمنطقة مانهاتن بقيادة المدّعي العام ألفين براغ، استمرّ سنوات.

و أمس، هاجم ترامب، مكتب المدعي العام ألفين براغ، القاضي الأمريكي الديمقراطي من أصل أفريقي، المنتخب (مثل جميع القضاة والمدّعين العامين)، واصفاً إياه بـ”الفاسد”.

وكانت محامية الملياردير سوزان نيكيليس قد ندّدت السبت الماضي بـ”ملاحقات سياسية”. 

ماذا سيحدث؟

وفي حال اعتُقل ترامب أو حتى وُجّهت إليه اتهامات، سيشكل الأمر سابقة لرئيس سابق في الولايات المتحدة، ذلك أنّه لم يتم توجيه اتهام قط لرئيس أمريكي، سواء كان في منصبه أو غادر البيت الأبيض.

والرئيس الأمريكي الـ45، الذي هزمه جو بايدن في نوفمبر (تشرين الأول) 2020، والذي يحلم بالفوز مجدداً بالرئاسة في  نوفمبر(تشرين الثاني) 2024، دعا أنصاره إلى “التظاهر”.

ومن المقرّر تنظيم أول تجمّع “سلمي” لمناصريه الشباب عند الساعة الثامنة مساءً (22.00 بتوقيت غرينتش)، في جنوب جزيرة مانهاتن في نيويورك.

وفي مواجهة المخاوف من التوترات أو حتى العنف في هذه المدينة التي يؤيد غالبية ناخبيها الحزب الديموقراطي – ولكن حيث يحظى ترامب بمؤيّدين – قال متحدث باسم الشرطة لوكالة “فرانس برس” إنّ “حالة استعداد شرطة نيويورك ثابتة في كل الأوقات ولجميع الاحتمالات”، مشيراً إلى أنّها “تقوم بالتنسيق مع الشرطة الفدرالية ومكتب النيابة العامة في مانهاتن”.

قضية “معقدة”

وتُعتبر قضية الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز معقّدة قانونيا، إذ يسعى القضاء في نيويورك إلى تحديد ما إذا كان ترامب مذنباً بتزوير بيانات – في ما يعدّ جنحة – أو بسبب خرق قوانين تمويل الحملات الانتخابية – في ما يشكّل جريمة جنائية.

وتسارع التحقيق الأسبوع الماضي. فقد أدلى المحامي السابق لترامب، مايكل كوهن، الذي سدّد المبلغ في العام 2016 والذي تحوّل إلى عدوّه منذ ذلك الحين، والممثّلة الإباحية، بشهادتيهما أمام هيئة محلّفين كبرى، وهي لجنة مواطنين تتمتّع بسلطات تحقيق واسعة ومسؤولة عن التصديق على لائحة الاتهام.

كذلك، دُعي دونالد ترامب للتحدّث أمام هيئة المحلّفين هذه، وفقاً للصحافة الأمريكية. وقال أحد محاميه إنّه “سيستجيب” طوعاً لاستدعاء من القضاء في نيويورك.

وقال أستاذ القانون والمدّعي العام السابق بينيت غيرشمان لوكالة “فرانس برس” إنّ “المدّعين يكادون لا يستدعون أبداً هدف التحقيق للإدلاء بشهادة أمام هيئة المحلّفين الكبرى إلّا إذا كانوا يعتزمون توجيه اتهام إليه”.

وفقاً لزميله ريناتو ماريوتي، فإنّه حتى لو تمّ توجيه اتهام إلى الملياردير، من المحتمل أن يتوجّه دونالد ترامب، الذي يعيش في بالم بيتش في ولاية فلوريدا، طوعاً إلى المحكمة في مانهاتن.

وسيتمّ توقيفه بشكل رمزي للحظات وتصويره وأخذ بصمات أصابعه، وربما يتم تكبيل يديه لبضع دقائق.

غير أنّ  أستاذ القانون الجنائي والموظف السابق في الخدمة السرية، روبرت ماكدونالد، للوكالة التي تحمي الشخصيات الأمريكية، قال إنّه من أجل تجنّب “الضوضاء”، فإنّ قطب العقارات “ربما لن يأتي إلى المحكمة (في مانهاتن) من الباب الأمامي”، لتفادي الكاميرات ولأسباب أمنية.

“يوم الكابيتول” والاحتجاجات

ويبقى الخوف الرئيسي للسلطات متمثلاً في تكرار فوضى الهجوم على مبنى الكابيتول في واشنطن في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، عندما دعا ترامب مناصريه إلى الاحتجاج على نتائج انتخابات 2020، التي هُزم فيها أمام بايدن.

