هل يمكن إعادة الحيوانات المنقرضة للحياة؟

ماموث ونمر تسماني

Getty Images
تأمل إحدى الشركات الأمريكية في إعادة النمور التسمانية (يسارا) والماموث المغطى بالصوف (يمينا) المنقرضة للحياة

يحاول علماء إعادة إحياء بعض أنواع الحيوانات المنقرضة.

إحدى الشركات الناشئة في الولايات المتحدة التي تأسست عام 2021 تبدو واثقة من أنها لا تستطيع إعادة إحياء نوع واحد فحسب، بل نوعين من الحيوانات المنقرضة في السنوات الخمس إلى العشر القادمة.

ربما بدا الأمر سهلا في فيلم الخيال العلمي الشهير جوراسيك بارك Jurassic Park، لكن على أرض الواقع لا يبدو الأمر بالمهمة السهلة، كما أن الكثيرين يشككون بإمكانية تحقيقها، إضافة إلى أولئك الذين يرون أنه لا ينبغي المضي فيها لأسباب أخلاقية.

مشروع بملايين الدولارات لـ”إعادة إحياء” نمر منقرض

في هذا المقال ننظر إلى ماهية هذا المخطط، ونستكشف ما إذا كان من الممكن حقا إعادة إحياء الحيوانات المنقرضة.

ما هو المخطط؟

جورج تشيرش

Getty Images
يأمل عالم الوراثة الأمريكي البروفيسور جورج تشيرش في جعل استعادة الحيوانات المنقرضة حقيقة ملموسة

تأمل شركة كولوسال بايوساينس Colossal Biosciences، برئاسة عالم الوراثة الأمريكي جورج تشيرش والرئيس التنفيذي بن لام، في أن تتمكن من إعادة الماموث المغطى بالصوف للحياة بحلول عام 2027.

هل نرى قريبا حدائق للحيوانات المنقرضة؟

الصين تنجح في استنساخ أول قرد في العالم

وبمساعدة من جامعة ملبورن، أعلنت الشركة مؤخرا عن مشروع لإعادة إحياء النمر التسماني، وهو حيوان ينتمي لفصيلة الجرابيات آكلة اللحوم، وموطنه الأصلي البر الرئيسي الأسترالي وجزر تسمانيا وغينيا الجديدة، وقد انقرض منذ ثلاثينيات القرن الماضي.

لكن كيف يمكنهم فعل ذلك؟

فيل آسيوي

Getty Images
يمتلك الفيل الآسيوي حمضا نوويا مشابها للماموث المغطى بالصوف

إحدى الطرق الممكنة تعتمد على شكل من أشكال الهندسة العكسية، والتي تقوم على أخذ العلماء الخلايا الجذعية من الأنواع الحية ذات الحمض النووي المتماثل، ثم استخدام تقنية تحرير الجينات “لإعادة” الأنواع المنقرضة.

بالنسبة للماموث المغطى بالصوف، فإن أقرب حيوان موجود حاليا هو الفيل الآسيوي.

هل ينجح تجميد الحيوانات المنوية للكوالا في حمايته من الانقراض؟

الفيلة في أفريقيا مهددة بالانقراض بسبب الصيد الجائر

أما بالنسبة للحمض النووي للنمور التسمانية، يعمل الفريق على أخذ خلايا من جنين نمر تسماني استؤصل من رحم أمه ووضع في الكحول في متحف في مدينة ملبورن الأسترالية.

لماذا تعد عملية إعادة إحياء حيوان منقرض معقدة وصعبة للغاية؟

نمر تسماني

Getty Images
انقرض النمر التسماني منذ ثلاثينيات القرن الماضي

أكبر عقبة قد تعترض سبيل العلماء هي العثور على حمض نووي سليم بما يكفي ليكون قادرا على إعادة تشكيل الحيوان بدقة، ويكون أقرب ما يمكن إلى الحمض النووي للحيوان الأصلي.

لكن المشكلة تتمثل في أنه عندما تموت الحيوانات، فإن شفرة الحمض النووي الخاص بها تتفتت أو تصبح مقسمة إلى سلاسل أقصر، وبذلك فإن إعادة تجميعها وتشكيلها بالترتيب الصحيح تشكل تحديا كبيرا.

ما هي المنافع المرجوة؟

الشيطان التسماني

Getty Images
قد يستفيد شيطان تسمانيا المهدد بالانقراض من بعض أحدث الأبحاث والتكنولوجيا

يعتقد بن لام، أحد المؤسسين لشركة كولوسال بايوساينس، أن إعادة الحيوانات المنقرضة للحياة يمكن أن تساعد في الحفاظ على التنوع البيولوجي واستعادة النظم البيئية المتضائلة، والتعويض عن الضرر الذي تسبب فيه البشر في الماضي.

