الانتخابات النصفية الأمريكية: كيف برز نجم الجمهوري رون دي سانتيس في فلوريدا؟

رون ديسانتيس

Getty Images

لم يعد من الممكن وصف فلوريدا بأنها ولاية متأرجحة، فقد كان انتصار الجمهوريين في انتخابات الولاية لافتا.

وكان ذلك بفضل رجل واحد: حاكم الولاية رون دي سانتيس، نجم اليمين الجديد.

فكيف فعل ذلك؟

الفوز التاريخي بعد إعادة انتخاب دي سانتيس في منصب حاكم فلوريدا جعله في منافسة مباشرة مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي يقيم في فلوريدا أيضا وسط توقعات بأن يسعى الاثنان إلى خوض انتخابات الرئاسة الأمريكية في عام 2024.

لكن حتى الآن، يمكن لحاكم فلوريدا أن يستمتع بكونه نجم الحزب الجمهوري بلا منازع في الانتخابات النصفية، إذ كانت “الموجة الحمراء” العنيفة التي تحققت للحزب الجمهوري في ولاية فلوريدا.

وفاز الجمهوريون بفارق كبير عن منافسيهم في الولاية، ونجحوا في انتزاع أربعة مقاعد في مجلس النواب كانت لديمقراطيين، وهي النتيجة التي جاءت بدفعة من الحاكم دي سانتيس.

بالطبع كان دي سانتيس هو الأكثر سعادة في تلك الليلة، فقد فاز بأغلبية ساحقة وبلغ الفارق بينه وبين منافسه حوالي مليون ونصف صوت، مما يعد أكبر هامش يفوز به حاكم لولاية فلوريدا في 40 سنة.

وعندما تحدثنا مع ناخبين في ميامي، كان اسم دي سانتيس يعكس عشقا لهذا الرجل.

لكن رسالة واحدة تكررت كثيرا أثناء الحديث مع عدد كبير من الناخبين، والتي أشارت إلى أنهم بدأوا يحبون حاكم فلوريدا بعد تفشي فيروس كورونا، إذ كان يرفض إجراءات إغلاق صارمة أو فرض ارتداء الكمامات، مبررا ذلك بحماية الحريات الشخصية.

وقالت كايتلين كوب، 30 سنة، إنها انتقلت للعيش في فلوريدا من نيويورك وقت الوباء، وأشادت بـ”الانفتاح والحرية” في فلوريدا وميامي .

كما أرجع أندريه فيرزا روكا، وهو رجل أعمال منذ سنوات طويلة، الفضل إلى حاكم الولاية في أنه وأصدقاءه استطاعوا “الاستمرار في العمل وجني الأموال”.

وهناك ناخبون آخرون دعموا نجم الجمهوريين الجديد لأنهم رأوا أن حزبه هو أفضل الخيارين. ومن بينهم هؤلاء جون سانشيز الذي قال إن الأمريكيين من أصول لاتينية “سئموا الوعود التي لا يفي الحزب الديمقراطي بأي منها”، مرجحا أن الحزب الجمهوري يدعم ما يؤمن به، وهو “الأسرة، والإيمان، والاقتصاد”.

ويحاول الديمقراطيون إظهار دي سانتيس على أنه نسخة من ترامب، لكن المطلعين على الشأن السياسي في فلوريدا يعلمون جيدا أن لكل من الرجلين درجة من القبول تختلف عن الآخر.

ويرى ريتشارد دينابولي، عضو لجنة الحزب الجمهوري في الولاية الذي عمل لفترة مع كل من ترامب ودي سانتيس، أن ترامب “يحشد الناخبين المنسيين، ويقوم معهم بدور الملهم ويدفعهم إلى الخروج إلى صناديق الاقتراع”.

وعلى النقيض من ذلك، يتمتع حاكم فلوريدا بقدر كبير من القوة في العمل السياسي، وفقا لدينابولي.

وقال: “دي سانتيس يدخل في صلب الموضوع دائما، كما يمرر تشريعات يرى كثير من الناس أنها ما كانت لتُمرر قبل أن يتولى منصب حاكم الولاية”.

ويقول براد كوكر، خبير استطلاعات الرأي في فلوريدا الذي يعمل لدى شركة مايسون ديكسون المستقلة، إن الحاكم المرشح لمنافسة ترامب على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة الأمريكية حقق شعبية كبيرة أثناء الإعصار إيام الذي ضرب ولاية فلوريدا في سبتمبر/ أيلول الماضي.

وأضاف: “أعتقد أن ثقة الناس ازدادت فيه بسبب الطريقة التي تعامل بها مع الإعصار. لقد وقف جنبا إلى جنب مع بايدن، ولم يحول الأمر إلى لعبة سياسية. لقد قام بالفعل بما ينبغي على الحاكم أن يفعله، وأعتقد أن بعض الديمقراطيين أحبوه أيضا”.

