السفارة البريطانية تسحب موظفين والتعقيدات المتوالدة تشي بعدم تشكيل الحكومة.. السلطة تشتري الوقت بـ«نصف دعم»
يستطيع المنتظرون ضمن الطوابير المرصوفة امام محطات توزيع الوقود، ومثلهم السلاسل البشرية المتمددة أمام أفران الخبز، او محطات تعبئة الغاز المنزلي، ان يتنفسوا الصعداء لمدة أربعين يوما، وهي المدة التي حددها الاجتماع الوزاري في بعبدا أمس الأول لتوفير المحروقات للبنانيين، بنصف دعم حكومي، ضمن سعر رسمي جديد للدولار في لبنان، وهو 8 آلاف ليرة، على ان يطلق سراح العملة الاميركية بعد سبتمبر، لتأخذ سعر السوق المفتوح، انما بعد ان تكون البطاقة التمويلية لذوي الدخل المتواضع، قد أبصرت النور فعليا.
هذا القرار الاستنزافي الجديد، لاحتياطي مصرف لبنان، لم يتطرق الى استمرارية اعمال التهريب الى سورية، ما يعني عمليا ان هذه الاجراءات، مجرد عملية امتصاص للنقمة الشعبية ليس اكثر، ضمن اطار استراحة قصيرة لمن أضناهم الانتظار على محطات البنزين والمازوت، ومختلف ضروريات الحياة.
عمليا، المنظومة السياسية، اشترت 40 يوما، هي الفترة التي ستعوم فيها الأسواق، بمختلف مشتقات النفط والغاز، بـ 225 مليون دولار.. والسؤال هنا، هل ستلحق هذه الملايين بالمائتي مليون دولار التي صرفها البنك المركزي، وبددها المستشارون برتبة وزراء والمهربون، تجار السوق السوداء على مصالحهم!
واللافت ان بيان «نصف الدعم» الحكومي للمحروقات، لم يتناول المخزون المتوافر في خزانات محطات التوزيع، او تلك المدفونة تحت الأرض، ولم يأت على ذكر التهريب، بيد ان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، استدرك الأمر ببيان لاحق تطرق فيه الى منع التخزين والاحتكار والتهريب، الذي لن يكون من السهل التصدي له، طالما ان سعر المحروقات في سورية مازال بمستوى الضعف عن سعره نصف المدعوم في لبنان.
أما بالنسبة لكلمة رئيس الجمهورية ميشال عون الى اللبنانيين بعد الاجتماع الوزاري، فلم يحظ الكثير منهم بفرصة سماعها بسبب غياب الكهرباء عن 90% من بيوتهم في الثامنة من مساء السبت، موعد بثها على الشاشات.
والى جانب رد الفضل بالمخرج الجديد اليه شخصيا، تضمنت كلمته توجيه الاتهامات الصريحة للآخرين.
وكان البعض توقع من الرئيس عون ان يتوج كلمته الى اللبنانيين بدعوة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى بعبدا لاعلان الحكومة، لكن ذلك لم يحصل، لا بل ان مستوى التشاور بين الرئيسين انخفض الى درجة الموفدين والمستشارين، ما يبدو معه ان الرئيس ميقاتي، مل من تدوير الزوايا وضبط الأعصاب، وسط معلومات تشير الى انه لن يصعد الى بعبدا، الا لالتقاط الصورة التذكارية للحكومة الجديدة.
وفي هذه الوضعية، ظهر للبطريرك الماروني بشارة الراعي، ان المسؤولين لا يريدون حكومة ويتبادلون التهم ليل نهار. وقال الراعي في عظة الاحد: يا لتعاسة شعب يهمل المسؤولون فيه سماع كلام الله وهنا تكمن مأساة شعب لبنان فبعد سنة وشهر يظهر ان المسؤولين لا يريدون حكومة ويتبادلون التهم ليلا نهارا.
واضاف: أوقفوا التلاعب بمشاعر الشعب والعبث بالدولة واختلاق شروط جديدة كلما حلت شروط.
وتوجه الى المسؤولين بالقول: لقد بات واضحا انكم جزء من الانقلاب على الشرعية والدولة وانكم لا تريدون حكومة مركزية وتتقصدون إلى دفع الشعب إلى حكم نفسه والمطلوب الواحد منكم أن تحبوا لبنان وشعب لبنان وتحفظوا الولاء له دون سواه وتضحوا بمصالحكم الخاصة.
ومن شبه المؤكد والحاسم، ان التعقيدات المتوالدة كالفطر في في طريق تشكيل الحكومة، من وزارة الداخلية الى العدلية فمغارة علي بابا «وزارة الطاقة» ووزارة الشؤون الاجتماعية والبيئة، ان هي الا براقع واهية دورها اخفاء النوايا الحقيقية، الذاهبة باتجاه عدم تشكيل اي حكومة، الا التي تتمتع بمقاييس التيار الحر والفريق الرئاسي، من حيث الإمساك بالوزارات الأساسية، التي تسمح للتيار بإلامساك في دفة الحكومة، حال انتهت ولاية الرئيس عون وآلت الأمور الى مجلس الوزراء مجتمعا، ومن هنا اللف والدوران حول الثلث المعطل والوزارات الأمنية. واللافت أمس أن السفارة البريطانية في بيروت سحبت عددا من موظفيها من لبنان، وقد أكدت لموقع CNN عربية، أن ذلك يعود لأزمة نقص المحروقات والسلع الأساسية في البلاد.
الانباء ـ عمر حبنجر
Comments are closed.