عاجل

غلاء اشتراكات الكهرباء يعيد اللبنانيين إلى الشمعة ‏والقنديل

كتبت صحيفة ” الشرق الأوسط ” تقول : “‎العودة إلى الشمعة والقنديل أفضل”، بهذه الكلمات تختصر منى (70 سنة) ‏أحوال معظم اللبنانيين الذين كانوا أمام خيارات صعبة مطلع شهر سبتمبر ‏‏(أيلول) الحالي، على ضوء ارتفاع أسعار اشتراكات المولدات الكهربائية، وهي ‏خيارات صعبة تتراوح بين الظلام أو فاتورة مولدات تفوق قدرتهم المالية ‏‏”التعيسة” على حد تعبيرها‎.

بدأت أزمة الكهرباء في لبنان تشتد مع بداية الصيف، ويغيب التيار الكهربائي ‏عن بيوت أكثر اللبنانيين نحو 22 ساعة في اليوم، وهو ما دفعهم إلى الاعتماد ‏أكثر على بدائل، أبرزها اللجوء إلى شبكة الكهرباء الموازية (المولّدات). لكن ‏مع تفاقم أزمة المحروقات في الشهر الماضي، ورفع أصحاب المولدات أسعار ‏التعريفة، أصبح هذا الخيار مهدداً ولا يتناسب مع مداخيل شريحة كبيرة منهم‎.

وتقول منى لـ”الشرق الأوسط”: “طلب صاحب المولد مليوناً و200 ألف ليرة ‏لبنانية (نحو 60 دولاراً) لاشتراك 5 أمبيرات، مقابل إمدادنا بتغذية 8 ساعات ‏يومياً، على حد قوله”. وتسأل: “من أين ندفع هذا المبلغ؟ لسنا مضطرين… ‏أصبحنا في شهر سبتمبر، وانحسر حر الصيف، أما بخصوص الإنارة في الليل ‏فنعود إلى الوسائل البدائية، أصلاً نحن عدنا إلى العصر الحجري في هذا البلد ‏منذ زمن‎”.

وتعيش منى من راتب زوجها التقاعدي الذي لا يتعدى مليوناً و400 ألف ليرة ‏لبنانية، (نحو 70 دولاراً على سعر صرف السوق السوداء)، كما يساعد أولادها ‏في تأمين حاجياتها الشهرية، لكنها ترفض أن “تقبض الراتب باليسار لتسلّمه كلّه ‏لصاحب المولد باليمين”، تقول، وتؤكد: “حتى لو كان باستطاعة أولادي دفع ‏الاشتراك الشهري فلن أقبل أن يتغرموا هذا المبلغ… قريباً تتحسن تغذية ‏الكهرباء، وإن لم تتحسن، فلكل حادث حديث‎”.

وفي وقت تتحضر فيه المدارس لإعادة فتح أبوابها، لا تجرؤ نورا، وهي أم ‏لولدين، على اتخاذ خطوة منى: “ماذا لو كانت المدارس أونلاين في ظل انقطاع ‏التيار الكهربائي لساعات طويلة؟ كيف يتابع الأولاد الصفوف؟”، تتساءل بقلق‎.

وتقول لـ”الشرق الأوسط”: “لا نستطيع إلغاء اشتراك المولد، لكن خفضناه من ‏‏10 أمبيرات إلى 5. أقله نستطيع إضاءة الغرفة التي نجلس فيها والبراد وجهاز ‏التلفزيون. وآخر الشهر إن تراجعت المدارس عن قرار إلزامية الحضور أو ‏كان التعليم مدمجاً، يستطيع الأولاد استكمال الدراسة‎”.

وأطاح الانهيار الاقتصادي بالليرة اللبنانية، إذ فقدت كثيراً من قيمتها أمام الدولار ‏الأميركي، ما دفع بـ4 من كل 5 أشخاص إلى ما تحت خط الفقر. ولا يستطيع ‏معظم اللبنانيين ابتكار أي حل يخفف عليهم ساعات التقنين الطويلة وانقطاع ‏الكهرباء‎.

