“لبنان يستحق التضحية”.. مواطنون يرفضون الهجرة

لكل مواطن لبناني التزاماته ومسؤولياته، وظروف قد لا يدركها الكل، ما يجعل الخطوات التي يمكن أن يقوم بها مبررة. من هذه الخطوات قرار الهجرة خارج البلد، للبحث عن حياة كريمة، كما يقول المتمسكون بهذه الفكرة.

ومقابل المئات، بل الآلاف الذين غادروا البلاد، هناك من كان قرارهم مختلفاً. هم الذين قرروا التمسك بالوطن، وبتأدية رسالتهم، كل بحسب مهنته. من المؤكد أن لكل ظروفه، وممن غادروا من فعل ذلك مرغماً، بسبب التزامات ومسؤوليات مختلفة. لكن هناك قصصاً لمن رفضوا المغادرة على الرغم من العروض التي أتتهم والفرص الكثيرة التي تفتح لهم المجالات التي يطمحون إليها، خصوصاً أن معظم هؤلاء كانوا خارج لبنان للدراسة وعادوا من سنوات والمجال يبقى مفتوحاً لهم للمغادرة متى أرادوا.

اليوم في ظل الانهيار الاقتصادي والمالي، يتداول اللبنانيون أن الهجرة تحوّل سنوياً خمسة أو ثمانية أو 10مليارت دولار. ولا مشكلة في اختلاف الأرقام وصحتها، فاللبنانيون يعتبرون الأرقام وجهات نظر. ويتغذى هذا الاختلاف في الأرقام، وفي وجهات النظر، من كون التحويلات ابتعدت منذ الـ17 من تشرين الأول 2019 عن القطاع المصرفي الذي فقد ثقة اللبنانيين، ومنهم المهاجرون الذين يشكلون نسبة كبيرة ووازنة من أصحاب الودائع.

المواطنة إميلي خوري تؤكد لوكالتنا أنه مهما حاولت القوى الخارجية أو الداخلية إجبارنا على ترك لبنان، لن يستطيعوا، فالوطن بحاجة إلى سواعد شبابنا وفتياتنا.

وأضافت أنها خريجة جامعية والفرص المتاحة لها لتغادر كثيرة، لكنها قررت البقاء في لبنان رغم الظروف، مشيرة إلى أن هذه التضحية يستحقها الوطن ما دام الفرد قادراً على القيام بها وظروفه تسمح بذلك.

وترى السيدة إميلي أن “من يلقي بنفسه في البحر يستطيع أن يعمل في أي مجال، في وقت تتولى مؤسسات مساعدة بعض الأفراد في انتظار إيجاد عمل، ومن يريد السفر يستطيع أن يقدم طلب عمل إلى أي بلد عربي ويسافر، بدلاً من المخاطرة بنفسه وأولاده غير القادرين على الاختيار فيقرر مصيرهم، وربما موتهم”.

من جهته الدكتور سميح بيضون طبيب الطوارئ في أحد مستشفيات الجنوب، اختار أيضاً البقاء في لبنان على الرغم من الظروف. ويؤكد أن “الصعوبات الكبرى اليوم يواجهها الطاقم الطبي في الصفوف الأمامية، خاصة مع انتشار الأوبئة وكورونا، نظراً لما تتعرض له سلامتهم الشخصية من تهديد، وذلك بشكل خاص نتيجة النقص في مستلزمات الوقاية والبيئة الآمنة في مختلف المستشفيات”.

من جهة أخرى، يوضح بيضون أنه “لدى معظم الأطباء التزامات وقروض ضخمة عليهم تسديدها، ومع الظروف الحالية من الطبيعي أن يواجهوا المزيد من التحديات. فالطبيب يحقق المزيد من المكاسب المادية، لكن في الوقت نفسه لديه قروض كبرى”.

يختم دكتور بيضون بالقول: “اليوم أرى أهلي في وجوه مرضاي وما أبحث عنه هنا هو الرضى الذاتي والاكتفاء الذي أجده في خدمة مجتمعي بغض النظر عن الظروف. على من يبقى أن يحافظ على الأمل بغد أفضل ليتخطى الضغوط، خصوصاً أن الهدف هو رحيل الكل ويجب ألا نسمح بذلك. لذلك علينا أن نستعد للمواجهة”.

وفي هذه الأثناء، تواصل الأيديولوجيا الرسمية تسمية الهجرة “انتشاراً”، وكأنها تتحدث عن مهمة وطنية كلف بها المهاجرات والمهاجرون.

(ي ح)

زياد أبو غزالة

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.