ويأتي ذلك فيما أفادت وسائل إعلام بأنّ 6 من أعضاء المجموعة اليمينية المتطرّفة أوث كيبرز (حرّاس القسم) دينوا أمس بتُهم مختلفة تتعلّق بالهجوم على الكابيتول.

وأمس الأول الأحد، دافع عدد من الشخصيات الجمهورية عن ترامب، خصوصاً نائبه السابق مايك بنس الذي كان قد قطع علاقته به منذ العام 2021، والذي يمكن أن يواجهه كمرشّح في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.

ونقلت شبكة “سي بي إس” الأمريكية عن مصادر استخباراتية أن التهديدات وخطابات العنف على الإنترنت تشهد ارتفاعاً كبيراً بعد إعلان الرئيس السابق أنه يتوقع توجيه اتهام ضده اليوم.

وقالت المصادر إن “منشورات لمتطرفين دعت إلى حرب أهلية وحذرت المدعي العام في مانهاتن من توجيه اتهامات لترامب، لأن ذلك سيواجه بعنف يفوق هجوم السادس من يناير 2021 على الكونغرس”.

الترشح للرئاسة

وبحسب تقارير إعلامية، فإن توجيه لائحة اتهام أو حتى الإدانة الجنائية لن تمنع ترامب من مواصلة حملته الرئاسية إذا ما اختار ذلك- وهو أعطى كل المؤشرات على أنه سيواصل المضي قدماً بصرف النظر عما يحدث.

وفي الحقيقة أنه لا يوجد شيء في القانون الأمريكي يمنع مرشحاً أدين بجريمة من خوض الحملة الانتخابية والعمل كرئيس- حتى من داخل السجن،  غير أن اعتقال ترامب سيؤدي بالتأكيد إلى تعقيد حملته الرئاسية، بحسب تقرير لشبكة “بي بي سي”

وبينما قد يتسبب ذلك في تجمع بعض الناخبين الجمهوريين حول بطلهم المحاصر، إلا أنه قد يكون عملية تشتيت كبيرة لمرشح في مسار الحملة، يحاول أن يتحدى للحصول على الأصوات والمشاركة في المناظرات.

وستؤدي أيضاً إلى تعميق الانقسامات الحادة الموجودة بالفعل داخل النظام السياسي الأمريكي وزيادة اشتعالها.

ويعتقد المحافظون أن الرئيس السابق يتم إخضاعه لمقياس مختلف للعدالة، بينما يرى الليبراليون المسألة على أنها إخضاع مخالفي القانون- حتى أولئك الموجودين في أعلى مناصب السلطة- للمساءلة.


ديسانتيس يعلق

وفي السياق، خرج حاكم ولاية فلوريدا الأمريكية رون ديسانتيس، عن صمته بعد أيام من تقارير تتحدث عن احتمالية توقيف ترامب الغير مسبوق، وأعلن أنه: “لن يتورط في تسليم دونالد ترامب لنيويورك”، بحسب ما أوردته شبكة “سي إن إن”.

وانتقد حاكم ولاية فلوريدا،  المدعي العام في مانهاتن الذي يوجه اتهامات لترامب، لكنه أشار إلى أن القضية تتضمن “دفع أموال إلى نجمة إباحية”.

ولم يقدم ديسانتيس، المرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة الأمريكية للعام 2024،  الدعم للرئيس السابق، وبدلاً من ذلك بدا أنه يسخر من الموقف الذي وضع فيه ترامب نفسه فيه، خاصة أنه يحاول العودة للحياة السياسية من خلال الترشح للانتخابات الرئاسية، وفقاً لـ “سي إن إن”، 

وقال ديسانتيس عندما اندلع الضحك في مؤتمر صحافي في مدينة بنما بولاية فلوريدا: “لا أعرف ما الذي يمكن أن يحدث في قضية دفع الأموال لشراء صمت نجمة أفلام إباحية بشأن نوع من العلاقة المزعومة، أنا لا أستطيع التحدث عن ذلك”، مضيفاً: “لدي قضايا حقيقية للتعامل معها هنا في فلوريدا”.

ومن جانبه، رد ترامب على موقع “Truth Social”، منتقداّ تصريحات ديسانتيس، وقال: “من المحتمل أن يواجه رون دي سانكتيمونيوس الاتهامات الكاذبة والقصص المزيفة في وقت ما في المستقبل، حيث يكبر ويكون أكثر حكمة.. حينها أنا متأكد من أنه سيرغب في محاربة ذلك مثلما أفعل!”.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.