عودة: الاجدى الاستعجال في انتخاب رئيس عوض عقد جلسة لحكومة تصريف الاعمال

الـــذي ثـــار عــنـــدمـــا اطــلـــع عــلــيــهـــا، وأرســـل فـــي طــلـــب يـــوحــنـــا وواجــهـــه، فـــدافـــع الــقـــديـــس عـــن نــفــســـه بـــلا جـــدوى، لأن الــخــلــيــفـــة أمـــر بــقــطـــع يـــده الــيــمــنـــى وتــعــلــيــقــهـــا فـــي ســـاحـــة الــمـــديــنـــة. إســتـــرد يـــوحــنـــا يـــده الـــمــقـــطـــوعـــة فـــأخـــذهـــا إلـــى بــيــتـــه وارتــمـــى أمـــام أيــقـــونـــة والـــدة الإلـــه، وصــلـــى بـــاكــيـــا. فــيــمـــا هـــو يــصــلـــي غــفـــا، فــتـــراءت لـــه والـــدة الإلـــه فـــي الــحــلـــم وأعـــادت لـــه يـــده إلـــى مــكـــانــهـــا”.
وتابع: “ذاع صــيـــت يـــوحــنـــا كــنـــاســـك بـــار مــطــيـــع، وكــكـــاهـــن قـــديـــس، وكــمــعــلـــم وواعـــظ تــجـــري مـــن فــمـــه الــتــعـــالــيـــم كـــالـــذهـــب الـــذي يــغــنـــي الــكــثــيـــريـــن. كــان مــن أبــرز مــعــلــمـي الــكــنــيــســة الـذيـن أغــنـوهـا بـالـمـــؤلــفـــات فـــي الـعــقـــائـــد والـدفـــاع عــن الإيــمــان الـــقـــويــم ضـــد الــهـــراطــقـــة الــمــنــتــشـــريـــن فـــي زمـــانـــه، كــمـــا كــانــت لـــه الــيـــد الــطـــولـــى فـــي نــظـــم الــتــســـابــيـــح والــقـــوانــيـــن الــلــيــتـــورجــيـــة، وفـــي وضـــع الألــحـــان الــكــنــســيـــة ونــظـــام مـــوســيــقـــاهـــا. بــعـــدمـــا أمــضـــى الــقـــديــــس يـــوحــنـــا ثـــلاثــيـــن ســنـــة فـــي الـــديـــر، رقـــد بــســـلام فـــي الـــرب، شــيــخـــا جــلــيـــلا غــنــيـــا بـــالــصـــالــحـــات”.
وقال عودة: “أمـــام مــثــلــيـــن كــبــيــريــن مـــن الــقـــديــســيـــن، لا بـــد لــنـــا مـــن أن نــســـأل أنــفــســنـــا عـــن الــطـــريـــق الــتــي نــســلــكــهـــا نــحـــو الــقـــداســـة، هـــل مـــا زالـــت فـــي بـــدايــتــهـــا، أم إنــنـــا نــتــقـــدم فــيــهـــا، أو نــتـــوقـــف عــنـــد كـــل صــعـــوبـــة أو خــطــيــئـــة تـــواجــهــنـــا، فــنــيـــأس ونــتــعــلـــل بــعــلـــل الــخــطـــايـــا، مـــا يــجــعــلــنـــا نــتــقــهــقــر ونــعـــود إلــى نــقــطـــة الــبــدايــة. الــقـــداســـة لــيــســـت بــســتـــانـــا مــفـــروشـــا بـــالأزهـــار، بـــل جــهـــاد شـــاق مــمــلــوء بـــالأشـــواك والــمــخـــاطـــر والــكــمـــائـــن الــتـــي يــنــصــبــهـــا لــنـــا الــشـــريـــر عـــدو الــصـــالــحـــات. لـــم يــصـــل أي قـــديـــس إلـــى الــتـــألـــه مـــن دون كـــد وجــهـــاد روحـــي مــضـــن، (لأن مــلــكـــوت الــســمـــاوات يــغــصـــب، والــغـــاصــبـــون يــخــتــطــفـــونـــه) (مـــت 11: 12). الــقـــديــســـة بـــربـــارة، الــفـــائــقـــة