وتهرب سلام مع عائلتها من بيروت إلى منزلها في الجبل في يحشوش (شمال). ‏تقول: “هناك تغذية الكهرباء أفضل، وإن انقطعت، فالمولد على العداد والتقنين ‏نحو 5 ساعات فقط”، كما توضح لـ”الشرق الأوسط”. وتضيف: “انتقلنا إلى ‏بيت الجبل مطلع الشهر الماضي مع ارتفاع ساعات التقنين، في بيروت الليل ‏أصبح حزيناً. لا إنارة في الشوارع، ولا في المنازل، والحر يحرمنا النوم… ‏ومع ارتفاع تعريفة المولدات كان القرار بالمغادرة، بقينا مدة يوم أو يومين في ‏بيروت على الشمعة، ثم اتخذنا القرار‎”.

وتتفاوت أسعار اشتراكات مولدات الكهرباء بين منطقة وأخرى. وتتراوح بين ‏مليون ليرة (50 دولاراً على سعر السوق السوداء) ومليون و600 ألف ليرة ‏‏(80 دولاراً) في مناطق أخرى لقاء الحصول على 5 أمبيرات‎.

وقال رئيس تجمع أصحاب المولدات، عبدو سعادة، أمس، إنه “مع رفع الدعم ‏عن المازوت، لن نستطيع الاستمرار بتغطية فارق تقنين الكهرباء، ومع رفع ‏الدعم سيصل سعر الكيلواط إلى 8000 ليرة، ومع وصول طن المازوت إلى ‏‏11 مليون ليرة لن نستطيع شراء المادة، وسنُطفئ موّلداتنا”. وأكد سعادة أن ‏‏”الحلّ اليوم هو بدعم المازوت على أساس سعر صرف 3900 ليرة مقابل ‏الدولار لتبقى فاتورة المولّد مقبولة‎”.
وبدأت قدرة سكان لبنان على الصمود تتقلص، وتحاول القلة القليلة منهم البحث ‏عن وسائل بديلة تنير ليلهم المظلم‎.

يقول عبد الرحمن، الذي يعمل في مجال المعلوماتية لـ”الشرق الأوسط”؛ إنه ‏اتخذ خطوة ينصح بها كل من يملك القدرة، ويوضح أنه قام بتركيب طاقة شمسية ‏بتكلفة 6000 دولار، تمده بنحو 10 ساعات من الكهرباء، مشيراً إلى أن “هذا ‏الحل جذري. دفعت مبلغاً كبيراً لمرة واحدة فقط، وهو أفضل بكثير من الحياة ‏تحت رحمة أصحاب المولدات‎”.
وعلى شرفة بيت أبو مازن في منطقة النويري (بيروت) يرقد زائر جديد يصل ‏صوته إلى آخر الشارع، هو مولد كهرباء صغير قادر على توفير الإنارة، ‏اشتراه أبو مازن الأسبوع الماضي بعدما “يئس من كذب أصحاب المولدات ‏وساعات التقنين الطويلة‎”.

أما عن صوت مولد الكهرباء، فيقول أبو مازن لـ”الشرق الأوسط” إن ‏‏”الجيران يمتعضون بالطبع، لكن ما باليد حيلة، نحن في هذا الوقت نقاتل للبقاء. ‏طلب صاحب المولد مبلغ 3 ملايين ليرة مقابل 10 أمبيرات، ولا نعلم كم ساعة ‏تغذية سيمد المشتركين”، مضيفاً: “الشهر الماضي وعدنا بـ7 ساعات تغذية، ‏حصلنا على 4 فقط، وهذا الشهر وعد بـ10 ساعات تغذية، مقابل المبلغ الذي ‏طلبه، وأنا أعرف أنه سيخلف وعده‎”.‎

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.