اكتشاف بقايا مخلوق مخيف من عصور ما قبل التاريخ

يقول: “لعب كل من الماموث المغطى بالصوف والنمور التسمانية دورا رئيسيا في بيئتهما. إن استرجاع هذين النوعين من الحيوانات من شأنه التأثير بشكل إيجابي على النظام البيئي المتدهور، والناتج عن الفراغ البيئي الناجم بدوره عن غياب بعض الأنواع”.

كما يجادل بأن أبحاث شركتهم يمكن أن تسهم في تطوير وتقدم الجهود العلمية التي تسعى لتفادي انقراض الأنواع الأخرى.

ويشرح قائلا: “إن أنثى الحيوان المعروف باسم شيطان تسمانيا أو عفريت تسمانيا تلد 20 أو 30 صغيرا. لكن على الرغم من ذلك لا يتبقى سوى حفنة من الصغار على قيد الحياة. إن الطريقة التي نطورها لمشروع النمور التسمانية يمكن أن تكون مفيدة بشكل مذهل لدعاة الحفاظ على البيئة الذين يعملون على الحفاظ على شياطين تسمانيا من الانقراض”.

ما هي المخاطر المحتملة؟

فيل مولود حديثا

Getty Images

إلا أن المنتقدين مثل فيكتوريا هيريدج، عالمة الأحياء التطورية في متحف التاريخ الطبيعي في لندن، يرون أن عملية تكوين طفل ماموث حي يمكن أن تشكل مخاطر على الحيوانات الأخرى، إذا كان يجب زرع جنين معدل جينيا في فيل بديل.

وتشرح: “يجب أن يستمر الحمل لمدة 22 شهرا ثم تأتي عملية الولادة، ما يعني وجود مخاطر على الأم، لحملها لأنواع مختلفة عنها – وهو إجراء تدخلي بحت”.

وتقول: “هذه العملية لا يمكن أن تتم من دون أن تنطوي على بعض السلوكيات غير الأخلاقية الخطيرة، والتي تتمثل في استخدام أرحام أمهات الأفيال، الأمر الذي قد يكون مروعا. كما أنه من غير الممكن استخدام الأرحام الاصطناعية”.

لكن بن لام يقول إن شركة كولوسال بيوساينس واعية لهذه المسألة: “بالإضافة إلى الفريق المسؤول عن جهاز الرحم الخارجي، قمنا أيضا بتشكيل فريق مختص بعملية زراعة تلك الأجنة في أرحام حيوانات بديلة”.

هل هي عملية أخلاقية؟

الماموث

Getty Images
ساعد الماموث في دعم نظام بيئي منتج

يعتبر بعض النقاد فكرة إعادة الحيوانات المنقرضة للحياة فكرة غير أخلاقية. إذ لا أحد يعرف ما تأثير إعادة إدخال نوع مثل الماموث المغطى بالصوف، الذي لم يتجول على الأرض لأكثر من 4 آلاف عام، وما الذي يمكن أن يحدثه. هناك أيضا سؤال ملح ألا وهو: ما هو الحد الذي سيتوقف عنده العلماء إذا ثبت نجاح هذه التكنولوجيا؟

تقول فيكتوريا إنه من المهم أن ندرك أن أي حيوان استرجع بهذه الطريقة لن يكون نسخة طبق الأصل عن الحيوان الأصلي المنقرض.

“لا يوجد شيء اسمه إعادة الحيوانات المنقرضة للحياة. ما سيحدث هو إنشاء شيء جديد تماما. بمجرد أن ينقرض شيء ما، فإن هذا يعني أنه انقرض واختفى، لقد فقدناه ولا يمكننا الحصول على نسخة طبق الأصل عنه”.

لكن بن لام يقول إن هناك حاجة ملحة إلى تصحيح أخطاء البشرية: “لدينا الموارد اللازمة لجعل إعادة الحيوانات المنقرضة إلى الحياة حقيقة ملموسة، والبدء في التراجع عن الضرر الذي أحدثته البشرية في النظم البيئية”.

وبوجود الأموال والخبرة العلمية التي تقف وراء هذا المشروع الأخير، قد نكون أقرب إلى مشاهدة إعادة إحياء الأنواع المنقرضة أكثر من أي وقت مضى.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.