الــغــنـــى والــجــمـــال، أدركـــت أن الــحــيـــاة مـــع الله هـــي الــغــنـــى الــحــقــيــقـــي، وطــبــقـــت قـــول الــســيـــد: (مـــن أحـــب أبـــا أو أمـــا أكــثـــر مــنـــي فـــلا يــســتــحــقــنـــي) (مـــت 10: 37)، كــمـــا عـــاشـــت قـــول الـــرســـول بـــولـــس: (إن عــشــنـــا فــلــلـــرب نــعــيـــش، وإن مــتــنـــا فــلــلـــرب نــمـــوت. فـــإن عــشــنـــا وإن مــتــنـــا فــلــلـــرب نــحـــن) (رو 14: 8). كـــذلـــك فــعـــل الــقـــديـــس يـــوحــنـــا الـــدمــشــقـــي الـــذي تـــرك الــمــنـــاصـــب والــغــنـــى والــعــلـــوم والــعـــالـــم بـــأســـــره، والــتــصـــق بـــالـــرب كــنـــاســـك مــتـــواضـــع مــطــيـــع، فـــأغــنـــى بـيــعـــة الـــرب بــمـــا يـفـــوق الـــذهـــب والــفــضـــة”.
وأردف: “نـــأســـف فـــي أيـــامــنـــا لـــرؤيـــة بــشـــر يــتــمــســكـــون بـــالــمــنــصـــب والــكـــرســـي والأمـــوال مــهــمــلــيـــن الــحــيـــاة مـــع الـــرب. نــحـــزن لأنــنــا نــشـــاهـــد الــمـادة وقــد أصــبــحـــت أهـــم مـــن الــبــشـــر الــمــخــلـــوقــيـــن عــلـــى الــصـــورة والــمــثـــال الإلــهــيــيـــن. هـــل يــعــي الإنــســان أنـــه عــنــد الــمــوت يــتــرك كــل مــا جــمــعـــه مــن مــال وألــقــاب ويــمــضــي عــاريــا مــن كــل شــيء إلا الــصــفــات الــحــســنــة والأعــمــال الــصــالــحــة، لــذلــك نــدعــو أن يــكــون ذكــره مــؤبــدا. نــعــم الله تــغــمــرنــا ونــحــن عــنــهــا غــافــلــون. والــشــتــاء نــعــمــة إلا فــي لــبــنــان. فــعــنــد كــل هــطــول مــطــر تــغــرق الــشــوارع وتــتــلــف الــمــمــتــلــكــات وكــأن الـمــســؤولــيــن فــي ســبــات عــمــيــق لا يــســتــفــيــقــون مــنــه إلا عــنــد حــصــول الــكــارثــة، وعــوض الــعــمــل عــلــى تــلافــيــهــا يــتــقــاذفــون الــتــهــم والــمــســؤولــيــة. الــتــعــاون بــيــن الــوزارات والإدارات مــفــقــود والــمــحــاســبــة غــائــبــة وكــأن أرواح الــنــاس ومــمــتــلــكــاتــهــم رزق ســائــب لا قــيــمــة لــه”.
وأضاف: “لــم نــنــس بــعــد تــفــجــيــر الــمــرفــأ والــكــارثــة الــتــي حــلــت بــنــصــف الــعــاصــمــة الــتــي مــا زال مــعــظــم ســكــانــهــا يــنــتــظــرون مــن يــقــضــي بــالــعــدل ويــفــرض الــعــدالــة ويــنــصــف ضــحــايــاهــم ويــعــوض عــلــيــهــم بــعــضــا مــن خــســارتــهــم. ولــن نــكــرر الــحــديـث عــن مــأســاة الــمــودعــيــن الــذيــن لا يــعــرفــون مــصــيــر أمـوالــهــم فـي الــمــصـارف، ومــشــكــلــة الــكــهــربــاء الــتــي لــم يــجــدوا لــهــا حــلا بــعــد، والـطـرقـات وغــيــرهــا مــمـا يــعــانــي مــنــه الــمــواطــنــون”.
