رشيد مباركي: كيف كشف وقف الصحفي البارز في فرنسا “نظاما للتضليل الإعلامي” مقره إسرائيل؟

مباركي

Getty Images
نفى مباركي حصوله على أموال مقابل بث التقارير

كشف إيقاف صحفي كبير في قناة إخبارية تلفزيونية رائدة في فرنسا النقاب عما يبدو أنه نظام جيد التنظيم للفساد وشراء النفوذ في وسائل الإعلام الدولية.

وفي يناير/ كانون الثاني أفادت تقارير بأن رشيد مباركي، البالغ من العمر 54 عامًا والذي يحظى بالاحترام كونه أحد المخضرمين في قناة “بي إف إم”، قد تم إعفاؤه من مهامه كمذيع ليلي في انتظار تحقيق داخلي. وظل السبب مجهولا.

لكن الآن، كشف تحقيق أجرته صحيفة “لوموند” بالاشتراك مع منظمة “قصص محرمة” عن مزيد من التفاصيل.

وفقًا للتحقيق، نشر مباركي تقارير حول مجموعة متنوعة من الموضوعات – مثل اليخوت الفاخرة في موناكو، وزعيم معارضة سوداني، ومزاعم بالفساد في قطر – بينها عامل مشترك، وهو أنها زُرعت من قبل جماعة مقرها إسرائيل متخصصة في ما يُعرف باسم “أخبار للتأجير”.

ونفى مباركي تقاضيه أجرا مقابل بث القصص الإخبارية، لكنه أقر بتجاوز عمليات التدقيق التحريرية لبي إف إم.

ويقول مباركي إن التقارير عرضت عليه من قبل وسيط، وأنه مارس حكمه المهني الخاص في اختيار استخدامها.

لكن المحققين يقولون إن لديهم أدلة على أن أصل القصص يرجع إلى “فريق خورخي”، وهي عملية مقرها تل أبيب، يديرها ضابط سابق في القوات الخاصة الإسرائيلية، اسمه الحقيقي تال هانان.

ووفقًا لصحيفة “لوموند” ومنظمة “قصص محرمة”، فإن “فريق خورخي” أحد عدة لاعبين في عالم متنام من مرتزقة المعلومات المضللة، وهم خبراء بالقطاع الخاص في شؤون الاستخبارات، يستخدمون الإنترنت للإضرار بسمعة عدو أو التأثير على انتخابات، وذلك مقابل أموال.

وللوصول إلى “فريق خورخي”، تظاهر ثلاثة صحفيين من منظمة “قصص محرمة” بأنهم عملاء محتملون يسعون إلى تشكيل الرأي في دول أفريقية ناطقة بالفرنسية نيابة عن شركة كبرى متعددة الجنسيات.

وبعد مفاوضات مطولة، رتبوا أخيرًا اجتماعًا وجهاً لوجه وحصلوا على ما يرقى إلى عرض أسعار.

وزعم هانان أنه تدخل في أكثر من 30 انتخابات، وأن لديه إمكانية الوصول إلى البريد الإلكتروني وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي لشخصيات أفريقية بارزة.

وكان محور عرض “فريق خورخي” منصة تسمى “حلول وسائط التأثير المتقدمة”، والتي تولد عشرات الآلاف من الهويات المزيفة بحسابات في فيسبوك وتليغرام. ثم تنشر هذه الحسابات محتوى حملة دعائية.

وحدد المحققون حوالي 20 حملة دولية مختلفة يعتقدون أن “فريق خورخي” نظمها.

ومن بين المواد المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، لاحظ المحققون بشكل خاص تقريرين إخباريين تلفزيونيين بالفرنسية يُزعم أنهما تم عرضهما عبر بي إف إم.

وبعد التحقق من إدارة بي إف إم، حصل المحققون على تأكيد: لقد عرضت التقارير في وقت متأخر من الليل على القناة، ولكن دون علم فريق التحرير.

وعند هذه النقطة، يوم 11 يناير/ كانون الثاني، تم استدعاء مباركي وإيقافه عن العمل.

وكان أول التقارير حول عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا، وتأثيرها على تجارة اليخوت الفاخرة في موناكو.

يخوت

Getty Images
تضمن أحد التقارير معلومات زائفة عن قطاع صناعة اليخوت

وزعم التقرير أن 10000 وظيفة في خطر، وأن الصناعة ناشدت الأمير ألبرت للتدخل نيابة عنها. ولم يتم إثبات أي من ذلك.

أما التقرير الثاني، الذي تم بثه منتصف ديسمبر/ كانون الأول، فكان حول حملة منشورات في باريس تتهم المدعي العام السابق في قطر بالفساد.

صحفي روسي يبيع جائزة نوبل للسلام، فما السبب؟

من يقف وراء “الهجمات” الغامضة على مواقع حيوية إيرانية؟

المصريون “أكثر الناس انخداعا” بالأخبار الزائفة وأمريكا “مصدر أكثرها”“أين اللقاح؟” سؤال يشغل عراقيين

وحين تُبث تقارير إخبارية في الساعات الأولى من الصباح، من الممكن ألا ينتبه أحد إليها تقريبًا.

لكن ذلك تغير عندما التُقطت التقارير بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي والهويات المزيفة لفريق خورخي. وفجأة انتشرت تلك التقارير الإخبارية على نطاق واسع.

ومن خلال ما يبدو أنه زرع تقارير في تلفزيون فرنسي واسع الانتشار، أصبح بوسع المنظمين أن يعززوا، بشكل لا يُقاس، مصداقية ما كان لولا ذلك ليكون ثرثرة لا أساس لها.

كما يعني ذلك أن فريق خورخي لديه دليل لعملاء المستقبل على قدرته على التغلغل في وسائل إعلام غربية.

وعرض برنامج مباركي، في وقت متأخر من الليل، أيضًا تقارير عن جنرال سوداني كان يفكر في الترشح للرئاسة، ومعرضًا تجاريًا في إقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه.

وفي التقرير الثاني، تم استبدال اسم الإقليم بمصطلح “الصحراء المغربية” المشحون سياسياً.

والمنطقة موضوع نزاع إقليمي طويل الأمد بين المغرب والسكان الصحراويين، بقيادة جبهة البوليساريو.

ووفقًا لصحيفة “لوموند” ومنظمة “قصص محرمة”، مازالت هويات الأشخاص أو الجهات التي كلفت فريق خورخي بالحملات المشتبه بها غامضة.

وخلص التحقيق إلى أن بعض الحملات قد تمت بتكليف من حكومات، لكن معظمها – مثل قصة اليخوت – ربما تم طلبها بناء على مصالح خاصة.

ويقول المحققون إن في هذا مؤشرا مقلقا على النمو المطرد في مجال الأخبار الكاذبة.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.