لكن بالنسبة للناخبة الأمريكية ديبورا كلاين، يُعد دي سانتيس شخصية استقطابية. فقد انتقلت للإقامة في فلوريدا منذ أكثر من عام، وترى حاكم الولاية “ينشر الكراهية” ويعمل على تحقيق صالحه الشخصي أكثر من تحقيق صالح الولاية.

وعلى مدار العامين الماضيين، احتل دي سانتيس العناوين الرئيسية للصحف الوطنية عندما قرر حظر تدريس كل ما يخص الهوية الجنسية في المدارس، وتجريم الإجهاض بعد مرور 15 أسبوعا من الحمل باستثناء حالات الحمل الناتجة عن الاغتصاب أو زنا المحارم.

وساعد ذلك على تعزيز صورته “كمحارب يقاتل ضد صحوة الأجندة الليبرالية”، كما يردد هو دائما أمام أنصاره.

وحاول منافسه الديمقراطي تشارلي كريست إثارة الديمقراطيين ضد دي سانتيس عندما أعلن أثناء حملته أن خصمه الجمهوري هو “أخطر المرشحين وأكثرهم تطرفا”، لكن النتيجة النهائية أظهر خسارة كبيرة لكريست.

كما لم يتمكن الديمقراطيون من إحراز أي تقدم في المناطق التي يسيطر عليها الجمهوريون، وكان الإقبال على المشاركة في المناطق الديمقراطية ضعيفا علاوة على تصويت المستقلين الذين دعموا بايدن في الانتخابات الرئاسية لصالح دي سانتيس.

وقال كوكر: “لقد تفوق كريست من منظور سياسي، لكن دي سانتيس تغلب عليه لأن كريست ببساطة مرشح أضعف”.

وتجاوز حاكم ولاية فلوريدا الأرقام التي حققها ترامب في انتخابات الرئاسة 2020 في الفئات الرئيسية التي سيحتاج الديمقراطيون جذبها لصالحهم إن أردوا البقاء في البيت الأبيض.

فقد حصل على أصوات اللاتينيين والنساء وحتى الناخبين السود صوتوا لصالحه إلى حدٍ ما، مما سمح له بانتزاع أصوات المقاطعات التي تفضل الديمقراطيين مثل بالم بيتش، وأوسولا، ميامي بالطبع.

ديسانتيس

Getty Images
زادت شعبية دي سانتيس بسبب دوره في معالجة تبعات الإعصار إيان

وأصبح أيضا الحاكم الأول منذ عام 2002 الذي يحصل على أغلبية الأصوات في الحي الأكثر شعبية في الولاية الذي ينتمي أغلب سكانه لأصول إسبانية – فلم يصوت له الأمريكيون من أصول كوبية الذين يميلون إلى الجمهوريين فقط، بل كان معهم الأمريكيين الذين ينتمون إلى الجنوب وهؤلاء الذين ينتمون إلى أصول من بورتو ريكو الذين يفضلون الحاكم الديمقراطي.

وفاز جو بايدن بأغلبية أصوات الأمريكيين من أصول لاتينية بفارق سبع نقاط في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2020 بينما فاز دي سانتيس بأصوات هذه الفئة في فلوريدا بفارق 15 نقطة، وهي النتائج التي من شأنها أن ترسم ملامح المشهد السياسي في فلوريدا لسنوات قادمة.

وقال حاكم الولاية في خطاب الفوز إنه “أعاد رسم الخريطة السياسية”.

ولا شلك الآن في أن فلوريدا ولاية جمهورية، إذ لم يعد ينطبق عليها وصف الولاية المتأرجحة الأكثر أهمية في البلاد.

وتقول ميرا أدامز، كاتبة في صحيفة “ذي هيل” في فلوريدا، إن دي سانتيس جاهز لخوض المنافسة على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة الأمريكية لأنه يؤمن بأنه هو المستقبل لحزبه.

وأضافت أن “المضحك هو أن دي سانتيس مثل ترامب، لكن بدون التفاهة والجنون والاتهامات المعلقة لترامب”.

ويتفق بعض الناخبين في ميامي مع ما ذهبت إليه الكاتبة ميرا أدامز، إذ قال رجل الأعمال أندريه فيرزا روكا: “سوف أختاره إذا كان في مواجهة ترامب. وأعتقد أن دونالد ترامب قد أنهى رحلته، لم يعد لديه شيء ليقدمه”.

كما وضع متبرعون رهانهم على دي سانتيس الذي نجح في جمع 200 مليون دولار في هذه الانتخابات، وهو مبلغ يفوق ما جمعه ترامب منذ أن خرج من السلطة.

ومن المتوقع أن يبدأ الناخبون الذين لم يعرفوا اسم رون دي سانتيس قبل الانتخابات النصفية سماع الكثير عنه الآن.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.