وسأل: “كــيــف يــدار بــلــد بــلا رأس؟ وكــيــف تــعــالــج شــؤون الــنــاس ويــنــتــظــم عــمــل الــمــؤســســات الــدســتــوريــة وإدارات الــدولــة فــي غــيــاب رئــيــس وحــكــومــة؟ ومــا زلــنــا نــشــهــد كــل خــمــيــس جــلــســة تــفــتــقــر إلــى الــجــديــة والــشــعــور بــعــظــم الــمــســؤولــيــة، وكــأن بــعــض نـــواب الأمــة اســتــقــال مــن واجــبــه الـــوطــنــي ونــكــث بــعــهــده لــنــاخــبــيــه، ولا يــرى حــرجــا فــي عــدم الإقــتــراع لإســم يــراه صــالــحــا لــتــبــؤ مــركــز الــرئــاســة، ويــفــضــل الــورقــة الــبــيــضــاء وتــعــطــيــل الــجــلــســة، وكــأنــهــم يــفــضــلـون إغـــراق الــســفــيــنـــة بــمـــن فــيــهـــا عـــوضـــا عـــن أن يــكـــونـــوا مـــرســـاة وبــحـــارة مـــاهـــريـــن ومــيــنـــاء لــخـــلاص الــمـــواطــنــيـــن ونــجـــاتــهـــم مـــن الــغـــرق. وعــوض عــقــد جــلــســة لــحــكــومـــة تــصــريــف أعــمــال، ومــع ضــرورة مــعــالــجــة الأمــور الــضــروريــة، ألــيــس الأجــدى الاســتــعــجــال فــي انــتــخـاب رئــيـس وإعــادة إنــتــظــام عــمــل الــمــؤســســات وتــســيــيــر شــؤون الــنــاس؟ لا أحـــد مــنــهــم مــســتــعـــد لــلــتــضــحـــيــة بــمــصـالــحــه وارتــبـاطــاتـه فـــي ســبــيـــل إنــقــاذ الـــوطـــن. ولا نــنــســى طــبــعــا مــســؤولــيــة الــمــواطــنــيــن فــي الــمــحــاســبــة أولا وفــي الــتــصــرف بــمــســؤولــيــة أيــضــا، لأنــهــم إن لــم يــحــافــظــوا عــلــى بـيــئـتـهــم وغـابــاتــهــم وشــوارعــهــم والـمــمـتــلــكــات الــعــامــة كــأســلاك الـكـهـربـاء مـثـلا فــلــن يــجــدوا مــن يــحــافــظ عــلــيــهــا”.
وختم عودة: “دعـــوتــنـــا الــيـــوم أن نــســعـــى إلـــى الــقـــداســـة، غــيـــر خـــائــفــيـــن مــمـــا قـــد يــســبــبـــه لــنـــا الــشـــريـــر مـــن عــثـــرات ومــطــبـــات. عــلــيــنـــا أن نــكـــون جـــريــئــيـــن فـــي إيــمـــانــنـــا، ثـــابــتــيـــن عــلــى صــخـــرة الــمــســيـــح، حـــافــظــيـــن لــلــتــقــلــيـــد الــشـــريـــف ومــحـــافــظــيـــن عــلـــى أنــفــســنـــا مــمـــن قـــد يــســعـــون إلـــى جـــرهـــا نــحـــو الــخــطــيــئـــة. ألا بـــارك الـــرب حــيـــاتــكـــم، وقـــدســكـــم، ومــنــحــكـــم نــعــمـــه الــتـــي لا تــحــصـــى، آمــيـــن”.
Comments are closed.